قناة للأزهر ..

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢١ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
يقال أن الأزهر بصدد انشاء قناة لنشر الاعتدال.. بينما لا يزال هناك من يفتى بان التليفزيون حرام والتمثيل حرام . ومع اتساعد البث التليفزيونى نرى التطرف يزداد ، ونرى الجهل بحقائق الاسلام ينتشر لصالح التطرف والارهاب، ولولا موقعكم لكانت الأحوال أسوأ . أعرف أن امنيتكم إنشاء قناة تليفزيونية للاصلاح الدينى ، ولن أسألكم عن هذا ، ولكن سؤالى هو كيف يمكن اصلاح التليفزيون فى مصر ؟ ولنفترض أنك وزير التليفزيون فماذا ستفعل ؟
آحمد صبحي منصور
أهلا أخى العزيز ، وشكرا على رسالتك ، وأرجو الله جل وعلا أن نتمكن يوما من انشاء قناة تليفزيونية لاصلاح المسلمين بالقرآن الكريم . سؤالك هذا سبقت لى الاجابة عنه فى مقال نشرته جريدة الأحرار بتاريخ 19 ابريل1993 تحت عنوان ( تليفزيون الناس الغلابة) قلت فيه : ( لو كان خاتم النبيين عليه السلام ـ حيا لكان جهاز التليفزيون هو أخطر أدواته فى الدعوة ، ونقول لمن يتهم التليفزيون بالإفساد والفساد أن الوسائل والأدوات محايدة لاتخضع لقاعدة الحلال والحرام ، وإنما يلحق الحرام والحلال بكيفية استخدامها، فالسكين أداة منفعة وهى أداة
قتل وظلم، وكذلك التليفزيون قد يكون أداة للتنوير أو وسيلة خطيرة فى التدمير ، المهم كيف نستخدمه، ومن أولئك الذين يستخدمونه ؟.
ولقد قيل كلام كثير عن البرامج الدينية فىالتليفزيون وأثرها العكسى فى نشر التطرف والتعصب عن سوء نية أو سلامة قصد، وربما كان ذلك حجة قاطعة لأولئك الذين يرفضون تخصيص قناة تلفزيونية خاصة بالبرامج الدينية ، وعذرهم فى ذلك الارتباط الواضح بين التوسع فى البرامج الدينية فى وسائل الإعلام والتوسع فى نشر دعاوى التطرف والتعصب بين الجماهير والشباب المتدين ، وكلهم يعتمد فى معلوماته الدينية على ما يصل إليه من قنوات الاعلام ، ومن الطبيعى أن الأحوال ستكون أخطر اذا ما أ تيحت الفرصة للوجوه نفسها أن تسيطر على قناة تليفزيونية كاملة .
ونعيد التأكيد على ماقلناه نفسه من أن جهاز التليفزيون ليس مسئولا ، وإنما المسئول هم أولئك الذين يستخدمونه لا للتوعية الحقيقية ولكن لإرجاع المفاهيم التى تخالف صحيح الإسلام.
إن الإسلام ـ دين الله العظيم ـ ليس مرحلة تاريخية تنتمى للقرون الوسطى، ولكنه دين إلهى يعلو فوق الزمان والمكان ، ويسيرمع البشرفى كل زمان ومكان ، وإذا كان التراث قد ظلم الاسلام فإن الإسلام يتجلى فى عصر العلم من خلال آيات القرآن، ولامحل هنا لخوف الخائفين من الربط بين آيات القرآن العلمية ومخترعات عصرنا ، فإن مجال الاعجاز العلمى للقرآن الكريم أصبح يضم كوادر جديدة ويفتح أبوابه لاستقبال المزيد ، ولاشك أن احتمال الخطأ البشرى فى فهم الآية والربط بينها وبين الحقائق العلمية أمر وارد، ولكن وجود مدرسة تليفزيونية للاعجاز العلمى للقرآن الكريم من شأنه أن يصحح الأخطاء ويعيد فهم الآيات القرآنية الخاصة بالاعجاز العلمى على " أسس جديدة "، فضلا عن توجيه الشباب المتدين إلى مجال جديد يباعد بينه وبين التطرف بالقدر نفسه الذى يربطه بايقاع العصر،عصرالعلم والمكتشفات التكنولوجية، ويربطه فى الوقت نفسه بالإسلام الصحيح الذى يدعو للعلم .
وكم أتمنى أن تنشأ قناة تليفزيونية خاصة بالاكتشافات العلمية والاختراعات وهناك فى أمريكا قنوات خاصة بذلك لعل أهمها قناة " Discovery " وهى تنتج أفلاما تليفزيونية تبحث فى عالم الحيوان والطيور والحشرات والبحار والفضاء ، ويمتد نشاطها إلى الحفريات القديمة والآثار والحضارات القديمة والأجناس والسلالات والفولكلور ، وتلك القنوات التليفزيونية ترسل بعثاتها تنقب فى الصحراء والوديان والبحار والجليد فى صبر ودأب يستمر أحيانا عدة سنوات ، ثم تعرض الاكتشافات فى صورة علمية مبسطة مشوقة ، وتحظى باقبال المشاهدين وتنمى فيهم حب الاستطلاع والمعرفة.
وإذا أثر التليفزيون المصرى الانحياز إلى جانب الغلابة الذين يتطلعون للحاق بالقرن الحادى والعشرين فعليه أن يسارع بتخصيص قناة على مثال " Discovery " تستورد الأفلام الوثائقية والعلمية وتقوم بترجمتها بدون حذف أو مونتاج أو تضييع لصوت المعلق أو المؤثرات الصوتية ثم يستضيف أحد علمائنا المتخصصين يعلق على الفيلم فى النهاية ولابأس من استضافة بعض علماء الدين المستنيرين إذا كان هناك ربط بين موضوع الفيلم والاعجاز
العلمى فى القرآن الكريم . بذلك تقدم خدمة جليلة للإسلام ولمستقبل هذا البلدـ ونقدم نموذجا لعالم الإسلام الحقيقى الذى يعيش المستقبل ولايقتصر على اجترار التراث الماضى ونثر بذور الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد.)
اجمالي القراءات 11344