كلمة حق قبل الجولة الثالثة من الانتخابات
سأنتخب أبا لهب

نبيل هلال في الأحد ٠١ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

خرج علينا أحد مرشحي التيار الديني محدثا عن برامجه المستقبلية , واستهل بقطع يد السارق! وهو كلام أثار قلق المسلمين قبل غيرهم إذ يصور قطع الأيدي وكأنه غاية لا وسيلة .وليس هذا بالحديث الذي يقال في مجتمع ينتشر فيه الفقر والبطالة والعنوسة والأمية والجوع والمرض والجهل ويُعد فيه أطفال الشوارع بمئات الألوف .كنت أتوقع أن يكون الكلام عن خطط القضاء على التفاوت الطبقي الهائل في مجتمعنا البائس حيث يأكل البعض من صناديق القمامة والبعض الآخر يأتيه طعامه ساخنا من مطاعم أوروبا, وحيث يعيش البعض في المقابر بجوار الأموات وآخرون يملكون القصور والمساكن الفاخرة في الساحل الشمالي حيث يقيمون فيها مجرد أيام معدودات سنويا . تفاوُت تجد فيه أجر الطبيب لا يتجاوز 400 جنيه شهريا (لا تكفي لشراء قميص وسروال )بينما يتقاضى الواحد من خبراء الصفوة فوق المليون جنيه شهريا ,مجتمع لا يجد فيه الفقير الدواء ,بينما يتم إجراء عمليات التجميل لكبار الدولة على نفقة الحكومة بأموال دافعي الضرائب والفقراء .كنت أتوقع الحديث عن مشاريع للنهضة الصناعية والزراعية وتحقيق حد الكفاية لا الكفاف لكل مواطن مصري ,وعن سياسة تعليمية عصرية وتعليم مجاني بلا دروس خصوصية (مصاريف بعض دور الحضانة تتجاوز العشرين ألف جنيه !) ,عليهم أن يحدثونا عن خطط الاستثمار واستزراع الأراضي وعمارة الصحراء وسيناء وتوطين الناس في باقي مساحة البلاد التي لم تزد مساحتها المسكونة من أيام محمد علي .وكنت أتوقع أن يحدثونا عن نهضة فنية شاملة في الفن والأدب ,لكنهم قالوا بتغطية أو هدم التماثيل في طول البلاد وعرضها ( وطظ في السياحة )!!مع أن نبي الله سليمان كانت الجن تصنع له التماثيل ولو كانت حراما ما كلفها بصنعها , ولو كانت آثار مصر حراما لأمر بتدميرها مسلمو العصر الأول لما فتحوا البلاد بقيادة عمرو . السارق تُقطع يده :أجل ,لكن دعونا نتفق عن المعنى الاصطلاحي لفعل السرقة : إنه الحصول على ما ليس لك ,وهو فعل يتعدى ما يقوم به النشال مثلا في زحمة الأوتوبيس ,إنه يبدأ من النهب الذي يقوم به الملك والرئيس والأمير وكبير الكهنة (هل سمع أحدكم عن ملك أو خليفة قُطعت يده مع أنهم من أشهر السراق على مدار التاريخ ) .وهل لا يُعد سارقا موظف الدولة الذي يتقاضى الملايين ؟ في مجتمع لا يجد فيه الفقير رغيف يطعم به عياله وإن سرقه فذلك وحده من تُقطع يده وربما رقبته .وإذا كان فعل السرقة –كما أسلفنا- هو الحصول على ما لا يصح لك الاستيلاء عليه ,ألا يقع ضمن ذلك الحصول على أصوات الناخبين مقابل قنينة زيت أو كيس عدس؟ أو مقابل إيهامه أن من يصوت بالموافقة سيدخل الجنة , إنها ممارسات تقع داخل دائرة الحصول على مكتسبات بلا وجه حق ,إنها سرقة ,سرقة يا سادة .إنني سأنتخب من يحقق لي الوفرة والكرامة والحرية بصرف النظر عن دينه حتى وإن كان أبا لهب المشرك, فذاك شأنه مع الله .اتقوا الله فينا يا سادة .
 


 
اجمالي القراءات 10657