من فتاوى أبناء إبن عبدالوهاب .

عثمان محمد علي في الأربعاء ٠٨ - يونيو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم .

 الرد على فتوى تحريم عمل المرأة (كشير – محاسب ) فى المحلات التجارية .

فى عصور القصور الفكرى والتخلف العلمى   ،والإستغراق فى التفاهات ،والبحث فى قشور المعرفة ،تطفو على السطح  مساخر أئمة التقليد  وتوافه إنتاجهم البحثى .ومن هذه التوافه ما أتحفنا به  أبناء  (إبن عبدالوهاب ) فى السعودية  فى فتاويهم  المتعددة ضد الطبيعة الإنسانية  والفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها .ومن هذه الفتاوى ماجاء فى إجابة لجنة البحوث العامة والإفتاء السعودية فى الفتوى (24937) وتاريخ 23/11/1431 هـ بتحريم عمل المرأة فى المحلات التجارية حيث قالت الفتوى (نص فتوى اللجنة الدائمة حول تحريم عمل الكاشيرات وحرمة الاختلاط الصادرة اليوم الأحد 23/11

فتوى رقم (24937) وتاريخ 23/11/1431 هـ
...الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ماورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي .... والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (1467) وتاريخ 18/11/1431 هـ وقد سأل المستفتي سؤالا هذا نصه: (قامت العديد من الشركات والمحلات (هايبر بنده، مرحبا، رد تاج ) بتوظيف النساء بوظائف كاشيرات (محاسبات) تحاسب الرجال والنساء باسم العوائل تقابل في اليوم الواحد العشرات من الرجال وتحادثهم وتسلم وتستلم منهم، وكذلك ستحتاج للتدريب والاجتماع والتعامل مع زملائها في العمل ورئيسها؟ ماحكم عمل المرأة في مثل هذه الأعمال؟ وما حكم توظيف الشركات والمحلات للمرأة في هذه الأعمال أفتونا مأجورين ) .
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت : لا يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في مكان فيه اختلاط بالرجال، والواجب البعد عن مجامع الرجال والبحث عن عمل مباح لا يعرضها لفتنة ولا للافتتان بها ، وما ذكر في السؤال يعرضها للفتنة ويفتتن بها الرجال فهو عمل محرم شرعاً وتوظيف الشركات لها في مثل هذه الأعمال تعاون معها على المحرم فهو محرم أيضا ، ومعلوم أن من يتقي الله جل وعلا بترك ما حرم الله عليه وفعل ما أوجب عليه فإن الله عز وجل ييسر أموره كما قال تعالى (ومن يتقي الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب) وفي الحديث المخرج في مسند أحمد وشعب الإيمان للبيهقي عن رجل من أهل البادية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "أنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه" قال البيهقي رجاله رجال الصحيح ومعلوم جهالة الصحابي لا تضر كما نص على ذلك علماء الحديث، وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ
عضو: صالح بن فوزان الفوزان
عضو: أحمد بن علي بن سير المباركي
عضو: عبدالكريم بن عبدالله الخضير
عضو: محمد بن حسن آل الشيخ
عضو: عبدالله بن بن محمد بن خنين
عضو: عبدالله بن محمد المطلق

--وفى الحقيقة نرد عليهم لأنهم نسبوها للإسلام ،ولم ينسبوها لأنفسهم ،ونحن على هذا الموقع المبارك نحاول جاهدين فى تبرأة الإسلام مما نسبوه له ظلما وعدوانا مخالفا لما جاء به دستوره العظيم كتاب رب العالمين .

وبنظرة سريعة على هذه الفتوى  نجدها تعود بنا إلى زمن  الجاهلية الأولى ،جاهلية ما قبل الإسلام .حيث كانت المرأة حبيسة فى بيت شيخ القبيلة أو كبيرها أو زعيمها ،  متاعا وسلعة  مستباحة الجسد  ،مسلوبة العقل والإرادة، يتصرف فيها زعيم القبيلة وشيخها كما يحلو له وكيفما  يشاء ،ببيعها فى الأسواق إن أراد ، يهديها لزعيم قبيلة أخرى أويزوجها لمن يختار ،او يجمع بينها وبين أختها ،بل كان الإبن الأكبر بعد وفاة أبيه يرمى عليها عباءته فتُصبح ملكا له  وطوع بنانه ولا تخرج عن إمرته ابدا . وبالتالى فلم يك لها حق العمل أو المشاركة فى التجارة أو غيرها ،اللهم إلا أن تعمل كخادمة أو أمة لدى من هو مسئول عنها . ولكن بعد نزول الإسلام على أولئك الأعراب  أعاد القرآن لها كافة حقوقها ،وحريتها ،وإرادتها ،ومسئوليتها تجاه أسرتها ومجتمعها . ودليل على هذا ما قاله رب العزة عن تساوى الرجل والمرأة فى العمل والجزاء عليه .دون تفرقة أو إختزال من قدرها فى قوله تعالى (ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقاتوالصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما ) الأحزاب  35

إلا أن أبناء إبن عبدالوهاب  من السلفيين المتطرفين  أبوا إلا أن يعودوا بنا إلى عصور ظلام أسلافهم الأولى  ليسبلوا علينا من عاداتها السيئة ما هو مقيد لحرية المرأة وآكل لمالها بالباطل ،مُتذرعين  بحرمة إختلاطها بالرجال ،والخوف عليهم  من فتنتها  مُستدلين على ذلك بأقوال من دينهم الأرضى فى رواية من روايات  البيهقى  التراثية  البالية !!!!  وتناسوا كل ما جاء فى القرآن الكريم من تكريم للمرأة و حقها فى كل شىء وعلى رأس هذه الحقوق حقها فى  العمل . ولو أنهم  تصفحوا صفحات الكتاب الحكيم  وبحثوا فى مسألة الإختلاط  هذه لوجدوا فى قصصه ما يزجرهم وينهاهم عن  غيهم الذى هم فيه يعمهون  ..ففى قصة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام  وحواره مع ملائكة البشرى  نجد أن أمرأته عليها السلام (زوجة الخليل أبو الأنبياء ،وأم الأنبياء) كانت معهم فى الحوار .فيقول ربنا سبحانه وتعالى (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ .إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ .فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ .فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ .فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ .فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ .قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ) الذاريات 24-30

ففى الآيات الكريمات حوار بين الملائكة وخليل الله إبراهيم ،وزوجته عليهم السلام جميعا . فهل وقع  أبو الأنبياء وزوجته فى الإثم حينما إشتركت زوجته فى الحوار ،وكلمت الملائكة وأجابوها   ؟؟؟

وكذلك فى قصة موسى وزواجه وما جاء فى قول الله تعالى على لسان زوجته فيما بعد حين قال القرآن (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ .فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ .فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ .قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ .قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) القصص -23-28

كذلك تجاهل السلفيون أهم ركن من أركان الحياة وهو إعمار الأرض .ودور المرأة فيه . فالقرآن الكريم يتحدث فى المعاملات  دائما عن واقع  مُعاش ملموس ومحسوس وموجود فى كل زمان ومكان . ومن هذا الواقع ما نجده من  فى حالات مثل وفاة زوج المرأة  أو عائلها    من أب أو أخ أو إبن وهكذا . وهنا  تكون المرأة بين حالتين ،إما أنها ورثت عنه بعض المال فلابد أن ترعاه وتنميه وتُساهم فى إعمار الأرض  بما وهبها الله من رزق   ، وإما أنه توفى عنها زوجها أو عائلها وتركها مُعدمة فلابد أن تعمل لتكسب رزقها  ولتعف نفسها عن الحاجة والسؤال ولتكون ممن يسعون فى الأرض وتمشى فى مناكبها  وتأكل من رزق الله .  والغريب أنهم تجاهلوا ايضا حقها الطبيعى الذى وصفه القرآن فى حق شهادتها على العقود ،ومنها عقود البيع والشراء والرهن  وكافة أنواع التجارة ،وفى ذلك يقول القرآن الكريم (يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا ياب كاتب ان يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فان كان الذي عليه الحق سفيها او ضعيفا او لا يستطيع ان يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامراتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى ولا ياب الشهداء اذا ما دعوا ولا تساموا ان تكتبوه صغيرا او كبيرا الى اجله ذلكم اقسط عند الله واقوم للشهادة وادنى الا ترتابوا الا ان تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح الا تكتبوها واشهدوا اذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وان تفعلوا فانه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ) – البقرة 282 ...

ومن هنا نؤكد على  بطلان تلك الفتوى الصادرة من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية بخصوص تحريم عمل المرأة فى المحلات التجارية ،ونؤكد على أنها مخالفة لما جاء من حرية كاملة للمرأة فى ممارسة كل أنشطة إعمار الأرض ومنها العمل بالتجارة سواء كانت صاحبة محل تجارى أو عاملة فيه أو وسيط تجارى أو وكيل تجارى بين مصانع وشركات الإنتاج وبين المحلات التجارية .

.ومن هنا  أيضا هل نقول هل  بعد ذلك تتخلى المرأة عن نفسها وكيانها وعقلها وحريتها وإرادتها وتظل حبيسة خاضعة خانعة أمة  ذليلة لرأى  سلفى هنا، او تراثى هناك؟؟؟؟

أعتقد انها لو تركت نفسها لفتواهم هذه او فتاويهم المخجلة التى يصورون المراة فيها على أنها  (حبائل للشيطان) ، فقد ظلمت نفسها ودينها وربها .

ونقول لأولئك السلفيين كفاكم سُخفاً وإستخفافاً بالناس  بفتاويكم المخالفة لدين الله وشريعته ومنهاجه ، ولن يعود الناس إلى الوراء ،ولن تُصبح المرأة جارية  تبيعونها فى سوق الإماء النخاسة  كما تتوهمون مرة أخرى .  وأتقواالله فى دينه ولا توصمونه بما ليس فيه ..

 

 

 

اجمالي القراءات 17388