إعصار ساندى

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٣١ - أكتوبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السلام عليكم أخ أحمد. وفقك الله في مسيرتك لي تساؤل في ما يحدث الأن في الساحل الشرقي للولايات المتحدة كيف نفسر هذا الإعصار هل هو إبتلاء من الله أم عضب من الطبيعة أم إنتقام من الله .. هذه الكوارث الطبيعية أهي في نطاق أيات الله في الأفاق .. لو كان الله يعاقب عباده بهكذا كوارث لأغرق العالم العربي أولا لماذا فينا من سمات النفاق و الإعراض عن نهج الله .. أرجو منكم توضيح هذه الأحداث .
آحمد صبحي منصور

هذه ظواهر طبيعية تحدث دوريا فى الكرة الأرضية ، فجزر اليابان وايران وتركيا وباكستان مشهورة بالزلازل  ضمن حزام للزلازل أمكن تحديده . وفيضان النيل أو نقصانه كان يحدث فى دورات كل عدة عقود ليجلب لمصر الخراب والمجاعة الى أن أمكن التحكم فيه فانقطع الفيضان وانقطع معه خير كثير . ولا تزال فيضانات الأنهار تقتل الآلاف فى بنجلاديش وغيرها . وثورات البراكين تحدث مرارا وتكرارا تقتل الآلاف وتجلب الخير للتربة ، وكذلك الأعاصير والعواصف وهى تختصّ بها مناطق معينة ، فالمحيط الهادى أطلق عليه ماجلان هذا الاسم لأنه ( هادىء ) وليس ملغّما بالأعاصير مثل المحيط الأطلنطى المشهور بأعاصيره التى تضرب شرق أمريكا وسواحلها الشرقية بينما تنعم سواحل أمريكا الغربية ( المحيط الهادى ) بالنسيم العليل.  ، ولاية كاليفورنيا التى تطلّ على المحيط الهادى هى أغنى الولايات وأكثرها إعتدالا فى المناخ ، ولكنها تعانى من إحتمال قائم بزلزال هائل قادم يجعلها كلها تحت قاع المحيط .

الأعاصير التى تضرب الساحل الشرقى الأمريكى معتادة وموسمية قبل أن يعرف العالم وجود هذه القارة الأمريكية . ولهذا أطلقوا عليها الأسماء من ساندى الى كاترينا . هى ظواهر طبيعية لا شأن لها بما يفعله البشر إن خيرا أو شرا .

هى تقع ضمن الحتميات التى قررها رب العزة . وهى مثل سائر الحتميات يمتزج فيها الخير والشّر معا . ولكن الناس تهوّل من الجانب السىء وتنسى الجانب المشرق  . بل أقول إن عنصر الخير هو الأظهر فى هذه الكوارث . ففى أمريكا يتعلمون منها كيفية التعامل معها  بالاستعداد مقدما لها وبالتكاتف وفنّ إدارة الأزمة وقتها ، ويتعلمون التعاون والعمل الجماعى ، وفضيلة النجدة والشهامة وحب الانتماء ، مع فضيلة المخاطرة ..وبهذا كله ساد الرجل الأبيض وسيطر على العالم لأنه عاش فى أوربا الباردة المليئة بالأعاصير وتداخل اليابس والبحر فى بعضهما . زلازل اليابان لم تجعل اليابانيين يهربون من بلادهم بل تفننوا فى التكيف معها وفى قهرها ، وأنشأوا فوق أرض الزلازل إقتصادا عظيما . الجليد فى سويسرا لم يجعل أهلها يركنون الى الكسل أو يهربون من بلادهم بسبب العواصف الجليدية وقسوة المناخ بل أقاموا فى بلادهم أعظم إقتصاد مالى وبنكى .

بينما فى البلاد المعتدلة التى تخلو من ألأعاصير تجد التواكل والتخلف والاعتماد على الحكومة فى كل شىء . فى مصر قلّما تحدث الزلازل ، وقلّما تحدث السيول . وهذه الحياة السهلة الخالية من المخاطرة تجعل المصريين اسرى للمفاجأة السنوية ( كل عام ..!!) حين تهطل الأمطار لبضعة أيام . ومع أنها ايام معدودات ومعلومات وتتكرر كل عام فى نفس التوقيت إلا إن المصريين يفاجأون بها وتغرق مصر فى ( شبر ميّه ) بسبب الاهمال والتراخى والكسل والاعتماد على الحكومة وموظفيها ليقوموا بكل شىء . لذا لا ينفع العمل الجماعى فى مصر . الدعة والسكون والكسل والتمتع بمناخ معتدل بلا أعاصير أوصل بالمصريين الى أن يلوثوا بأنفسهم مناخهم العليل ، وأن يلوثوا ليس فقط النيل والهواء بل والشوارع  بأهرامات الزبالة .

لو عانى المصريون من ( نعمة ) الأعاصير مثل إعصار كاترينا وإعصار ساندى لأصبحوا شعبا قويا متماسكا نظيفا حريصا على بيئته ..ولأصبحوا شعبا محترما .. لا يستحق الاحترام ذلك الشعب الذى ينشر الزبالة ويعايشها ويتنفسها ويلوث الأرض والمناخ ، ويتبول ويصرف المجارى فى النهر الذى يشرب منه .

أليس كذلك ؟ .!.. هو كذلك ..

اجمالي القراءات 9896