حرب الشائعات والانفلات الإعلامي

حمدى البصير في الإثنين ٠٩ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

شهدت الفترة الماضية حالة من الانفلات الإعلامي، وانتشار كثيف للشائعات، ولاسيما في الفترة التي أجريت فيها الانتخابات الرئاسية، وإن كانت تلك الحالة قد خفت حدتها بعد انتخاب أول رئيس مدني في مصر، بعد أن بلغت ذروتها أثناء الحملات الانتخابية، والمنافسة الحامية بين المرشحين، من أجل الوصول إلي مقعد رئاسة الجمهورية.

فمن المقزز والمستفز أن تتصفح صفحات الإنترنت في الصباح، وتجد خبرا مثيرا منتشرا بسرعة الصاروخ علي بعض مواقع الشبكة العنكبوتية، عن إلقاء القبض علي إعلامية لامعة بسبب العثور علي مخدرات في سيارتها، بالإضافة إلي مجموعة من الشيكات، وتجد مئات التعليقات السخيفة علي ذلك الخبر من بعض المشاركين في الفيس بوك، وتتحول التعليقات علي الخبر إلي حملة غير منظمة من التشهير والاغتيال المعنوي لتلك الإعلامية، وتختلط الشماتة مع تصفية الحسابات بالتجريح الشخصي والحقد الدفين والطعن الأسود في الشخصية، وبعد فترة تجد أن ذلك الخبر كاذب جملة وتفصيلا، أو ناتج عن واقعة مختلقة، أو أحداث محرفة.

ورغم نفي الخبر عشرات المرات، وتكرار أنه ليس له أساس من الصحة، وكاذب جملة وتفصيلا ، إلا أن الألة الإعلامية تأبي أن تتوقف، وتسري تلك الشائعة أو الخبر الكاذب، سريان النار في الهشيم، ونجد أحيانا بعض القنوات الفضائية، تتجاهل ذلك النفي وتتلقف الخبر الكاذب من أجل عمل "قعدات فضائية" وعشرات برامج التوك شو، وتزداد سخونة "المكلمة" في كل برنامج، من أجل ارتفاع حصيلة الإعلانات، وكل ذلك علي حساب سمعة المواطنين الأبرياء والشرفاء، والذين لن يكفيهم مئات جمل النفي والاعتذارات، كي يرد الاعتبار لهم ولن تعوضه كنوز الدنيا عن المساس بسمعتهم وتلويث شرفهم بالباطل، وتحقيرهم أمام أولادهم وأسرهم وأقاربهم وأصدقائهم وأبناء وطنهم، خاصة إذا كانت الإعلامية المقصودة بالخبر الكاذب، ناجحة في عملها وجريئة ولها مواقف مشرفة للغاية وصاحبة مبادئ لاتتغير.

ما حدث مع تلك الإعلامية حدث مع مئات من الشخصيات العامة والرموز الفنية والوطنية الناجحة، سواء بنشر أخبار مغلوطة عنهم تمس سمعتهم وتطعن في شرفهم، أو من خلال بث الشائعات البغيضة عنهم، وعند تتبع مصدر ذلك الخبر نجد أنه منقول من صحف أجنبية، أو رأي ضعيف لشخص غير متخصص أو "يفتي" في ما لايعلم، بالإضافة إلي أن هناك أجهزة متخصصة في بث الشائعات وتعرف جيدا متي تصدر الشائعة وتعلم أيضا أن المجتمع المصري يعاني من "هشاشة" الآن ومستعد لتلقي أي أخبار مغلوطة أو شائعات كاذبة، في مرحلة عدم الاستقرار وتلاحق الأحداث التي نعيشها.

أبرزالأخبار الكاذبة التي صدرت بعد الثورة وكانت تمس البرلمان المنتخب، هو وجود مشروع قانون يخفض سن زواج الفتيات ويسمح بختان البنات، بل السماح للزوج بمضاجعة زوجته المتوفاة حتي بعد الوفاة بست ساعات، والتي أسماه الإعلام بـ "بمضاجعة الوفاة" ودارت آلة الإعلام الجهنمية من صحف وقنوات فضائية، من أجل التشهير بمجلس الشعب المنتخب والتشهير بالسلفيين والإخوان الذين يمثلون الأغلبية في البرلمان، وتباري المشاركون في الطعن والتشهير بالإسلاميين، وقد تطورت حملات الطعن والتشهير إلي الإسلام، واكتشف ضيوف الفضائيات أن خبر مضاجعة الزوجة المتوفاة كاذب .

شائعة أخري تم ترويجها قبل دقائق من إعلان انتخابات الرئاسة، وهي فوز الفريق أحمد شفيق بمنصب الرئيس، وتمركز سيارات الحرس الجمهوري تحت منزله، وكان القصد بالطبع من تلك الشائعة هو احداث صدام هائل بين المصريين، وتلك الشائعة القاتلة كادت تحرق البلد، بعكس شائعة أو خبر تسليم ابن الرئيس وساما لراشد الغنوشي وتوديعه في المطار، فذلك خبر كاذب، وشائعة سخيفة مضحكة، فالقصد من الشائعات والأخبار المكذوبة هو تقويض استقرار هذا الوطن وتشويه رموزه وضرب "كرسي في الكلوب" لإفساد العرس الديمقراطي، والعودة بنا إلي الوراء، ولن يحدث ذلك أبدا لأن غالبية الشعب المصري أصبح يفرق بين الوطنيين والمتآمرين، وبين الحق والباطل، ولن تفلح الشائعات والانفلات الإعلامي في تزييف وعيه وعودته إلي الوراء.

حمدى البصير

elbasser2@yahoo.com

اجمالي القراءات 8995