الخــــــــوارج

آحمد صبحي منصور في الخميس ١٥ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
أريد كتابة بحث عن الخوارج فى القرن الأول الهجرى الى سقوط الدولة الأموية. وهل تسمح بأن تعطينى فكرة عامة عن الخوارج ، أستطيع البدء بها .؟؟
آحمد صبحي منصور
* موضوع الخوارج لم يعد فيه جديد بعد أن تتابعت فيه الأبحاث والمتابات المختلفة. وأنصحك بالبحث عم موضوع آخر لا تزال فيه ثنايا تحتاج للبحث و اكتشاف الجديد. وأعطيك فكرة سريعة وعامة عن الخوارج فى العصر الأموى:
*كان الخوارج قمة الإخلاص فيما يعتقدون أنه الحق وكانوا أيضاً قمة في الجرأة على سفك الدماء وفي تكفير غيرهم واستحلال دمائهم وذرياتهم ، وبسبب ذلك امتاز تاريخهم العسكري بظاهرتين :الشجاعة المتفردة وأن أكثر هجومهم كان على المسلمين فقط .
*قتل الخوارج الإمام علي بن أبي طالب،وأرهقواالدولة الأموية بثوراتهم المتعاقبة، ومنها ثورة مرداس بن أدية الذي اشتهر بين الخوارج بتفانيه في العبادة وشجاعته, وقد خرج على الدولة الأموية في أربعين رجلاً فقط في خلافة معاوية,فأرسل إليه الوالي ابن زياد حملة عسكرية تتكون من ألفي رجل يقودهم القائد أسلم بن زرعة، وتقابل الخوارج الأربعون مع الجيش الأموي عند بلدة" آسك" فانتصر الخوارج وهرب القائد الأموي يحمل خيبته، وكان الصبيان إذا رأوا ذلك القائد الأموي في الطريق صاحوا به: مرداس بن أدية خلفك !!
وقال أحد الخوارج في هذه المعركة يتندر على الأمويين :
أألفا مؤمن منكم زعمتم
ويقتلهم بآسك أربعون
كذبتم ليس ذاك كما زعمتم
ولكن الخوارج مؤمنونا
هم الفئة القليلة قد علمتم
على الفئة الغليلة ينصرونا
واضطرت الدولة الأموية لإرسال جيش أخر يعيد هيبتها، وانتهز ذلك الجيش وجود الخوارج ركعاً سجداً في الصلاة فهجم عليهم، ولم يخرج الخوارج عن الصلاة واستمروا فيها والسيوف تتناولهم وهم يقولون:" وعجلت إليك ربي لترضى"!! وذلك يعطينا مثلاً لما كان عليه الخوارج من إخلاص لعقيدتهم وشجاعتهم في المعارك، * ولكن وجهوا تلك الشجاعة لقتال المسلمين وحدهم،إذ
كانوا يقتلون المسلمين قتلاً عشوائياً ، وقد بدأ ذلك في تاريخ مبكر في نشأة الخوارج، فالفرقة الأولى من الخوارج وهم " المحكمة الأولى" كانوا يخرجون بسيوفهم على الناس في الأسواق فجأة ينادون بشعارهم "لا حكم إلا لله" ثم يقتلون من يجدونه أمامهم من أهل البلد، ولا يزالون يقتلون ما استطاعوا إلى أن يقتلهم الناس. وكان من طقوسهم الدينية أن أحدهم لا يخرج للتحكيم ـ أى لقتل الناس الكفار ـ إلا على سبيل أن يقتل من المسلمين ما استطاع ويموت.. وكلما قتل رجلاً هتف: "لا حكم إلا لله". وهكذا فهم الخوارج أن الإسلام مجرد شعار"الحاكمية لله" وحتى ذلك الشعار فهموه فهماً خاصاً،ومن خلال تلك النظرة المتعصبة والضيقة استباحوا دماء مخالفيهم من المسلمين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً..واستباحة دماء المسالمين أعظم جريمة ـ وهى ما نعرفها فى عصرنا باسم الارهاب. وقد كان الخوارج منذ نشأتهم الى نهايتهم قادة الارهاب .
* ومن التاريخ نتعلم أن تلك الحركات المتعصبة لا تنجح في إقامة دولة ولا تفلح في صيانة نفسها من الانشقاق والتصفيات الدموية فيما بين فصائلها.. كذلك كان مصير الخوارج وسيكون مصير كل من سار على طريقهم من أولئك الذين لا يقرءون في الإسلام حرفاً ولا يفهمون منه طرفاً .
لقد كان الخوارج بدوا متزمتين محدودي الوعي شديدي التدين، وكانوا مع الإمام(على) اشد أنصاره وأشدهم كراهية لمعاوية الذي كان مثل" الانفتاح" على الدنيا، وانشق الخوارج عن(على) حين تفاوض مع "معاوية" الانفتاحي وحاربوا"عليا " وقتلوه، ثم حاربوا معاوية وخلفاءه.. ووهبوا حياتهم وشجاعتهم لسفك دماء المسلمين بدون تمييز، وكان ذلك دينهم الحقيقي .
وصحيح أن الخوارج انتقلوا إلى متحف التاريخ، ولكن التجربة تتكرر الآن في حياتنا وشوارعنا.. وهناك أوجه تشابه عديدة بين نشأة الخوارج ونشأة الجماعات المتطرفة الدموية، فكلاهما أفرزته تجاوزات العصر وسيئاته، وكلاهما وجد العلاج النفسي في التمسك بما يفهمه من الدين،ووجد في الدين شرنقة يحمي بها نفسه أمام متغيرات لا يجيد التعامل معها، وكلاهما قام بتحويل نفسه إلى قنبلة انتحارية يهدم بها نفسه والمجتمع.. والخوارج أسهموا في تدمير الدولة الأموية ولم تقم لهم قائمة بعدها.
فهل يفلح الخوارج الجدد فى التهام العسكر و الطغاة ؟
الله تعالى هو الأعلم ..


اجمالي القراءات 23647