وعلّم آدم الأسماء

آحمد صبحي منصور في السبت ٠٥ - أكتوبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
ما معنى ( وعلم آدم الاسماء كلها ) . وما هى هذه الأسماء بالتحديد ؟
آحمد صبحي منصور

 

1 ـ يقول جل وعلا : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)  البقرة ) المقصود أنه جل وعلا خلق آدم وعلّمه أسماء من يحيط به من الملائكة . تميز آدم  عن الملائكة بميزة ( تعلم الأسماء ). أى اسماء المحيطين به .

2 ـ وورث ابناء آدم هذه المزية . يمتاز أبناء آدم بفطرة تقبل تعلم اللغة بسرعة ، أو بلسان يستطيع النطق وتعلم ( الأسماء ) ومعانيها . وهذه ظاهرة عجيبة ، فالطفل يولد ويتعلم بسرعة لسان قومه ، أو لغة قومه خلال السنوات الأربعة من عمره ، بحيث يتشكل لسانه طبق هذه اللغة ، وهو يلتقطها بسرعة . وإذا هاجر طفل من بلد الى بلد آخر له لغة مختلفة فإن الطفل سرعان ما يستوعب نطق اللغة الجديدة أسرع من والديه اللذين تعود لسانهما على لغة قومهما بحيث يظل لسانهما معوجا ونطقهما للغة الجديدة متأثرا بلغتهما الأصلية عكس طفلهما الذى يسارع بالتأقلم مع لغة المهجر ليصبح مثل أهل البلد . ومن هنا فقد إشتهر الاسرائيليون فى مصر قبل ثورة 1952 بأنهم يعلمون أطفالهم فى الست سنوات الأولى من عمرهم ثلاث أو أربع لغات  ( العبرية والعربية والانجليزية والفرنسية )، ويتعلمها الطفل بسهولة وبدون إعوجاج فى لهجته .

3 ـ وقوله جل وعلا (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا )  فيه إعجاز رائع فى إختيار اللفظ  بالنسبة لنا . فلم يقل ( وعلم آدم الكلمات كلها ) فالكلمات لفظ عام ، وهى تختلف من لغة الى أخرى ، أو من لسان الى آخر ، ومن آياته جل وعلا إختلاف ألسنتنا وألواننا . فالكلمات تختلف فى النطق وفى المعنى فى ألسنة البشر ولغاتهم . أما ( الأسماء ) بالتحديد فلها شأن آخر . فالناس يطلقون إسما له معنى على كل شىء تدركه حواسهم . كل شىء حولك ووكل شىء فى داخلك له إسم تم إختياره ، ويتوارثه الناس فى ثقافتهم ، وهو يعكس هذه الثقافة ويعكس رؤيتهم لهذا الشىء . أى ليس الأمر مجرد ( كلمة ) تقال ، بل تعامل عقلى مع الشىء بحيث يتم إختيار إسم له يدلّ عليه ، أى ( إسم) على  ( مسمى ). وهذا يستلزم ( تعليما ) وليس مجرد النطق ، فكل الأحياء تنطق ، كل منها ينطق بلسانه أو بلغته سواء نعرفها أو لا نعرفها . وكل الأحياء تتواصل مع بعضها . ولكن ابن آدم هو الذى يطلق على الأشياء أسماءها ، فهذا ( اسد ) وهذا ( جبل ) وهذه ( ريح ) وهذا ( فلان ) وذاك ( علان ) ..ومن هذه الأسماء تتكون الثقافات بالتعلم والتعليم ، والأصل فيها أن الله جل وعلا ( علّم ) أبانا ( آدم ) الأسماء كلها ، فلا يوجد شىء حولنا قديم أو جديد إلا وأطلقنا عليه إسما ، حتى الأجرام السماوية التى نكتشفها لا بد من تمييزها بإسم . وهذا الاسم لا يأتى عشوائيا بل بتفكير ..وهذا التفكير مبنى على ( علم ) و ( تعلم ).  لأن الله جل وعلا ( علّم ) آدم وابناء آدم الأسماء ، ولم يعلم ذلك للمخلوقات الأخرى فى هذا الكوكب كما لم يعلمها للملائكة بعد خلق آدم .

اجمالي القراءات 16187