ذلك الحديث الذي تلفــظ به رسول الله فهو الحديث الصحيح حق

يحي فوزي نشاشبي في الثلاثاء ٢٠ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بسم الله  الرحمن  الرحيم

 

ذلك  الحديث  الذي   تلفظ  به  رسول  الله  فهو  الحديث  الصحيح  حقا

 

كنت أستمع عبر المذياع " الراديو "  إلى  حديث ديني ،  فما  أن  أورد  الواعظ  حديثا مشهورا ينسب إلى رسول الله عليه الصلاة والتسليم وهو :  " والذي  نفسي بيده لا  يؤمن أحدكم  حتى  أكون أحبّ  إليه  من  نفسه  وماله  وولده  والناس  أجمعين "  رواه  البخاري .

ما أن سمعت هذا الحديث المشهور،  حتى  استوقفني حديث آخر،  كان  صحيحا بلا  منازع  ولا  جدال ، بل  إني  أراهن  مسبقا  وأجزم  أنه  أي  الحديث  سوف  لا  ولن  يتعرض  إلى  أي  تساؤل  أو أنى  نقد أو تشكيك .

وأما عن  السبب  الذي  يدفع  إلى مثل هذه الثقة التامة  في  كسب  الرهان مسبقا فإن السبب هو بسيط  جدا  وقوي جدا، لأن الحديث  ليس  كأي  حديث ،  وليس  حديث بشر بل هو حديث من خالق البشر سبحانه وتعالى وموجه إلى الإنسان  بواسطة  ذلك  البشر الذي  يأكل  الطعام  ويمشي  في الأسواق.

فالحديث  المعني هو في هذه الآية القرآنية العظيمة : ( ... قل إن  كنتم  تحبون الله  فاتبعوني  يحببكم  الله  ويغفر لكم  ذنوبكم  والله  غفور رحيم .) .

فمن المفهوم والواضح أن يميل المرء المؤمن  إلى  احترام رسول الله  ذي  الخلق العظيم ووضع الثقة التامة في أن الرجل حمّــل المهمة  فحملها  وأداها على أحسن وأكمل وجه ، وهي تبليغ  فحوى الرسالة. ومن بين الشروط  التي  يكتمل  بها  إيمان  المؤمن ويبلغ  هذا الإيمان رشده ، أن يقتنع  هذا  المؤمن  في قرارة نفسه أن  رسول الله  ما  كان  ليتقول على  الله  بعض الأقاويل ،  وأن  لا  يغيب عن المؤمن الصادق  ذلك  التحذير أو حتى  التهديد  الذي  وجهه الله  سبحانه  وتعالى إلى محمد عبده  ورسوله  في سورة الحاقة  وهو : ( ... ولو تقول علينا  بعض الأقاويل لأخذنا  منه  باليمين  ثم  لقطعنا  منه  الوتين  فما  منكم من  أحد منه حاجزين. ).

ثم على المؤمن الصادق  أن يؤمن  ويطمئن بأن رسول الله  يستحيل  أن يحيد  قيد أنملة عن أمر الله  ويستحيل أن يكون  تقول عليه  أي شئ  عندما  كان على  قيد  الحياة. أما عن  الدليل القاطع  لذلك  فبين  أيدينا واضحا  وصارخا ، ما  دام  الله العلي العظيم لم  ينفذ  تهديده ، ولم  يأخذ من محمد  عبده  ورسوله لا  باليمين  ولم  يقطع  منه  الوتين .

وإن المؤمن الصادق  المطمئن تمام  الإطمئنان وصاحب  القلب  السليم  لا  يمكن أن  يكون  إلا  ذلك المرء  الذي  يكون  جزم  جزما  أن الرسول  قد  تحدث فعلا بما أوحى  الله  إليه  وبما أمره  به ،   حيث  جاء  في  الآية : ( ... قل إن  كنتم  تحبون الله  فاتبعوني  يحببكم  الله  ويغفر لكم  ذنوبكم  والله  غفور رحيم .) . وعليه  فذلك هو الحديث  الصحيح ، لأن  أي  واحد منا  يمكن له  أن يقسم  بالله  العلي  العظيم  وهو مطمئن  بأن عبده  ورسوله  عندما  كان  على  قيد الحياة  قد  قال  لغيره حتما وفعلا ما يلي :  "  إن  كنتم  تحبون الله  فاتبعوني  يحببكم  الله  ويغفر لكم  ذنوبكم  والله  غفور رحيم . "  ولأن أي  شك  وأدنى  شك في صحة  هذا  يعني  اتهام رسول  الله   بأنه  لم  يأتمر بأمر الله. إذن  ذلك  القول هو الحديث الصحيح الذي لا  يأتيه  الباطل ، وهو الحديث الذي  يصبح  في  غنى عن أي  سند أو  أية عنعنة .

  • وأما أن يقول الرسول عليه  الصلاة والتسليم  ذلك  القول  الذي  يستند  إلى  سلسلة من  بشر وإلى عنعنة، أي أن  يقول :  " والذي  نفسي بيده لا  يؤمن أحدكم  حتى  أكونأحبّ  إليه  من  نفسه  وماله  وولده  والناس  أجمعين "  فيبقى حديثا فيه نظر، والسبب واضح وفطري إذا  وقع الإتفاق أن المفهوم  من حديث الخالق الرحمن الرحيم هو أن الحبّ لله والإتباع  لعبده  ورسوله .
  • ولعل الموضوع الأهم  والمصيري هو  في  أن  يتطلع المخلوق  إلى  ذلك  الطموح العلي العظيم الذي  يؤدي به  إلى  أن يحبّ  خالقه سبحانه  وتعالى  ويوظف ذلك الحب ويستثمره أحسن استثمار ليحظى أخيرا  برتبة  أن  بحبه  الله عز وجل.  ثم حسب المفهوم والظاهر البديهي أن السبيل الوحيد إلى ذلك  هو اتباع  رسول الله  اتباعا، والإجتهاد المخلص  في أن يكون في فعل " فاتبعوني  يحببكم  الله " والسؤال  المباشر هو :  في  ماذا  يتبع  الرسول  وكيف  يتبع ؟ بل والرسول نفسه ماذا عليه أن يتبعه ؟ وهنا  مربط الفرس، ولعل التنافس والسباق يجب  أن  يجري  في  هذا  المضمار وهو مضمار حديث الرحمان الرحيم المنزل على عبده  ورسوله والإلتزام بئايات  الله  البينات المبينات وعدم  التماس أي  بيان أو تبيين خارجها.

والله  أعلم .

 

   

 

اجمالي القراءات 13331