البخارى ... لماذا ؟

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٢ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
لماذا أصبح البخارى هو الأكثر شهرة وتقديسا بين أئمة الفقه و الحديث ؟
آحمد صبحي منصور


ليست هناك إجابة محددة لهذا السؤال، ولكن عموما فان تاريخ الفكر لدى المسلمين شهد عدة مراحل :
مرحلة التكوين و الرواية الشفهية فى القرنين الأول و الثانى من الهجرة ، ثم مرحلة التدوين المنظم و التنوع و التخصص والازدهار العلمى من القرن الثانى الى القرن الخامس ، أى فى العصر العباسى الثانى من المأمون الى المعتمد على العباسى تقريبا وفيه ظهر أئمة المذاهب الفقهية و الحديث و الفلسفة و سائر العلوم التراثية ، ثم بدأ الازدهار فى توقف من القرن السادس ـ وتحول الى تقليد من القرن السابع مع بداية العصر المملوكى و سقوط بغداد ، وفيها أصبح العلماء تلاميذ لمن سبقهم يشرحون كتبهم و يقومون بتلخيص الشروح ثم تحويلها الى موجزات أو متون ثم يعيدون شرح المتون ، وفى العصر المملوكى تحول الأئمة السابقون فى الفقه و الحديث الى أنصاف آلهة أو آلهة كاملة لا يجوز مناقشة أقوالهم ـ بل التسليم بكل ما قالوه مهما كان هناك من تعارض بينهم ـأو تعارض فى كتبهم . وهكذا انتهى العصر المملوكى وجاء العصر العثمانى بالتخلف و الانغلاق و الجهل الى أن صحا المسلمون على مدافع نابليون ـ وبدأت الصحوة بالأخذ عن أوربا ، ثم تم إجهاض هذه الصحوة بظهور الوهابية و الدولة السعودية وقطار النفط السريع الذى نقل المسلمين منذ القرن العشرين الى جمود العصور الوسطى فى الفكر والسلوك و الحجاب العقلى و المظهرى.
ويبدو ـ والله تعالى هو الأعلم ـ أن العصر المملوكى هو المسئول عن شهرة البخارى و ذيوع تقديسه ـ فقد كان هناك ( ميعاد ) أى احتفال سنوى رسمى فى القاهرة وغيرها بتلاوة صحيح البخارى و ختمه ، وإعطاء منح سلطانية بهذا مما أسهم فى ترسيخ التقديس للبخارى ليكون الأكثر تقديسا من غيره من أئمة الحديث و الفقه.
أما لماذا فضّل العصر المملوكى البخارى على غيره فلا أعرف الاجابة حتى الان .
هذا مع أن كتاب البخارى يفتقر الى التنظيم و الدقة ، بل و يمتاز عنه فى ذلك كتاب تلميذه مسلم ، ولكن الشهرة فى ميادين الكتابة و الفن لا ترتبط بالجودة قدر ارتباطها بظروف أخرى قد لا تكون موضوعية أو عقلية أو منهجية
اجمالي القراءات 16594