ولكن .. ماذا بعد؟!

د. شاكر النابلسي في الأحد ٠٨ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

ولكن .. ماذا بعد؟!

 

العالم العربي مشغول، ومتابع متابعةً دقيقةً لما يجري الآن في سوريا، وينتظر بفارغ الصبر تقرير المندوبين التابعين للجامعة العربية. وهو - برأينا  - سيكون تقريراً مجانياً لا فائدة منه، ولا يترتب عليه أية حلول جديدة، وجدية، ومفيدة للشعب السوري الثائر، الذي قدم حتى الآن أكثر من 6000 شهيدة وشهيد وطفلة وطفل، وذلك للأسباب التالية، التي يجب أن نفهمها، ونعيها، ونحفظها، ونتصرف حيالها، تبعاً لهذا الفهم، وهذا الوعي:

1-            هناك الكثير من الشكوك الهازلة، بشخصيات المندوبين المُرسلين لسوريا، وخصوصاً الجنرال (الدابي) "البشيري" السوداني، الذي كان جنرال ميليشيا الجنجويد الفاتكة في دارفور ، والذي كان من جلادي الجنوب السوداني، قبل الانفصال، والاستقلال الذاتي. وقام بتلفيق الكثير من التقارير المضللة والكاذبة، عن واقع الحال في دارفور، وفي الجنوب السوداني، وسيفعل الفعل ذاته الآن في سوريا.

2-              يبدو أن أمين الجامعة العربية (نبيل العربي) قد ملأ (خرجه) من جهة خليجية، ذات مصلحة فعلية، في بقاء، واستمرار النظام السوري، لأسباب سياسية واقتصادية، وعلى رأس هذه الأسباب، وجود استثمارات خليجية كثيرة بمليارات الدولارات، في سوريا. لذا، فنبيل العربي يؤكد - تهريجاً وتضليلاً - أن النظام السوري قد سحب الجيش، وآلياته، من شوارع سوريا، في حين تنقل لنا الأخبار، من خلال الفضائيات والصحف، صور وأخبار القتل اليومي للشعب السوري، من قِبل أجهزة النظام البوليسية والعسكرية.

 فهل نبيل العربي لا يقرأ، وإذا قرأ لا يفهم؟

وهل نبيل العربي لا يقشع، وإذا قشع لا يدرك؟

وهل فم نبيل العربي امتلأ بحلوى " كُل واشكر"؟

3-            وماذا فائدة وجدوى تقرير المندوبين – فيما لو نُشر - ؟

فهل لو كان التقرير، يُدين النظام السوري، فأين الجديد في هذا التقرير، والعالم كله قد أدان - منذ شهور - هذا النظام الدكتاتوري القروسطي، بقوة ووضوح؟

وماذا يمكن أن تفعل الجامعة العربية "الكسيحة"، فيما لو تبين لها أن النظام السوري مجرم، وقاتل؟

فهل تملك الجامعة "المُقْعَدة" القوة السياسية والعسكرية الكافية، لردع النظام السوري، أم أنها ستكتفي بإصدار بيان يُدين النظام السوري، الذي يعتبر مثل هذه البيانات كورق الحمَّام، أو أقل قدراً وقيمة؟

4-            إذن، ما فائدة هذه "الضجة الكبرى"، التي أحدثتها الجامعة العربية، وشغلت بها الرأي العام العربي، وكانت سبباً رئيسياً، لتأخير إجراء عسكري دولي، من قِبل مجلس الأمن، كفرض منطقة حظر للطيران، وفرض حظر على الواردات السورية، وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على سوريا، كما حصل على العراق، في عهد صدام حسين بعد عام 1991؟

5-              كانت الجامعة العربية هي "الخيمة العربية" التي جلس فيها النظام السوري (مبرطعاً)، ومستريحاً، ومتكئاً، يشرب القهوة العربية المُرَّة، ويأكل التمر العربي، ويُشهر سيفه في وجه الشعب السوري، يقطع به رؤوس معارضيه، كأي سلطان من سلاطين ألف ليلة وليلة. ومن هنا، رحَّب النظام السوري بالمندوبين من الجامعة العربية، الذين كانوا بمثابة " شهود الزور" في قضية ليسوا قضاتها، ولا المظلومين من الشعب السوري دعاهم للقضاء. وكانت الجامعة العربية ومندوبوها هم من نصب هذه الخيمة، وأقام أعمدتها، وأشعل نارها، ووضب مساندها، وكان مندوبيها هم (صبَّابين) القهوة.

6-              وأخيراً، ماذا بعد هذه "الزفة" من الجامعة العربية؟

إن المستفيد الأكبر والأوحد من هذه "الزفة" التهريجية، هو النظام السوري وحده، الذي استطاع الالتفاف حول ثورة الشعب السوري، وكسب مزيد من الوقت للفتك، بأكبر عدد من الثوار الأحرار. وقد تعددت هذه الصور في العالم العربي. فالنظام الأردني – مثالاً لا حصراً - استطاع الالتفاف على الحراك الشعبي هناك، والفساد المالي والسياسي المخيف، بأن دعا الفلسطينيين إلى الحوار مع الإسرائيليين، وأبدى استعداده لاستضافة اللجنة الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط، وبذلك استطاع النظام الأردني – إلى حين - إلهاء الرأي العام الأردني، والرأي العام العربي، وصرفه بعيداً – إلى حين - عن الحراك الشعبي، وعن فضائح الفساد، التي زكمت الأنوف مؤخراً.

فهل سينطوي كل هذا على الثوار الأحرار، في كل من سوريا والأردن، ومثيلهم في البلدان العربية الأخرى؟

 

اجمالي القراءات 8046