تحريف البخارى ؟؟!!

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٢ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
أهلاً بك دكتور أحمد .. بدايةً أحيي فيك دفاعك عن النبي عليه الصلاة والسلام في برنامج فضح السلفية .. ولكني أود أن أتحدث عن شيء أرجو منك تقبله بكل موضوعية.. وقبل كل شيء أعترف بأن انتقادك للأحاديث انتقاد منطقي ورائع جداً ولكن بالمقابل أجد بأنه ربما قد يكون من التسرع أن نحكم على كذب البخاري أوصدقه .. وذلك لعدة أسباب أرجو منك تصحيحها إن كنت مخطئاً : وهي أن البخاري لا يستطيع أن يعلم علم اليقين ما إذا كان راوي الحديث في عصره صادقاً أم لا وإن كانت سمعته توحي بذلك فسمعة أحد الرواة لا تكفي حتى نثبت صدقه وهذا قد أشرت إليه في مقالتك المنشورة على موقع (الحوار المتمدن) والتي هي بعنوان (أكذوبة الرجم في الحديث) بقولك عن محمد بن الحسن الشيباني .. (لابد ان يكون محمد بن حسن الشيباني صادقا وثقة حتي نصدقه في ان مالك قال تلك الاحاديث فعلا ومنها حديث الرجم ، فهل كان الشيباني يتمتع بالثقة والتصديق من علماء عصره ؟ . ان محقق كتاب الموطأ برواية محمد بن الحسن الشيباني يدافع عن الشيباني ، وهذا منتظر منه بالطبع ، يقول ( وكل ما وجه من الطعون في محمد بن الحسن ( الشيباني ) مردود . وقد طعن ابن معين والعجلي في الشافعي : بأنه ليس ثقة . وابن عدى في ابي حنيفة ، وابو زرعة في البخاري : لقوله بخلق القرآن . ويحي بن سعيد في ابراهيم بن سعد ، والنسائي في احمد بن صالح ، واحمد بن صالح في حرملة ، ومالك في بن اسحاق … وما من عالم من العلماء الا وقيل فيه شئ من ذلك ) ( مقدمة الموطأ ص 24 ) ونكتفي بهذا الاعتراف في اتهام ائمة الحديث والفقه لبعضهم البعض ، مما ينفي عنهم العصمة والتقديس التي اضافها عليهم المتأخرون في عصور التخلف .) وعليه فمن المستحيل أن يتأكد من صدق من لم يعاصر ممن يحتاجون بدورهم لإثبات صدقهم ، ولو سلمنا بأن جميع الأحاديث انتقلت بالتواتر كما في القرآن فلا يبدو لي منطقياً أن يكون صحيح البخاري الذي انتهى البخاري من كتابته عام 232ه أن يكون هو صحيح البخاري الذي نقرأه الآن حيث يفصلنا عنه 1200ه ، وكلنا يعلم ما حل بالدولة الإسلامية من فتن خلال هذه الفترة. بكلمات أخرى .. لو فرضنا (جدلاً) بأن البخاري تمكن من التأكد من (التواتر) و (الموثوقية) فهذا لن يكفل لنا صحة المتن .. حيث أنه لم يكن في ذلك الزمان حقوق تكفل للكاتب حفظ كتابه من النسخ أو التزوير أو التغيير .. ويفصلنا عن النسخة الأصلية 1200 سنة لا نستطيع التأكد ما إذا كان قد حدث هذا في الصحيح أم لا. ومن جهة أخرى لا أجد مانع من أن تكون المسيحية أو اليهودية أو حتى المذهب الشيعي قد أحدث ذلك في كتاب شبه مقدس عند المسلمين خلال المدة الآنفة الذكر لإثبات أن هذه الطائفة أو الديانة على حق ومن ثم القول بأن (سيرة النبي تفتقد للإنسانية وبالتالي فهو نبي كاذب) أو عندما يدعو الشيعي إلى مذهبه (فيقول بأن السنة يتقولوا على النبي كذا وكذا فبالتالي هذا ليس مذهب محق)! أليس احتمالاً وارداً ؟! بالواقع حاولت أن أدخل على موقع أهل القرآن حتى أفهم وجهة نظرك عن الموضوع (أي الحكم على صدق البخاري) إلا أنه موقع محجوب بالسعودية . فأرجو منك الرد علي إن أمكن . تحياتي لك .
آحمد صبحي منصور
قلت مرارا .. نحن لاشأن لنا بشخص البخارى ولكن بكتاب البخارى . نحن نحكم بكفر كاتب هذا الكتاب ، ولا يهمنا إن كان هو ( ابن برزويه الفارسى المجوسى الأصل) كما يقال عن البخارى أو مستر جورج بوش.
وبالنسبة للكتاب نفسه فأستطيع أن أؤكد أنه نفس الكتاب المؤلف فى العصر العباسى لعدة أسباب ، منها : 
1 ـ إنه تكاثرت شروح البخارى والتعليقات عليه من العصر العباسى حتى العصر المملوكى ، وأشهرهم ابن حجر و القسطلانى والعينى فى القرن التاسع الهجرى فى العصر المملوكى .
2 ـ بالاضافة الى النقل منه ومقارنته بصحيح مسلم والاستدراك عليهما كما فعل (الحكم ) فى المستدرك . ولم يقل أحد بتزوير نسخة من نسخ البخارى .
3 ـ التفاخر بحفظ صحيح البخارى بعنعناته ومتنه ، وتوالى هذا الحفظ ، وكان مجالا للتنافس فى العصر المملوكى بحيث كانت تعقد مجالس العلم لذلك خصيصا.
4 ـ اعتاد العصر المملوكى والعصر العثمانى عقد ( ميعاد ) سنوى لتلاوة صحيح البخارى ، هو ميعاد البخارى ، وكان عقده فى القلعة مركز الحكم وقتها ، وكان يحضره القضاة والعلماء وكبار الفقهاء مع السلطان أو نائبه وكبار الأمراء .
5 ـ توالى التبرك بصحيح البخارى ومعاملته كالقرآن حتى فى طريقة تشكيله .
6 ـ إتخاذ صحيح البخارى تميمة وتعويذة للتوسل بها طيلة العصرين المملوكى والعثمانى ، وكان هذا من دواعى الحفاظ عليه وتوثيقه. وعندما هاجم نابليون القاهرة عقد شيوخ الأزهر جلسة أخذوا يتلون فيها صحيح البخارى توسلا به ليكفيهم شرّ نابليون ومدافعه .  . وتوارث المصريون المثل الشائع ( هوه أنا غلطت فى البخارى ؟ ) عندما يلام أحدهم على قول شىء . بل حدث أن أخطأ احد مشاهير القراء فى القرآن فعوتب فى ذلك فقال ( وهل أخطأت فى البخارى ) 
كل هذا التقديس للبخارى وحفظه والعكوف عليه شرحا وتلاوة واحتفالا يستحيل معه وجود تحريف فيه ، خصوصا وأن كل حديث فى البخارى جرى الاستشهاد به ، ويقال  ( متفق عليه ) لو جاء نفس الحديث فى البخارى ومسلم . لم يحدث لكتاب بشرى فى تاريخ المسلمين أن حظى بهذه العناية . وكان من أوائل الكتب التى تم طبعها ..وبينما توجد اختلافات فى كتاب ( مالك ) تبعا لتعدد الروايات فإن البخارى له رواية واحدة لأن المؤلف هو نفسه الذى خطّ الكتاب بيده .. ثم توالى نسخه بعده ..الى أن تمت طباعته وتحقيقه ليكون طبق الأصل من آلاف النسخ المخطوطة فى العصور الوسطى .
أخيرا 
ينبغى ألاّ نكون حساسين لهذه الدرجة فيما يخص تلك الأسماء التى توارثنا تقديسها ، فهى فى نهاية الأمر اسماء سميناها نحن وآباؤنا وتوارثنا تقديسها خوفا و رعبا و هلعا من غضب تلك الآلهة المزعومة. بينما يجب أن يكون الخوف من الله جل وعلا وحده ، ويجب ألا نقع فيما وقع فيه المشركون الذين كانوا يعبدون أسماء ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . 
حق الله جل وعلا هو الأولى بالاتباع .
اجمالي القراءات 23266