موضوع للبحث

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٠ - أبريل - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
بعثت لك من قبل أريدك أن تختار لى موضوعا لبحث الماجيستير ، يكون مفيدا للوعى الدينى ، ولا أتعرض بسببه للاضطهاد. واخترت لى موضوع (القصاص ) ولكن لا أعرف له بداية ، كما لا أجد كتابات بحثية عنه . لذا أرجوك ان تكتب لى بعض الارشادات فى هذا الموضوع .. 
آحمد صبحي منصور

 

لموضوع بحثك أختار أن تبحث عن (القصّاص ) والذى أراه موضوعا جديدا يستحق البحث وتستطيع فيه إظهار الجديد . وكنت أنوى أن أنتظر الى أن تبذل مجهودا فى البحث والقراءة تطلعنى عليه لأكتب لك ملاحظاتى وارشاداتى .

ولكن توقع الموت ـ خصوصا مع الدعوات المتكررة لاغتيالى والتى تجعلنى اتوقع الموت كل لحظة ـ جعلنى أخاف أن يحل الأجل دون أن أفى بوعدى بينى وبين نفسى نحوك .

2 ـ لذا أكتب لك بعض الارشادات والمعلومات التى يمكن ان تبنى عليها نبذة للموضوع وخطة مبدئية للبحث ، عسى أن توفر عليك الكثير من الوقت والجهد .

2 / 1 : حرصى على اختيار هذا الموضوع يرجع الى أهميته الجزئية فى تدمير الاعتقاد فيما يسمى بالسنة والأحاديث النبوية و القدسية . ومع خطورة هذا الاتجاه إلا إن هناك مدخلا للتيسير وقبول البحث ونتائجه لأنك ستبنى فيه على ما قاله إثنان من أئمة الدين السنى الحنبلى الوهابى ، وهما ابن تيمية وابن القيم الجوزية.

ستبنى على ما قاله ابن تيميه فى رسالته (أحاديث القصاص ) والتى نفى فيها جزءا لا يستهان به من الأحاديث .

وستبنى على ما قاله ابن القيم فى كتابه الصغير ( المنار المنيف فى الصحيح والضعيف ) حيث ذكر قاعدة هامة فى معرفة ونبذ الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، وهى أن تكون فى الغيبيات ، وقرر بكل شجاعة الحقيقة القرآنية بأن النبى محمدا عليه السلام لم يكن يعلم الغيب. ومن أسف أن ابن القيم لم يتوسع فى تطبيق تلك القاعدة القرآنية كما يجب ، ولكنك تستطيع البناء على ما قال فيما يخص موضوعك عن القصاص . وللمزيد من المعلومات التى توسع بها دائرة معارفك يمكنك أن ترجع لكتبنا خصوصا (القرآن وكفى ) و( الاسناد ).

3 ـ أقترح أن يكون العنوان ( روايات القصاص فى السمعيات فى التراث العباسى ).

وتحديد السمعيات هى الغيبيات ويمكن تقسيمها بطرق مختلفة .

3/ 1 : من حيث الموضوع فالغيبيات نوعان : خلق السماوات والأرض وخلق آدم وحواء ، والغيب الخاص بتاريخ الأنبياء السابقين ، وغيب المستقبل الذى يخبر عما سيكون مثل الأحاديث التى تخبر مقدما عن الخلفاء العباسيين وأئمة آل البيت ، وأئمة المذاهب ..الخ .

3 / 2 : وهناك تقسيم آخر للسمعيات من حيث الرواة ، وهى هنا ايضا نوعان : نوع منسوب للنبى محمد عليه السلام ، ومن السهل نفيه ليس فقط بأن النبى محمدا لم يكن يعلم الغيب ولكن بالآيات الواردة فى ( آل عمران 44) ( هود 49 ) ( يوسف 102) ( القصص 44 : 46 )، وهى تؤكد أن النبى محمدا لم يكن يعلم غيب الأنبياء السابقين .ونوع ليس منسوبا للنبى قاله الرواة أو القصاص ، واذا كان النبى لا يعلم الغيب فغيره أولى .

3 / 3 : وهناك تقسيم لها من حيث المصدر . وهى أيضا نوعان : نوع مستمد من التوراة ، خصوصا فى خلق السماوات والأرض وتاريخ الأنبياء ، ومنها أحاديث ( خلق الله آدم على صورته ) المأخوذ من سفر التكوين ، وروايات اتهام ابراهيم بالكذب ، واتهام داود بالاستيلاء على زوجة أحد قواده  .. ومن السهل الرد على ذلك كله بالقرآن .

النوع الآخر بلا مصدر معروف ، مجرد أكاذيب . ويأتى الرد عليها بالتفصيل ، فالذى يخرّف عن خلق السماوات والأرض وخلق الانسان يرد عليه رب العزة ( الكهف 51 ) والذى يروى أحاديث ولقاءات مع ابليس يرد عليه رب العزة ( الأعراف  27).

4 ـ أهم المصادر التى ذكرت روايات القصاص هى الجزء الأول أو الأجزاء الأولى من  الحوليات التاريخية ، وأهمها تاريخ الطبرى وتاريخ المسعودى وتاريخ المنتظم لابن الجوزى . وهناك تاريخ الأنبياء للثعلبى وتاريخ الأنبياء لابن كثير ، و ( إحياء علوم الدين ) للغزالى ، ويوجد فصل فى كتاب (أخبار الحمقى و المغفلين ) عن القصاص .

5 ـ هناك شخصيات وهمية اخترعها القصاص وأصبحت مشهورة ، وأهمها الخضر وأويس القرنى والمهدى المنتظر و المسيح الدجال .

6 ـ القصص كان وظيفة رسمية ، واصبح مهنة تطوعية ، وهناك شخصيات مشهورة احترفت القصص ، وخلطت التاريخ والسيرة بالقصص كان منهم الأوزاعى وابن الجوزى .

7 ـ تم استخدام القصص فى الصراع السياسى بين الأمويين والعلويين ، وفى التمهيد لقيام الدولة العباسية ، والترويج لظهور المهدى الذى يملآ الارض عدلا بعد أن ملئت جورا .

ولكن أغلب القصص كان للوعظ والتسلية ، واسهم فى نشر الخرافة العقلية ، ونشر الثقافة السمعية التلقينية ، ونشر الكذب فى السيرة النبوية وسير الأنبياء ، ومهّد لسيطرة التصوف وكراماته وخرافاته .

8 ـ مع أن كل روايات القصاص فى السمعيات والغيبيات كاذبة إلا أنها تعبر بصدق عن الثقافة التى عاشها المسلمون وقتها .

9 ـ مثل بقية المعارف وبنفس التطور الفكرى والعلمى فى الحضارة الاسلامية ، بدأ القصص روايات شفهية يقولها القاص أو القصّاص أمام الناس فى المساجد ، ويتناقلها الناس عنه ، ثم جاء عصر التدوين فأخذت تلك الروايات طريقها للتدوين فى كتب التاريخ وكتب الحديث و التفسير . وأنهى التدوين بالتدريج الرواية الشفهية إلا فيما يخص وظيفة القصص ، لأنها تقوم أساسا على الالقاء الشفهى ، أى ظلت الرواية الشفهية سائدة فى مجال القصص ، ويأتى التدوين يسجل كتابة ما يقوله القاصّ شفويا.

والله جل وعلا أعلم . 

اجمالي القراءات 9176