لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ
المصريون مُواطنون مهما كان دينهم

Ezz Eddin Naguib في الإثنين ٢١ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

المصريون مُواطنون مهما كان دينهم

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الوهابية أو السلفية مذهب بدوي غليظ لا يأخذ من القرآن إلا آيات الغلظة والشدة التي تتفق مع ما جُبلوا عليه من غلظة وتنطع
فهم ينتقون مما تشابه من الآيات ما يُوافقهم ويعتقدون أن آيات الرفق والحُسنى منسوخة
فهم ممن وصفهم سبحانه بـ "الذين في قلوبهم زيغ" ولذلك فهم يتبعون ما تشابه من آيات الله وتتفق مع غلظتهم
ويتبعون الأحاديث الكاذبة التي تأمر بعدم السلام على أهل الكتاب وإضطرارهم إلى أضيق الطريق

ويعتمد فهم كتاب الله على الآيتين المحوريتين:
آ{هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7
والآية {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} النساء82
فكتاب الله لا تُوجد فيه اختلافات بين آياته
ولو وجدنا اختلاف بين آياته فهذا معناه أننا لم نُحسن التدبر والفهم وعلينا أن نُعيد التفكير في الآيات حتى تصل إلى مفهوم لا تتضارب فيه أية آية مع آية أُخرى
ولو عرضنا الآيات المُتشابهة على آيات الله المُحكمة فسنُدرك أنه لا اختلاف ولا تضارب بين آيات الله، وسنُدرك أن مقولة "القرآن حمَّال أوجه" التي نسبوها لعلي بن أبي طالب كاذبة

يعتقد السلفية أنهم وحدهم على الحق وأن العالم كله على الباطل بما فيهم المُسلمون ممن يُخالفون مذهبهم الوهابي
ولذلك فهم يُكفِّرون العالم بأجمعه
وأكثر من يُكفره السلفية في مصر هم المسيحيون
فينتقون من الآيات ما يُرسخ كفرهم في قلوب المسلمين وما يُثير حفيظة الناس عليهم
وبدلا من أن ينشروا السلام بين أهل مصر نراهم يُثيرون الفتنة الطائفية بين المُسلمين والمسيحيين، ويثُيرون الفتنة ضد الصوفية والإخوان والأزهر والشيعة والقرآنيين
باختصار هم يُثيرون الفتنة ضد كل الناس

ففي الفيديو التالي نراهم يصرخون: "الأقباط أعداؤنا!"
https://www.youtube.com/watch?v=prR60f4ef8U&feature=player_embedded
وهذا جهل فالأقباط هم المصريون أهل مصر: فقد أسلمت الأغلبية وظلت الأقلية على دينها وهم من يُسميهم العامة بالأقباط
فنحن المصريون أقباط مُسلمون وأقباط مسيحيون أو نصارى

ويستشهد بالآية: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} البقرة120
وأهل كل دين يعتقدون أن دينهم هو الحق وأن الآخرين على باطل، وكذلك نجد أن المُسلمين يعتقدون نفس الشيء وأن الأديان الأُخرى على باطل
وعلق الشيخ وجدي غنيم على أحداث ماسبيرو باتهام المسيحيين بالكفر وألَّب الناس عليهم مما أدى إلى رفع الفيديو عن اليو تيوب
وفي الفيديو التالي كفَّر الشيوخ النصارى
http://www.youtube.com/watch?v=3zvahICozGQ


ويذكر الشيوخ دائما الآيات: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }المائدة73
و {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} المائدة72
وهذا حق يُراد به باطل لتحريض الناس ضدهم
فكفر هؤلاء الناس بينهم وبين ربهم فحسابهم ليس معنا لأن الله ترك الكفر والإيمان لمشيئتنا وجعل العقاب بيده هو سبحانه
فيقول تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً} الكهف29
ويذكرون أيضا الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51
وبناء عليها طالبنا الشيوخ بعدم السلام عليهم وعدم تهنئتهم بأعيادهم وعدم عزاءهم الخ

ولكن السلفية كعادتهم يقتطعون الآية من سياقها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{51} فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ{52} وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ{53} المائدة

وواضح من سياق الآية أن هذا التوجيه الإلهي إنما هو وقت الحرب، وتنطبق عليه الآية المُحكمة: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الممتحنة9 كما سيلي

 
وتناسى الشيوخ الآيات المُحكمة: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (8)  {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الممتحنة9

وقوله:{وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ} البقرة190
وهذه الآيات هي الآيات الحاكمة في موضوع الولاء والبراء
وبدون هذا المفهوم سنجد أن الآيات تختلف مع بعضها اختلافا كثيرا
فمن يعيش معنا من مُواطنينا ممن يُخالفنا في الدين ( حتى ولو كان كافرا) في سلام ولم يعتد علينا فأمر الله هو أن نبرهم ونُقسط إليهم
ومن اعتدى علينا أو حاربنا فنحن لا نُواليه أبدا
فهل من البر أن نسبهم باتهامهم بالكفر كلما رأيناهم، ونقول هذا هو حُكم الله؟
أم هو تنطع واستغلال لآيات الله في الإساءة إلى الناس؟
فكفر النصارى شيء (فهذا بينهم وبين ربهم)، ولكن البر إليهم لأنهم مُسالمون غير مُعتدين شيء آخر لمن يتدبر كتاب الله
هذا ما أراه والله أعلم

 

اجمالي القراءات 8742