القاموس القرآنى ( الثياب )

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٦ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

أوّلا :

1 ـ تعنى كلمة ( الثياب ) ملابس الخروج أو الملابس الخارجية :

1 / 1 . فقد كان قوم نوح يعبرون عن رفضهم لدعوته بأن يغطوا عيونهم ووجوههم بملابسهم أو ( ثيابهم ) حتى لا يرونه ، يقول نوح يشكوهم لربه حين يأس منهم (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَاراً (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً (7)نوح ) أى جعلوا أصابعهم فى آذانهم حتى لا يسمعوه ، ووضعوا ثيابهم على وجوههم حتى لا يروه . وبالتالى فالثياب هى الملابس الخارجية ، ليس فقط لأن المستفاد وجود ملابس داخلية تستر عورتهم حين ( يستغشون ثيابهم ) ولكن أيضا لأنهم كانوا يفعلون هذا وهم خارج البيوت ،أى بملابس الخروج . ولقد كرّر مشركو قريش نفس الفعل ، فكانوا يستغشون ثيابهم كراهية للقرآن ، فقال عنهم رب العزة : ) أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5)هود (.

1 / 2 ـ وفى الجنة سينعم أهلها بالحرير والجواهر ، وستكون الثياب الحريرية هى ملابسهم الخارجية التى ( تعلو ) ما تحتها من ملابس داخلية،أو بتعبير القرآن الكريم : (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً (21)الانسان )

1 / 3 : وفى العادة ـ خصوصا فى البيئات الحارة ، وفى الصيف ـ أن ينام الناس القيلولة ، أو القائلة ، ويخلعون الثياب الخارجية ويرتدون ملابس النوم الداخلية الخفيفة ، وبهذا تضاف الظهيرة ـ وقت نوم القيلولة الى أوقات راحة الانسان ونومه وخلوته بنفسه ، شأنها وقت بداية النوم بالليل ـ بعد صلاة العشاء وقبيل صلاة الفجر . وفى هذه الأوقات الثلاثة لا بد للأطفال أن يستأذنوا على الوالدين وعلى الكبار :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)(النور ). ونفهم من الآية الكريمة معنى الثياب فى قوله جلّ وعلا : (وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ) ، فالثياب هنا تعنى الملابس الخارجية حتى فى داخل البيت .

2 ـ وهناك تشريعات خاصة بالثياب :

2 / 1 : وباعتبار الثياب مظهرا خارجيا يرتديه الانسان فلا بد من تطهيرها من النجس والقاذورات الحسية كما يجب تطهير اللسان والقلب من القاذورات المعنوية : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ..)(المدثر ).

2 / 2 : وربّات البيوت من النساء المسنّات القواعد فى البيوت اللاتى لا يخرجن واللاتى فقدن الرغبة فى الزواج يكون صعبا عليهن وهنّ فى البيوت أن يلبسن ثياب الخروج كل وقت ، لذا فمن التخفيف عليهن أن يخلعن ثياب الخروج ، ويلبسن ملابس البيت العادية بلا زينة طاغية ظاهرة متبرجة ، يقول جل وعلا : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) النور )

2 / 3 : وبالتالى فإن الزينة البادية الظاهرة للمرأة تكون على المسموح للمرأة إظهاره ، أى الوجه واليدين الى المرافق ، وثياب الخارجية وليس الملابس الداخلية أوملابس النوم ، أى تبدى زينتها على وجهها ( كالكحل والمساحيق ) وفى يديها ورقبتها ( كالحلى ) وعلى الثياب الخارجية كالاكسسوارات وغيرها . وهذا معنى قوله جلّ وعلا : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) ثم لا يرى زينتها هذه إلّا أهل بيتها : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ) ( النور 31)  أما الزينة الخفية التى تكون تحت الملابس ـ مثل الخلخال ـ  فيحرم إبداؤها أو حتى الإشارة الى وجودها ، يقول جل وعلا  فى نفس الآية: ( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ )(النور 31 ).  هذه الزينة الخفية لا يراها إلّا الزوج ، فالزوج والزوجة لا عورة بينهما ، وكل منهما لباس للآخر : ( هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) ( البقرة 187 ).

2 / 4 : هذا داخل البيوت . أما خارجها وحيث يرتدى الناس الثياب  ( لباس الخروج ) فالزينة للرجال والنساء مأمور بها عند الخروج لأى مسجد ـ أى مكان يمكن السجود فيه والصلاة فيه ، بشرط عدم الاسراف فى الزينة . وهنا تأخذ الزينة حكم الطعام والشراب ، من حيث الحاجة لهما مع الحث على عدم الاسراف ، يقول جل وعلا يخاطب البشر جميعا : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)، ولأن رب العزة يعلم أن هناك من سيحرّم الحلال ، ومنها الزينة الحلال ـ فقد قال جل وعلا مقدما : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) ، وأوجز رب العزة المحرمات ، وجعل منها الافتراء على الله جل وعلا كذبا والتقوّل عليه بجهل والاشراك به : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33).

3 ـ وكما فى الدنيا ملابس خارجية ( ثياب ) فهى أيضا فى الآخرة؛ فى الجنة أو النار.

3 / 1 : يقول جل وعلا عن ثياب أهل الجنة : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31)الكهف )(عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً (21)الانسان ).

3 / 2 : ويقارن جلّ وعلا بين ثياب أهل النار وثياب أهل الجنة فيقول : ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) الحج )

أخيرا

أسئلة والاجابة عليها :

1 ـ ما هى نوعية الثياب التى سيرتديها المستبد العربى يوم القيامة؟(فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ)

2 ـ هناك مستبد عربى طويل القامة ، وهناك القصير ، ومعظمهم متوسط القامة ، فهل ستكون ثياب النار على مقاس كل منهم بالضبط ؟ (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ ) ؟

3 ، وإذا كانت تلك الثياب النيرانية محبوكة على جسد صاحبها بحيث توصّل النار الساقطة من فوق الرأس مباشرة (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ ) الى جلودهم وبطونهم فتتأجّج بالنار وتنصهر ، فهل لو انصهرت ينتهى عذابهم بالموت ؟ (  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً (56) ( النساء ) (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36)  ) (  فاطر  ) 

4 ـ ألا تتاح لهم فرصة الخروج من هذا العذاب ( وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)( فاطر ). جاءهم النذير .. ولكنهم لا يحبون الناصحين ..

5 ـ هل تعتقد أن الاخوان المسلمين والسلفيين الطامحين للحكم سينالون مصير المستبد العربى ؟ أفظع الاستبداد وأفظع الظلم أن تستخدم دين الله جلّ وعلا مطية لتصل بها الحكم ، وتستبد بالناس وتسلبهم حقوقهم باسم الله جل وعلا . والله جل وعلا لايريد ظلما للعباد . لذا فإنه جل وعلا سيتعجب من صبر أولئك الظالمين على العذاب : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ( البقرة  ).

6 ـ أى إنهم يحجزون لأنفسهم من الآن ثيابا من نار .. أليس كذلك ؟ ..أخشى أن يكون ( .. كذلك ..).!!

7 ـ هل يساوى الحكم فى الدنيا الفانية كل هذا العذاب الأبدى ؟ ..أنا ماليش دعوة ..إسألهم ..!!

اجمالي القراءات 20503