وهم نظرية الانفجار العظيم ووجود الأراضي السبع
الإعجاز القرآني فيما ورد عن خلق الغلاف الجوي للأرض (سماوات الأرض)

خليل معلمي في الجمعة ١٦ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا: المقدمة

لقد أثبت القرآن الكريم منذ ظهوره أنه من أعظم المعجزات التي أنزلها الله سبحانه على عباده ليؤمنوا بوجوده و بوحدانيته؛ فبخلاف كل ما أنزل و ما يوجد من معجزات و آيات، مرئية أو مسموعة أو ملموسة أو غيرها، و التي جحد و لا يزال يجحد بها العديد من بني البشر، يبقى الإنسان دائما ضعيفا و عاجزا على الإلمام بكل ما يختزله القرآن من حقائق و غيبيات و غيرهم من الأشياء، تجعله دائما مشدودا إليه يبحث في خباياه، لا يستطيع احتواءه فيستعلي عليه كما فعل مع باقي الآيات الإلهية؛ و في هذا السياق نذكر بالآية الكريمة :

 "وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرۡسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيۡنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبۡصِرَةً فَظَلَمُوا۟ بِهَا وَمَا نُرۡسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخۡوِيفًا (59) " الإسراء

 

من خلال هذا البحث سنتطرق لإحدى مظاهر الإعجاز للقرآن الكريم فيما يخص الإخبار عن خلق الكون، سيمكننا ما توصلت إليه البشرية بفضل تطور العلوم والوسائل التكنولوجية من استخراجها للعالم بأسره لتكون برهانا آخر لكل مرتاب كفور و ليستيقن الذين آمنوا و يزدادوا إيمانا وذالك تماشيا و قوله تعالى:

"سَنُرِيهِمۡ آيَاتِنَا فِى الۡآفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمۡ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ الۡحَقُّ أَوَلَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىۡءٍ شَهِيدٌ (53)" فصلت.

 

الأمر يتعلق هذه المرة بما ورد في كتاب الله عز و جل بشأن خلق سماء أو سماوات الأرض و ما يقدمه هذه الأخير من إجابات شافية عن زمن و كيفية خلقها منسجمة مع بعض ما أصبح متداولا من نظريات علمية معاصرة.وإننا لا نخفي تعارض ما سنقدمه من خلال هذا البحث مع بعض ما هو متداول من تأويلات قرآنية تخص آيتين كريمتين من الذكر الحكيم، بحيث سنحاول جاهدين تعليل رؤيتنا بالإعتماد حصريا على بعض آيات الذكر الحكيم و داعين من الله عز و جل أن يوفقنا في إظهار بعض ما خفي عنا من حقائق ربانية.

 

هكذا فإن مضمون هذا البحث يكتسي طابعين مختلفين: الأول يتعلق بإظهار وجه الإعجاز القرآني في بعض آيات القرآن تخص خلق الكون، والثاني يتعلق بإعادة تأويل بعض آيات خلق الكون نعتبرها مصدرا أساسيا للإعجاز القرآني الذي هو موضوع هذا البحث. إن أول شيء سنتطرق له، بعد هته المقدمة،  يخص ما ورد في القرآن الكريم من آيات فيها خلق السماوات السبع العلى و الأرض أو على الأصح خلق الكون، بحيث سنستخرج الخطوط العريضة التي سنرتكز عليها في ما بعد. بعد ذلك سنحاول البث في زمن و كيفية خلق سماء الأرض، وذلك استنادا فقط على ما جاء به القرآن الكريم، لتتم مقارنتهما مع ما جاء به العلم الحديث في المرحلة الموالية لإظهار الإعجاز القرآني في هذا الخصوص. أخيرا و استنادا على ما توصلنا إليه سالفا، سنخوض في إعادة تأويل آية كريمة، خلص البعض بأنها توحي بوجود سبع أراض في الكون، ستصبح بعد ذلك مصدرا مكملا للإعجاز العلمي المحوري لهذا البحث.

وتجدر الإشارة على أنه سيتم من خلال هذا البحث المتواضع أيضا ضحض نظرية الانفجار العظيم، التي طالما ساندها المسلمون وذلك لموازاتها للرتق و الفتق الوارد ذكرهما في القرآن الكريم، معتمدين في الآن ذاته على تحليل منطقي لآيات الذكر الحكيم و على ما يقدمه العلم الحديث من  معطيات لم تكن في علم الإنسان فيما مضى. وقد صدر كتاب عن العالم Salomon Borensztejnتحت عنوان  " L’mposture du BIG BANG"، ستة أشهر بعد محاضرة عمومية كنت قد ألقيتها بتاريخ 18 فبراير 2010 بكلية الطب و الصيدلة بمدينة فاس لأعرف بنتائج بحثي، يقند فيه هته النظرية و يصفها بالخدعة التي أضاعة على الإنسانية سنوات طويلة من البحث في هذا المجال.

 

 

ثانيا : الخلق العظيم للأرض و السماوات السبع العلى في القرآن الكريم

أ- التعريف بالسماء

إن ذكر السماء جاء إفرادا و جمعا في القرآن الكريم في آيات عديدة و يتغير المقصود بها باختلاف معاني الآية التي ورد فيها ذكرها. و يمكن تقسيم ما يراد به بالسماء أو السماوات في الآيات الكريمة إلى ثلاثة أقسام بحيث يمكن أن يقصد بها:

 

- سماء أرضنا التي ينزل منها الماء كما ورد في:

 "وَأَرۡسَلۡنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلۡنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَسۡقَيۡنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمۡ لَهُ بِخَازِنِينَ (22)" الحجر

 

- أو السماوات العلى، بما فيهن السماء الدنيا التي تضم الأرض و ما معها من نجوم و كواكب، مجتمعة على شكل مجرات، و عوالم كونية أخرى كما ورد في الآية الآتية:

 " تَنزِيلًا مِّمَّنۡ خَلَقَ الۡأَرۡضَ وَالسَّمَاوَاتِ الۡعُلَى(4) الرَّحۡمَٰنُ عَلَىٰ الۡعَرۡشِ اسۡتَوَى (5) " طه

 

- أو كل ما على و ارتفع فوق رؤوسنا كما جاء في الآية الكريمة:

" قَدۡ نَرَى تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِى السَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةً تَرۡضَاهَا فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ الۡمَسۡجِدِ الۡحَرَامِ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّوا۟ وُجُوِهَكُمۡ شَطۡرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوۡتُوا۟ الۡكِتَابَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ الۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ (144)" البقرة،

و في هته الحالة يقصد بها سماء الأرض و السماء الدنيا أيضا.

ب- خلق السماوات السبع العلى و الأرض (خلق الكون)

من خلال القرآن الكريم نجد أن أول ما خلق الله تعالى في كونه العظيم هو الأرض التي نعيش عليها ثم السماوات السبع العلى التي توجد الأرض و باقي الكواكب و النجوم وغيرها من العوالم الفضائية، التي لا حصر لها، في أولاهن. وأول الآيات الكريمة التي نستشهد بها على هذا الخلق هي:

-1-

" تَنزِيلًا مِّمَّنۡ خَلَقَ الۡأَرۡضَ وَالسَّمَاوَاتِ الۡعُلَى(4) الرَّحۡمَٰنُ عَلَىٰ الۡعَرۡشِ اسۡتَوَى (5) " طه

 

-2-

"هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعـاً ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓإِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّيٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَـٰوَٰتٍۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَىۡءٍ عَلِيمٌ (29) " البقرة

 

و نختم بما ورد في الآيات الآتية من سورة فصلت، وهي آيات تفصل بالتدقيق المراحل الأولى لخلق الأرض و السماوات السبع العلى، ولا يوجد تفصيل أدق من هذا لهذا الخلق في كل القرآن الكريم.

-3-

" قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الۡأَرۡضَ فِى يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَٰلِكَ رَبُّ الۡعَالَمِينَ (9)

وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِن فَوۡقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقۡوَاتَهَا فِى أَرۡبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ (10)

ثُمَّ اسۡتَوَىإِلَى السَّمَآءِ وَهِىَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ اِئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهًا قَالَتَا أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ (11)

فَقَضَاهُنَّ سَبۡعَ سَمَاوَاتٍ فِى يَوۡمَيۡنِ وَأَوۡحَى فِى كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنۡيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفۡظًا ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ الۡعَزِيزِ الۡعَلِيمِ (12) " فصلت

 

من خلال هته الآيات الكريمة الأخيرة من سورة فصلت يبين لنا سبحانه مراحل الخلق العظيم الأولى للكون المتمثل في الأرض و السماوات السبع العلى و ذلك مع تحديد الحيز الزمني (من المنظور الإلهي) الذي خصصه جل و على لكل منهما، بحيث نستنبط بوضوح كبير أن الله عز وعلى بدأ بخلق الأرض في يومين ثم جعل فيها جبالا من فوقها و بارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام، وهذا يعني أن خلق الأرض و ما فيها جميعا، حسب ما ورد أيضا في (-2-)،  كان في ستة أيام، وهذه حقيقة مطلقة سنرتكز عليها فيما بعد. ثم بعد ذلك استوىسبحانه إلى السماء و هي دخان فقضاهن سبع سماوات في يومينوأوحى في كل سماء أمرها و زين السماء الدنيا بمصابيح و حفظا؛ وهذا يعني أيضا أن خلق الأرض و ما عليها جميعا وجعل السماء سبع سماوات على كان في ثمانية أيامبتقدير من العزيز العليم، ونود الإشارة إلى أنه ليس من اهتمامنا في هذا البحث التطرق إلى قياس الأيام المذكورة في هته الآيات.

ونستنتج من الآية "فَقَضَاهُنَّ سَبۡعَ سَمَاوَاتٍ فِى يَوۡمَيۡنِ وَأَوۡحَى فِى كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنۡيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفۡظًا ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ الۡعَزِيزِ الۡعَلِيمِ (12) " فصلت"تعريفا مهما للسماء الدنيا، والذي سنعود إليه فينا بعد، فهي ترمز للفضاء المحيط بنا و الذي يحتضن كل المخلوقات الكونية المحيطة بنا (كواكب، نجوم، مذنبات، ثقوب سوداء و غيرهم).

و نستخلص كذلك من الآيات الكريمة الواردة في (-2- و -3-)ثلاثة أشياء مهمة :

- أولها أن الله سبحانه كرم الإنسان تكريما لا حدود له بتسخير هته الأرض وما عليها لمن سيحمل الأمانة فيما بعد

- ثانيها أن فكرة خلق الإنسان كانت موجودة في علم لله مع خلق السماوات العلى و الأرض

- ثالثها، و أهمها بالنسبة لهذا البحث، تتمثل في الأهمية القصوى للأرض من بين كل المخلوقات الكونية وذلك من خلال العناية الفائقة التي أولاها بها سبحانه و كذا الحيز الزمني الإجمالي و المهم جدا الذي خصصه سبحانه لخلقها (ستة أيام)، هذا الحيز الذي يوازي ثلاثة أضعاف ما ذكر بالنسبة للسماوات السبع العلى(يومين). وعندما نعود لآيات (-3-)  نجد أن الله تعالى خلقالأرض في ستة أيام و قضىالسماوات السبع في يومين، ونظن أن هناك فرق بين الخلق و القضاء من حيث أهمية أو خصوصية المخلوق.  

و نود الإشارة، بعد تدبر دقيق في كتاب الله، إلى أن كل ما ذكر من تفصيل بخصوص السماوات العلى في القرآن الكريم يهم السماء الدنيا، حيث توجد الأرض وباقي الكواكب و النجوم و غيرهم من العوالم الفضائية و التي لا يحيط بعلمها إلا الله سبحانه و تعالى ، أما السماوات الستة الأخرى فلا تفاصيل دقيقة عنها. 

 

ثالثا : متى و كيف خلقت سماء أو سماوات الأرض حسب ما ورد في القرآن الكريم؟

إن للأرض سماء، وهي تعرف لدينا بالغلاف الجوي أو الطبقات الجوية، لعبت دورا أساسيا في نشأة الحياة عليها و في حماية هته الحياة من العديد من المخاطر المحدقة بها، وقد تطرق بعض العلماء فيما قبل في محضر أبحاثهم إلى إظهار الإعجاز العلمي للقرآن الكريم فيما يخص الدور الحيوي الذي تلعبه سماء الأرض لاستمرار الحياة عليها [2].هناك العديد من الآيات الكريمة في كتاب الله ترمز إلى هته السماء أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

-4-

" ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَاشاً وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقـاً لَّكُمۡ فَلاَ تَجۡعَلُوا۟ لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ(22) " البقرة

 

-5-

" وَيَا قَوۡمِ اسۡتَغۡفِرُوا۟ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوا۟ إِلَيۡهِ يُرۡسِلِ السَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارًا وَيَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمۡ وَلاَ تَتَوَلَّوۡا۟ مُجۡرِمِينَ (52)" هود

-6-

" وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ الۡسَّمَاء مَآءً فَأَحۡيَا بِهِ الأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لآيَةً لِّقَوۡمٍ يَسۡمَعُونَ (65)" النحل

 

-7-

"ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ السَّمَآءُ بَنَاهَا (27)رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا (30) أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَاهَا (31) وَالۡجِبَالَ أَرۡسَاهَا (32) مَتَاعًا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَامِكُمۡ (33)" النازعات

 

من خلال التدبر في الآيات الأخيرة من سورة النازعات نكتشف أنها تضيف تدقيقا مهما، في نطاق أقل كونية، إلى ما جاء في (3) من سورة فصلت بخصوص خلق الأرض، هذه الإضافة تهم خلق سماء أخرى غير السماوات السبع العلى و هي سماء الأرض التي ترتبط بها ظاهرة الليل و النهار و لعبت دورا أساسيا في إخراج الحياة عليها.

و عندما نعود للآية الكريمة (-1-)نجد أنه تعالى حدد نوع السماوات التي أشار لخلقها، ألا وهي السماوات العلى؛ وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الله جل جلاله خلق سماوات على، و المذكورة كذلك في (-3-)من سورة فصلت، و أخرى دون ذلك وهي سماوات متعددة للأرض. وهذا ما سنؤكده من خلال الآية التالية:

-8-

" خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيۡرِ عَمَدٍ تَرَوۡنَهَا وَأَلۡقَى فِى الۡأَرۡضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَأَنزَلۡنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوۡجٍ كَرِيمٍ (10)" لقمان

 

في نفس سياق خلق الأرض وما عليها جميعا، حسب ما ورد في  آيات (-3-) من سورة فصلت و (-7-) من سورة النازعات، فإن الآية (-8-) تعطينا أيضا تفصيلا إضافيا عن ما خلق الله سبحانه؛ فقد تمت إضافة تدقيق مهم آخر، وذلك دائما قبل التطرق لباقي الخلق على الأرض، يهم خلق سماوات متعددة بغير عمد فوق الأرض وليس سماء واحدة. ومما يزكي هذا الطرح هو أن الرؤية للسماوات أو للعمد لا يمكن أن تتحقق للإنسان إلا في حدود السماء الدنيا و يستحيل أن تصل إلى السماوات الست العلى المتبقية.

كما أن هناك سبع آيات من آيات القرآن المبين يحدثنا فيها الحق سبحانه عن خلق الأرض و سماواتها في ستةأيام أذكر منها :

 

-9-

" وَهُوَ الَّذِى خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرۡضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرۡشُهُ عَلَىٰ الۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِن بَعۡدِ الۡمَوۡتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا۟ إِنۡ هَذَا إِلاَّ سِحۡرٌ مُّبِينٌ (7)" هود

-10-

 " وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38)" ق

-11-

" إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرۡضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسۡتَوَى عَلَىٰ الۡعَرۡشِ يُغۡشِى اللَّيۡلَ النَّهَارَ يَطۡلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمۡسَ وَالۡقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمۡرِهِ أَلاَ لَهُ الۡخَلۡقُ وَالأَمۡرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الۡعَالَمِينَ (54)" الأعراف

-12-

" إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرۡضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسۡتَوَى عَلَىٰ الۡعَرۡشِ يُدَبِّرُ الأَمۡرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعۡدِ إِذۡنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمۡ فَاعۡبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (3)" يونس

-13-

" الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسۡتَوَى عَلَىٰ الۡعَرۡشِ الرَّحۡمَٰنُ فَاسۡأَلۡ بِهِ خَبِيرًا (59)" الفرقان

-14-

" اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسۡتَوَى عَلَىٰ الۡعَرۡشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِىٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4)" السجدة

 

من خلال كل هته الآيات يتبين جليا أن الخلق يتعلق بخلق الأرض و سمواتها السبع (غلافها الجوي) ، فلو كان المراد هو السماوات السبع العلى لما ذكرت ستة أيام ولكن ثمانية أيام أو أكثر و ذلك لذكر خلق السماوات و الأرض و ما بينهما في (-10-، -13- و -14-) حتى يكون هناك انسجام مع المدة الزمنية المحددة في آيات (-3-) من سورة فصلت.

كما أنه لا توجد بين كل هته الآيات الست أي إشارة إلى خلق السماوات السبع العلى، و نعطي هنا مثالا لما يمكن أن تكون عليه الآية 59 من سورة الفرقان لو كان المراد هو في الخلق هو هته السماوات:

"الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسۡتَوَى عَلَىٰ الۡعَرۡشِ الرَّحۡمَٰنُ فَاسۡأَلۡ بِهِ خَبِيرًا"

- تأويل 1

الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ السبع وَالأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسۡتَوَى عَلَىٰ الۡعَرۡشِ الرَّحۡمَٰنُ فَاسۡأَلۡ بِهِ خَبِيرًا

- تأويل 2

الَّذِى خَلَقَ الأَرۡضَوَالسَّمَاوَاتِ العلى وَمَا بَيۡنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسۡتَوَى عَلَىٰ الۡعَرۡشِ الرَّحۡمَٰنُ فَاسۡأَلۡ بِهِ خَبِيرًا

 

و حين نعود إلى آيات (-3-)من سورة فصلت و خصوصا الآية التي جاءت بعد ذكر خلق الأرض وما عليها جميعا (السماوات أيضا) في الستة أيام: " ثُمَّ اسۡتَوَىإِلَى السَّمَآءِ وَهِىَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ اِئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهًا قَالَتَا أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ (11)"، نجد أيضا في هته الآية كذلك كلمة "استوى" التي وردت في (-11-،-12-، -13- و -14-)، ونستخلص من هذا أنه تعالى استوى إلى السماء أو على العرش بعد ما خلق الأرض و سماواتها في ستة أيام و قبل أن يقضي السماء سبع سماوات على. و ما دعاءه سبحانه للأرض و السماء و هي دخان للخضوع له طوعا أو كرها إلى إشارة لاستوائه جل جلاله على عرشه العظيم.

و عندما ذكرت السماوات العلى في الآية الآية الكريمة الآتية:

" تَنزِيلًا مِّمَّنۡ خَلَقَ الۡأَرۡضَ وَالسَّمَاوَاتِ الۡعُلَى(4) الرَّحۡمَٰنُ عَلَىٰ الۡعَرۡشِ اسۡتَوَى (5) " طه

لا نجد "ثم استوى على العرش" كما هو الحال مع الآيات السابقة، ولكن نجد "الرحمان على العرش استوى"، وهذا يزيد من التأكيد على أن الأرض و سماواتها هما المقصودتان في الآيات الأخرى الكريمة.

هناك آيات أخرى من سورة الأنبياء، تزكي ما ذكرناه سالفا بخصوص خلق سماوات متعددة للأرض وليست سماء واحدة،  و تقدم لنا تفصيلا آخر ومهم جدا عن كيفية خلق الأرض و سمواتها في الستة أيام المعلومة وهي:

-15-

" أَوَلَمۡ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقًا فَفَتَقۡنَاهُمَا وَجَعَلۡنَا مِنَ الۡمَآءِ كُلَّ شَىۡءٍ حَىٍّ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ  (30) وَجَعَلۡنَا فِى الۡأَرۡضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِهِمۡ وَجَعَلۡنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ  (31) وَجَعَلۡنَا السَّمَآءَ سَقۡفًا مَّحۡفُوظًا وَهُمۡ عَنۡ آيَاتِهَا مُعۡرِضُونَ  (32)" الأنبياء

 

ففي تفسيرنا لهته الآيات، على ضوء ما توصلنا إليه لحد الآن واعتمادا دائما على كرونولوجيا خلق الأرض و ما عليها كما ورد في الآيات 9 و10من سورة فصلت، نجد أن الله سبحانه يخبرنا أنه في بداية خلق الأرض كانت هته الأخيرة و سماواتها تشكلان جسما واحدا ففصلهما الله وذلك نظرا لكون الماء ذكر مباشرة بعد فتق السماوات عن الأرض، وكلنا نعلم أن الماء ينزل من سماء الأرض، ثم أتى بعد ذلك ذكر ما خلق على الأرض من جبال تماشيا مع ما جاء في (-3-)من سورة فصلت. و مما يدعم أيضا هذا التأويل هو كون عملية الفتق بين السماوات و الأرض لم تذكر في (-3-)من سورة فصلت التي تتطرق بالتفصيل لمراحل خلق الأرض و السماوات العلى، وإنما في (-15-)من سورة الأنبياء التي تتطرق، في نطاق أقل كونية، لخلق الأرض وما عليها.

 

إن هناك احتمال كبير أن عملية الفتق بين الأرض و سماواتها قد تمت في اليومين الأولين من خلق الأرض مراعاة لما جاءت به الآية الكريمة" قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الۡأَرۡضَ فِى يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَٰلِكَ رَبُّ الۡعَالَمِينَ (9)"فصلت،فنهاية خلق الأرض تكون قد تمت فعلا بعد فصلها عن سماواتها، و بخلق السماء يمكن تمهيد الحياة على الأرض و ذلك تماشيا مع ما جاء في :

 "وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِن فَوۡقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقۡوَاتَهَا فِى أَرۡبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ (10)" فصلت

 و كذاك

" ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَاشاً وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقـاً لَّكُمۡ فَلاَ تَجۡعَلُوا۟ لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ(22) " البقرة.

 

إن التفسير الذي قدمناه عن الفتق و الرتق بين السماوات و الأرض يتعارض مع ما هو متداول عند العديد من العلماء و الباحثين المهتمين الذين يوازون بين الرتق و الفتق في القرآن الكريم و نظرية الانفجار العظيم(BIG BANG)[3]؛ و لما قد يسببه هذا التعارض من تداعيات و تضارب في الآراء سنحاول دعم تفسيرنا بتبريرات إضافية مستخلصة بعد بحث جاد بهذا الخصوص. و سنبدأ أولا بإعطاء تعريف مبسط لنظرية الانفجار العظيم:

تقول هته النظرية أنه عند نقطة زمنية معينة، كانتجميع المواد الموجودة في الكون مسحوقة مع بعضها البعض في كتلة نقطية واحدة ''منعدمة الحجم'' بسبب قوة جاذبيتها الهائلة وقد نشأ كوننا نتيجة انفجار هذه الكتلة النقطية عديمة الحجم وأصبح هذا الانفجار يعرف باسم الانفجار العظيم.  و نود الإشارة إلى أن هته النظرية جاءت مناقضة لفكرة الكون اللامحدود، الذي لا بداية له و لا نهاية، و المنبثقة عن الفلسفة المادية و التي لا تقر بوجود خالق للكون.

 

 

  • السماوات لا تعني بالضرورة كل المخلوقات الكونية؟

في " أَوَلَمۡ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ كَانَتَارَتۡقًا فَفَتَقۡنَاهُمَا " السماوات لا تعني نهائيا، كما أشرنا في تعريفنا للسماء  الدنيا، كل المخلوقات الكونية غير الأرض من كواكب و نجوم إلخ، فالسماء منطقيا هي الفضاء الذي يضم هته المخلوقات. فلو كان المراد في الآية الكريمة هو خلق الكون لورد على سبيل المثال :

"أن السماوات و الأرض و الشمس و القمر و النجوم و الكواكب كانوا رتقا ففتقناهم”

فلماذا استثنيت إذا كل المخلوقات الأخرى؟

في المقابل نجدن أن الفتق بين سماوات الأرض و الأرض أفضى إلى عنصرين اثنين هما: الأرض و سماواتها فقط.

 

  • هل الرؤية ممكنة للرتق و الفتق بين السماوات العلى و الأرض؟

 

إن ذكر " أَوَلَمۡ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا ..."في أول آيات (15)من سورة الأنبياء لدليل آخر على كون الفتق يخص الأرض  و سمواتها، فهته الرؤية للرتق و الفتق لا يمكن أن تتحقق للإنسانية بالنسبة للسماوات العلى والأرض، لا بالبصر ولا بالقلب ولا بالعلن أو بغيرهم، وذلك نظرا لعدم قدرة الإنسان حتى على الإحاطة بعلم السماء الدنيا المكونة من بلايين المجرات (رقم يصعب حتى تصوره) فما بالك بباقي السماوات العلى التي لا علم إلا لله بها؛ بينما سنجد أنها تحققت، كما سنبين فيما بعد، بالنسبة للأرض و سماواتها القريبة نسبيا منا، بفضل ما توصل إليه الإنسان من تقدم في العلم.

ولو جاءت هذه الآية على الشكل التالي مثلا " أَوَلَمۡ تر أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقًا فَفَتَقۡنَاهُمَا...."لقلنا أن الله تعالى قادر على أن يري رسوله ما يشاء من آياته في خلق الكون العظيم.   

 

  • اختلافات كثيرة بين الانفجار العظيم و آية الرتق و الفتق

هناك تباين كبير و اختلافات عديدة بين ما جاءت به نظرية الانفجار العظيم و آية الرتق و الفتق أذكر منها:

 

  • المقصود في هذا الانفجار، بالنسبة للعلماء المختصين، هو بداية خلق الكون و الكون بالنسبة إليهم يقتصر فقط على ما هو موجود بالسماء الدنيا (كواكب و نجوم و غيرهم) بحيث لا إشارة لسماوات ست على في نظرياتهم و أبحاثهم؛ أما فيما يخص الخلق العظيم للكون في القرآن الكريم، كما ورد في (-3-)، فيخص خلق الأرض و السماوات السبع العلى التي لا تتراءى لنا منها، و بصفة جزئية، سوى السماء الدنيا المزينة بهته الكواكب و النجوم. فما هو موقع السماوات العلى في الانفجار العظيم؟

 

  • استنادا إلى نظرية الانفجار العظيم فعمر الكون يساوي حوالي 7،13 بليون سنة، فيما يناهز عمر الأرض حوالي 5،4مليار سنة و أنها حديثة جدا بالمقارنة مع مخلوقات كونية أخرى، وهذا يعني أن الأرض جاءت للوجود بعد حوالي 9بليون سنة عن الانفجار العظيم[4][5]. فكيف يمكن إذن أن يقع الفتق بين السماوات العلى و الأرض مع الانفجار الكبير ولا تتكون الأرض إلا بعد 9بلايين سنة؟ مدة أكبر بكثير من نصف عمر الكون حسب نفس النظرية.

وهنا نود الإشارة ألى أن الرتق و الفتق يجب أن يكون بين عنصرين فقط (الأرض و السماوات) لا يحول عن وجودهما سوى فصلهما. وهذا ما حدث فعلا بالنسبة للأرض و سماواتها كما ينتبث فيما بعد.

 

  • شتان بين حجم الأرض و حجم السماوات العلى

إذا ما قارنا بين الشمس و الأرض، التي تعتبر ثالث كوكب  يدور حولها ، فسنجد كتلة الشمس توازي حوالي 333420مرة كتلة الأرض و أن حجمها يوازي  حوالي 1300000مرة حجم الأرض؛ هذا فقط بالنسبة لنجم واحد من بين حوالي 400بليون نجم مكون لمجرتنا  درب اللبانة ؛ فما بالك إذا ما قارنا الأرض مع ما هو موجود بالسماء الدنيا التي تحتوي على حوالي 200بليون مجرة، رقم يصعب حتى التفكير فيه. من هنا نستخلص أن حجم الأرض ضئيل جدا جدا مقارنة فقط مع ما خلق الله في السماء الدنيا، فماذا إذا ما قارناها مع باقي السماوات العلى التي لا علم إلا لله بها؟ من هنا نتساءل كيف يمن الحديث عن الرتق و الفتق بين عنصرين بينهما كل هذا الفرق المهول في الحجم؟ خلافا لذلك و إذا ما أخذنا الأرض و سماواتها فسنجد أنهما متكافئين تقريبا من ناحية الحجم و في هته الحالة يمكن تصور الرتق و الفتق بينهما.

 

  • هل الشمس هي مصدر الأرض؟

هناك فرضيات علمية حديثة، تعتبر امتدادا لنظرية الانفجار العظيم، تقول بأن الشمس هي مصدر الأرض بعد انفجار نجم هائل "سوبيرنوڤا" [5]؛ ففي هته الحالة فالفتق يجب أن يكون بين الشمس و الأرض وباقي كواكب المنظومة الشمسية و ليس بين السماوات العلى و الأرض.

 

  • هل يمثل الانفجار العظيم أصلا حقيقة خلق الكون؟

 

  • الكون بالنسبة لأصحاب نظرية الانفجار العظيم يرمز فقط لكل ما هو موجود بالسماء الدنيا ولا حديث عن سماوات على في جل أبحاثهم.

 

  • الأرض هي أول ما خلق الله تعالى في الكون و في زمن قياسي مقارنة مع كل المخلوقات السماوية الأخرى وليست بحديثة الوجود كما تشير إلى ذلك نظرية الانفجار العظيم.  و نجد هذا طبيعي جدا لما تحتويه هته الأخيرة من خصوصيات جيوليجية و بيولوجية يعلمها جيدا ذووا الإختصاص.

 

  • لا حديث لأي تدخل إلآهي في مراحل خلق الكون في الانفجار العظيم و خصوصا الأرض، خلافا لما جاء في آيات سورة فصلت. هناك الحديث فقط عن تطور دقيق و موزون للخلق بعد هذا الانفجار وهذا يتعارض مع الآية الكريمة:

"قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَٰمُوسَىٰ 49 قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِىٓ أَعْطَىٰ كُلَّ شَىْءٍ خَلْقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ 50" طه

  • إذا كانت نظرية الانفجار العظيم تقول أنه لا وجود لأي مخلوق قبل الانفجار فإننا نظن و بقوة أن هناك خلق آخر قبل أي خلق. فاستنادا إلى الآية الكريمة :

" وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍۢ وَكَانَ عَرْشُهُۥ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًۭا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِنۢ بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِنْ هَٰذَآ إِلَّا سِحْرٌۭ مُّبِينٌۭ 7" هود

نكتشف أن الله تعالى قد أوجد الماء و العرش قبل الخلق العظيم للكون، وهذا سيفتح آفاقا واعدة لفهم مصدر الكون في المستقبل إن شاء الله تعالى.

  • وجدنا أن نظرية الانفجار العظيم نظرية بسيطة جدا لأعظم خلق في الوجود

 

  • ضعف الانسان أمام العلم الرباني:

إن ما توصلت إليه الإنسانية من تقدم علمي و تكنولوجي لا يخول لها الجزم في الكثير من الأشياء تهم الخلق العظيم للكون،و في هذا الصدد نريد أن نذكر بالآية الكريمة التي تؤكد لنا مدى عجز الإنسان وضعفه أمام العلم الرباني

 "...يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَىْءٍۢ مِّنْ عِلْمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَ  ... (55)" البقرة

 

وإنه من الصعب جدا على الإنسان، مهما تقدم في العلم، أن يضع سيناريوهات مضبوطة تهم خلق الكون لأسباب عديدة أذكر منها:

 

  • إذا كان الإنسان عاجزا عن الإلمام بالعديد من الأشياء و الظواهر التي هي في متناوله و معاصرة له (التنبؤ المناخي، التحولات الاقتصادية، لغة الحيوانات، إلخ..) فكيف يمكنه الإحاطة بخلق عظيم لم يشهده و مضى عليه زمن سحيق؟
  • لا يمكن التحقق من أي نظرية تهم خلق الكون، لتأكيدها أو نفيها، نظرا لعظمة الخلق و لاستحالة إقامة اختبارات عليها.
  • إذا كان الإنسان عاجزا عن الإلمام بكل خبايا خلقه (النفس، الروح، الموت، الشيخوخة، الأمراض، الخ....)، و هو محطة دائمة للاختبارات،  فكيف يمكنه الإلمام بما هو أكبر و أعظم؟ و هنا أذكر بالآيات الكريمة

"لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)" غافر

"وَيَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ ۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًۭا  85" الإسراء

 

نستخلص في الأخير من كل هذا أن نظرية الإنفجار العظيم بعيدة كل البعد عن حقائق الخلق العظيم للكون الواردة في القرآن الكريم و أنها لا تمثل تصورا واقعيا ومعقولا لخلق الكون.

 

رابعا : خلق سماء الأرض من الجانب العلمي

إذا ما أخذنا ما يذكره الجانب العلمي بخصوص خلق سماء الأرض فسنجد أن الغلاف الجوي للأرض (سماءها) قد تكون مع ومن الأرض. فمع انخفاض درجات الحرارة على الأرض أخذت كميات مهولة من الميتان، الأمونياك، الغاز الكربوني،  بخار الماء و غيرهم من المواد تنبعث في فضائها الخارجي مكونة بذلك أول غلاف جوي لها، وقد صاحب هذا كله تجمع للماء وتكون للمحيطات مما مهد لزرع أول بذور الحياة على هذا الكوكب [1][5].

إن هته الحقيقة العلمية لخير دعم لتأويلنا للآية 30 من سورة الأنبياء بخصوص فتق سماوات الأرض عن الأرض بعدما كانتا تشكلان جسما واحدا، فسماء الأرض تكونت بفعل خروج (فتق) كميات هائلة من الغازات المتعددة المتواجدة بداخلها إلى فضائها الخارجي مشكلة أول غلاف جوي لها. وقد يكون الفتق بين الأرض و سماواتها على نحو ما يقع مع البراكين في زماننا هذا.

ومن كل هذا يتجلى لنا الإعجاز العلمي للقرآن الكريم على صعيدين اثنين: الأول يتعلق بزمن خلق سماء الأرض التي تكونت مع تكون الأرض انسجاما مع ما جاء في (-3-، -7-، -8-، -9-، -10-، -11-، -12-، -13- و -14-). أما الثاني فيتعلق بخلق سماء الأرض بفضل ما خرج منها من كميات هائلة من مختلف الغازات تماشيا و ما ورد في (-15-)عن فتق الأرض و سماواتها. و هته كلها حقائق غيبية أخبرنا بها القرآن الكريم المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم منذ أكثر من 14قرنا.

 

كم هو عدد سماوات الأرض؟

الكل يعلم اليوم أن للأرض غلاف جوي يمتد إلى حوالي 50000كلم عن سطح الأرض،  يتألف من عدة

طبقات جوية تختلف الواحدة عن الأخرى باختلاف دورها، سمكها، ضغطها، حرارتها و الغازات المكونة لها..الخ.

وقد جزء بعض العلماء المختصون الغلاف الجوي إلى سبع  طبقات وهي:

 

Troposphère -1

Stratosphère -2

Mésosphère -3

Ionosphère -4

Thermosphère -5

Exosphère -6

Magnétosphère -7

 

كما لا يخفى اليوم أن لكل طبقة في الغلاف الجوي دور خاص في توفير مناخ الحياة على الأرض من ناحية وحماية هته الحياة من ناحية أخرى.

 فالأرض معرضة على الدوام لرياح شمسية ضارة و إشعاعات مميتة (الفوق البنفسجية و أشعة إكس) و نيازك و غبار كوني، ناهيك عن البرودة المفرطة التي تحيط بها والتي تصل إلى  270درجة تحت الصفر(رقم يصعب حتى تصوره). 

و أقرب مثال على ما يوفره الغلاف الجوي من حماية  للحياة على الأرض لهو الخطر الذي يشكله ثقب الأوزون،

المكتشف مؤخرا، على كل المناطق الواقعة في نطاقه بسبب تسرب الأشعة الفوق بنفسجية المميتة من خلاله.

و هنا أذكر آية كريمة تبين لنا عدد و دور سماوات الأرض منذ أكثر من 14قرنا.

-16-

وَبَنَيۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعاً شِدَاداً (12)   »  النبأ           

انطلاقا من هته الآية نستخلص أن هناك سماء، مقسمة إلى سبع طبقات أو سماوات، فوقنا مباشرة خلقت لحمايتنا و حماية مظاهر الحياة على كوكبنا بفعالية و شدة.  و نود الإشارة إلى أننا لا نرمي، من خلال هذا الطرح، إلى الموازاة ℅100بين السماوات السبع المشار إليها في القرآن الكريم والطبقات الجوية السبع المشار إليها في السابق؛ فتحديد و تعريف كل طبقة من الطبقات الجوية السبع علميا قد يتغير وفق تواصل الأبحاث العلمية و ظهور خصائص و مستجدات أخرى؛ المهم لدينا هنا هو أن عدد سماوات الأرض هو سبعة، كما جاء به القرآن الكريم، و أن هذا الرقم يمكن أن يساعدنا إلى التوصل إليها و ضبطها علميا بصفة أدق.  

خامسا : هل حقا هناك سبع أراض في الكون؟

هناك آية كريمة تطرقت لخلق سبع سماوات و مثلهن من الأرض أثارت العديد من التساؤلات لدينا لما صاحبها من تأويلات غامضة لا تعتمد على مصادر قوية، وهي :

-17-

" اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبۡعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الۡأَرۡضِ مِثۡلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الۡأَمۡرُ بَيۡنَهُنَّ لِتَعۡلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىۡءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىۡءٍ عِلۡمًا(12) " الطلاق

 

هناك من المهتمين المعاصرين من حاول الموازاة بين الطبقات الجوفية للأرض و بين الأراضي السبع المشار إليها في الآية الكريمة و في بعض التأويلات. كماتمت الإشارة إلى وجود أراض ستة أخرى، تشبه أراضنا في الكون، في الكثير من التفاسير القرآنية كتفسير الطبري و الميسر و الجلالين و القرطبي وغيرهم. و لتقريب القارئ من فحوى ما جاء في بعضها نعرض ما ورد في تفسير ابن كثير لهته الآية:

يقول تعالى مخبرا عن قدرته التامة وسلطانه العظيم ليكون ذلك باعثًا على تعظيم ما شرع من الدين القويم (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ) كقوله تعالى إخبارًا عن نوح أنه قال لقومه أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا [نوح:15 ] وقال تعالى: تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ [الإسراء:44 ] . وقوله تعالى (وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) أي سبعا أيضا ، كما ثبت في الصحيحين « من ظلم قيدَ شِبر من الأرض طُوِّقه من سبع أرضين »وفي صحيح البخاري « خُسِف به إلى سبع أرضين »وقد ذُكِرت طُرقه وألفاظه وعزوه في أول « البداية والنهاية »عند ذكر خلق الأرض ولله الحمد والمنة.
ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم فقد أبعد النَّجْعَة ، وأغرق في النـزع وخالف القرآن والحديث بلا مستند . وقد تقدم في سورة الحديد عند قوله: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ [
الآية:3 ] ذكر الأرضين السبع ، وبعد ما بينهن وكثافة كل واحدة منهن خمسمائة عام وهكذا قال ابن مسعود وغيره ، وكذا في الحديث الآخر « ما السماوات السبع وما فيهن وما بينهن والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ». وقال ابن جرير حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا وَكِيع حدثنا الأعمش عن إبراهيم بن مُهَاجِر عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: (سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) قال لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم وكفركم تكذيبكم بها.
وحدثنا ابن حميد حدثنا يعقوب بن عبد الله بن سعد القُميّ الأشعري عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي عن سعيد بن جبير، قال:قال رجل لابن عباس (
اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنّ ) الآية. فقال:ابن عباس ما يؤمنك إن أخبرتك بها فتكفر. وقال ابن جرير حدثنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بن مُرَّة عن أبي الضُّحى عن ابن عباس في هذه الآية (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنّ ) قال عمرو قال في كل أرض مثل إبراهيم ونحو ما على الأرض من الخلق.
وقال ابن المثنى في حديثه في كل سماء إبراهيم وقد وروى البيهقي في كتاب الأسماء والصفات هذا الأثر عن ابن عباس بأبسط من هذا [
السياق ] فقال:أنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أحمد بن يعقوب حدثنا عبيد بن غنام النخعي أنا علي بن حكيم حدثنا شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس قال (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنّ ) قال سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدم ونوح كنوح وإبراهيم كإبراهيم وعيسى كعيسى.
 

 وقد تمت ترجمة هته الآية إلى الفرنسية عن كتاب هارون يحيى، العالم المشهور و المتخصص في إظهار الإعجاز العلمي في القرآن [2]صفحة 96، على هذا النحو:

" C’est Dieu qui a créé sept cieux et autant de terres... "

و تعني الترجمة: "الله الذي خلق سبع سماوات و عددهن من الأرض..."

و عن كتاب العالم الفرنسي موريس بوكاي [6]ترجمت هته الآية للانجليزية في الصفحة 95على هذا النحو : 

" God is the one Who created seven Heavens and of the earth (al ard) a similar number "

و تعني الترجمة: "الله الذي خلق سبع سماوات و من الأرض نفس العدد..."

وقد أضاف العالم موريس بوكاي في محضر تحليله لهاته الآية، في نفس الصفحة، ما يلي :

“There are therefore many Heavens and Earths, and it comes as no small surprise to the reader of the Qur’an to find that earths such as our own may be found in the Universe, a fact that has not yet been verified by man in our time”

و في ترجمة لما ذكره هذا العالم ذو الصيت العالمي، فإن هناك عدة سماوات وعدة أراض، فلا يستغرب قارئ القرآن إذا ما عتر على أراضي أخرى تشبه أرضنا في الكون، وهذا شيء لم يبرهنه الإنسان لحد الآن. 

ومن ناحية أخرى و في محاولة لإظهار إعجاز القرآن العلمي قام بعض المفسرون، بعد اكتشاف الكوكب السابع في المنظومة الشمسية، بموازاة الكواكب السبع المكتشفة بتلك المذكورة في الآية الكريمة. لكن خيبة الأمل كانت كبيرة عندما تم اكتشاف كوكب ثامن بعد ذلك.

و إننا، و بعد قراءة مستفيضة للآيات التي ورد فيها ذكر الأرض، لنجد تفسير ابن كثير وغيره من المفسرين لهته الآية غير مقنع للأسباب التالية:

- كيف يمكن الحديث عن سبع أراض بهم أنبياء يشبهون أنبياءنا، و هي بالمناسبة مسألة في غاية الحساسية، لم تتم الإشارة إليها في مجمل القرآن الكريم؟ فهل هي بكل هته البساطة حتى لا تستدعي التطرق إليها في كتاب الله العزيز؟ 

- ماعدا الآية الكريمة السالفة الذكر فلا إشارة لأراض أخرى غير أرضنا، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في باقي آيات القرآن الكريم.

- لا نجد أي ذكر لكلمة الأرض بصيغة الجمع في كل القرآن الكريم كما هو الشأن بالنسبة للسماء و غيرها من المخلوقات.

- لا إشارة لهته الأراضي كذلك حتى في الحياة الآخرة، وهنا أستشهد بالآيات الكريمة:

"وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّٰلِحُونَ 105    " الأنبياء

"وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَٰلِدِينَ (73) وَقَالُوا۟ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُۥ وَأَوْرَثَنَا ٱلْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَٰمِلِينَ (74)" الزمر

 

و من خلال كل هته الملاحظات أطرح هذا التساؤل الكبير:

هل حقا هناك خلق لسبع أراض في الكون وهل حقا تمت الإشارة إليها في الآية الكريمة (-17-)السالفة الذكر؟

 

من خلال التحليل الذي سنقوم به سنحاول بتوفيق من الله عز وجل أن نرفع اللبس عن هته المسألة ، التي لا تزال العديد من علامات الاستفهام تحوم حولها، وذالك بالارتكاز على ما توصلنا له من استنتاجات تخص الأرض و سماواتها في الفقرات السابقة.

فبعد العودة للآيات التي وردت في (-3-)من سورة فصلت، يتبين أنه سبحانه لم يذكر أي خلق لأراض أخرى غير الأرض، وذلك بالرغم من التفصيل الدقيق لعملية الخلق الذي جاءت به هته الآيات. فمتى تمت إذا عملية خلق الأراضي الستة الأخرى؟  وإذا كان الله سبحانه قد خلق أرضا واحدة و سماواتها في ستة أيام، وهو للإشارة حيز زمني مهم جدا بالنسبة لكل فترة الخلق، فلم لم تكن هناك أي إشارة ولو مرموزة للحيز الزمني لخلق ستة أراضي أخرى تشبه أرضنا؟

 إن آيات (-3-)  لخير دليل على أن هناك أرضا واحدة لا شبيه لها في الكون الفسيح، وذلك بالرغم من إمكانية وجود البلايين من الكواكب في مجرتنا أو مجرات أخرى.

و لفهم المعنى الحقيقي لما جاءت به الآية (-17-) بخصوصخلق الله لسبع أراض، سنحاول إعادة تفسير هته الآية الأخيرة على ضوء ما توصلنا إليه سالفا من استنتاجات.

إننا عندما نتمعن مليا في الآية (-17-)مصدر هذا الالتباس نجد أنها لا تعني حتما بأن الله خلق سبع أراض مثل ما هو الحال مع السماوات؛ فلو كان المقصود في التشبيه هو العدد لورد مثلا: «الله الذي خلق سبع سماوات و عددهن من الأراضي .. »أو «الله الذي خلق سبع سماوات و من الأرض عددهن... »أو «الله الذي خلق سبع سماوات وسبع أراض ... »كما جاء في الترجمة التي ارتكز عليها كل من هارون يحيى و موريس بوكاي في تحاليلهم، أما إذا كان التشبيه في الخلق يراد به السماوات، فإن الأرض لا تشبه السماء في شيء، إلا إذا كان المقصود هو سماوات الأرض، فهذا سيكون أقرب للصواب و سيغير جذريا معنى الآية.

فإذا أخدنا نفس الآية و جعلناها: «الله الذي خلق سبع سماوات و من الأرض خلق مثلهن... »   أو لتحديد أكثر: «الله الذي خلق سبع سماوات و من الأرض خلق سماوات مثلهن... »سنكتشف أن ذلك يعني أن لله تعالى خلق سماوات أخرى، تشبه السماوات العلى التي ورد ذكرها في (-3-) من سورة فصلت، منالأرض نفسها. وهذا يزكي أيضا ما أثبتناه في السابق من كون الله سبحانه وتعالى خلق منالأرض وللأرض سماوات بعد فتق بعضهما عن البعض، وتكون بذلك الآية 12من سورة الطلاق مصدرا لإعجاز علمي آخر للقرآن الكريم يكمل ما جاءت به الآيات (-15-)من سورة الأنبياء بخصوص مصدر السماء.

وقد تبين لنا كذلك أن سماوات الأرض لا تشبه فقط السماوات العلى، ولكن توازيها عددا أيضا بعدما أثبتنا ذلك في السابق، ليصبح تأويل الآية الكريمة على الشكل التالي:

 «الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض خلق سبع سماوات مثلهن... ».

 و هكذا تصبح الصورة كاملة، ولو نسبيا، لدينا حول خلق الله للكون المحيط بنا. ويمكن أن نلخص هذا الخلق فيما يلي: فقد خلق الله تبارك و تعالى الأرض و ما عليها بما في ذلك سماواتها السبعة في ستة أيام، ثم استوىإلى السماء وهي دخان فقضاهن سبع سماوات على في يومين، ثم زين السماء الدنيا بمصابيح و حفظا، يتنزل الأمر بين السماوات العلى و سماوات أرضنا لنعلم أن الله على كل شيء قدير وأنه قد أحاط بكل شيء علما، فتبارك الله أحسن الخالقين و الحمد لله رب العالمين.

 

سادسا: كيف يمكن الفصل بين سماوات الأرض و السماوات العلى في القرآن الكريم؟

لقد ورد في القرآن الكريم ذكر السماوات مقترنة مع الأرض بصيغ مختلفة،

بحيث نجد 124 آية ورد فيها ذكرهما على هذا النحو "ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ "

أمثلة:

"وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍۢ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌۭ 29" الشورى

 

" أَوَلَمۡ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقًا فَفَتَقۡنَاهُمَا وَجَعَلۡنَا مِنَ الۡمَآءِ كُلَّ شَىۡءٍ حَىٍّ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ  (30) وَجَعَلۡنَا فِى الۡأَرۡضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِهِمۡ وَجَعَلۡنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ  (31) وَجَعَلۡنَا السَّمَآءَ سَقۡفًا مَّحۡفُوظًا وَهُمۡ عَنۡ آيَاتِهَا مُعۡرِضُونَ  (32)" الأنبياء

 

كما وجدنا 25 آية ورد فيها ذكرهما على هذا النحو "وَلِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۚ "

أمثلة:

"وَلِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلْأُمُورُ 109" آل عمران

"وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ مِن دَآبَّةٍۢ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ 49" النحل

"يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۖ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ 1 " التغابن

 

كما أن هناك 3 آيات  ورد فيها ذكرهما على هذا النحو "مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ ۗ "

أمثلة:

"أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ ۗ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ 66" يونس

" وَيَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ إِلَّا مَن شَآءَ  ٱللَّهُ ۚ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَٰاخِرِينَ 87 " النمل

"وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌۭ يَنظُرُونَ 68 الزمر

أخيرا هناك آيات كريمة يشير فيها الحق سبحانه بوضوح للسماوات السبع أو السماوات العلى.

أمثلة:

" تَنزِيلًا مِّمَّنۡ خَلَقَ الۡأَرۡضَ وَالسَّمَاوَاتِ الۡعُلَى(4) الرَّحۡمَٰنُ عَلَىٰ الۡعَرۡشِ اسۡتَوَى (5) " طه

"تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًۭا 44" الإسراء

"ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍۢ وَمِنَ ٱلْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌۭ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْءٍ عِلْمًۢا 12 " الطلاق

 

وقد استخلصنا بعد دراسة دقيقة لكل هته الآيات أنه في حالة ذكر "السماوات و الأرض" فالمقصود بها الأرض و سماواتها السبعة، وفي الحالات الأخرى يقصد بالسماوات السبع العلى. وأنه قد تمت إضافة مسافة (لغوية) بين السماوات و الأرض في الآيات القرآنية كلما أراد سبحانه الإشارة للسماوات العلى حتى لا تخلط بسماوات الأرض و حتى يظهر جل جلاله التباعد في الخلق بين السماوات العلى و الأرض، ونجد هذا في قمة البلاغة بحيث لا توجد أي قواسم مشتركة بينهما. و نعطي أمثلة صارخة على هذا:

- مثال (1) -

"وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍۢ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌۭ 29 " الشورى

"وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ مِن دَآبَّةٍۢ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ 49 " النحل

بغصوص هذا المثال، عندما ورد في الآية الأولى "السماوات و الأرض" جاء بعدها "وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍۢ" و كلنا يعلم أن الدواب هي من خلوقات أرضنا؛ بينما عندما ورد في الآية الثانية "ما في السماوات و ما في الأرض" تمت الإشارة للملائكة أيضا "مِن دَآبَّةٍۢ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةُ" وكلنا يعلم أيضا أن الملائكة ليست من مخلوقات الأرض.

- مثال (2) -

" تَنزِيلًا مِّمَّنۡ خَلَقَ الۡأَرۡضَ وَالسَّمَاوَاتِ الۡعُلَى(4) الرَّحۡمَٰنُ عَلَىٰ الۡعَرۡشِ اسۡتَوَى (5) " طه

"تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًۭا 44" الإسراء

نلاحظ في هذا المثال من خلال الآيتين الكريمتين أنه سبحانه أضاف في الآية الأولى كلمة "" و في الآية الثانية كلمة "" حتى يشير  

و بعد التدبر في هته البلاغة الإلهية، نجد أن دمج الأرض و سماواتها على هذا النحو "ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ " في  124 آية قرآنية لفي غاية  :

  •  خلقتا من جسم واحد " الرتق ”
  •  في زمن واحد
  •   متقاربتان في الحجم
  •   يعيشان جنبا إلى جنب منذ أن خلقهما الله تعالى
  • على الأرض نعيش و بسماواتها نحتمي ومنهما نرزق

الخاتمة

من خلال هذا البحث حاولنا الكشف عن إعجاز علمي آخر مختزل في القرآن الكريم يهم خلق سماوات الأرض و ذلك بعد إعادة تأويل آيتين كريمتين، استنادا على ما قمنا به من تحاليل لبعض آيات الذكر الحكيم، لتصبحا مصدرا لإعجاز قرآني يخبرنا عن مصدر و كيفية خلق سماوات الأرض.

الآية الكريمة الأولى مصدر الإعجاز القرآني المكتشف و موضوع إعادة التأويل في هذا البحث هي:

" أَوَلَمۡ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقًا فَفَتَقۡنَاهُمَا وَجَعَلۡنَا مِنَ الۡمَآءِ كُلَّ شَىۡءٍ حَىٍّ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ  (30) " الأنبياء

فإلى حدود كتابة هته السطور كان الاعتقاد سائدا بانسجام نظرية الانفجار الكبير، بداية خلق الكون، وما ورد في هته الآية بخصوص الرتق و الفتق بين السماوات العلى  و الأرض، حتى أعدنا تأويلها استنادا على آيات أخرى من كتاب الله و على حقائق علمية ثابتة باتت متداولة في عصرنا هذا؛ فأصبحت بذلك هته الآية مصدرا لإعجاز علمي آخر في آيات القرآن المجيد ينبئنا عن مصدر سماوات الأرض السبعة التي خلقت مع الأرض بعد فتق بعضهما عن البعض.

أما الآية الكريمة الثانية مصدر الإعجاز و موضوع إعادة التأويل فهي:

 " اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبۡعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الۡأَرۡضِ مِثۡلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الۡأَمۡرُ بَيۡنَهُنَّ لِتَعۡلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىۡءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىۡءٍ عِلۡمًا(12) " الطلاق

كذلك الشأن بالنسبة لهته الآية، فقد كان الاعتقاد سائدا عند العديد من العلماء بإمكانية وجود أراض أخرى في الكون تشبه أرضنا و عليها أنبياء يشبهون أنبيائنا، حتى أعدنا تأويلها، على ضوء ما توصلنا إليه في بحثنا، و أثبتنا أنه لا وجود لأراض أخرى في الكون غير أرضنا و أن لا ذكر لها في القرآن الكريم؛ فأصبحت بذلك هته الآية أيضا مصدرا لإعجاز علمي في كتاب الله يكمل ما جاءت به الآية الأولى بخصوص مصدر و زمن خلق سماوات الأرض السبعة.

وإننا لنعتبر ما توصلنا إليه تمهيدا للكشف عن حقائق كونية أخرى مختزلة في أعظم ما أنزل على البشرية من بديع السماوات و الأرض و خالق كل شيء. ونتمنى في الأخير أن نكون قد وفقنا، من ناحية، في تبليغ ما توصلنا إليه من استنتاجات بعد مخاض طويل من البحث و التفكير لازمانا لمدة ليست بالقصيرة،  و إظهار إعجاز علمي آخر في القرآن الكريم للعالم بأسره يدل على عظمته و صدق ما جاء فيه من ناحية أخرى. و أحسن ما أختم به هذا البحث هو الآية الكريمة: "... رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًۭا كَمَا حَمَلْتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦ ۖ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ ۚ أَنتَ مَوْلَىٰنَا فَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَٰفِرِينَ (286)" البقرة

مراجع

[1] Kshudiram Saha, The Earth’s AtmosphereIts Physics and Dynamics,  2008 Springer-Verlag.

[2] Harun Yahya, Le Coran ouvre la voie de la science, Traduit par : Dominique Ansermet, 2001.

[3] Harun Yahya, La Créationde l'Univers, Traduit par : Dominique Ansermet, 2001.

[4] Jimal Al-Khalili, Black Holes Worm Holes & Time Machines, IOP Publishing Ltd 1999.

[5] Brian J. Skinner Stephen C. Porter, The Blue Planet : An introduction to Earth System Science, 1995, by John Wiley & Sons.

[6] Maurice Bucaille : The Bible, The Qur’an and science : The Holy Scriptures Examined In The Light Of Modern Knowledge, translated from French by Alastair D. Pannell and the Author, 1976.

اجمالي القراءات 42678