هل الشريعة إسلامية؟ ... أم الشريعة إلهية؟

مصطفى فهمى في الخميس ٠٣ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً


الذى دعانا إلى كتابة هذا البحث - و هو بحث سياسى فى المقام الأول ذو خلفية دينية و يستقيم كذلك العكس أيضا أى مقال دينى ذو خلفية سياسية - هو محاولة لكشف حقيقة مسميات أصبحت على مر الزمن مصطلحات لها معانى متداولة بين الناس نرى أنها مغلوطة،  و أصبحت ـ بالتلويح بها ـ تستعمل للسيطرة على العقول المغيبة و تستخدم لإسكات العقول المنتبهة و إرهابها، بل و تستخدم بإدخالها ضمن الدستور لتحويل الدولة المصرية إلى دولة دينية تسيطر عليها فئة تزعم بأنها ستحكم باسم الله بواسطة ما تسمى "الشريعة الإسلامية"

 و من تلك المصطلحات البشرية التى نرى خطورتها لشيوعها بمعناها الاصطلاحى على أنها المعنى و المراد الإلهى هى مصطلحات (الشريعة الإسلامية و الدين الإسلامى)

ففى رأينا أن مصطلح "الشريعة الإسلامية"  من المصطلحات البشرية التى نرى خطورتها لشيوعها بمعناها الاصطلاحى على أنها المعنى و المراد الإلهى، و هى فى الحقيقة مصطلح لغوى لمنتج بشرى لفقه و فهم بشرى تفصيلى ـ يحتمل الصواب و الخطأ ـ للرسالة الإلهية للناس، .....  و من يستعملونه بهذا المعنى، يريدون بالباطل إلصاقه و تصويره للناس على أنه هو المراد الإلهى و لا غيره، فينصاع الناس لهم لأنهم يمثلون إرادة الله فى الأرض

و حتى تكون الفكرة لها مرجعية متفق عليها و مبنية على أساس منطقى،  نتخذ من النص القرآنى مرجعية لنا، فلا يكون هناك خلاف إلا الاختلاف فى فهم النصوص فيكون لزوما علينا طرح مفهومنا لمعانى نرها فى النص القرآنى تثبت توجهنا، و نترك للقارئ بعد ذلك مشاركتنا فيما و صلنا إليه أو رفضه  

ماهى الشريعة؟

المعنى و المفهوم البشرى الدارج عند المسلمين "اصطلاحا": "الشريعة الإسلامية" لفظ و اصطلاح لم يذكر فى النص القرآنى، إنما هو المعنى و المفهوم "الاصطلاحى" الذى يروج له نواب الله و من يتبعونهم و يمتطون به عقول العامة، فالشريعة الإلهية بذاتها عندهم هى "الشريعة الإسلامية اصطلاحا" وهى عندهم شاملة تفاصيل الأوامر و النواهى و المحرمات الإلهية و تفاصيل العقوبات الملحقة بها الواجب تطبيقها فى الحياة الدنيا كما يرونها من وجهة نظرهم، و هو كما سنرى فهم مغلوط لمعنى الكلمة و مفهومها

و يجب أن ننوه فى هذا المقام أنه بصرف النظر عن تسميتها عندهم و خطأ مفهومها كما سنرى فى معناها و مفهوما اللغوى و القرآنى، فإن شمولها للتفصيل معناه شمولها الفهم البشرى لنصوص القرآن و الاجتهاد فيه، وهذا فى حد ذاته ينقل تلك الشريعة من ألوهية المصدر الذى لا يمكن الاختلاف على فحواه، و يتدنى بها إلى بشرية الفهم المختلف عليه واقعيا، وبذلك تكون الشريعة المسماة إسلامية هى فى الواقع شرائع وضعية و إن كانت مرجعيتها الكليات الإلهية المنزلة من الله بواسطة كل الرسل، فهى تختلف فى تفاصيلها التى قد تحقق تلك الكليات من مكان لمكان و من زمان لزمان و مختلف على تفاصيلها حسب فكر وفهم أصحابها و مذاهبهم و فقههم

المعنى المعجمى للشريعة: الشِّرْعةُ و الشريعة في كلام العرب: مَشْرَعةُ الماء وهي مَوْرِدُ الشاربةِ التي يَشْرَعُها الناس من منبع، فيشربون منها ويَسْتَقُونَ، والعرب لا تسميها شريعة حتى يكون الماء عِدًّا لا انقطاع له

المعنى القرآنى للشريعة: و هوفى رأينالا يختلف عن المفهوم المعجمى فى أنها السبيل للمورد الذى لا ينقطع و لكن يختلف فى المضمون ففى اللغة، الشريعة هى المورد الذى لا ينضب للماء، إنما فى القرآن تكون الشريعة هى المورد الذى لا ينضب و لا يتغير للأمر الإلهى

{وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)الجاثية}

جعلناك أى صيرناك و هيأناك لمورد (شريعة)لا ينقطع لتنهل منها "من" الأمر ("من" المراد الإلهى) الذى يناسب أمتك، أو رتبنا و جعلنا لك مورد لا ينضب (شريعة) هى الرسالة يتدفق منها علم "من" الأمر ("من" المراد الإلهى) الذى يريد الله منك اتباعه

و يكون معنى الشريعة فى القرآن هى المنهل و المورد المتدفق الذى لا ينضب و لا يتغير الذى يبين الأمر الإلهى (المراد الإلهى) ... أى أن الشريعة هى أداة و سبيل و وسيلة ناقلة للأمر الإلهى (مراد الله) للناس

أما {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} ففى رأينا تعنى الفهم البشرى للمراد الإلهى سواء كان بحسن أو سوء نيه و هذا الفهم الإنسانى هو ما أنتج الشرائع المسماة اصطلاحا شريعة إسلامية بأنواعها ... و شريعة يهودية بأنواعها و ما من أمثالهما، و نضيف كذلك أن تلك المنتجات ـ أى إن كان اسمها الاصطلاحى - و إن كانت مستلهمة من مصدر إلهى، فهى هى أولا و أخيرا منتج إنسانى و مختلفة - فى مقاصد كلياتها و بالتالى تفاصيلها - عن بعضها البعض باختلاف الأفهام البشرية المتلقية فى مكانها و زمانها وحسب علمها و حتى من داخل كل منتج (شريعة اصطلاحا) منها فهى مختلف عليها بين أصحابها

{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أى أن الله جعل أى "صير" لكل أمة مورد و منهل (شرعة هى الرسالة المنزلة عليها من الله)  تستقى منها "من" الأمر، أى "من" المراد الإلهى الذى بالضرورة لا يختلف فى كلياته عن غيره لوحدانية مصدره، أما المنهج أو المنهاج فهو الطريق و السبيل لبلوغ الشئ فإن الجعل الإلهى و التصيير للمنهج يكون مختلفا شكليا مراعاة لنسبية المكان و الزمان وإن كان يوصّل لنفس المراد و المطلوب {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوالِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُفَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة}

بقراءة النص السابق و بصرف النظر عن فهم و تطبيق الأمم لما أنزل الله، نرى بمنتهى الوضوح أن التوراة  هدى و نور و فيها حكم الله، ... و الإنجيل هدى و نور و مصدقا للتوراة أى (لا يخالفه) و فيه حكم الله، ... و الكتاب الذى أنزل على الرسول محمد مصدقا للإنجيل الذى أوتى عيسى ابن مريم  وشاهدا و مؤتمن عليه، .... و نزيد فى التفصيل

المهيمن فى اللغة هو الشاهد و الرقيب و المؤتمن و القائم على الشئ، أى أن الكتاب المُصِدق المُهيمن بالضرورة لا يخالف ما يشهد و يؤتمن عليه و يُصَدقه من الكتاب، أى أن الكتاب الذى أُنزل على محمد بالضرورة لا يختلف عما أُنزل من قبل من الكتاب بل بالضرورة هو نفس ما أنزل على موسى و كان  أيضا بين يدى عيسى و الدليل كذلك على هذا، قوله {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} و الله أنزل الكتاب و لا غيره فإن طلب الله الحكم بما أَنزل فلا بد إن ما أُنزل للناس واحد ثابت و حكمه لا يتغير

تعريف و معنى "المهيمن"

يظن الكثير لأول وهلة أن المهيمن معناها المسيطر، أما حسب اللغة

مُهَيْمِنٌ أصلها مُؤَيْمِن، والهاء بدل من الهمزة، قال الأَزهري: وهذا على قياس العربية صحيح مع ما جاء في التفسير أَنه بمعنى الأَمين، وقيل: بمعنى مُؤتَمَن

وفي المُهَيْمِن خمسة أَقوال تراثية كما فهمها أصحابها نوردها للعلم و الإستدلال: قال ابن عباس المُهَيْمِن المُؤْتَمَنُ، وقال الكسائي المُهَيْمِنُ الشهيد، وقال غيره هو الرقيب، يقال هَيْمَن يُهَيْمِنُ هَيْمنَة إذا كان رقيباً على الشيء، وقال أَبو مَعْشَرٍ ومُهَيْمِناً عليه معناه وقَبَّاناً عليه، وقيل: وقائماً على الكُتُب، وقيل: مُهَيْمِنٌ في الأَصل مُؤيْمِنٌ، وهو مُفَيْعِلٌ من الأَمانة.
 وفي الآية: ومُهَيْمِناً عليه يكون معناها : الشاهد يعني وشاهِداً عليه

فما هو "المنهل و المورد"؟ و ما هو "الأمر المنقول"؟ و ما هو مصدر "الأمر"؟

و نلاحظ أن هناك خلط بين وعاء المنهل "الشريعة" و محتواها "الأمر"

المنهل و المورد و يوصف فى اللغة و ب "الشريعة" و فى القرآن هى الرسالات (" الشرعة" و هى الوسيلة و الوعاء) الذى ننهل منها "مراد الله" و دينه و وصاياه، و تلك الرسالات مصدرها الله

الأمر المنقول بواسطة الرسلات هو الدين "مراد الله" و مراد الله فى عمومه و كلياته لا يتغير و عليه فعموم الدين و كلياته و مقاصده لا تتغير

فيكون "الأمر" بالضرورة ثابت لا يتغير لأنه من منهل و مورد واحد و إنما العقول و الأفهام هى التى تتغير بتغير الزمان و المكان و العلم و كذلك المقاصد "النفعية" لتلك العقول

الإسلام و الدين

الإسلام فى العموم هو التسليم بلا قيد أو شرط أى معناه الخضوع

الإسلام فى الخصوص هو التسليم و الخضوع لله الخالق المهيمن

الدين فى العموم هو ما ندين به لديّان آمنا به و أسلمنا له، و بمعنى آخر، هو طاعة المرء والتزامه بما يعتقد و يؤمن أنه مراد الديّان

الدين فى الخصوص هو ما ندين به للديّان "الله" الذى آمنا بوجوده فأسلمنا له، و بمعنى آخر، هو طاعة المرء والتزامه بما يعتقد و يؤمن أنه مراد اللهمن خلال رسائله

الدين عند الله هو الإسلام له

المبدئ الأول و لا غيره، أن الدين الذى يدين به الجميع هو الإسلام لله، و أن الله لا يقبل من المكلفين أن يدينون لدونه أو يسلموا لغيره و لا يكون المقصود أبدا تخصيص معنى و مفهوم الإسلام بالرسالة التى أرسلها الله للناس بواسطة الرسول محمد فقط

التعريف البشرى "الاصطلاحى" للإسلام: يقول الناس أن الإسلام هو الدين الذى جاء به الرسول محمد و مرجعيته الفقه البشرى للقرآن و المدون من الحديث و التفسير و يكون بخلاف باقى الأديان، هو الدين الوحيد الذى يكون معتنقه فقط المسمى بالمسلم

التعريف البشرى "الاصطلاحى" للمسلم: هو المؤمن بمحمد رسولا و خاتم الأنبياء محمد و بالقرآن رسالة و بالحديث متتم ومكمل لها و بخلاف باقى المؤمنين، هو المؤمن الوحيد الذى بإيمانه "بالدين الإسلامى اصطلاحا" يكون هو فقط المسلم لله

ما هو الإسلام فى القرآن؟

هو التسليم لله و بما أراده وشائه لمخلوقاته و فى المقابل هم يدينون له به

{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) آل عمران}

التعريف الإلهى للإسلام و المسلم:هو إسلام الوجه لله و هو الخضوع الكامل لله  و قبول حكمه ... و الإسلام  نوعان

الأول إسلام جبرى و يشترك و يخضع فيه الإنسان مع باقى المخلوقات وهو "حالة جبرية" من الخضوع الكامل لسنن و قوانين الله الكونية و استحاله الفكاك منها

و الثانى إسلام إرادى و ينفرد به الإنسان بعقد إرادى مع الله يدخل به فى "حالة إرادية" من وجوب الخضوع  و الاستسلام لربوبية الله باختياره و هو المؤهل له فقط من قِبل الله بمنحه الإدراك، و هو المكلف به من قِبل الله بإنزاله الذكر من خلال رسالاته (و الذكر هنا فى رأينا و كما قلنا هو كل ما تلقاه البشر من كليات من الله) و تعهد الله بحفظه من جهته، أى تعهد بثباته و عدم تغيره

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) الأعراف}

{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) البقرة}

{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) آل عمران}

إكمال الدين و الرضى بالإسلام

أما الآية التالية التى تتخذ قاعدة للذين يقولون بأن الإسلام هو ما أنزل على الرسول محمد فقط فلنا فيها رؤية مختلفة

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِا  ْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3) المائدة}

فهنا يثار سؤال هام ... هل كانت كليات الدين الإلهى قبل نزول هذه الآية كان غير كاملة للبشرية ثم اكتملت فى هذا اليوم؟ لقد تتبعت كل ما قيل فى شأن تلك الآيات فوجدته يتضمن هذا المعنى أى أن الدين كان غير كامل ثم أكتمل، و هذا القول فى رأينا يناقض كمال الله ...  و نقول إن الله أنزل ذكره كامل على العالمين فى كل الأوقات  و إنما الإكمال هنا يقع على إتمام نزول تفاصيل النص المسمى و الموصوف عند الله بالقرآن و بذلك تمت نعمته علينا ....أو فى قول آخر، أن القرآن ما إلا هو آخر رسالة للناس و بذلك اكتملت الرسالات للناس

و يكون معنى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} أى أكمل الله نص الرسالة (القرآن) بآخر الأوامر التى تجعلها مطابقة لما أنزل من إسلام من قبل و ارتضاه الله للناس، ... و إلا كان ما أنزل من الدين من قبل القرآن ناقصا و غير مكتمل وبالتالى كان رضا الله عنه غير نهائى فأنزل القرآن ليكمل ما كان ناقصا، .... و فى رأينا أن الله كامل و كل ما ينتج عنه يكون كاملا، ... أما نظرية التدرج فهى ليست عندنا بشئ

مكون الدين فى رسالات الله للناس

1ـ عقيدة التسليم لله بوصفة الإله الواحد الأحد المهيمن الشاهد المؤتمن و لا غيره

{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) البقرة}

{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) النساء}

2ـ أوامر و نواهى (حدود إلهية) كلية لعموم الناس ظاهرة جلية لا يُختلف عليها و تصلح فى كل مكان و زمان و تتلخص فى مفهوم منع الضرر (بكل معانيه) و تحقيق المصلحة المشروعة (بكل مواصفاتها) و التناغم مع الكون (بكل تفاصيله) فى حياتنا الدنيا بقصد دوام صلاحه (بكل خلقه)

3- كذلك أوامر تفصيلية و ضوابط تفصيلية و وصايا لردع المخالفين تحتاج إلى فهم و تأويل و اجتهاد مستمر على الدوام لتناسب المكان و الزمان و العلم حتى لا تناقض الكليات و لتؤتى و تحقق المراد و المقصد الكلى المرجو لها عند التطبيق، و أى اختلاف ظاهرى قد نراه، هو فى الحقيقة ليس باختلاف طالما هو يحقق المراد و المقصد الكلى

4- عبادة موضوعية لعموم الناس تعنى الخضوع و الإسلام لله بوضع مقاصده التى تتلخص فى التكليف بأن تكون كل حركة فى الحياة هدفها و مقصدها منع الضرر (بكل معانيه) و تحقيق المصلحة المشروعة (بكل مواصفاتها) و التناغم مع الكون (بكل تفاصيله) فى حياتنا الدنيا بقصد دوام صلاحه (بكل خلقه)

5ـ مناسك شكلية مكانية تخص أهل الرسالة و إن تغير الشكل أو أختلف المكان فالمضمون واحد و هو إظهار ذلك الإسلام لله باستقطاع وقت يخصص لاستحضار موضوعية العبادة الكلى

هل (الأمر الإلهى) (المراد الإلهى) (الدين الإلهى) (الشريعة الإلهية) تتغير من رسالة لأخرى؟

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) الشورى}

"شرع لكم" أى أتاح و أوصل وصاياه الكلية من الدين لكم بواسطة الرسل من مورد لا ينضب، فإن كان هذا المورد مصدره الله وهو واحد أحد، فالوصايا واحدة و الدين واحد و الرسالات واحدة و بفهمنا هذه الحقيقة كما فهمها الرسل، فلن نتفرق أو نتحزب سواء بمسميات أديان أو شرائع ناهيك عن مذاهب و ملل تتفرع من داخلها

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة}

أن الكليات على مر الزمن لم تختلف، و أن هناك تفاصيل كانت متروكة أو منسية من الناس و تم إعادة بيانها فى الرسالة الخاتمة، ومن هنا نتكلم عن تلك التفاصيل و كيفية "فقهها" أى فهمها و من ثم تطبيقها، ثم الادعاء بأنها هى الشريعة الإسلامية المقدسة و لا غيرها، وهذا الفقه التفصيلى و تطبيقه يختلف بين الملل التى تتبع محمد الرسول، من فقه سنى و شيعى فى عمومه و فى داخل كل فرقة و ملة، فرق تختلف أيضا فى التفاصيل (كل حسب اجتهاده فى التفاصيل و تطبيقها) مثل فرق و ملل أهل السنة و الجماعة و الوهابية و الشيعة الإمامية و الإسماعيلية و كذلك الإباضية و الظاهرية و الباطنية ووووو... و الكل يدعى بأنه الفرقة الناجية و إن ما عنده هو فقط الشريعة الإسلامية المقدسة (فأى شريعة تفصيلية منهم تختار أنت لمصر و تعتبرها إلهية مقدسة؟) و هى فى واقعها فقه بشر متعدد و مختلف فى التفاصيل و لا يمكن الادعاء بأنه هو الشريعة الإلهية أو المراد الإلهى و "لا غيره"، و بالتالى لا يمكن إجبار أمة أو دولة أو حتى أفراد على الخضوع لشريعة فرقة منها، بصفتها شريعة إلهية مقدسة فتتحكم تلك الفرقة أو الملة صاحبة تلك الشريعة البشرية التفصيلية على خلق الله، .... و إنما فى رأينا أن ما يمكن فرضه على الكل و قبوله، هو الكليات الشريعة الإلهية التى ارتضاها الله لعباده كقاعدة لكل الأفهام يطبقونها بقوانين وضعية تتغير فى تفاصيلها و ليست مقدسة، و يكون الشرط الوحيد لتطبيق تلك التفاصيل دائما هو تحقيق مراد الله الثابت الذى لا يتغير بما و كما يفهمه أهل المكان و الزمان

يخضع السواد الأعظم من الناس إلى جغرافية مكانهم و ثقافتهم و عاداتهم المحلية و علمهم المحدود عند التفكير فى أى قضية تمس شؤونهم، و هذا قد يكون وارد و مقبول إذا كانت تلك القضية تمسهم و حدهم، أما إذا كانت القضية تتعلق بفهم كتاب الله المنزل للعالمين كافة فى كل مكان و زمان فيكون التناول مختلف و أن يُفصَل بين عمومية القضية القرآنية و فهم المراد منها الصالح على دوام الزمان و اختلاف المكان و تنوع العلم - فيكون ذلك هو الدين و محتوى الشريعة - و بين خصوصية التطبيق لذلك الفهم و تأثر هذا الفهم بخصوصية جغرافية المكان و عادات أهله و تقاليدهم وثقافتهم السائدة و حدود علمهم - فيكون ذلك هو الفقه و العرف - و لا يجب أن تطغى الخصوصية المحلية البشرية القاصرة المحدودة على العمومية العالمية الإلهية الرحبة أو تحل محلها و إلا وقعنا فى المحظور وهو قصر الدين الإلهى الرحب الذى ينظم أمور البشر كافة بكل ما فيهم من اختلاف و تنوع - فى كل مكان و على مر الزمان و تنوع العلم- على مجموعة من التطبيقات البشرية المحلية، إن صلحت فقد صلحت لمكانها و زمانها فقط.

إن هذا المقال مدخلا و محاولة لكشف ما يزعمون على أنه شريعة إسلامية إلهية يراد تطبيقها و هى فى الحقيقة فقه بشر يؤخذ و يرد عليه، و ما نحاوله هو استنهاض فكر مضاد لما يحاول ترويجه رؤوس المتشددة من السلفيين و الإخوان و غيرهم، برفع تلك المسميات الاصطلاحية و صبغها بالصبغة الإلهية لامتطاء عقول العامة و البسطاء فى مصر و لا هدف لهم إلا الوصول إلى الحكم و نكون بذلك استبدلنا دكتاتورا خلعناه بآخر لن نستطيع خلعه لأنه يمثل الله، و الله لا يخلع

إن الفقه الدينى فى مصر قبل عدة أجيال و قبل أن يصبغ بفقه الصحراء كان رحبا ... واسعا ... يسيرا ... فاهما، و أظن أن القوانين المصرية قبل محاولة التلاعب بها كانت مشرعة من علماء عظماء و فطاحل واضعين نصب أعينهم الشريعة الإلهية موردا لتحقيق كليات المراد و الأمر الإلهى

أما ما يقال عن ما يسمى "بالشريعة الإسلامية" فهذا محض افتراء على الله فالحقيقة أنهم يتكلمون عن ما يسمى "بالفقه الإسلامى" و هو فهم بشر  لما جاء فى القرآن و الأفهام تختلف (سلفيون ملونون بالوهابية أو بالسنية أو بالمذاهب التى عفا عليها الزمن و مسلحون بتراث خرافات)، فأى فهم يريدون؟ و أى خرافة سيطبقون؟ وهم أصلا فيه مختلفون!

هذا هو أفة "المسميين مسلمين اصطلاحا" الذين أصبحوا يعتقدون إن ما هم عليه (من فقه بشرى للدين) هو الدين الإلهى و هو الإسلام لله و احتكروه لأنفسهم و لا دين غيره ، بل احتكروا الإله نفسه، و أن مخالفيهم ليسوا على دين بل و باتوا أيضا يكفرون بعضهم البعض، كما فعل غيرهم من أتباع الرسالات الأقدم زمنيا

فلندعو كلنا إلى تطبيق مبادئ الشريعة الإلهية فهى الأصل و هى المبادئ و الكليات المناسبة لكل الناس لأنها المبادئ و الكليات التى ارتضاها الله لكل البشر و أوصى بها كل الناس، من أول آدم إلى الآن و لم ولن تتغير و لا تحتاج إلى فهم متخصص أو نائب عن الله ولا يُختلف عليها، من أصحاب الملل و الألوان

إن السلفيين بألوانهم و الإخوان بمكرهم و الصحراويون بجلفهم و الجاهلون بجهلهم و الساكتون بسكوتهم، فإن ما يفعلونه الآن، هو بمثابة احتكار و اختطاف فئة من الناس للإسلام بالله و الشريعة الإلهية

{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) الشورى}

و على ما سبق نعود لنربط عموم ما قلناه بخصوصية المادة الثانية من الدستور التى تنم صياغتها الحالية و ما يراد بها من تعديل و تغيير، من أهداف سياسية لمداعبة عقول المصريين و تُسهيل امتطائها و التحكم فيها بلون و فقه فصيل معين، ... فنقول إن كان هناك لزوم لوجود مادة مثل تلك المادة فى الدستور، فلا يجب أن تخرج صياغتها عن "إن كليات و مقاصد الشريعة الإلهية هى المصدر الرئيسى للتشريع فى الدولة"

إنى أشفق على ما تم من إفساد للدين و تشرذم بمرور الزمن، و أشفق على زمن حين يجئ يجد فيه الناس دين لا يليق بإله

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)  قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ(25)  قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)  سباء}

هذا قولنا و فهمنا من مكاننا و فى زماننا و حسب علمنا و على من يأتى بعدنا أن يفعل مثلنا.

و الله أعلم           

مصطفى فهمى

المراجع

العقل للفهم. (2) القرآن بفهمه بالعقل. (3) المعجم لمعرفة لسان العرب


اجمالي القراءات 16088