الحرية

سامر إسلامبولي في الإثنين ١٥ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

الحريـة

في الدخول بالدين أو الخروج منه

جُعِل الإنسان خليفة في الأرض بامتلاكه صفة الحرية المترتبة على الإرادة الواعية، ولذلك صار الإنسان مسؤولاً عن أعماله . فالحرية للإنسان تعني المسؤولية ، والمسؤولية تعني الحرية . لذلك قال تعالى : [ وقفوهم إنهم مسؤولون ]الصافات 24 ولولا امتلاكهم الحرية في أفعالهم لما سئلوا عنها !! لأن المجبر على شيء ، مقهور بإرادة غيره ، وبالتالي تنتفي عن هذا الكائن المسؤولية لانتفاء الحرية . قال تعالى : في وصف حال الملائكة : [ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ]التحريم 6 فالملائكة كائنات غير مسؤولة لأنهم لا يملكون الحرية .

وقد خلق الله الموت والحياة لحصول عملية الابتلاء عند الإنسان ، والابتلاء عملية مناطة بالحرية ، وإذا انتفت الحرية انتفى الابتلاء قال تعالى : [ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ] الملك 2

وقال : [ لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ] المدثر 37المدثر 37

وقال : [ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ] الكهف 29

وقال : [ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ] البقرة 256

فالحرية حاجة نفسية فطرية في الإنسان ,وقهرها يؤدي بالإنسان إلى الموت المعنوي, لذلك أتى القرآن منسجماً مع الفطرة ,فأقر الحرية في الإنسان بعشرات النصوص القرآنية . ولكن عباد الإسناد استدركوا على الخالق تبارك وتعالى ومنعوا حرية الإنسان في خط الرجعة لما اختار !! رغم أنه ما زال في دائرة الامتحان والابتلاء لم يغادرها ، ومن المنطقي أن يرجع الإنسان عن اختياره مادام في قاعة الامتحان وينتقل إلى ما يراه صواباً, والنتيجة أنه مسؤول عن اختياره من قبل الخالق تبارك وتعالى ، لأن الإنسان يقدم امتحانه لخالقه وليس للخلق مثله ، فالإنسان عندما يسلم لا يقدم أوراق اعتماد أو انتساب إلى أي جهة كانت ، وإنما يسلم وجهه لله حنيفاً غير آبه بأحد من الخلق سخطوا أم رضوا !! .

ولم يعط الخالق حقاً لأحد أن يحاسب الناس عن معتقداتهم أبداً ، وترك هذا الأمر ليوم الحساب ، لذا لا يوجد في النص القرآني صلاحية للمجتمع كسلطة بأن يحاسب أحداً عن تغيير معتقده دخولاً أو خروجاً . وكل النصوص تحصر الصلاحية في الله عز وجل نحو قوله تعالى : [ ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ] 217 البقرة

أما المجتمع فله أن يحاسب الإنسان إذا قام بعمل يترتب عليه الضرر بالمجتمع نحو أن يقوم المسلم بالالتحاق بالعدو وينتمي إليهم ولاءً ونصرةً ضد المؤمنين ، فيحاسبه المجتمع بجريمة الخيانة العظمى وليس لتغيير دينه ، لأنه ممكن أن لا يغير دينه, ومع ذلك يحاسبه المجتمع بجريمة الخيانة العظمى !! .

أما قول النبي صلى الله عليه وآله ( إن صح سنده ): [ من بدل دينه فاقتلوه ]. فقد قاله عندما سمع بعض اليهود يقولون : تعالوا ندخل في الإسلام أول النهار ونكفر آخره . وذلك حتى يشككوا بعض الضعاف من الناس ويشجعونهم على الترك والرجوع عن الإيمان. فقال( صلى الله عليه وآله) الحديث ليمنع هؤلاء من لعبتهم تلك بقوة السلاح, والخوف من القتل, فأجهض مؤامرتهم وانصرفوا خائبين !

قال تعالى : [ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ] آل عمران 72

فالحديث النبوي المذكور ليس حكماً شرعياً ، وإنما هو علاج سياسي ظرفي, وما ينبغي أن يُجعلَ مصدراً تشريعياً أبداً . فما بالك إذا خالف في مضمونه عشرات النصوص القرآنية ,إضافة للفطرة الإنسانية,فهل نتمسك بكتاب ربنا الثابت والمتواتر والمحفوظ بحفظ الله له , أم نضرب بكتاب ربنا عرض الحائط لحديث آحاد يخضع إسناده إلى التصحيح والتضعيف عند الأقوام كل حسب شروطه وقواعده!! ناهيك عن نفي صفة المصدرية الإلهية عن مادة الحديث النبوي أصلاً [ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون ] البقرة 170 .

******************************************************

اجمالي القراءات 18066