المعادى " تفصل بين مبارك ومرسى

حمدى البصير في الأحد ٠١ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

نظر الرئيس السابق حسنى مبارك من شباك غرفتة  رقم308 بمستشفى المعادى ، صباح أول أمس السبت ، فشاهد موكبا مهيبا من السيارات  يسير أمامه على كورنيش النيل بالمعادى ، بعد أن أزعجته الأصوات الصاخبة الصادرة من ذلك الموكب الرسمى ، فسأل مرافقه عن ذلك ، فأخبره إن رئيس الجمهورية الجديد المنتخب محمد مرسى ، فى طريقه إلى مبنى المحكمة الدستورية العليا القريبة من المستشفى ، كى يحلف اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة لقضاة المحكمة ، ليكون أول رئيس جمهورية مدنى منتخب إنتخابا حقيقيا من الشعب  ، فى إنتخابات حرة ونزيهة ، فأصر الرئيس المخلوع مبارك أن يشاهد من خلال التلفزيون ، مراسم تأدية الرئيس الجديد مرسى لليمين الدستورية ، رغم تحذيرات الأطباء ، لخطورة ذلك المشهد على حالته النفسية ، ولاسيما أنه يعانى من أمراض عديدة ، وتطلب ذلك نقله من سجن طره إلى مستشفى المعادى .

وأيضا شعر نزلاء سجون منطقة طرة أول أمس بحركة غير عادية ، وحراسة على المسجونين ، خاصة على النزلاء المحسوبين على نظام مبارك " الساقط " ، ولاسيما على جمال وعلاء مبارك ، المحبوسين إحتياطيا على ذمة قضية التلاعب فى البورصة ، وذلك بعد أن سادت حالة من الهرج والمرج والصراخ بين هؤلاء النزلاء ، بعد أن علموا أن الرئيس الجديد محمد مرسى قام بتأدية اليمين الدستورية ، فى مبنى المحكمة الدستورية القريب من محبسهم ، وأصبح بذلك رئيسا شرعيا جديدا لمصر ، وبالتالى سقوط نظام مبارك بالكامل ، وولادة نظام " ديمقراطى " وبداية عهد جديد . أى أن منطقة المعادى شهدت يوم 30 يونيو 2012 ، بزوغ فجر عهد جديد فى مصر ، وذلك بتنصيب رئيس الجمهورية المنتخب رسميا ، فى مبنى المحكمة الدستورية ، وكتابة شهادة وفاة " سياسية " للرئيس السابق فى مستشفى المعادى العسكرى ، و" تفكيك " النظام البائد ، و " حبس " رموزه فى سجن طره ، القريب من المستشفى والمحكمة الدستورية .

أى أن المعادى " فصلت " بين عهدين ، أى شهدت تنصيب رئيس جديد ، جاء من السجن ، وأعطت له الشرعية ، كى يذهب إلى القصر ، وشهدت نهاية نظام ، جاء رئيسه من القصر ، وذهب إلى السجن ، ولكنه لم يذهب وحده ، بل سجنت حاشيته ، فى سجن أخر بجواره ، أى فى منطقة المعادى أيضا .

المعادى " فصلت " أى  " حكمت " أيضا بين عهدين ، الأول ..عهد جثم على صدور المصريين 30عاما ، وحافظ على وجوده بكافة السبل ، ونكل بمعارضيه ، خاصة الذين أرادوا التفكير أو الإقتراب من كرسى الرئاسة ، الذى كان يجهز للوريث " المحبوس " جمال مبارك ، فسجن أيمن نور فى قضية تزوير، وتعرض الدكتور محمد البرادعى للإغتيال المعنوى من الصحفيين المواليين للنظام السابق ، وتم تلفيق قضية للدكتور سعد الدين إبراهيم  رئيس مركز إبن خلدون ، بسبب معارضته المبكرة للتوريث ، وقد تم القبض عليه يوم 30 يونيو عام 2000 فى منزله بالمعادى أيضا وحكم عليه بسبع سنوات ثم برأته محكمة النقض فى حكم شهير رد له إعتباره ، وهاهو سعد الدين إبراهيم يحتفل بإنتخاب أول رئيس مدنى فى مصر إنتخابا ديمقراطيا نزيها ، فى الوقت الذى يقبع فيه مبارك سجينا فى مستشفى المعادى المجاور لمنزله.

بل كان الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية ضيفا دائما على السجون هو وإخوانه ، بسبب معارضته للنظام السابق ، وكان أخرها يوم جمعة الغضب ، ولولا قيام ثورة 25يناير ، لظل مرسى والكتاتنى والعريان ، فى غياهب السجون ، بل ولولا الثورة ، لما شهدت المعادى ، ولادة العهد الجديد ، وتنصيب مرسى رسميا رئيسا للجمهورية الثانية .

المعادى دخلت التاريخ ، لأنها توجت بها إرادة الشعب ، وكتب بين ربوعها النجاح لثورة يناير ، لأنها شهدت نهاية نظام مبارك ورموزه رسميا ، وبداية عهد جديد ، فالمصادفة ، أو القدرة الإلهية ، جعلت الرئيس مرسى يؤدى اليمين الدستورية فى مبنى المحكمة الدستورية بالمعادى بدلا من مجلس الشعب ، وبسسب خطورة الحالة الصحية للرئيس السابق مبارك ، تم نقله من مستشفى سجن مزرعة طرة ، إلى مستشفى المعادى المجاور للمحكمة الدستورية ، ويشاهد من  شباك غرفته " موكب " الرئيس الجديد ، ويتذكر " أيام الجاه والعزة والسلطان والجبروت " ويندم على قرارات حبس معارضيه ، والتنكيل بخصومه . ولعلنا نتعظ جميعا مماحدث فى مصر، ومن حكمة إنهيار نظام مستبد سقط سقوطا مروعا ، وولادة نظام  ديمقراطى جديد ، ولعل الرئيس مرسى يعى الدرس جيدا ، ويعلم أكثر وأكثر ، أنه لا إرادة فوق إرادة الله ، ولا سلطة فوق سلطة الشعب ، وهناك عظات وعبر يمكن إستخلاصها ، من " حالة " مبارك الأن ، ووجوده ذليلا فى السجن ، وتجرعه من نفس مرارة الكأس التى أذاق منه معارضيه كثيرا ، ونكل بهم وشردهم ، وأغلبهم من أساتذة الجامعات والمهنيين المحترمين ، وليس ذلك من منطلق الشماته والتشفى ، ولكن من باب التعلم والإستفادة من الدروس ، وعدم تكرار الأخطاء ، فقد إنفض الجميع عن مبارك ، بعد الحكم عليه بالسجن المؤبد ، وأصبح لاحول ولاقوة له ، بعد أن كان حاكما .. يأمر فيطاع ، ويتمنى الجميع خدمته ، والتقرب منه أو حتى رؤيته ، ولكن الأن ينطبق عليه قول الله تعالى .

ما أغنى عني ماليه(28) هلك عني سلطانيه( الحاقة 28 )

قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26ال عمران ) صدق الله العظيم

حمدى البصير

elbasser@yahoo.com

اجمالي القراءات 8757