مردوا علي النفاق

آحمد صبحي منصور في الخميس ٠٦ - سبتمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
يقول علماء الحديث ان النبى محمدا عليه السلام كان يعرف سرائر المنافقين ،بل إن بعض الصحابة كان أيضا يعرفهم، وأرى ذلك مخالفا للآية رقم 101 من سورة التوبة ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ، ومن أهل المدينة مردوا على النفاق ، لا تعلمهم نحن نعلمهم ). اريد منك التوضيح
آحمد صبحي منصور
كان المنافقون في المدينة علي عهد النبي عليه السلام قسمين : قسم معروف لم يستطع كتم مشاعره ففضح نفسه ونزل القرآن يرد علي أكاذيبهم ومؤامراتهم ، ثم قسم آخر لم يكن يعرفه النبي والمؤمنون لأنه مرد علي النفاق وأدمنه بحيث استطاع كتم مشاعره وظل إلي جانب النبي يحسبه النبي والمؤمنون أخلص الناس إيمانا . ولا شك أنهم حازوا عند أهل المدينة المكانة الكبرى ولكنهم كانوا عند الله تعالي في أسفل سافلين يقول تعالي " وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا علي النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلي عذاب عظيم .... 9/101" .
لم يعرف النبي والمسلمون أولئك المنافقين الذين مردوا علي النفاق ، والله تعالى وحده هو الذي يعلمهم والله جل وعلا وحده هو الذي سيتولى عذابهم ، وأخبر جل وعلا أنه سيعذبهم مرتين فى الدنيا ثم مصيرهم يوم القيامة إلى عذاب عظيم ..
ومعنى ذلك أن الله تعالى قد علم أن أولئك المنافقين الذين مردوا على النفاق لن يتوبوا بل سيظلون في نفاقهم إلي أن يموتوا علي الكفر، هذا بالرغم من أنهم ظاهرا عند الناس من أكابر الصحابة ، ولكن ما يحسبه الناس شيء وما يقوله رب الناس شيء آخر ، والمؤمن يخضع لمنطق القرآن ويضحي في سبيله بكل ما يتوارثه من أقاويل وأقاصيص تعارض القرآن الكريم ..
وقد عاش بعض أولئك المنافقين الذين مردوا علي النفاق وامتد بهم العمر بعد موت النبي عليه السلام . كانوا في حياة النبي يكتمون نفاقهم داخل قلوبهم ويتحاشون من أي تصرف يفضح حقيقتهم حتى لا ينزل القرآن فيكشف طبيعتهم وسريرتهم . ولا شك أنه تعاظم أمرهم فى حياة النبى محمد ، وتعاظم أكثر بعد موته ، وبعد موت النبي وانقطاع الوحي خلا لهم الجو لكي يتآمروا دون خوف لكي يكيدوا للإسلام والمسلمين ما شاءوا ولذلك تآمروا ونجحوا وهم في مأمن فلم يعد الوحي ينزل وهم قد أحرزوا مكانة في مجتمع المسلمين وأصبحت لهم حصانة تحميهم من الانتقاد والاعتراض .
ومن الطبيعي أن هذا الصنف الذي أدمن كتم مشاعره لابد أن تكون حركته في التآمر متسقة مع تكوينه النفسي ووضعه الاجتماعي فلن يغامر بحركة مكشوفة تفضح عداءه للإسلام والمسلمين بل يتصرف من واقع المكانة التي أحرزها عند النبي والمؤمنين ويوجه كيده ليس لأشخاص المسلمين ولكن للإسلام نفسه فيستطيع أن يكذب علي النبي ما شاء ويستطيع أن يتحدث عن الإسلام كيف شاء ويجد من يصدقه ويروي عنه فيهدم الإسلام وعقيدته وشريعته بأيسر طريق ..
والله تعالي أخبر بوجود صنف من أعداء النبي يحترف بالوحى الشيطانى تزييف الحق ويدمن نشر الباطل وهو بذلك يتحالف مع الشيطان ويحارب وحي القرآن . فإذا كان القرآن وحي الله تعالي الذي نزل به جبريل علي خاتم النبيين فإن ذلك الوحي الشيطاني يوسوس به الشيطان لأولئك الذين هم أعداء النبي والله تعالي يقول " وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلي بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون " ويقول تعالي عن الذين يستمعون لذلك التزييف الكاذب : ( ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ماهم مقترفون) ، ويقول تعالي في القانون الذي نحتكم إليه في ذلك الوحي الزائف "( أفغير الله ابتغي حكما ؟ وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا )" ويقول عن تمام القرآن وكماله بحيث لا يحتاج إلي وحي آخر معه وأن كل شيء ينبغي أن يتفرع عنه ، يقول تعالي"( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ) " وحتى لا يقول بعضهم أن هذا الكلام يخالف إجماع البشر ويناقض أكثرية الناس فإن الله تعالي يقول ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ) .. 6/ـ ـ 112ـ )
أي أن أكثرية البشر ضالة مضلة ، ولا عبرة بإجماعهم إذا خالف آية قرآنية واحدة ..
ونعود إلي ذلك الصنف من الصحابة الذي وصفه الله تعالي بأنه مرد علي النفاق ، ونتذكر ما توعده الله تعالي به من عذاب أليم في الدنيا والآخرة ،ومعني ذلك أنهم ظلوا يكيدون للإسلام طيلة حياتهم دون توبة وكان كذبهم علي النبي في أحاديثهم الضالة أهم نواحي كيدهم ومكرهم فاستحقوا من الله جل وعلا أن يعذبهم مرتين فى الدنيا ثم يتوعدهم بعذاب عظيم فى الآخرة. وهو عقاب لا يكون إلا لعدو فظيع للاسلام.
وربما يكون من بعض أولئك الذين مردوا على النفاق من نحسبه من عظماء الصحابة فيما يعرف بالسيرة النبوية.
والله عالى هو الأعلم ، ولم يعط علم الغيب لخاتم الأنبياء حتى فيما يخص حقيقة أقرب المحيطين به ، ومنهم منافقون متآمرون عليه ..
ونقول أن الصنف الآخر من المنافقين الظاهرين من كان يكذب علي النبي في حياته يدخل علي النبي يقدم فروض الطاعة ثم يخرج من عنده يتآمر عليه ويفتري عليه الأكاذيب ، وينزل القرآن يكشف تآمرهم ويقول " ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول :4/81" أي كان المنافقون المشهورون الظاهرون يتقولون علي النبي مالم يقل ، أما الذين مردوا علي النفاق فقد أمسكوا عن المكر والكذب والكيد.. فلما مات النبي وانقطع الوحي نزولا نشطوا ينشرون الأكاذيب التي ما لبثت أن تمتعت بالتقديس وفي سبيلها يعتقد بعضهم أنها تحكم علي القرآن وتلغي أحكامه ..!


اجمالي القراءات 20831