لم تكن مسئولية الأنبياء هداية الناس
لم تكن مسئولية الأنبياء هداية الناس

رمضان عبد الرحمن في الإثنين ١٢ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

لم تكن مسئولية الأنبياء هداية الناس

 

 

 

 أنبياء الله المرسلون والمصطفون من الله على جميع البشر كافة لم تكن مسؤوليتهم هداية الناس ولكن كانت مسؤوليتهم  تنحصر في تبليغ الرسالات السماوية ودعوة  الناس للهدى والإيمان بالله وحده لا شريك له ،  دون  أن يملك أي نبي أو رسول أن يهدي شخص واحد ، وإذا كان هذا الحال مع أنبياء الله فلماذا اغلب المسلمين مشغولين بهداية الآخرين والبعض منهم يتطفل على الناس باسم الإسلام يقول تعالى   {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }الأعراف43

ولو كان هناك من البشر من يملك الهداية لغيره كان من باب أولى أن يهدي الأنبياء ابناءهم  أو أقاربهم

يقول تعالى  في قصة نوح مع ابنه  {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ }هود45

 

{قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }هود46 أي لا يعتقد  احد من البشر انه من الممكن أن يهدي  شخص الهدية من عند الله وليس من عند البشر حتى ولو كان من أنبياء الله

يقول تعالى  في قصة إبراهيم وأبيه {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ }التوبة114  ، ونفهم من ذلك أن دور أي مسلم يريد للناس الخير هو ينحصر فقط في التذكير والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولا علاقة له ان يهدي شخص حتى ولو كان اقرب الناس إليه كما وضح لنا القران الكريم وما نسمعه من علماء المسلمين وخطباء المساجد هو تخلف وجهل وتعدي على حدود الله حين يقولون خير الهدي هدي محمد دون الفهم أن الله هو الذي يهدي وليس محمد يقول تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }القصص56  أي أن محمد عليه السلام هو مبلغ فقط لرسالة الله للناس ولم يأتي في القران لأي رسول من قبل ولا لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام أمرا غير التبليغ فقط أما الهداية هي من عند الله لمن يبحث عن الهداية فعلا ويكون صادقا وهذا لا يعلمه إلا الله فهو سبحانه وتعالى  يعلم هذا الإنسان أو ذاك يريد أن يهتدى أم لا ، هل هذا الإنسان فعلا داخله نية حقيقة صادقة خاصة للبحث عن الحق والنور والهدى ، ولأن الله وحده يعلم ما نخفي وما نعلن فهو وحده يهدي من يشاء أي من تتوفر داخله نية صادقة وعزيمة لأن يهتدي ، يقول تعالى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }المائدة67 أي أن الله هو الذي يهدي الذي يبحث عن الهدية وليس الأنبياء

 ثم أن الله يحسم أمر الهداية في أية من آياته الكريمة يقول تعالى  {وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }آل عمران73 ، إذن مسألة الهداية هي محددة وواضحة ومحصورة بين أمرين علم الله بمن يريد الهداية وإرادة الإنسان للهداية ، اما الأنبياء والرسل ودعاة المسلمين فوظيفتهم التبليغ والنصيحة والدعوة لدين الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، ومن أعظم العبر في القصص القرآني قصة امرأة لوط عليه السلام يقول تعالى (فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ)الأعراف:83 ، (قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ )العنكبوت:32 ، إذن لا مجالا إطلاق لأي داعية مهما كان تقيا أن يتدخل في خصوصيات الناس ويفرض رأيه عليهم ويحاول التفتيش في عقائدهم ومحاسبتهم على دينهم في الدينا لأن هذا الداعية مهما فعل لن يصل لدرجة الأنبياء ومسئوليتهم ، ورغم ذلك نقرأ في القرآن عن بعض الأنبياء من كان ابنه وأبيه وامرأته غير مؤمنين ، وفي نفس السياق جاء التحذير لخاتم النبيين بأنه ليس من حقه أن يكره الناس على الإيمان و ألا يحزن ولا يتحسر على غير المؤمنين لأن هدايتهم ليست مسئوليته كرسول يقول تعالى(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)فاطر:8 ، (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)يونس:99 ، أعتقد بعد هذا ليس من حق أي داعية أو أي سلفي وهابي أن يدّعي أنه مسئول عن الناس وعن دينهم بحجة خوفه عليهم.

اجمالي القراءات 19857