القاموس القرآنى ( وضع )

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٠٤ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

وضع

يأتى بمعنيين فى الأساس : 

أولا : ( وضع ) بمعنى الايجاد إبتداءا

الله جلّ وعلا ( فطر ) السماوات والأرض وما بينهما وكل المخلوقات بلا مثال سابق ، أى خلقهم من لاشىء . ثم وضع كل شىء فى مكانه . كلمة ( وضع ) هنا تعنى الايجاد إبتداءا . وترتبط  بالله جل وعلا الخالق من لا شىء ، يقول جلّ وعلا : ( وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) ( الرحمن 7 ) . فالله جل وعلا رفع السماء ووضع الميزان أى التوازن الذى به يسير الكون . ومثل ذلك مع الأرض التى خلقها وجهّزها للأنام أى الخلق : ( وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ) ( الرحمن 10  )، ومثل ذلك البيت الحرام : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ) ( آل عمران 96 ). ثم يوم القيامة يوضع ميزان آخر للأعمال :( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ  ) ( الانبياء 47 ).

وبعد (الوضع ) الآيجادى المرتبط بخلق السماوات والأرض يأتى مصطلح ( وضع ) بمعنى التحويل والنقل من حال الى حال .

 

ثانيا : ( وضع ) بمعنى التحويل والنقل من حال الى حال حسب السياق . وهذا يتنوع كالآتى :

1 ـ  الولادة : أو ( الوضع ) أى (نقل الجنين من الداخل الى الخارج )

وتكرر مصطلح وضع الحمل فى القرآن : فكله بعلم الله جل وعلا من الحمل الى الوضع : ( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ )( فاطر 11)(فصلت 47 )، ومنه : التوصية بالوالدين إحسانا : ( حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ) ( الاحقاف 15 )، ومن مظاهر قيام الساعة : ( وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا  ) ( الحج 2 )

وعدة الحامل فى الطلاق ( وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ  ) (الطلاق 4 )، ومن حقها وهى فى العدة :( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) ( الطلاق  ). ويقول جلّ وعلا عن ميلاد مريم : ( فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ ) (  آل عمران 36 )

2 ـ  خلع الثياب ( نقلها من مكان لآخر ).

الثياب ) فى المصطلح القرآنى هى ما يغطى الجسد أو ما يغطى الملابس الداخلية . وبالتالى فإن ( وضع ) الثياب يعنى نقلها أو ( خلعها ) والبقاء بالملابس الداخلية ، ويفعل البشر هذا عند النوم ، وعند نوم القيلولة ، ومن هنا أتى تشريع إستئذان الأطفال فى أوقات النوم الثلاث ، ومنها حين ( نضع ) أى نخلع ثيابنا عند نوم الظهيرة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاء ثَلاثُ عَوْرَاتٍ   )(النور 58 )

 وجاء تشريع آخر للنساء الكبيرات فى العمر القواعد فى البيوت أن يخلعن ثيابهن التى للخروج وأن يرتدين الملابس الداخلية بلا زينة : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء الَّلاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ  )( النور 60 )

3 ـ التحريف ( نقل المعنى )

( مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ  ) ( النساء 46 )

( فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ   )(المائدة 13 )

( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ )( المائدة 41 )

4 ـ ترك السلاح أى نقل السلاح : وهذا فى صلاة الخوف :

( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ )( النساء 102 ).

5 ـ نقل المشقة أو رفع المشقة:

( وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ) ( الشرح 2 )

( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ  ) ( الاعراف  157 )

6 ـ نقل الحرب أى أنتهاؤها :

(  .. حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا  )( محمد 4 )

7 ـ وضع كتاب الأعمال فى الآخرة .

وهذا يعنى نقل كتاب أعمال البشر من الدنيا ليكون حاضرا موضوعا أمامهم فى الآخرة : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )( الكهف 49 )( وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ ) ( الزمر 69 ). 

اجمالي القراءات 6121