هم اختاروا الكيميا واحنا اخترنا الفستان البمبى

خالد منتصر في الإثنين ١٠ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

فوز عالم الكيمياء الإسرائيلى دانيال شيختمان بجائزة نوبل للكيمياء لعام 2011 كعاشر مواطن إسرائيلى يفوز بها ورابع عالم كيمياء يحصل عليها، وبالتحديد من معهد التخنيون المذهل المبهر الذى صار قبلة علماء الكيمياء والفيزياء والهندسة وعلوم الكمبيوتر فى العالم كله -لابد أن نقرأ دلالات فوز هذا الرجل بعين مختلفة، عين لا تقرأ دائماً بنظرية المؤامرة أو بدافع الحقد، ولكن بدافع الفهم ومحاولة معرفة سر هذا التفوق العلمى، أنا لن أقرأ من منطلق إحساس بالاضطهاد والدونية أو الانبهار والعشق، ولكنى أقرأ دلالات هذه الجائزة من منطلق التأمل البعيد عن بحر السياسة المتلاطم، كيف وصل هذا الكيان الذى يمثل قطرة فى محيط العرب من حيث عدد السكان والإمكانيات المالية والثروات النفطية.. كيف تقدم وإلى أين وصل، ونحن كيف انحدرنا علمياً وإلى أين وصلنا فى العلم وغيره؟
 
■ دانيال شيختمان أو «شيشتمان»، لا أعرف نطقها العبرى الصحيح، حصل على جائزة نوبل بسبب اكتشافه الذى غيّر فكر ومفهوم المادة الصلبة، وهو ما يعرف بأشباه البللورات، وتحمل بعد نشر هذا الاكتشاف فى بداية الثمانينيات سخرية زملائه ورؤسائه ولكنهم بالرغم من ذلك لم يمنعوه من استكمال أبحاثه حتى استقر العلم على قبولها والاعتراف بها بل الاستفادة منها فى الصناعة.
 
■ هذا الرجل منتج إسرائيلى 100%، مولود ومتعلم ويعمل فى إسرائيل، بل عرضت عليه مناصب علمية كبيرة ومهمة فى أمريكا ورفض البقاء هناك ليعود إلى إسرائيل ويساهم فى تقدمها العلمى.
 
■ يعترف «شيختمان» بأن من زرع فيه حب العلم هو كاتب الخيال العلمى الشهير «جول فيرن» صاحب «رحلة إلى مركز الأرض» و«ثمانون يوماً حول العالم».. إلخ.
 
■ معهد التخنيون، الذى يحتفل بمرور مائة سنة على إرساء حجر أساسه فى نفس الوقت الذى يحتفى فيه بـ«شيختمان»، هو معهد علمى أقيم قبل إنشاء دولة إسرائيل، وهذا يعنى أن هؤلاء اليهود الحالمين بالدولة فكروا فى أن العلم قبل الدولة، بل هو الذى سيرسى دعائم الدولة. من هو أول رئيس لمجلس أمناء التخنيون؟ إنه ألبرت أينشتين أشهر علماء الكون، الذى قال عند إنشاء المعهد «إن إسرائيل تستطيع أن تكسب معركة البقاء فقط إن نجحت فى تكوين معارف عميقة فى التقنية». ما هى ميزانية هذا المعهد؟ فى عام 1973 كانت ميزانية التخنيون 100 مليون ليرة إسرائيلية (20 مليون دولار)، وفى عام 1999 بلغ الإنفاق على البحث العلمى فى المعهد (ما عدا العسكرى) حوالى 9.8 مليار «شيكل» (100 مليون دولار)، أى ما يوازى 2.6٪ من حجم إجمالى الناتج الوطنى، أما فى عام 2004 فقد وصلت نسبة الإنفاق على البحث العلمى فى إسرائيل إلى 4.7٪ من ناتجها القومى الإجمالى، وفى عام 2006 كانت ميزانية التخنيون 3 مليارات دولار، علمًا بأن معدل ما تصرفه حكومة إسرائيل على البحث والتطوير المدنى فى مؤسسات التعليم العالى يوازى 30.6٪ من الموازنة الحكومية المخصصة للتعليم العالى بكامله!!
 
■ ختاماً نعرض أرقاماً مقارنة لعلنا نفيق من سباتنا العميق: زادت صادرات إسرائيل من المنتجات الإلكترونية من حوالى مليار دولار عام 1986 إلى 6 مليارات دولار عام 1999، وبلغت نسبة العلماء والتقنيين فى إسرائيل 760 لكل 100 ألف شخص عام 2000. الإنفاق الكلى على البحث العلمى فى الوطن العربى لا يتجاوز 0.15% من الناتج المحلى الإجمالى (خمسة عشر من مائة فى المائة!!!!)، تخصص إسرائيل 37% من ميزانيتها للمشاريع العلمية، وتتراوح حصة القطاع الخاص فى تمويل البحث العلمى 52%. يتدنى نصيب البلدان العربية من النشر العلمى إلى أقل من سدس نصيبهم من سكان العالم، هذا فى حين يرتفع نصيب إسرائيل من النشر العلمى إلى عشرة أضعاف نصيبهم من سكان العالم.
اجمالي القراءات 9793