بعد تصحيحه لغويا ..
فقه الهداية فى القرآن الكريم ـ صلاح النجار

في الإثنين ١٤ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

بحث صلاح النجار

فقه الهادية )الهداية )لما ( كما ) جاء فى القرآن الكريم)
1:هداية الكائن الحى أو مايعرف بالغريزة الجنسية
مفهوم الهداية فى القرآن الكريم ليس مقصوراً فقط على الهداية الإيمانية,(،) بل الهداية أيضا إلى أمور تضمن الحياة والديمومة والاستمرار( الإستمرار) بالنسبة للكائنات الحية بما فيها الأنسان ( الإنسان) نفسه.
فالله ع&Ogrl;(؟) لله عز وجل خلق كل مخلوق وأعطى كل مخلوق خلقه الائق ( اللائق) به,(،) ثم هدى كل مخلوق إلى ماخلقه له,(،) وهذه الهداية الكاملة المشاهدة فى جميع المخلوقات.(،) فكل مخلوق يسعى لما خلق له من المنافع,(،) وفى دفع المضار عنه.(،) حتى أن الله عز وجل أعطى الحيوان البهيم من العقل مايتمكن به من ذلك.
فالذى خلق المخلوقات وأعطى كل مخلوق خلقه الحسن الذى لاتقترح فوق حسنه (؟) ,(،) وهداها لمصالحها هو الله العلى القدير وهو أيضاً أعطى كل شئ زوجة من جنسه ثم هداه إلى منحكه(منكحه) ومطعمه وجنسه ثم هداه إلى الألفة والاجتماع والمناحكة( ألمناكحة) .
قال الله تعالى(قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى((طه:50)
والله عز وجل جعل من كل شئ خلقه زوجين أثنين لتزاوج ) للتزاوج) والمناكحة لكى تستمر الحياة وتلك أيضا غريزة من ضمن الغرائز التى فطرالله عليها الكائنات الحية فسبحان الله العلى الكبير.(،) فقد قال جل وعلا لنبيه نوح أحمل (احمل) فى السفينة من كل شئ خلقنا زوجين أثنين ( إثنين) .
1:قال الله تعالى(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ)(هود:40)
وهو أيضاً جل وعلا الذى مد الأرض وجعل فيها الجبال رواسى ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين أثنين.
2:( وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(الرعد:3)
3:( فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)(المؤمنون:27)
4:( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(الذاريات 49)
والزوجين هما(وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى)(النجم:45).
فالله عز وجل أعطى كل شئ صلاحه,(،) وهداه لما يصلحه,(،) فقد أعطى كل شئ من المنفعة المنوطة المطابقة له,(،) هذا بالأضافه أنه خلق لكل كائن حى خصائصه الفسيلوجية( الفسيولوجية) التى تساعده فى التكيف والمعيشة,(،) فقد خلق بعض الكائنات الحية فمنهم ما يمشى على قدمين ومنهم مايمشى على أربع ومنهم مايمشى على بطنه, (،) فقال الله تعالى(وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
فسبحان الله العلى القدير الذى خلق كل شئ فقدره تقديراً(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)
وبعد أن خلق الله الخلق وقدره هداه(وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى)(الأعلى:3)
ولو تمعنا فى الكائنات الحية نرى الهداية هذه جلية فى عدة أمور,(،) وهى قدرة هذه الكائنات على تناول طعامها أو الحصول على رزقها,(،) ثانيا بناء مسكنها وثالثاً ديمومة أجيالها أو الحفاظ عليها.
وهذا كله مايعرف بالهداية ( بهداية ) الكائن الحى أو الغريزة.(،) ومفهوم الغريزة هو ( ميول أو (حوافز ) فطرية يمتلكها الكائن الحي دون سابق تعلم ، ولا توجد نظرية علمية تفسر مصدر تلك الغرائز ، يقر معظم العلماء بوجود قوة عليا تقف وراء تلك الأنشطة .. كل الكائنات الحية طورت تلك الأنشطة عبر تاريخ الحياة الطويل بكفاءة كبيرة وتحولت من مجرد فعاليات فسيولوجية إلى أوامر عصبية مخزنة في دوائر الجهاز العصبى)
فقال الله تعالى(وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى)(الأعلى:3)
)الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ)(السجدة :7)
ويقول أيضا جل وعلا(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(هود56)
والغريزة هى أيضا(العلم التفصيلى التشريحى المغروس فى الكائن الحى منذ الميلاد) فالله تعالى خلق كل مخلوق وهداه لطريقة معاشه ولا يستطيع أحد أن يدّعي أن الله تعالى لم يهده لطريقة معاشه فنرى الطيور تهاجر من بلد إلى آخر على شكل أسراب منتظمة في مواسم معينة فمن الذي هداها لطريقها؟ الله تعالى سبحانه وضع الموجِّه في عقول هذه الطيور.(،) قال تعالى (والذي قدّر فهدى) أي أرشد إلى طبيعة الخلق والهداية الفطرية هي أن يعرف المخلوق كيف يسعى لرزقه وكيف يعرف ربه الإله الواحد.(،) فقال الله تعالى عن الطيور وعن لغتها التى غرزها فيها بدون علم مسبق فقال جل وعلى(أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(النحل:79)
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ)(الملك:19)
وتكلم عن لغة الطيور فقال الله تعالى(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)(النمل:16)
أما لغة الطيور .() فلقد ذكر لنا ربنا جل وعلا مثال )مثالاً) على ذلك وهو هدهد سليمان.(،) فقال جل وعلا(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ.(،) أعذبنه (لأعذبنه) عذاباً شديدا( شديداً) أو لاأذبحنه (لأذبحنه) أو ليأتنى (ليأتينى ) بسلطان مبين.(،) فمكث غير بعيد وقال (فقال) أحط ( أحطت) بمالم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين)(النمل22:20)أى أن الطيور لها لغة تتكلم بها وسبحان الله العلى القدير.
2:ونأخذ مثال ( مثلاً) من الحشرات الا (ألا) وهى حشرة النحل التى هداها الله وأودع فيها الغريزة عن طريق الإيحاء أوالوحى فقال الله تعالى(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ, (،) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(النحل68:69)
وإذا نظرنا أو تأملنا فى موضوع مملكة النحل أو خلية النحل سنجد أنه نظام عالى (عال) يتكون من عدة مجموعات طبقية تبدأ بالملكة وتنتهى بالشغالة..وهو عالم فيه النظام وأنضباط ( الإنضباط) وفيه تناغم وتناسق..كلها مظاهر من عظمة الخالق المبدع الذى جعل من أمة النحل مثالاً يحتذى به فى التعاون والنظام.(،) الكل يعمل حسب سنه ودوره..المهندسات والبناءات يشيدن قرص النحل..والعاملات يقمن برحلات لكشف (للكشف) عن أماكن الرحيق..والكميائات( الكيميائيات) يتأكدن من نضوج العسل وحفظه والخادمات يحافظن على نظافة الشوارع والأماكن العامة فى الخلية..والحارسات على باب الخلية يراقبن من دخل إليها ومن خرج منها يطردن الدخلاء أو من أراد العبث بأمن الخلية.(،) فمن غرس هذا العلم فى أمة النحل؟
3:العنكبوت الذى يبني بيتًا خفيفًا واهيًا لكنه ذو هندسة جميلة وتتحرك حركات بزوايا محدودة ومسافات معلومة لعمل خيط، وآخر بزاوية أخرى ومسافة أخرى، والثانية والثالثة والرابعة إلى أن تراها قد أكملت شكلاً هندسيٌّا جميلاً، ثم تراها تجلس في أحد الزوايا منتظرة حشرة تقع في هذا الشرك، فتسارع إلى لف خيوط أخرى حولها وتكبلها حتى تصبح بلا حول ولا قوة، ثم تغرس أنيابها في جسمها وترتشف عصارة جسمها فلا يبقى فيها إلا القشرة الخارجية، وأنت تنظر إليها وكأنها سليمة ولا تدري أن العنكبوت قد امتص كل عصارتها .(،) من علم العنكبوت ذلك؟
فقال تعالى عن بيت العنكبوت(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)(العنكبوت :41)
4:النمل, () ونلاحظ أن فى الخلية الواحدة يوجد ألوف النمل يعملون بنشاط وجدية فى نشاط اجتماعى (إجتماعى) معقد دون لغة يتخاطبون بها ..ودون وسائط للتفاهم؟
من علم النمل ذلك ؟ومن غرس فيه ذلك العلم وتلك الفطرة؟أنه الله عز وجل ذو العقل المدبر الذى أحسن صنع كل شئ خلقه ثم هدى.
ولماذا نستغرب حين يقال أن النمل له لغة يتكلم بها واشارات ( إشارات) وقد تكلم الله عن ذلك فقال(حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(النمل:18)
فالنملة الذكية قد ادركت الخطر فنبهت بقية النمل بوجود خطر لكى يأخذن خذرهن (حذرهن) وسبحان الله رب العالمين.
5:وليست هداية الله مقصورة على الطيور والحيوانات فقط ولكن عنايته تشمل كل شئ حتى النبات الذى لم يطعيه ( يعطه) الله العقل.(،) ونأخذ مثال ( مثالاً) على ذلك : (،) فنبات الصبار وهو ليس بحيوان وليس له إدراك يخزن الماء فى اوراقه ( أوراقه) المكتنزة اللحمية ليواجه بها جفاف الصحارى وشح المطر.
والأشجار الصحراوية التى تجعل لبذورها أجنحة تطير بها أميالاً بعيدة بحثا عن فرص مواتية الإنبات (للإنبات) فى وهاد رملية جديبة.
ويوجد نباتات آخرى تسمى النباتات المفترسة وهى تنمو فى بيئة فقيرة من (فى) النيتروجين,(،) فيزودها الخالق عز وجل بالحيل الماكرة لتصطاد الحشرات لتمتصها وتهضمها..فهى مرة مزودة بأوراق محورية على شكل أكواب ذات جدران لزجة تلتصق بها الحشرات,(،) ومرة أخرى على شكل أكواب ذات جدران صابونية ملساء ماتكاد تلمسها الحشرات حتى تنزلق وتقع فى الأكواب المليئة بعصارات هاضمة وتموت.
أشياء لاتفسير لها بالنسبة لنبات لاعقل له ولاتدبير إلا أن هناك عقل)عقلاً) خفى (خفياً) مدبر( مدبراً) هو الذى اصطنع كل تلك الحيل. (،) وهو الذى قال عن نفسه الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى فسبحان الله العلى الكبير(.)
6:وليست الهداية أو الطبيعة الغريزية فى النباتات أو فى الحشرات أو فى الحيوانات فقط ولكن توجد أيضا فى الأنسان,(،) وقد خلق الله الإنسان وأودع فيه دوافع فطرية تعبر عن تكوينه الخاص الذي تتفرع منه غرائزه التي تشكل أساس وجوده. (،) ولا يمكن للزمن أن يبدل أو يقتل تلك الغرائز والنوازع الفطرية ، فهي أصيلة في الحياة الإنسانية فالإنسان هو الإنسان من حيث تلك الصفات الجوهرية. (،) ولقد قرر القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى:

((فِطْرة اللهِ الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللهِ ذلك الدّينُ القيِّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون )) (الروم : 30).
فالإنسان له غرائز كثيرة أوجدها الله تعالى فيه ليستطيع أن يعيش ، ويحفظ نفسه ، ويبقى نسله . ومن أهم تلك الغرائز:
- غريزة البحث عن الطعام والشراب : يقول تعالى (وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)(المؤمنون:33)
وغريزة الطعام غريزة متأصلة فى الأنسان حتى ولو كان نبيا(وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنْـزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا)(الفرقا:7)
(أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْـزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا)(الفرقان:8)
فحاجة الأنسان لطعام تدل على بشريته,(،) بل أن (إن) هذه الغريزة بالذات قد نفى الله عز وجل بها الألوهية عن السيدة مريم العذراء وأبنها المسيح عيسى بن مريم فقال الله تعالى(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(المائدة:75)
لماذا لأن الطعام فى حاجة إلى المدغ (المضغ) ثم الهضم ثم الأخراج (الإخراج) وهذا كله يتم بشكل غريزى وبعناية من الله عز وجل.
وهناك كثير من الآيات التى تثبت هذه الغريزة على الأنسان منها:
1:( وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)(النحل :5)
2:( وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(فاطر:12)
3:( فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)المؤمنون:19)
2: غريزة الشح واستعجال الملذات : يقول تعالى : " إن الإنسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا " .
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)(آل عمران:14)
وقد أودع الله سبحانه وتعالى غريزة فى الأنسان الا وهى حب المال والبنون فقال تعالى(الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا)(الكهف:46)
(وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)(الفجر:20)
(قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا)(السراء:100)

3: غريزة حب الظهور والاستعلاء (الإستعلاء) : يقول تعالى : " إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى "
((وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(يونس :12)
(فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(الزمر:49)
(وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ)(فصلت:51)
(بَلْ يُرِيدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ)(القيامة:5)
4:غريزة استمرار ( إستمرار) البقاء (التناسل)
وغرضها استمرار ( إستمرار) بقاء الإنسان بالزواج بين الذكر والأنثى لإنتاج ذرية وتامين ( تأمين) الطعام للذرية وحمايتها.(،) فقد جعل الله جل وعلا للأنسان ( للإنسان) زوج ( زوجاً) من جنسه لكى يستمر النسل والأنجاب ( الإنجاب) .
يقول الله تعالى(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)(النساء:1)
2:( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)(الاعراف:189)
3:( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْـزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)(الزمر:6)
4:( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)(النحل:72)
5:( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(الروم:21)
6:( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)(فاطر:11)
ونلاحظ أن فى جميع هذه الآيات جاء فيها الفعل(خلق,(،) جعل)وجعل و خلق,(،) أى أننا مجعولون و مخلوقون على هذه الغريزة وهذا كله بيد لله وبمشيئة الله .(،) وليس لنا فيها يد ,(،) فنحن مفطورون على ذلك, (،) وتلك هى فطرة الله التى فطرنا عليها.(،) فسبحان الله العظيم (.)

ثانياً:الهداية الإيمانية
لقد اراد ( أراد) الله عز وجل أن يكون الأنسان مخيرا ( مخيراً) لامسيرا ( مسيراً ) مثل السماوات والأرض,(،) فلقد اختار الأنسان ( الإنسان) الحرية و حمل الأمانة أى (المسئولية والحرية) وهو بذلك كان ظلوما ( ظلوماً ) جهولا (جهولاً) ,(،) يقول ربنا عز وجل عن ذلك المشهد(إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا((الاحزاب:72)
وبناء ( بناءً) على ذلك الاختيار سيكون حسابه يوم القيامة أن (إن) خيرا ( خيراً) فخير وأن ( وإن) شرا ( شراً ) فشر,(،) ولاتظلم نفسا ( نفس) شيئا.
والله عز وجل يؤكد فى كل آيات القرآن الكريم أن الأنسان حر فى أن يسلك طريق الهداية الإيمانية بنفسه إذا شاء أو يسلك طريق الضلال إذا شاء.
ويقول الله عز وجل أنه لو شاء لجعل الناس أمة واحدة مهتدون ( مهتدين) مجبرون ( مجبرين) على الطاعة مثل الجبال والبحار والسماوات والأرض,(،) ولكن أراد الله أن يكون الأنسان حرا ( حراً) يسلك طريق الهداية بنفسه ويختارها له مسلك ( مسلكاً ) وطريق( طريقاً) ,وأما أن يكون مهتديا ( مهتدياً) وأما أن يكون غير ذلك وكل فرد على حسب إرادته ومشيئته.
فالله عز وجل يقول لنبيه فى قطعية لاتقبل اللبس(وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ)(الأنعام:35)
ويقول الله عز وجل أيضاً ينفى ذلك الإكراه عن نفسه
(قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)(الانعام:149)
(إِنْ نَشَأْ نُنَـزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)
(وَأَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)
(وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)فالله عز وجل لم يشأ أن يتدخل فى حمل الناس على الإيمان,(،) ولو شاء لجعل الناس كلهم مؤمنين, (،) فمن ذا الذى يقف أمام أرادة ( إرادة) الله عز وجل أن اراد شئ ( شيئاً ) ؟(.)
(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(
وأكبر دليل على ذلك هو اختلاف البشر منذ بدأ الخليقة,(،) وسيظلون مختلفين لأنها مشيئته تعالى التي لا يعوقها شيء يقول الله تعالى)وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ).
ولكن كل القضية أن الله عز وجل بعث الأنبياء والمرسلين لينزروا ( لينذروا) الناس من العذاب الأليم الشديد وبعث معهم الآيات والكتب السماوية لتوضيح الحق من الباطل .(،) والعدل من الجور,(،) ثم يترك الأنسان بعد ذلك ليختار مايشاء بين هذا أو ذاك.(،) يقول الله تعالى(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)
(وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)أى الطريقين سواء خيرا ) خيراً) أم شرا( شراً ) .
فالحقية ( الحقيقة ) المؤكدة التى تثبت أن الله عز وجل لايجبر أحد ( أحداً ) على الإيمان تلك الآيات الكريمة,( ،) هذا فالأضافة ( فبالإضافة ) أنه يقول لنبيه يذكره بمشيئة الرحمن حينما كان يبالغ النبى محمد فى الألحاح ( الإلحاح) على الناس كى يؤمنوا فقال له تعالى(وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ)
وقال له عز وجل ايضاً ( ايضاً) أنه بعث بشيرا ( بشيراً) و نذيرا يبلغ الرسالة,(،) وقال له لست عليهم بمسيطر أوجبار أو حفيظ أو وكيل,(،)فقال تعالى(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ )
وقال أيضا(اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ )
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ)

وقال أيضا(قوله تعالى "إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ). (،) فالنبى ليس مسئولا عمن اختار الكفر ، وليس وكيلا ( وكيلاً ) عن الله متحكما ( متحكماً ) فى الناس ، بل هى مشيئة الناس فى الهداية ، إذا شاءوا الضلال فلهم إختيارهم.(،) وإذا شاءوا الهداية شاء الله فلهم مايريدون ، وهم فى نهاية الأمر فهم مسئولون عن إختيارهم.
ليس هذا فقط ,(،) بل أن (إن) الله عز وجل أمر نبيه أن يحترم حق خصمه فى عبادة غير الله عز وجل وأن يحترم اختيارهم فى موضوع الهداية("قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ)
وقال أيضا("قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين)
(قُلْ لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ)
فالمبدأ الأسلامى ( الإسلامى ) الربانى يقوم كله على الأختيار (الإختيار) والحرية,(،) لأنهم محاسبون على إختيارهم يوم القيامة ,(،) يقول تعالى عن ذلك(لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُ ( بالطاغوت)
يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ ( أين تكملة الآية الكريمة ؟) ( فمن) شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا).
وبما أن الله عز وجل لايفرض ولايجبر على الأنسان موضوع الهداية الأيمانية,(،) وبما أن النبى محمد ( محمداً) عليه السلام دوره فى الهداية مقصورا ( مقصوراً) على تبليغ الرسالة دون أدنى زيادة أو نقصان,(،) فإذا ( فإذاً) موضوع الهداية الأيمانية (الإيمانية ) يرجع كله لمشيئة الأنسان ( الإنسان) وإرادته.
وهناك من الآيات القرآنية التى تثبت ذلك وتؤكده فى قطعية شديدة لاتقبل اللبس,(،) فالله قال أنه خلق النفس وألهمها فجورها و وتقواها ماعليها إلا أن تختار طريقها بين هذا أو ذاك ثم يأتى بعد ذلك فعلها كالبصمة يؤكد إختيارها حتى يتم الحساب يوم القيامة بالقسط وتوفى كل نفس ماعملت أن (إن) خير( خيراً) فخير وأن ( وإن) شرا ( شراً ) فشر.
يقول الله عز وجل عن موضوع الهداية الإيمانية الذى يرجع لمشيئة الأنسان(إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا).
أى أن الهداية لجميع من شاى ( شاء) أن يهتدى أو يكفر.(،) وفى النهاية كل شئ ( نفس) تهتدى لنفسها أو تضل عليها,(،) قال الله تعالى(لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ),( فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ).
ونرى دائماٍ ( دائماً ) أن كلمة (شاء)تتكرر دائما ( دائماً) فى الإحتكام إلى مشيئة البشر وحريتهم فى إختيار الإيمان أو الكفر وهذه الآيات 1:
2:(ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا)
3:(فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ)
4:( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ)
ودائما تأتى مشيئة الله عز وجل بعد مشيئة الأنسان واحتياره ( إختياره) ,(،) فقال جل وعلا(وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
فهل بعد هذا تأكيد على حرية الأنسان فى الهداية واختياره بين الخير والشر,(،) وبين الجور والعدل؟(.)
وبعد أن يختار الأنسان طريقه الذى أختاره ( اختاره) بمحض إرادته وحريته,(،) سواء كان حقاً أم باطلا( باطلاً) ,(،) فأن ( فإن) إختيار الله عز وجل يأتى بعد إختياره فيزيد المهتدى هدى ( هدىً) وإيمان ( إيماناً) ويزيد الضال ضلالا ( ضلالاً) وفجورً( فجوراً) ,(،) فقال الله عز وجل عن أؤلئك ( أولئك) الذين أختاروا ( اختاروا) طريق الضلال مسلك ( مسلكاً ) لهم(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)ويقول الله عن المهتدين المؤمنين بربهم جل وعلا.( :)
2:( وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا)
3:( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ)
وقد ضرب الله لنا مثال ( مثالاً) لقوم أمنوا ( آمنوا) بربهم فزادهم الله هدا ( هدىً) وتقوى وهؤلاء القوم هم أصحاب الكهف فقال الله تعالى عنهم(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى")هذا بالإضافة أنه عز وجل يزين الأيمان للمؤمن ويحببه إليه فيقول الله عن ذلك(وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ )هؤلاء هم أهل الإيمان الذين اختاروا الهداية وساروا فى طريقها,(،) أما الصنف الثانى أهل المعاصى والذنوب الذين اختاروا طريق الشقاء والضلال يقول الله عز وجل فيهم(إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُون)
(أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
(أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ).
والقرآن ينهى عن الجدال مع الذين أنقلب ( إنقلبت) أمامهم المازين ( الموازين) والمفاهيم فأصبحوا بيرو ( يروا) الحق باطل ( باطلاً) والباطل حق ( حقاً) فيقول الله لنبيه(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(
هذا بالنسبة للهداية الإيمانية المتعلقة بمشيئة الأنسان.
ثالثاً:التداخل بين إرادة الله تعالى وإرادة الأنسان
أن ( إن) الشاهد فى موضوع الحرية هو مايشعره الإنسان من داخله فى أعماقه..فتلك الشهادة التى تأتى من داخل الأعماق هى برهان وحجة قطعية ليس بعدها حجة ولايقف أمامها حجة.
فالأنسان يشعر كل لحظة من داخل أعماقه أنه يختار فى كل لحظة بين الخير والشر..وأنه ينتقى ويبحث ويتخير وهو يحاسب نفسه إذا أحظأ ) ( أخطأ) .. فنحن لو تأملنا ما يصاحب أفعالنا من تردد قبل اختيار القرار ثم الشعور بالمسؤولية فى اثناء ( أثناء) العمل ثم ندم او( أو) راحة بعد تمامه.. فنحن نستنتج اننا ( أننا ) امام ( أمام) حالة مراقبة فطرية وفكره ( فكرة) ملحه( ملحة) بالحساب وبأن هناك خطاء( خطأ) وصواب.. وأننا نعلم بالفطرة التى ولدنا بها أن العدل والنظام هو ناموس الوجود وأن المسؤوليةهى القاعده.
ويصرخ الأنسان إذا أصاب أو فعل ( عمل) عملا( عملاً) جميلا( جميلاً) ..ويغضب إذا فعل فعلا ( فعلاً) سيئا ( سيئاً) ..فهذه شواهد على أننا نتصرف من بداهة مؤكدة بأننا
أحرار.(،) ونضرب مثال ( مثالاً) على ذلك..فالسيد قد يجبر خادمه بالضرب والاكراه (الإكراه) أن يهتف بأسمه ويشيد به ولكن لايستطيع مهما أوتى من قوة على أن يجبره أن يحبه من قلبه.(،) حتى الشيطان نفسه لايسطيع (يستطيع) أن يدخل قلب أحد إلا إذا دعاه وفتح له باب قلبه,(،) ولكنه لن يسطيع أن يحمل أحد ( أحداً) على مايكره مهما بلغت وسائله وتعددت أدواته.(،) ولقد حسم الله هذه القضية فقال تعالى عن الشيطان(أنه ( إنه) ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.(،) إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون)(النحل100:99).
أما فى حالة أن يفتح الأنسان ( الإنسان) لشيطان قلبه,(،) ويستجيب لدوافع الجريمة التى تلح عليه,(،) وتسوقه إلى مصير كئيب,(،) وذلك قول الله تعالى(ألم ترى أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا( أزاً) .(،) فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عداً)(مريم84:83)
وذلك شاهد أيضا على أن الله أعتق القلب,(،) وأعتق الضمير من كل وسائل الضغط.(،) ولهذا فالله جل وعلا جعل القلب والنية عمدة الأحكام .(،) فالمؤمن الذى ينطق بعبارات الشرك تحت التعذيب والقهر والضغط لايحاسب على ذلك طالما قلبه مطمئن بالإيمان فقال تعالى(نْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
والسؤال الذى يسير( يثير) الشك عند الناس دائما ( دائماً) هو هل حرية الإنسان(فى موضوع الهداية الإيمانية) تتعارض أم تتفق مع حرية الله عز وجل؟
الله أعطانا الحرية وهو يعلم منذ الأزل ماذا سنفعل بهذه الحرية..لأنه لايتدخل ولايجب لأحد أن يتدخل بإكراه النفوس على غير طباعها لأن ذلك يتنافى مع قدسية الحرية التى منحها وأعطانا الله لنا.
فالحرية لاتتنافى مع التدخل الإلهى بل تؤكدها.(،) فأفعال الأنسان ( الإنسان) معلومة عند الله,(،) ولكنها ليست مفروضة عليه بالأكراه..أنها ( إنها ) مقدرة فى علمه فقط..كما يقدر المعلم بأن طالب ما سيرسب فى الأمتحان..ثم يحدث ذلك بالفعل..فالمعلم لم يخبر( يجبر) الطالب على الرسوب ولكن كان هذا تقديرا منه فى العلم وقد أصاب تقديره.
فالله جل وعلا حينما قضى علينا القضاء ,(،) فأنما ( فإنما) قضى على كل أنسان قضاء ( قضاءً) من جنس قلبه,(،) ومن جنس سريرته ومن جنس ضميره..فمن أراد الدنيا وسعى لها فسوف يمهد الله له فيها..ومن أراد الآخرة وسعى لها فسوف يهديه الله إليها ثم تأتى مشيئة الله بعد مشيئة العبد ويكون معنى هذا قول الله تعالى((وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(الأنسان:29)
ويأتى قول الله تعالى أيضاً(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
)(الأنعام :108)
فإنما تأتى التيسيرات من جنس النية,(،) فلا تضاد بين إرادة العبد وإرادة الله..وأنما ( إنما) الإرادتان تلتقيان فى خط واحد..الله يسير العبد العبد إلى عين أختياره ( إختياره) ويختار له من جنس نيته فلا تناقض ولاضدية.
فالله عز وجل لو شاء لأخضعنا أيضا لنظام قهرا( قهراً) كما أخضع الجبال والبحار والنجوم والمجرات فى الفضاء..ولكنه شاء أن يفنى عنا هذا القهر لتكتمل عدالته..ويكون لكل منا فعله الخاص الحر الذى هو من جنس دخيلته ونيته وسريرته.
أراد بذلك عدلا ليكون بعثنا بعد ذلك على مقامات ودرجات هو إحقاق الحق ووضع كل شئ فى نصابه.
فالكافرين ( فالكافرون ) المعاندين ( المعاندون) المشركين ( المشركون) الذين اختاروا طريق الضلال أنما ( إنما) اختاروا بمحض ارادتهم( إرادتهم) ..من جنس نيتهم..لأن أنفسهم كذلك لن تتغير ولن ينفع معها تقوى أو صدق..طبيعتهم هى كذلك لن تتغير.(،) وربنا جل وعلا يضرب لنا مثال ( مثالاً) على ذلك فيقول على لسان أؤلئك الكافرين حينما يدعو( يدعون) الله ويبكون يوم القيامة لكى يخرجهم الله ويعيدهم إلى الحياة الدنيا لكى يعملوا صالحا فيجيب الله عز وجل ويقول عن حقيقة تلك الأنفس(بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ(الأنعام:28)
وفى هذا الرد البليغ إشارة إلى أن إجرام تلك الأنفس لم يكن ذنب ( ذنباً) موقوتا من الزمن..بل أن ( إن) هؤلاء القوم سيعاودون هذا الإجرام فى كل زمان ومكان مهما عاود ) أعاد) الله خلقهم,(،) لأن ذلك الإجرام حقيقة مكنونة وليس عرضا ( عرضاً) محدودا( محدوداً) بالزمان والمكان,(،) ولهذا كان عقابه الأبد( إلى الأبد) ,وليس عذابه الموقوت.
معنى هذا أن طبيعة الكفر متأصلة فيها ( فيهم) وقد أودعهم ( أنزلهم) الله إلى الأرض لكى يكشف لهم أنفسهم ويخرج المكتوم فى قلوبهم لأن الدنيا دار أمتحان وابتلاء.(،) لذلك يقول الله لنبيه دائما ( دائماً ) عندما يدعو أؤلئك ( أولئك) الكافرين للأيمان (لقد حق القول على أكثرهم فهم لايؤمنون,(،) أنا ( إنا) جعلنا فى أعناقعهم ( أعناقهم) أغلالا ( أغلالاً) فهى إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سدا( سداً) ومن خلفهم سدا ( سداً) فأغشيناهم فهم لايبصرون,(،) وسواء عليهم أأنذرتهم أم لاتنزرهم ( تنذرهم) لايؤمنون)(يس:7).على العكس عندما يفعل الله من ( مع) الذين فى قلوبهم خيرا( خير) يقول الله تعالى لرسوله الكريم فى موضوع الأسرى(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)ويقول الله جل وعلا فى كتابه (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ)ويكرر الله جل وعلا الآيات لتوضيح فيقول فى سور الليل(أن (إن) سعيكم لشتى.فأما من أعطى وأتقى وصدق بالحسنى.فسنيسره لليسرى.وأما من بخل وأستغنى ( واستغنى) وكذب بالحسنى.فسنيسره للعسرى)(اليل10:5)
ويقول الله جل وعلا (لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم)( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فالذى يغير ما بنفسه من عناد وتكبر ويزيل أثار الصدأ بداخله ,(،) بالطبع فأن ( فإن) الله على تغيره ( تغييره) للأفضل لقدير.أما الضال المسرف ( المسرف) المرتاب الذى أتخذ ( اتخذ) الكفر منهج ( منهجاً) ومذهب ( مذهباً) و صفة له,(،) فهذا لن يهديه الله ولايغير حاله ,(،) وانما ( إنما) سوف يزيده الله ضلال ( ضلالاً ) على ضلال وظلمات على ظلمات.
يقول الله تعالى أيضا عن هؤلاء وعن كل كافر متكبر يصر على كفره وتكبره(أن ( إن) الله لايهدى من هو مسرف مرتاب),(،) (كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب),وأيضا(ومن يضلل ( الله) فماله من هاد).(كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار)فهذا ليس ظلما من رب العباد,(،) ولكن هو عين العدل لأن هؤلاء الكفار المعاندين والمتكبرين صفاتهم متأصلة فيهم,(،) ألم يقل فرعون لقومه (ماعلمت لكم من إله غيرى؟),(،) ألم يقل أنا ربكم الأعلى؟
ألم يقل هذا بعد أن ذهب له موسى ودعاه إلى الأيمان وإلى الرشد. يقول الله تعالى(هل أتاك حيث موسى. إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى. اذهب إلى فرعون أنه طغى.فقل هل لك إلى أن تزكى؟,وأهديك إلى ربك فتخشى.فأراه الأية الكبرى)فماذا كان رد فعل فرعون (فكذب وعصى.ثم أدبر يسعى.فحشر فنادى.فقال أنا ربكم الأعلى).
هذه النفس المتكبرة يذكرها الله كل الحين والآخر فى آيات القرأن الكريم كمثال للكفر والتكبر والجبروت,(،) ولو عاد فرعون للحياة الدنيا سيفعل مثلما فعل من قبل ,(،) هكذا قال لنا الله عز وجل ذلك(ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون).
هؤلاء الفئة الطاغية المتكبرة الكافرة الذين رفضوا هدى الله ورفضوا الهداية الإيمانية التى أتاحها الله للجميع سواء كان متعلما ( متعلماً) حاصل ( حاصلاً) على أرقى الشهادات أو أمى لايجيد القرأءة الكتابة,(،) وربما يكون حظ الثانى أفضل من الأول,(،) فالربما قد يغتر هذا المتعلم بعلمه ويكون علمه سبب ضلاله.(،) إذا ( إذاً) الهداية الإيمانة متاحة للجميع,(،) وهى الإيمان بالله جل وعلا وحده إلهاً ولايشرك معه جل وعلا معه أحد( أحداً) سواء كان حجارة أو أحاديث كاذبة أو بشر أو أصنام عصرية كالجاه والمال. ويكفيه قول الله تعالى(فبأى حديث بعد الله وآياته يؤمنون)(الأعراف:185,المرسلات:50),وقول الله تعالى أيضا(تلك آيات الله تلوها ( نتلوها) عليك بالحق فبأى حديث بعد الله وآياته يؤمنون,(،) ويل لكل كفار أثيم,(،) يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم)(الجاثية:6,8).ويكفيه قول الله تعالى(أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ: العنكبوت 51)وقول الله تعالى(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ : النحل 89 (,إذا ( إذاً) معنى هذا أن الهداية الإيمانية متاحة للجميع سواء صاحب مستوى عالى ( عال) فى الثقافة أو غير ذلك,(،) ويكفيه قول الله تعالى فبأى حديث بعد الله ( وآياته) يؤمنون .ومع أن الهداية الإيمانية متاحة للجميع فى كل زمان ومكان فأن ( فإن) أكثر الناس غير مؤمنين وأكثرهم يتبعون الظن وأن الظن لايغنى عن الحق شيئا ( شيئاً) .(،) يقول الله تعالى عن ذلك (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ : الإنعام 116 ) والظن المقصود هنا هو الأحاديث الملفقة لنبى ( للنبى ) محمد عليه السلام والأحاديث المنسوبه لله عز وجل ويصفها الله عز وجل (زخرف القول)ويسميها الله أسما ثانيا وهو(الطاغوت) فيقول جل وعلا(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (الأنعام 112 : 115( ويقول أيضا جل وعلا(فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا أنفصام ( انفصام) لها والله واسع عليم)
إذا ( إذاً) الهداية الإيمانية متاحة وموجودة فى كل زمان ومكان ,(،) ومن يريد ( يرد) أن يهتدى يهديه الله طالما عقد النية وغير مابداخله وألقى بكل ماهو كاذب ومضل واستمسك بكتاب الله حديثا وأمن (آمن) بالله رباً.(،) فيقول الله تعالى(ويزيد الذين أهتدوا هدى)ليس هذا فقط ولكن يزين الإيمان فى قلبه ويجعله نورا يمشى به فيقول جل وعلا(حبب إليكم الإيمان وزينه فى قلوبكم ,(،) وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان وأؤلئك ( أولئك) هم المهتدون)ويقول ربنا جل وعلا أيضا عن النور القرآنى (ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا)(الشورى:52).
أما الآية الكريمة التى تقول(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) (الجاثية :23)هذه الآية تتكلم عن علماء أهل الكتاب الذين عرفوا الحق القرآنى كما يعرفون أبنائهم,(،) ولكن بعضهم كتموا الحق فأصبح ضالاً بعلمه فأضله الله تعالى على علمه ولم يهديه ( يهده) لأنه كتم الحق واستكبر وعلى ( علا) ,(،) ويقول الله تعالى عنهم أيضا(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (البقرة: 146 ) ,ويقول جل وعلا أيضا لتوضيح (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)فأؤلئك كتموا الحق بعد ماتبين لهم فأصبحوا بعلمهم فى ضلال بعيد.(،) ولن يهديهم الله عز وجل إلا إذا غيروا مابأنفسهم,(،) فإذا غيروا مابأنفسهم وقالوا الحق فالله سبحانه وتعالى سوف يغير مابأنفسهم ويهديهم ويزيل عنهم الغشاوة,(،) هذا هو معنى الهداية المذكورة فى الآية للأهل (لأهل) الكتاب الذين كتموا الحق بعد ماتبين لهم.(،) أما الآية الكريمة التى تقول(وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ماكنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم)(الشورى52)هذه الأية تتكلم عن النبى محمد الذى أنعم الله عليه بنعمة الإيمان وبنعمة القرآن الكريم,(،) فقد قال الله له أنه أوحى إليه روحا ( روحاً) (أى قرآنا وسماه روحا لأن الروح جبريل هو الذى ينزل به على قلب النبى فسمى بهذا السم ( الإسم) نسبة للجبريل ( لجبريل) الروح,(،) فالنبى كان لايدرى شيئا عن الكتاب ولامعنى الإيمان.(،) ولكن الله جل وعلا جعل القرآن نورا يهدى به الله من يشاء من عباده وقال لنيه ( لنبيه) أنه يدعو إلى صراط مستقيم)هذا هو معنى الآية الظاهر السهل فى التفسير ,(،) ولكن هناك معنى للآية آخر وهو(نورا نهدى به من نشاء من عبادنا.(،) وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم)فالله جل وعلا لايهب المعرفة والحكمة ولايهدى بالنور القرآنى إلا أنسانا تعود الإحسان وتكمن ( تمكن) من ضبط نفسه وإحكام أمره وتسديد خطاه,(،) ومشى على صراط مستقيم لاتهزمه وساوس الشر ولاترده عن غايته همزات الشياطين.
ويضرب الله لنا مثال ( مثالاً) آخر لتوضيخ ( للتوضيح) وهو عبده ونبيه الصالح يوسف(ولما بلغ أشده آتينا ( آتيناه) حكما ( حكماً ) وعلما ( علماً) وكذلك نجزى المحسنين)(يوسف22)أى ما أتى يوسف من افضاله ( أفضاله) جزاء اكتمال رجولته وصدق نيته,(،) وشرف سيرته,(،) يؤتى من يقتدرون به من إحسان العمل وإجمال السلوك.(،) والنبى محمد عليه السلام أنعم الله عليه بالنبوة لأن نواياه حسنه ( حسنة) ولأن ذاته كانت على خلق وسيرة وسلوك.(،) فلقد عرف قبل الرسالة النبوية بالصادق الأمين وتزوجته خديجة لخلقه القويم وصفاته الحسنه ( الحسنة ) .
والقرآن يعطينا نبذة عن ذلك عندما كان الكفار يريدون من النبى محمد أن يغير القرآن أو يبدله فرفض لأنه كان أمينا فى تبليغ الرسالة(وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلىّ إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم. قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون﴾ (يونس16:15)فالنبى يقول لو شاء الله ماتلوته عليكم فلقد لبثت فيكم عمرا قبل أن أبلغ الدعوة فلقد كنت ( كنتم) تدعوننى بالصادق الأمين فكيف اغيره ( أغيره) من تلقاء نفسى؟
أى أن من تعود على الخير والإحسان وتمكن من ضبط نفسه وإحكام امره ( أمره) ومشى على الصراط المستقيم فهؤلاء ممن ينعم الله عليهم بنوره فيقول الله(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).(،) إذا من شاء ان ( أن) يختار طريق الأستقامة ( الإستقامة) وتخلق بالخلق القويم وتعود على الأحسان ( الإحسان) والعمل الصالح فقد أختار طريق الهداية.(،) والله جل وعلا يريد الهداية للناس دون جبرية( إجبار) .(،) إذا ستتفق مشيئة العبد الصالح مع مشيئة الله ويكون مشيئة.(،) وفى هذه الحالة سيجعل الله لهذا العبد نورا ( نوراً) (كنور الحق القرآنى يهتدى به فى ظلمات الزيف والحق).

رابعاً:دور النبى محمد عليه السلام فى موضوع الهادية( الهداية ) .(:)
مهمة النى محمد فى موضوع الهداية لاتتعدى سوى تبليغ الرسالة فقط,(،) ويقول الله عز وجل ذلك فى اسلوب ( أسلوب) تقريرى قطعى مستخدما ( مستخدماً ) اسلوب ( أسلوب ) الحصر والقصر(ماعلى الرسول إلا البلاغ)
(وأن تولوا فإنما عليك البلاغ)(آل عمران20)
فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا إلا البلاغ المبين)(المائدة:92),(إن عليك إلا البلاغ).
فمهمة النبى الكريم فى موضوع الهداية الإيمانية مقصوراة ( مقصورة) على تبليغ الرسالة وتوصيلها كما هى دون زيادة أو تحريف أو نقصان ويؤكد ذلك كله هو أسلوب الحصر والقصر(ماعلى الرسول إلا البلاغ)أى توصيل الرسالة بخذفيرها ( بحذافيرها) .
والبلاغ هو الرسالة القرآنية يقول الله تعالى(قد أتاكم من الله بلاغ)(قد جاءكم من الله نور وكتب مبين ) وتوصيل البلاغ أو الرسالة القرآنية هو أن يعرف الناس مافى القرآن من هداية ونور وتبشير وإنذار.(،) يقول الله تعالى(ياأيها النبى أنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا.وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا)(الاحزاب45:46)فمهمة النبى هى البلاغ أما الحساب والعقاب فهذا من اختصاص رب الغزة جل وعلا يقول الله تعالى(فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب)(الرعد:40)
فأن أعرضوا فماأرسلناك عليهم حفيظا )حفيظاً) أنما عليك البلاغ)(الشورى:48)
فذكر أنما أنت مذكر.لست عليهم بمسيطر.إلا من تولى وكفر .فيعذبه الله العذاب الأكبر .أنا إلينا أيابهم ثم أنا علينا حسابهم)(الغاشية26:21).
هذه وظيفة النبى محمد فى موضوع الهداية الإيمانية,(،) أما موضوع أن يهدى بنفسه البشر فليس من اختصاصه عليه السلام يقول الله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)(البقرة:272)
(إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ)(النحل:37)
وعندما كان يبالغ النبى فى دعوة قومه لعلهم يهتدوا قال لع (له) عز وجل(فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)
) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(الشعرا3)
والله يضرب لنا مثال ( مثالاً) عندما كان يعاتب النبى محمد ( محمداً) عليه السلام عندما أعرض عن الرجل الأعمى الذى أهتدى ( اهتدى) وذهب لنبى ( للنبى ) لكى يتعلم أمور دينه,(،) والرجل الأعمى ذهب لنبى ( للنبى ) فى وقتا ً ( وقت ) كان النبى يجلس مع كفار قريش يدعوهم إلى الهداية,فأعرض عنه النبى لأنه كان مشغولا ( مشقغولاً ) بهداية كفار قريش فعاتبه ربه وقال(عبس وتولى.أن جاءه الأعمى .ومايدريك لعله يزكى.أو يذكر فتنفعه الذكرى.أما من استغنى .فأنت له تصدى.وماعليك ألا يذكى.وأما من جاءك يسعى.وهو يخشى فأنت عنه تلهى.كلا إنها تذكرة)(عبس1:7)
فنبى ( فالنبى ) محمد عليه السلام ليس فى اسطاعته ( استطاعته) أن يهدى أحدا ( أحداً) ويقول الله لنبيه فى أسلوب تقريرى مصحوبا بالنفى(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(القصص:56)والدليل القاطع على ذلك هو قول الله تعالى(قل إنى لاأملك لكم ضرا ( ضراً) ولارشدا( رشداً) .قل إنى لا( لن) يجيرنى من الله أحدا ( أحد) ولن أجد من دونه ملتحدا( ملتحداً) .إلا بلاغ ( بلاغاً) من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدا ( خالداً) فيها ابدا( أبداً) )(الجن23:21)
والذى يؤكد ذلك هو عندما أنتهى القرآن نزولا( نزولاً) ,(،) أنتهى ( إنتهى ) دور النبى فى الدعوة ومات بعدها مباشرة.
أى أن دور النبى هو تبليغ الرسالة دون زيادة أو نقصان.
خامسا:دور القرآن الكريم فى موضوع الهداية
القرآن هو الحق الذى لاريب فيه,(،) وماعداه ظن والظن لايغنى من الحق شيئا( شيئاً) ,ومن يتبع القرآن ويسير على منهجه القويم فقد اهتدى ويجعل الله فى قلبه نورا ( نوراً) .فالذى يؤمن بالقرآن حديثا (حديثاً) و بالله رباً ولايشرك معه أحدا ( أحداً) فقد اهتدى هذا بالأضافة مع ( إلى ) العمل الصالح ,(،) فهو جين إذ ( حينئذ) يكون من المهتدين .(،) يقول الله تعالى عن القرآن الكريم(ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين )(البقرة2)ويقول أيضا عن دور القرآن فى الهداية(شهر رمضان الذي انزل )أنزل) فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا ( مريضاً) او( أو) على سفر فعدة من ايام اخر( أخر) يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)
ويقول الله تعالى عن القرآن(هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقي( للمتقين) )
ويقول جل وعلا أنه بعث نبيه وأرسل معه القرآن ويصفه بالهدى فيقول جل وعلا(يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين)
فالقرآن هدى لمن أمن ( آمن ) به وحده دون الأحاديث الظنية المنسوبة لنبى ( للنبى ) محمد عليه السلام.
إذا هداية القرآن الكريم مقصور ة ( مقصورة) فقط على من أمن ( آمن ) بالله واليوم الآخر والقرآن حديثا ومن عمل الصالحات فؤلئك ( فأولئك) هم المهتدون.
ويقول الله سبحانه وتعالى للأهل ( لأهل) الكتاب يأمرهم بأن يتبعوا القرآن,(،) ويصف القرآن بأنه هدى(يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(المائدة16)
والله عز وجل يصف القرآن بأنه صراط مستقيم فيقول جل وعلا(وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(المؤمنون :73)
فالقرآن الكريم هوالكتاب الذى انزله ( أنزله) الله عز وجل هداية لجميع البشر كافة لمن أراد أن يهتدى به ويتمسك به دون غيره من الكتب.(،) ثم يعطينا الله عز وجل مثال ( مثالاً) ليبين لنا ثأثير القرآن على الناس حتى ولو كانوا كافرين ,(،) فهاهيا ( هى) سورة المدثر تحكى لنا مشهدا ( مشهداً) لأحد الكافرين المعاندين عندما سمع كلام الله,(،) فعندما سمع كلام الله عز وجل رق قلبه واشتعلت فطرة ( ؟؟؟؟؟) ولكن كتم الحقيقة وأخرس صوت الفطرة بسبب عناده وتكبره وجبروته ,(،) يقول الله عن هذا المشهد(ذرنى ومن خلقت وحيدا( وحيداً) . وجعلت له مالا ( مالاً) ممدودا( ممدوداً) .وبنين شهودا( شهوداً) .ومهدت له تمهيدا( تمهيداً) .ثم يطمع أن أزيد.كلا إنه كان لآياتنا عنيدا( عنيداً) .سأرهقه صعودا( صعوداً) .إنه فكر وقدر.فقتل كيف قدر.ثم قتل كيف قدر.ثم نظر.ثم عبس وبسر.ثم أدبر واستكبر.فقال أن ( إن) هذا إلا سحر يؤثر.إن هذا إلا قول البشر).
فتلك الآيات ان ( إن) كانت تدل فإنما تدل على عظمة القرآن وكيف انه ( أنه) يترك أثرا ( اثراً) فى قلب كل إنسان حتى ولو كان كافرا ( كافراً) معاندا ( معانداً) متكبرا( متكبراً) .
سادسا:( إنك لاتهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء وهواعلم ( أعلم) بالمهتدين),(،) (وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم).
النبى محمد عليه السلام ليس من مسؤليته هداية الناس فهذه المساله (المسألة ) مقصور ( مقصورة ) على الله عز وجل ,(،) وإنما وظيفة النبى محمد هى تبليغ الرسالة فقط دون أى زيادة أو نقصان أو تحريف.(،) أما موضوع الهداية قد قال الله فيه وحسم القضية فقال لنبيه((لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ).
وقال الله تعالى له ايضا ( أيضاً) (إنك لاتهدى من احببت ( أحببت) ولكن الله يهدى من يشاء)ثم يأتى ثانية ويقول فى سور الشورى الآية 52(وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم).
كيف يقول الله لنبيه فى آية(إنك لاتهدى من أحببت)ثم يأتى ثانية ويقول (وإنك لتهدى إلى صراط المستقيم)؟
والإجابة على هذا السؤال عندما نذهب إلى سورة المؤمنون الآية73 الذى عن النبى(وإنك لتدعوهم إلى صراط المستقيم ( مستقيم) )(المؤمنون:73) سنلاحظ أن الآيتين الكريمتين متشابهتان فى كل شئ ماعد كلمة(تهدى,(،) وتدعو)إذا معنى (لتهدى)فى الآية الآولى أى (تدعو).(،) أى أن المقصود بكلمة تهدى هنا (أن تدعوهم أوترشدهم أو تبين لهم أو توضح لهم)

أنتهى البحث والله هو الموفق إلى مافيه الخير