حين يفخر المجلس العسكرى بفشله!

ابراهيم عيسى في الجمعة ٠٣ - فبراير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

ساكتين على مين بالضبط يا سيادة المشير؟

قال المشير -لا فُضّ فوه السياسى- معلقا على مجزرة ومؤامرة بورسعيد، جملة مذهلة فى خوائها السياسى، قال: «الناس ساكتة عليهم ليه؟».

الذى تكلم هو الرجل الأول فى البلاد الآن والمسؤول عن أمن وحماية الشعب المصرى، ورغم أنه لا أمن للمصريين ولا حياة آمنة فى ظل الإدارة الحكيمة للمجلس العسكرى، فإنه فى الأول والآخر المسؤول الحالى عنا، فإذا به يدلى بهذا التصريح العفوى التلقائى المعبر بامتياز عن أن المشير لا علاقة له بالفكر السياسى، وأنه قريب جدا من منهج تفكير رئيسه السابق (بالمناسبة ذهب بصحبة جنرالاته لاستقبال لاعبى فريق النادى الأهلى ولشد أزرهم كأنه يحضر مباراة فى الكأس، بينما لم ينتظر ولم يستقبل جثامين الشهداء ومصابى مأساة استاد بورسعيد القادمين فى الطائرة التالية أو فى قطار السكة الحديد، بل ولم يوفِد إليهم مندوبا من جنرالاته، كأنه مشير للنجوم وللاعبين لا للمصابين والشهداء!)، المهم، عندما سألوه خلال استقباله لاعبى الكرة عن المأساة لم يجد بكل عفوية وبساطة أى مشكلة فى أن يطلب حربا أهلية بين أبناء الشعب الواحد!

الناس ساكتة عليهم ليه؟

هذا ما قاله المشير، طيب السؤال بقى يا سيادة المشير، مين هُمّا (عليهم)؟

أنا مواطن كغيرى وأريد أن ألبى نداء سيادة المشير ولا أسكت عليهم، لكن مين «عليهم» بقى؟

دعك من أن ما قاله المشير دليل عجز وفشل إدارة البلد حتى إنها تطلب من شعبها التدخل ولعب دور الشرطة من مخبرين ومرشدين واتهام وقبض، كأننا أمام إشعال لحرب أهلية ودعوة أن الناس يأكل بعضها فى بعض وتتبادل الاتهامات والطعن فى الوطنية!

الكل يتفق على أن هناك مؤامرة، المجلس العسكرى والجنزورى والإخوان والثوار.

هى مصيبة أننا كلنا نعترف أننا مضروبون -لا مؤاخذة- على قفانا، دون أن نعرف ردا ولا منعا، ولكن أن يعلن بمنتهى العزة المجلس العسكرى أن هناك مؤامرة، فلا بد أن يقول كلاما ممسوكا ومتماسكا وبالدليل عن المتآمر، أما التلقيح ورمى التهم بالباطل أو تهييج الرأى العام دون أدلة، فهذا لا يليق بإدارة بلد إلا لو كانت -كما نرى- عاجزة وفاشلة عن حماية البلاد، فلا هى حمت مصر وشعبها ولا قامت بواجبها بكشف وإجهاض المؤامرة ولا هى اعتذرت واعترفت بفشلها وتركت المسؤولية لغيرها.

إن اعتراف المجلس العسكرى بوجود مؤامرة -بصرف النظر عمن وراءها- هو إعلان بالفشل المريع والذريع والمتواصل!

ثم إذا كانت مؤامرة فما الذى يمنع أن تكون مؤامرة من أطراف فى المجلس العسكرى نفسه لتمديد حكمهم للبلاد وإفشال الثورة وتحويلها إلى انقلاب؟!

لماذا لا تكون مؤامرة من الجنرالات كما فعلها جمال عبد الناصر (وكان رئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية) فى صراعه مع محمد نجيب (وكان الرئيس) حول التزام ضباط يوليو بالديمقراطية وعودة الأحزاب وإجراء انتخابات برلمانية ورجوع الجيش إلى ثكناته؟ فإذا بجمال عبد الناصر وبكلفة أربعة آلاف جنيه يدبر مؤامرة لخروج مظاهرات من آلاف العمال ترفع أغرب شعار فى التاريخ، حيث كانوا يهتفون «تسقط الديمقراطية» ويطالبون باستمرار حكم العسكر مع حوادث شغب وعنف ولوازمها، فانتهى الأمر بإجهاض الديمقراطية فعلا بدءا من الإطاحة بمحمد نجيب ثم استمرار وسيادة حكم العسكر، ولعل ما حدث فى بورسعيد وقبله وبعده فى حوادث سرقات علنية جماعية والإضرابات المعطلة للحياة الطبيعية وقطع الطرق وكل هذه المظاهر هو مؤامرة لكى يخرج غوغاء وجهلة وبرامج رياضية يطالبون باستمرار حكم العسكر!

ثم لماذا لا تكون مؤامرة من الشرطة بالتخطيط والتواطؤ ضد الألتراس، خصوصا ألتراس الأهلى الذى لعب دورا وطنيا عظيما فى ثورة يناير وهم الذين يزلزلون ملاعب الكرة كل مباراة بالهتاف ضد العسكر وانتهاكات الشرطة وهم الذين نظموا مسيرات ومظاهرات ضد وزارة الداخلية، وهم كذلك الذين رفضوا هدايا وزارة الداخلية التى كانت ترميها على المدرجات فى مباراتَى الأهلى والشرطة والزمالك والداخلية؟

وقد تكون مؤامرة من المجلس العسكرى أو مؤامرة من وزارة الداخلية أو فلول النظام وبقايا جهاز أمن الدولة، وقد تكون مؤامرة من عناصر خارجية، وقد تكون مؤامرة من أطراف محسوبة على الثورة، لكن ليس هناك معنى واحد لهذا كله إلا أن المجلس العسكرى فاشل ولم ينجح إلا فى الفشل!

ما الحل؟

المفاجأة أنه لا يوجد أى حل، وسيستمر الوضع الذى أحال المرحلة الانتقالية إلى مرحلة انتقامية من الثورة طالما استمرت الصفقة بين المجلس العسكرى والإخوان المسلمين!

اجمالي القراءات 8591