النهي عن نكاح زوجة العم أوالخال

سامر إسلامبولي في الإثنين ١٥ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

النهي عن نكاح زوجة العم أو الخال

إن إغلاق باب الاجتهاد , وجمود التفكير لسنوات طويلة , والابتعاد عن التعامل مع القرآن بصورة مباشرة , أدى إلى قصور الفقه الإسلامي , ووقوفه حيث انتهى السلف , وصارت مقولة : ما ترك الأولون للآخرين شيئا . تتردد على ألسنة طلاب العلم ذهولا وعجزا , بل على ألسنة الفقهاء أنفسهم , الذين رضوا بأن يكونوا حفظة ونقلة لأقوال السلف,لا يتجاوزونهم قيد أنملة !!...

ومن المسائل الهامة المتعلقة بالحياة الاجتماعية التي غفل السلف عنها , وتبعهم بذلك الخلف , مسألة النهي عن نكاح زوجة العم أو الخال , وذلك في دلالة النص القرآني الذي يقول : ( ولاتنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا ) النساء 22 .

وكلمة ( الأب) في الخطاب القرآني تطلق على وجهين :

الأول : آباء ثقافة وسلف . . قال تعالى :

(ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل)الحج78(بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون)الزخرف22

الثاني : آباء نسـب . وتطلق على الأصول مهما علوا وتقادموا . قال تعالى :

( واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ...) يوسف 38 ( كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق ) يوسف 6

كما أن الأمهات أيضا متضمنة في خطاب الآباء مهما تقادمن .قال تعالى:

-1( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث)النساء 11

-2 ( يا بني آدم لايفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ) الأعراف27 --3 (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين) الكهف 80

فدلالة كلمة ( أب ) في الخطاب القرآني تتضمن الآباء رجالا ونساء على حد سواء , فالجد من جهة الأب أوالأم هو أب في الخطاب القرآني , كما أن الأم متضمنة بكلمة الأب , فعندما ترد كلمة ( آباء ) في النص يقصد بها الآباء مهما علوا من طرف الأب أو الأم على حد سواء . وبناء على ذلك تم النهي عن نكاح زوجة الجد من طرف الأبوين(الأب والأم) .

وهذا القول المذكور لاخلاف عليه , وإنما يوجد أمر آخر مسكوت عنه ألا وهو : أن العم والخال هما من الآباء في النص القرآني.قال تعالى :

-1( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ) البقرة 133

ومن المعلوم أن إسماعيل هو أخ لإسحاق (أي عم يعقوب ) ومع ذلك فالخطاب القرآني أطلق عليه كلمة ( أب ) مما يدل على أن العم هو من الآباء في النسب

( العم صنو الأب ) , وما ينطبق على العم ينطبق على الخال , لأن الأم من الآباء فيكون الخال أبا .

فيكون قوله تعالى : ( ولاتنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ) نص عام في النهي يشمل كل الآباء نسبا دون استثناء لأي أحد منهم , ابتداء من الأب المباشر إلى العم والخال والجد من الطرفين مهما علوا وتقادموا ‍‍‍‍‍‍.

وبناء على ما ذكرت ينبغي التعامل مع زوجة العم أو الخال مثل المحارم تماما من حيث الأحكام والعلاقات الاجتماعية .

هذا مايدل عليه النص القرآني , وبالتالي لايصح رفض دلالة النص القرآني لشبهات وتساؤلات لا جواب عليها . نحوقولهم : لماذا لم ينقل ذلك لنا من خلال السنة أو الحديث ؟‍‍ . أوقولهم : لماذا لم يقل أحد قبلك بذلك ؟ .

فهذه الأقوال وغيرها, قد كفانا الله بالجواب عليها بقوله تعالى :

-1( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا )البقرة 170

-2 ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولاتسألون عما كانوا يعملون ) البقرة 134

-3 (قال فما بال القرون الأولى , قال علمها عند ربي في كتاب لايضل ربي ولاينسى ) طه 52-51

اجمالي القراءات 94853