آن الأوان ليعرف الجميع أن فرعون كان من قوم موسى
فرعون من قوم موسى

محمد صادق في الثلاثاء ٢٠ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

فرعون من قوم موسى

أيها الأخوة والأخوات سلام الله عليكم...

بعد أن تم تحضير الجزء الأخير من " نساء غير النساء " والذى كان عن قصة أم موسى حصرا وبعد نشرها على الموقع وقع تحت نظرى فى إحدى المنتديات كتاب للمهندس عاطف عزت بعنوان " فرعون كان من قوم موسى ". وبما أن توقيت نشر قصة أم موسى جاء فى وقت العثور على هذا الكتاب، فقررت أن اشرككم معى فى هذا البحث وهو على ثلاثة أجزاء إقتطفتها من كتابه وذلك لمناقشة ما جاء فيه وتبادل الآراء وسوف أنشر الجزء الأولى فإذا وجدت هناك إقبال لمناقشة الجزء الأول فسوف اتابعه بالجزء الثانى والثالث .

ولنبدأ بعون الله تعالى...

أود أن أقول للجميع إنها محاولة لإتخاذ القرآن كمرجع للتاريخ ، لهذا أقول للسادة الأفاضل الذين يسألون عن المراجع انه لا يوجد إلا مرجع واحد هو القرآن كنص دينى ومحاولة اعادة قراءته كمرجعية تاريخية . ولما لا  فلنحاول ولنرى لأى شئ سنصل.

آن الأوان ليعرف الجميع أن فرعون كان من قوم موسى وأن المعركة بينهما بكل ما فيها من تعذيب وقتل وســحر وهروب وخروج ، كانت معركة داخلية بين أفراد من نفس القوم ، ولم يكن لمصر ولا لملكها ولا للمصريين في هذه الأحداث ناقة ولا جمل.

مصر... كلمة عظيمة أثارت غيرة وحقد اليهود فحشروها حشراَ في ثنايا القصة ، للصق كل فرية بمصر وبالمصريين ، ويتم تكفير ماضيها بتهمة الشرك ومحاربة الأنبياء ، ويتم تلخيص كل تاريخها في عبارة:

" فرعون طغى وتكبر وقال أنا ربكم الأعلى "

فكان مصيره الموت غرقاً ، وهلاك قومه من المصريين المجرمين ، وعملوا على أن لا يقف الأمر على الماضي بل لابد أن ينسحب على الحاضر ويمتد للمستقبل بحيث لا يصبح للمصريين تاريخ يفتخرون به بل يصبح واجباً عليهم إحالة التراب على تراثهم الكافر وسب أجدادهم والانتساب لغيرهم ، والشعور بالعار لمحاربتهم بني إسرائيل الذين أكرموا مصر بالعلم و الإيمان.

خدعة يهودية كبرى وقع فيها العالم وفضحتها آيات القرآن الكريم المعجز.

تحديد الهدف وتبيان الأسلوب

النقطـــــــة صـــــفر " وبداية لابد منها..."

هل قرأنا آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن تاريخنا بعقل مجرد محايد؟ أم قرأناها طوال 1400.. سنة وبطول وعرض بلاد الدنيــــــــــــا وعقولنا موجهة ومبرمجة لنفهمها على اتجاه محدد وتفســـــير معين لا نحيد عنه ، يمجد بنى إســــــــرائيل ويلعن مصــــــر والمصريين.

هل وقع فعلاً هذا الخطأ ؟

موسى عليه السلام رسول كريم أرسله الله للمصريين الكفرة ، لكنهم حاربوه وعذبوه مع أتباعه فأغرقهم الله واستحقوا اللعنة. هذا هو ملخص القصة الموجودة في كل كتب التفاسير والقصص الدينية بل وفى عقول كل الناس.

بذلت دعاوى يهودية خارقة للصق كل فرية بنا نحن المصريين بدأ من الطغيان والجبروت وانتهاء بالكفر وذلك بإقناع العالم أن بنى إسرائيل عذبوا واستعبدوا في أرض مصر وبأيدي المصريين بهذا يتم وصم مصر والمصريين للأبد. وزاد الطين بلة أن غالبية مفسري القرآن وكتبة قصص الأنبياء أوقفوا العقل عن القراءة المحايدة للقرآن واستسهلوا النقل عن الإسرائيليات فأصبحوا من أكثر المروجين لها وقد لا أكون مبالغاً إذا قلت أنهم قد شكلوا غلاف خارجي متين يحمى الأساطير اليهودية ذلك لأنهم أدخلوها في صلب ألبني الإيمانية لدياناتهم ( الإسلامية) فأصبحوا الخط الأمامي لجبهة القتال اليهودية وظل همهم وشاغلهم ترديد تلك الأساطير والدفاع عنها وتبريرها...

ولما كان الحق أبلج ، ظهر مؤرخ يهودي يدعى "يوسيفوس" وضع في القرن الأول المـــيلادي كتاباَ بعنوان " الرد على ابيون " حاول فيه الدفاع عن قومــه وعشـيرته من اليهود واثبات أن لهم أصل وتاريخ ، وذلك رداً على المؤرخ الإغريقي ابيون الذي سب اليهود ونسب إلـــيهم كل عيب ونقيصة ، ولم يجد يوسيفوس مرجعاً خيراَ من كتــاب للمؤرخ المصري" مانيتون " عن الهكسوس كتبه حوالي عام 28. ق.م

يقول مانيتون : " فى عهد تيماوس أصابنا ، ولست أدرى لماذا؟ نقمة من الإله ، فأندفع نحونا أقوام أسيويون من أصل وضيع جاءوا من المناطق الشرقية ،...هذة الأقوام كلها كانت تدعى هكسوس ومعناها الملوك الرعاة  والبعض يقول أن هؤلاء الناس كانوا عرباَ.

بيد أن يوسيفوس اليهودي استشهد بكتاب مانيتون ليؤكد أن بنى إسرائيل كانوا هم أنفسهم الهكسوس ، ليتباهى باحتلالهم لمصر.

عالم الآثار مارييت يقول:- إن قبائل الهكسوس كانوا خليطاً من العرب وأهل الشام وأكثرهم من الكنعانيين ... وفى التواريخ العربية العمالقة.

يرى بريستد أن أبناء يعقوب ( إسرائيل ) كانوا على أصح الاحتمالات عرباً تابعين لإمبراطورية الهكسوس مؤيداً بذلك نظرية يوسفوس القائلة بأن بنى إسرائيل قوم من الهكسوس . ولا يبعد عن أن يكون وجود هؤلاء الأعراب بمصر سبباً فى تلقيب تلك الإمبراطورية بدولة الرعاة.

يؤكد د.اًحمد شلبى فى كتابه مقارنة الأديان :... الهكسوس هم قوم من الأعراب الذين ذكرهم القرآن الكريم بقوله:

(الأعراب أشد كفراً ونفاقاً}97 التوبة

ويؤكد ذات المعنى ( زينون كاسيدوفسكى) فى قوله:

ويتوقع أن تكون عشيرة يعقوب قد جاءت مصر مع زحف الهكسوس أو بعد أن أقاموا سيطرتهم فيها . وقد أستقبل يعقوب ومن معه استقبالاً طيباً فى مصر لأنهم كانوا أقرباء المحتلين ،.. ومن جهة أخرى ليس من الصعب أن نتوقع أن الفراعنة الهكسوس لم يثقوا بالمصريين ، وكانوا يثقون بأنسابهم الآسيويين الذين يجمعهم معاً المنشأ واللغة.

الهكسوس : لم يكونوا إذاَ شعباً واحداً بل أحلاف من شعوب وجماعات متنوعة. كانوا قبائل شتى من العماليق (الأعراب) والعبرانيين من بنى يهوذا ، وبنى إسرائيل.

رجل من قوم موسى اسمه " فرعــــون"

فرعون هل هو لقب من ألقاب ملوك مصر ؟ أم اسم علم لشخص ؟

هذا هو اللغز الأول الواجب حله...

من أكثر الأشياء غرابة ومدعاة للدهشة إننا نحن المصريين لم نستخدم أبداً لفظ " فرعون " للدلالة على الملك أو على الحاكم طوال تاريخنا.

نؤكد أن كلمة فرعون لم تستعمل في أي وقت من أوقات تاريخنا المصري كلقب حقيقي رسمي للملك ، ويؤكد معنا جميع رجال الآثار المصرية ، مصريين وأجانب ودون استثناء ، أن هذا الاسم لم يستعمل طوال التاريخ المصري إلا خلال فترة حكم الهكسوس لمصر ، ويؤكدون أنة ومنذ هذا الوقت - فقط منذ هذا الوقت - اصبح هذا الاصطلاح لقباً ثانوياً من ألقاب ملوك مصر.

يؤكد معجم الحضارة المصرية : " أن المؤرخين الغربيين وكل من تصدى لدراسة الحضارة المصرية قد نقلوا كلمة فرعون عن لفظ حقيقي رسمي في التوراة.

فعندما قالت التوراة أن حاكم مصر اسمه فرعون قام الجميع بإطلاق اسم فرعون على كل حاكم لمصر- أجنبي أو مصري -وتم تفصيل كل شئ ليتمشى مع ما قاله كتبة التوراة ، فهم الأساس والمرجع ووصل الأمر إلى أن سجلات مصر والعراق كما يقول الصليبي:

قد حُرِّفت على ضوء النصوص التوراتية والتي أجبرت على إعطاء مؤشرات جغرافية وتاريخية تتوافق مع الأحكام المسبقة لدى الباحثين التوراتيينويقول جودت السعد : " ومما لا شك فيه أن كثير من المقولات والمفاهيم أصبحت بتأثير التوراة مسلمات لفترة زمنية طويلة ، رغم وضوح الخطأ، سواء أكان هذا الخطأ تاريخياَ أو منطقياَ أو جغرافياَ  وظل كثيراَ من الباحثين يدورون حولها أو يعالجونها بخجل إذا لم يجندوا أنفسهم لتبريرها.

هذا الموقف الغريب اتخذه الكثير من رجال الدين الإسلامي حيث تم ليّ عنق الآيات الواضحة لتتمشى مع ما يقوله كتبة التوراةحتى رجال الآثار المصرية خضعوا " لمسلمات النصوص التوراتية الخاطئة " وأقنعونا أن كلمة - فرعون - مشتقة من اللفظ المصري ( ب ر - عا) والتي تعني البيت الكبير، ولما كان هذا اللفظ هو أقرب الألفاظ لاسم فرعون فقد ثبت وتقنن وأصبح هو التفسير التقليدي. وأراه تخريج بعيد القبول وفيه تقليد لرجال الآثار الأوربيين الذين جعلوا من التوراة مرجعهم الأول.

أما أنا المصري المسلم فلي مرجع آخر أكثر صدقاً وتوثيقاً ألا وهو القرآن الكريم تليه نصوص حضارتي وقد أوصلاني إلى أن كلمة ( فرعون ) اسم علم لرجل من الرعاة الأعراب الهكسوس الذين احتلوا مصر وحكموها ، واسم هذا الرجل  فرعون ) لا يمت بصله لأسماء أو ألقاب ملوك مصر من المصريين.(

وإليك العديد من الأدلة القاطعة:

أولاً : لم تأتي كلمة فرعون في القرآن الكريم معرفة مثل ( الملك أو الأمير أو الإمبراطور.. ) بل دائماً تأتي نكرة على صورة مجردة هكذا ( فرعون ) مما يدل على انه اسم علم وليس صفة أو منصب.

ثانياً : جاء اسم فرعون ملازماً لاسمين لشخصين من الأعلام مرة قبلهما ومرة أخرى بينهما ، فلا بد لغوياً أن تكون كلمة فرعون اسماً لشخص مثل ما قبلها وما بعدها:

{ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وهامان وقارون } 23 غافر

{... وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات} 39 العنكبوت

ثالثاً : لم يأتي هذا الاسم جمعاً أبداً، فلم ترد أبداً كلمة الفراعين على غرار الأمراء والملوك ، ذلك لأن أسماء الأعلام لا تجمع.

رابعاً : لم يذكر أبداً منسوباً لمصر أو للمصريين فلم ترد آية واحدة في القرآن تقول فرعون مصر على غرار عزيز مصر أو ملك مصر.

والمدهش إنه لم تأتي آية واحدة في القرآن تقول أن فرعون هذا كان ملكاً مصرياً بل جاء وصف إنه كان ملكاً لمصر وليس ملكاً مصرياً ، حتى هذا ، جاء على لسانه هو كنوع من الافتخار فقد نادى في قومه مفتخراً وأنهى نداؤه بقوله:

{ أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتي }51 الزخرف

خامساً : رغم مجيء الأنبياء إبراهيم ويعقوب ويوسف عليهم السلام لأرض مصر ومعاصرتهم لحكام في عصورهم إلا انه لم يطلق على أي من هؤلاء الحكام لقب الفرعون . فالحاكم الذي عاصر إبراهيم أطلق عليه الملك ، والحاكم الذي عاصر يوسف أطلق عليه الملك في خمسة مواضع ، وهناك أيضاً العزيز . بينما الحاكم الذي عاصر موسى أطلق عليه فرعون( بدون -أل- التعريف ) في أربع وسبعين موضعاً.

ألا يدل هذا على إنه اسمه المجرد...

هل هناك أبين من هذا ؟ نعم هناك

سادساً : جاء مصحوباً بياء النداء ، وهي تأتي مع أسماء الأعلام مثل يا أحمد ويا مصطفى ... الخ .ففي القرآن الكريم:

{ وقال موسى يا فرعون ... } 104 الأعراف

ففــرعون اسم علم للرجل وليس لقباً وإلا كانت قد جاءت يا أيها الفرعون على غرار الآية:

{ قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر } 88 يوسف

بل إننا نقرأ ديالوج بين موسى وفرعون يتحدث فيه كل منهما مع الأخر باسمه المجرد وبدون تكلف:

قال فرعــــــــون :...{ إنى لأظنك يا موسى مسحورا } 101 لاسراء

ورد عليه موسى:...{ وإنى لأظنك يا فرعون مثبورا } 102الاسراء

سابعاً : من الاستحالة أن تكون كلمة فرعون لقباً لحاكم لأن الألقاب تقرن بأسماء الملوك بغرض التفخيم والتعظيم . وتطلق مجردة زيادة في التفخيم ، هذا ولما كان النص القرآني قد أفاد فى كثير من الوجوه إجرام هذا الملك ووصفه بكل عيب ونقيصة ، فليس من المعقول أن يأتي النص بعد ذلك معظماً له فيناديه بلقبه ( تعظيماً ) وليس باسمه ( تقليلاً

ثامناً : جاء اسم فرعون كاسم علم خالص في مصدر من أهم مصادر التاريخ القديم ، فقد أتى عشرات المرات في التوراة على هذا النحو:

" فرعـــــــــــــون ملك مصــــــــــر " 11 إصحاح 6 الخروج

" فاشتد قلب فرعـــــــــــــــــــون " 13 إصحاح 7 خروج

وكان لابد أن تذكره التوراة باسمه ، وإلا كان سيعد من الغرائب أن لا تذكر التوراة اسم الملك الذي سامهم سوء العذاب.

أم ترى أن هذا الملك لم يكن مهماَ ؟

هذا في حين أن التوراة نفسها لم تتردد فى ذكر ملكين مصريين آخرين أقل أهمية هما " شيشنق" و" نخاو" بإسميهما.

إن بدا هذا معقولاً ...نردف بأدلة أخرى...

تاسعاً : لم تأتي كلمة فرعون كلقب مقرون بالاسم الشخصي للملك طوال التاريخ المصري إلا في عهد أحد الشناشقة من الأسرة الثانية والعشرين مرة ، ومرة أخرى في عهد أحد الشناشقة أيضاً من الأسرة السادسة والعشرين وهما أسرتان ليبيتان.

وهنا يفجر الأستاذ الكبير على فهمى خشيم سؤال هام يقول:

أليس مثيراً للدهشة حقاً أن يرتبط أقدم مثل لارتباط لقب " فرعون" باسم الملك بأسرتين ليبيتين المفروض أنهما غريبتان.

أليس عجيباً أن ترتبط الفرعونية بالغرباء عن مصر ؟

يصل خشيم إلى أن التفسير الوحيد الممكن هنا هو أن هذه الفرعونية وأصلها ومشتقاتها ليست قطعاً خاصة بمصر ، بل الأصل تعبير عروبي سواء جاء من شرق مصر أو غربها أو نبع منها ذاتها ، متعلق جذراً واستعمالاً باللغة العربية وأخواتها من اللغات العروبية الأخرى.

* ويمكن القول أن أصل اسم ( فرعون ) هو الفعل ( فرعن ). والنون في آخر الكلمة أصلية في أثناء تطور العربية واستعيض عنها بالتنوين الذي ينطق ولا تكتب نونه ، أو أن الجذر العربي ( فارع ) هو أصل فرعون ويعني العلو والطغيان وهذا وارد.

* أو ربما يكون الاسم مشتق من اسم البلدة العربية التي أتى منها وهى ( فاران ) كما يقول ابن عبد الحكم في كتابه فتوح مصر.

.أن كلمة فرعون مأخوذة من اسم قبيلة( فرعا ) الموجودة حتى الآن في وادي عسير غرب الجزيرة العربية

نخلص من هذا أن كلمة فرعون كلمة عربية ولفظ عربي صميم جاء مع الغزاة العبرانيين والأعراب بشهادة أهل اللغة ورجال الآثار والتاريخ الإسلامي وقبلهم جميعاً القرآن الكريم الذي يصف فرعون بنفس المشتقات العربية العلو والطغيان.

{إن فرعون لعال في الأرض } 83 يونس

{فرعون إنه كان عالياً في الأرض } 31 الدخان

{اذهب إلى فرعون انه طغى } 17 المنازعات

{ فقال أنا ربكم الأعلى } 24 المنازعات

هكذا إذاً هو ألامر.

وإن لم يكن هذا مرضياً ، إليك أدلة أخرى...

عاشراً : أجمع ثقاة علماء الآثار المصرية وعلى رأسهم السير ألالن جاردنر في كتابه النحو المصري ، والسير آرثر ايفانز، والعالم ألن شورتر ، والعديد غيرهم أن كلمة ( ب ر – عا) المعتقد إنها اًصل كلمة فرعون باللغة المصرية ، معناها الحرفي البيت الكبير أو القصر وليس لها أي علاقة بشخص الملك أو اسمه.

حادى عاشراً: هذا الاسم ( فرعون ) غير متداول فى بلادنا لا قديماً ولا حديثاً ، ويكاد ينعدم استخدامة بيننا فلا تجد شخص منا اسمه أو لقبه فرعون ؛ ولكنك ستجده منتشراَ وبكثرة حتى اليوم فى السعودية واليمن والأردن والعراق وعند العديد من جيراننا العرب كاسم علم للكثير من الأشخاص والعائلات الكبيرة والمشهورة ، ومن أشهرهم عائله الدكتور " رشاد فرعون" الدبلوماسي السعودي المعروف ، وعائلة ميشيل فرعون وزير الدولة لشؤن مجلس النواب اللبنانى ، وفى المؤتمر الأول لمنظمة المرأة العربية الذي عقد في البحرين عام 26 تم تكريم ‏السيدة السورية قمر فرعون ، كذلك هناك ليف فرعون البطل السعودي في الزوارق المائية ، وإذا سألت عن فرعون الشعر فهو شاعر مضر " ناصر الفراعنه " والفراعنة فخذ من قبيلة سبيع بالجزيرة العربية ، أما الأدهى فهو اسم المدعى العام العراقى القاضى الذى حضر إعدام صدام حسين فاسمه " منقذ آل فرعون " من عشيرة آل فرعون بالفرات الأوسط ، أما اسم أخوه فهو عاد آل فرعون.

ويالها من مفارقة تثير العجب...

ففرعون اسم آرامى يخص العرب والعبرانيين مثله مثل( خلدون زيدون بيضون سمعون هارون قارون شارون جدعون رعنون مامون رحمون شمشون وكلها اسماء اراميه قديمه.

اما هامان فمنتشر أيضا عند العرب ويعنى هام جدا, فالمقطع ( آن ) يعنى جدا ومثله مثل ( غسان سلمان سمعان فهمان عمران خلفان مهران) وكلها كما لا يخفى أسماء عربية وعبرانية.

لكن الأعجب أن يختاره الرسول الحكيم ليطلقه على أبو جهل رأس كفار العرب ، فاسماه على وجه الخصوص " فرعون قومه " ، ونقرأ أن لحسان بن ثابت حصنا شامخا من حصون يثرب اسمه حصن  فارع  ، وفارع هو المصدر العربي لكلمه فرعون ، وحديثاً نجد اسمه مخلداَ للعديد من الأماكن فى العديد من الدول العربية ففى فلسطين  قرية " فرعون" ومدرسة بنات فرعون وجبل فرعون بمحافظة طولكرم ، وعلى جبل لبنان بلدة " فرعون" وفى قلب بيروت شارع فرعون وبنك فرعون لمؤسسه ناجى فرعون وأشهر قصورها " قصر فرعون " ، وحتى لا تستثنى دولة عربية من الافتخار بفرعون وجدنا بالأردن وفى مدينة العقبة جزيرة " فرعون".

لكن المدهش انه لا يوجد فى أي مكان من أرض مصر أثراً منسوب لفرعون ،غير " حمام فرعون " و "عيون فرعون " الذي يوجد وللعجب في سيناء حيث كان يعيش فرعون مع قومه المحتلين لمصر في ذلك الوقت.

وسؤال يطرح نفسه ، وأظن ان من حقنا أن نعرف الإجابة لماذا إنتشر هذا الاسم بين العرب وكاد أن ينعدم فى بلادنا ، إلا على الأماكن التى عاش فيها فعلاً – فى سيناء ؟

ثالث عشر : المراجع الإسلامية

من المراجع الإسلامية أن نأتي بخبر فرعون كاملاً وعلى الترتيب التالي:

طمعت في مصر العمالقة .........(كتاب الفضائل الباهرة).) 1-

2- وكان أولهم يقال له ( فرعــــون ) فصار ذلك اسماً لكل من تجبر وعلا أمره ........(المواعظ والاعتبار للمقريزى).

3- كان من بلدة " فاران " وفاران بطن من بطــون " قضاعة " ................ ( فتوح مصر لإبن عبد الحكم).

والجميع يعرف أن برية فاران هى البرية القاحلة التى نشأ فيها إسماعيل ابن إبراهيم (عليهما السلام) وكانت منبت العماليق أنساب إسماعيل وهم من العرب العاربة ومنهم أيضا عاد وثمود.

4- كما نرى في المراجع الإسلامية

قال قتادة : " الفراعنة أولهم كان في زمن الخليل.. ثم الثاني وهو فرعون يوسف ، ثم فرعون موسى..."

قال أبو الفدا : " وكان من العمالقة " فراعنة مصر." قال إبن خلدون : ومن العماليق ( فراعنة) مصر

إن جميع المؤرخين المسلمين يؤكدون أن ملوك العماليق ( الهكسوس ) هم فقط الذين يحملون لقب فرعون ولسبب غير معروف لا أحد يهتم بما قاله المؤرخون القدامى عن فرعون خاصة ، ويتهمونهم بالتهويل والمبالغه.

 

هل تجاهل القرآن الكريم اسم هذا الملك الجبار ؟

وكيف يتجاهله ولا يأتى به وقصته مع بنى إسرائيل من أهم وأطول قصص القرآن الكريم وأكثرها جدلاَ ؟

عرض الأستاذ سعيد أبو العينين على خمسة من رجال الدين الأفاضل هذا السؤال:

لماذا لم يذكر القرآن الكريم اسم فرعون ؟

أجاب حضرتهم : " أن الله قد أخفى اسمه لأنه لا فائدة من ذكره، لأن القرآن يستهدف العبرة من التاريخ ولا يستهدف الأشخاص". ومع احترامي لإجاباتهم - التي جاءت بعبارات معتادة مكرره رغم وضوح الخطأ - إلا إنها ليست منطقية ذلك لأن القرآن قد أتى وفى نفس القصة بأسماء مثل قارون وهامان وكلاهما كان جباراَ ومعاصراَ لفرعون وكلاهما أقل شأنا وتأثيراَ ومع ذلك أتى الله بأسمائهم. وفى آيات أخرى ذكر عاد وثمود وآزر وغيرهم.

الآن ... نستطيع الإجابة عن السؤال ونقول:

لا ...لم يتجاهل القرآن الكريم اسم هذا الملك الجبار الذي عذب بنى إسرائيل ، بل أورده أربع وسبعين مرة ، باسمه " فرعون ".

كذلك لم تتجاهل التوراة اسمه بل أتت به مجرداً هكذا " فرعون " رغم محاولات تعميمه على كل ملوك مصر. 

لماذا أصبح اسم فرعون لقب لكل ملوك العماليق؟

يقول المقريزى: ( فرعون ) صار اسماً لكل من تجبر وعلا أمره.

من هنا أطلق المؤرخون هذا الاسم على كل ملوك العماليق حتى الذين سبقوا فرعون نفسه ، وأصبح قاصراً عليهم فقط ، وهو على كل حال أمر شائع فكثير من أسماء الأعلام تحولت مع مرور الوقت إلى ألقاب مثال كسرى ...كان حاكماَ للفرس ولكنه تحول مع الوقت الى لقب لكل من ملك الفرس وتسموا بالأكاسره.

 وهكذا النجاشى أصبح لقباَ لملوك الحبشة- يوليوس قيصر ...كان حاكماَ للرومان ، ولكن اسمه تحول للقب لكل من حكم بعدة وتسموا بالقياصره - منذ أن أسسنا نحن المصريين حضارتنا نطلق على الحاكم اسم الملك ، ورغم ظهور كلمة فرعون واستعمالها للدلالة على الحاكم بعد طرد الهكسوس ، إلا انه لا يوجد ملك مصري واحد نقش هذا اللقب فى الخرطوش الخاص به – فمن المتعارف عليه أن أسماء الملوك تكتب فى مستطيل يسمى بالخرطوش الملكي يحتوى الاسم والألقاب - ولم يحدث أن وجدت كلمة فرعون داخل أي خرطوش ، فلم نكن نكتب إلا الألقاب الملكية المصرية مثل:

1- ن ب وتعني السيد ، وهناك " ن ب - ب ر " ومعناها سيد البيت ، و " ن ب ت . ب ر " ومعناها ربة البيت.

2-  ن س و  وكان يدل على ملك الوجه القبلي

3- ب ت  استعمل هذا اللقب للدلالة على ملك الوجه البحري ولكن بعد توحيد القطرين ادمج اللقبان واصبحا لقباَ واحداَ " ن س و ب ت " أي ملك الوجهين.

4- ح ق و هى تعنى الحكمـــة والحــق ، كما تعنى العالم بأسرار الطبيعة وما وراء الطبيعة . وفى معجم جاردنر نرى كلمة " ح ق ت " تعنى السيف كما تعنى أيضا العدل والوزن.

سا – رع : لقب من الأسرة الرابعة ويعنى ابن الشمس.5-

6- حر – نوب : وهو يعنى صقر السماء الذهبي.

نخرج من هذا بأنه كان هناك أقوام بدو جبارين همج من الأعراب والعبرانيين استولوا على حكم مصر أُطلق عليهم اسم الهكسوس ، وفى آخر أيامهم ملكهم رجل طاغية اسمه فرعون ، فأرسل الله إليهم من أنفسهم رسولاَ كريماَ هو موسى عليه السلام ، الذي طالب بإخراج قبيلته بنى إسرائيل من وسط قبائل الهكسوس الهمجية ( والتي تم طردها على يد أحمس ملك مصر العظيم أثناء خروج موسى مع قومه) ولجبروت هذا الملك " فرعون " تحول اسمه إلى لقب لكل ملوكهم المحتلين لمصر ، ولكن اليهود نجحوا في جعله لقباَ لملوكنا نحن المصريين بهدف الإدانة. وتقنن الوضع الكاذب ، لسيطرة الإسرائيليات على القصص الدينية التي أصبحت مرجعنا الوحيد من جهة ، وعدم إجادتنا لقراءة تاريخنا بل وكتابنا المقدس الكريم من جهة أخرى ، ومع التكرار ، تقرر الوضع الكاذب وأصبح هو الحقيقة.

نموذج من الخراطيش الملكية

لم يحدث أن وجدت كلمة فرعون داخل أي خرطوش طوال التاريخ المصري لأنه ببساطة لم يكن رجل مصرى.

 

امرأة فرعون من قوم موسى.

إنها واحدة من أقوام الأعراب والعبرانيين( الهكسوس) غير أنها آمنت بدعوة موسى المرسل إليهم.

يقول أبن كثير في قصص الأنبياء : (أنها آسية بنت مزاحم بن عبيد ابن الريان الذي كان فرعون مصر فى زمن يوسف).

وفي كتاب أضواء على السيرة النبوية : قال الأخباريون أنها آسيه بنت مزاحم بن عبيد بن الريان فرعون يوسف وجعلوها من العماليق.

هذه ليست أقوالنا ، بل جزء من فيض من أقوال المؤرخين المسلمون فأرجع إليها إن شئت الحقيقة.

نرجع أيضاً إلى أسمها " آسيا بنت مزاحم " إننا أمام أسماء من صلب بنى إسرائيل ، وليس بها مجرد ملمح أسم أو لقب مصري ، ومع ذلك نتغاضى ونسد آذاننا و نجعلها وزوجها من المصريين .

إن نسبها يصل لملك العماليق فى زمن يوسف لهذا من الطبيعي أن يتزوجها ملك العماليق فى زمن موسى.

وأخيراً يحكى السهيلى ويؤكد : …. أنها كانت من بنى إسرائيل من سبط موسى بل وكانت عمته: ليؤكد كلامنا أن فرعون كان من قوم موسى.

عندما انتشل آل فرعون موسى من الماء قالت زوجته:

{.. قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا } 9القصص

تقول المرأة التى وجدت الطفل : { عســــى أن ينفعنا....}

إن كانت هذه المرأة زوجة ملك مصر فإنها ستكون سيدة ملكات الأرض وزوجة أقوى الملوك وأكثرهم جاهاَ وسلطانا.

بعد هذا المقام والسلطان ..أمن المنطق أن تشير لطفل انتشلوه من الماء وتقول : عسى أن ينفعنا ؟

ينفع من ؟!!! وينفعهم بأي شيء ؟

انه مجرد طفل قد يكون لقيطاَ أو يتيماَ ، لا هي ولا غيرها يرى أو يدرى غير هذا في هذه اللحظة.

أيستقيم أن تكون القائلة زوجه ملك دولة مثل مصر ؟ أو أي دولة ؟

سيكون القول مقبولاً فقط في حدود قبائل البدو العبرانيين والرعاة الأعراب التي تنتسب إليهم هذه المرأة رغم إجلالنا لها ولحكمتها.

وحتى تزداد ثقة فيما نقول أرجع لما قاله الذي اشترى يوسف (علية السلام) وكان دون أدنى شك من الهكسوس الأعراب المحتلين لمصر فقد قال لامرأته:

{..أكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا } 21 يوسف

أرأيت أي خلاف بين كلام الرجل وكلام المرأة ؟

إنهما من شعب واحد ، بعقلية واحدة ، ويستخدمون عبارات واحدة بل وبنفس المفردات والترتيب.

أرجو أن يكون هذا معقولاً ؟

 

قابلتي بنى إســــــــــــــــــــــــــرائيـل

وكلف ملك مصر قابلتي العبرانيات اللتين اسم إحداهما شفرة والأخرى فوعه . وقال "حينما تولدان العبرانيات وتنتظرانهن على الكراسي ، إن كان أبنا فاقتلاه وإن كان بنتاً فتحيا ولكن القابلتين خافتا الله ولم تفعلا " إصحاح1 خروج 15

دعونا نذهب للمنطق ... إذا كان هذا الملك فرعون مصرياً لماذا عين قابلتين من العبرانيات ليقتلا الأولاد من بني إسرائيل ، أكان من الصعب عليه وهو ملك ملوك الأرض أن يأتي بعساكره و جنده أثناء ولادة العبرانيات وينتظروهم على الكراسي ؟

ولماذا لم يعين قابلات مصريات ؟

ولماذا لم يأمر من الأساس بإبادة هؤلاء العبيد؟

ولماذا ترك الملك ( بافتراض أنه مصري ) كل أساليب الهيمنة والجبروت والقوة والسطوة والسلطة والوزراء ورجال الدولة والهيلمان والمقام الكريم ونزل بنفسه ليتفق أو بمعنى آخر ليتآمر مع قابلتين من بني إسرائيل ليقتلا أولادهم ؟

ألا ترى معي أنها قصة ساذجة إن كانت تتحدث عن مصر وملك مصر ؟ اللذان تم لصقهم بالقصة بسوء نية ، وتبدو فقط معقولة إن كانت أحداثها تجري هناك في  مدينة على حدود مصر يعيش فيها طائفة مستضعفة صغيرة العدد ( لهما قابلتان فقط ) مع طوائف أخرى مستبدة وللجميع زعيم بدوي جلف اسمه فرعون.

تقرر التوراة أن القابلتين ومعهم نساء بنى إسرائيل كثيراً ما كن يخدعن فرعون ويتركن أولادهن على قيد الحياة دون أن يدرى بهم أحد ، بيد أن أم موسى لم تنجح في ذلك إلا لمدة وجيزة اضطرت بعدها لقذفه فى اليم ، ذلك لأنها كانت تعيش داخل القصر ومن الصعب عليها إخفائه أكثر من هذا.

الملأ حول فرعون من قوم مــــوسى

دخل موسى ذات يوم المدينة فوجد رجلين يقتتلان هذا من شيعته والآخر من عدوه ( لاحظ أن الحق سبحانه لم يقل أن الآخر مصري بل اكتفى بقوله من عدوه ) فوكزه موسى فقضى عليه . وفي اليوم التالي كاد يتكرر نفس المشهد.هنا:

{... جاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك } 20القصص

جاء الرجل ليس من لمدينة حيث يعيش القوم بل من أقصى المدينة حيث يعيش فرعون وملأه وحاشيته - ويبدو أن القتيل كان من هذا الملأ - جاء الرجل مسرعاً فقد كان يعرف حجم المشكلة التي أصبح فيها موسى فعلى ما يبدو أن القتيل على صلة قرابة بأفراد الملأ.

تتحدث الآية عن تآمر ، والتآمر لا يكون إلا بسبب سياسي ، وليس لمجرد إنه قتل فرداً من الرعية ، فهذا غير هام ، فالرعية بلا وزن خصوصاً عندما يكون القاتل قرة عين البيت الحاكم..

إن الذي يطلب رأس موسى الآن هم الملأ يأتمرون بك ليقتلوك } 18 القصص

ومن أفراد هذا الملأ شيوخ الأعراب وبنى إسرائيل وقارون ابن عم موسى نفسه وملأ بنى إسرائيل هم الذين كانوا يخيفون الشباب ويمنعوهم من الإيمان بموسى. انظر إلى الآية الكريمة المعجزة:

{ فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ، على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم } 83 يونس

 

آمن لموسى بعض الشباب من قومه على خوف لا من فرعون فحسب ، بل وخوف من شيوخ بني إسرائيل أنفسهم ، وهم المعنيين بكلمة وملئهم . أي الملأ من بني إسرائيل أنفسهم وإلا فما معنى كلمة ( وملئهم ).)

كما أن عبارة " فما آمن لموسى " تؤكد أن بنى إسرائيل كانوا جميعاً من الكافرين ، إلا ذريه من قوم موسى آمنوا على خوف من فرعون ومن شيوخ بني إسرائيل أنفسهم الذين كانوا يقومون بالفتنة.

كان قارون وهامان على رأس ملأ فرعون وهم أشراف القوم الذين يلتفون حول أي حاكم ويأتون له بالنصح والمشورة وعن هذا الملأ يقول سبحانه: وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات } 38 العنكبوت

نحن أمام رسول أرسل لقومه بالبينات ، الآن نتأكد أن موسى جاء بالبينات لقومه وعلى رأسهم قارون وفرعون وهامان

كان هذا إذاً السبب الأساسي في هروب موسى والإجابة عن سؤال طالما حيرنا إذا كان الشخص الذي قتله موسى مصرياً ، فلماذا خاف وهرب ؟

أليس هو الأمير قرة العين ربيب القصر الملكي ، أليس هو الذي قررت زوجة فرعون أن تتخذه ولداَ علة ينفعهم ، وهل كان من الممكن أن يأمر ملك الملوك بإعدامه وهو الأمير المدلل لمجرد إنه قتل فرداً من الرعية ؟

لن تجد إجابة على كل علامات الاستفهام هذه إلا باعتبار أن القتيل كان على صلة قرابة بالملأ حول فرعون وكانوا من قبيلة أخرى معادية لقبيلة بني إسرائيل داخل جحافل الهكسوس الأعراب.

مؤمن آل فرعــــــــــــــــــــــــــــــــــون

{ وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم } 28 غافر

هذا الرجل اسمه سمعان ابن إسحاق ... ( تفسير الألوسي) ولكن الثعلبي قال اسمه حزقيل ابن صبورا وأجمعت معظم التفاسير على إنه أبن عم فرعون.

ويقول ابن كثير : وزعم بعض الناس إنه كان إسرائيلياماذا يريدون أكثر من ذلك ، سمعان ابن إسحاق أو حزقيل ابن صبورا أسماء عبرية من صلب بنى إسرائيل يحملها رجل إسرائيلي من قوم موسى ، وفي نفس الوقت ابن عم فرعون

لاحظنا شيئاً يبدو هاماً... هذا الرجل عندما أراد أن يعظ قومه حذرهم من مصير أقوام معينين من أمم ماضية ( وليس كل الأقوام ).

{ قال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب . مثل داب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم .} 3. غافر

إنه يحدثهم عن قوم نوح وعاد وثمود وكلها أقوام من العماليق الأعراب الذي يعرف تاريخهم جيداً لأنهم أجداده ، فهو مثلاً لم يحدثهم عن قوم إدريس لأنهم مصريون ولم يحدثهم عن لقمان ذلك الحكيم المصري ( هذا بغض النظر عن الرسل والمنذرين لكافة أمم الأرض ومنها الصين والهند وفارس وهى أمم ذات علوم وحضارات عظيمة ) فقط يحدثهم عن قوم ( نوح) الإعراب ، وقوم ( عاد ) وكانوا عرباً يسكنون الأحقاف ، وقوم ( ثمود) وكانوا عرباً عاربة يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك . والذين من بعدهم أي ( الذين أرسلوا إلى أقوامهم المحتلة لمصر ) ، فمؤمن آل فرعون يعرف ونحن أيضاً نعرف ، أن الأعراب من قوم نوح أول من أقاموا أنصاب ( أصنام ) لبشر وعبدوها ، ثم جاءت عاد الأولى وكانوا أول من عبدوا الأصنام بعد الطوفان وكانت أصنامهم ثلاثة صمدا ، وصمودا ، وهرا يعرف أيضاَ بالتفصيل ما حدث في العهد القريب وما فعله أهله وقومه من الهكسوس ومن بني إسرائيل بيوسف (عليه السلام) الذي أرسل لا محالة في زمن الهكسوس فهو منهم وإليهم إن يوسف هو الجد الثاني لموسى ، ويكون موسى بكل بساطة في نفس العهد ومرسل لنفس القوم لهذا عاتبهم الرجل المؤمن على غبائهم بقوله:

لقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً} 34 غافر

وبسبب أواصر القربى بين الرجل المؤمن وبين فرعون من جهة وبينهما وبين موسى وهارون من جهة أخرى ، لم يأمر فرعون بسجنهم أو تعذيبهم فضلاً عن قتلهم ، و اكتفى فقط بالتهديد بالقول دون الفعل بينما عذب إتباعهم دون تردد والدليل خروجهم في جحافل لا تقل عن 6 ألف مقاتل غير النساء والأولاد والمؤن والعتاد.

المقالة التالية بعنوان " موسى ... ولد داخل قصر فرعون ! بإذن الله تعالى وإن كان فى العمر بقية.

اجمالي القراءات 37791