البلطجية " وتهمة الخيانة العظمى

حمدى البصير في الثلاثاء ٣١ - مايو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

  

 

 

حمدى البصير

البلطجة ليست إختراعا مصريا فهى ظاهرة موجودة فى مصر منذ زمن بعيد ، أى قبل وبعد ثورة 25 يناير المباركة ، وموجودة ايضا فى البلدان العربية مثل الشبيحة فى سوريا ، ولكن شعرنا بخطورة البلطجية فى بلادنا بعد الثورة ، عندما حدث الإنفلات الأمنى ، وهاجمت جحافل البلطجية المواطنيين العزل من أجل ترويعهم ، بل نهبوا المحلات التجارية ، وسرقوا مواطنين بالإكراه فى وضح النهار ، وهاجموا معظم أقسام الشرطة والسجون ، من أجل إحداث حالة من الفوضى والرعب بين المواطنين ، وإفشال الثورة ، وهو مايراهن عليه النظام البائد وفلوله حتى الان .

وزاد من خطورة البلطجية عدم نزول الشرطة حتى الأن بكامل قوتها فى الشارع المصرى ، لأسباب مجهولة أحيانا ، وإصرار البعض على الإستمرار فى عقد المظاهرات المليونية والفئوية ، والتى تربك الأجهزة الأمنية بل والشرطة العسكرية أيضا ، لإن حفظ الأمن أصبح فى ظل موضة المظاهرات عبئا كبيرا ، ولايمكن أجهزة الأمن من إلتقاط أنفاسها وإعادة ترتيب بيتها من الداخل ، ولاسيما فى ظل التصعيد النوعى لمحترفى المظاهرات ، فهناك من كان عاقد العزم على التوجه بمظاهرة إلى الأراضى الفلسطينية فى ذكرى النكبة ، وهناك مظاهرة حاول المشاركون فيها إقتحام السفارة الإسرائيلية يوم الجمعة الماضى ، بالإضافة إلى حالة الإحتقان الطائفى التى مازالت موجودة بعد أحداث أمبابة ومن قبلها فى قرية صول ، ومحاولة البلطجية إحراق كنائس والتربص بكنائس أخرى من أجل إشعال فتنة طائفية لصالح الغير - فى الداخل والخارج -

كل ذلك جعل الأمن فى حالة إستنفار وإنهاك ، وزاد من خطورة البلطجية ، والذين أصبحوا أكثر خطرا من الإرهابين ، لأتهم لايقومون بإرتكاب جرائم جنائية ضد أشخاص فقط ، بل أنهم ، أى البلطجية ، يقومون بإرتكاب جرائم سياسية أيضا ، أى يهددون أمن الدولة ويحاولون إسقاط هيبتها ونظامها الأساسى ، وزعزعة إستقرارها ، بل ويهددون كيان الدولة الإقتصادى ، لإن بجرائمهم تلك ، والتى أدت إلى إحداث فوضى متعمدة وهددت الأمن الإجتماعى ، طفشوا السائحين ومنعوا قدوم الإستثمارات الخارجية وعرقلوا الدوران الطبيعى لعجلة الإنتاج ، بل أصبحت حركة البناء شبه متوقفة ، وتعطلت قطاعات إنتاجية كثيرة بالدولة .

بإختصار فإن الإنفلات الأمنى وتوحش البلطجية ، له أضرارا سياسية وإقتصادية وإجتماعية كثيرة ، وفيه تهديدا لنظام الدولة وكيانها ، وبالتالى لايجب معاملة البلطجية ، على أنهم خارجون على القانون ، ويرتكبون جرائم جنائية فقط ، بل يجب إعتبارهم فى الوقت الحالى ، الذى تبدأ مصر فى النهوض من كبوتها بعد نجاح ثورة شعبها والتخلص من نظام مستبد وفاسد وقمعى خونة ، بل لابد من محاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى ، لأنهم يسعون بقصد أو بدون قصد إلى تقويض إستقرار المجتمع ، وتبديد مكتسباته ، وإفلاسه ، وحرق إنجازاته .

فإذا كان البلطجية مرتزقة يعملون لصالح الغير بوعى وإدراك وتصميم ، ومن اجل المال ومغانم أخرى ، فعلينا محاكمتهم هم ومحرضيهم ومموليهم ومن يرعاهم ، بتهمة الخيانة العظمى ، لأنهم لايستخدمون ويستأجرون من قبل الغير " الخائن " من أجل البلطجة فى الإنتخابات أو إرهاب المنافسين من أجل تزويرها ، لمصلحة بلطجى أخركبير لايقل عنهم بلطجة ، حتى ولو أصبح نائبا برلمانيا ، ولكن يعملون على سرقة شعب بمقوماته وتاريخه، ويزرعون بذور الفتنة فيه ، ويجعلونه على شفا حرب أهلية ، قد تحرق مقدراته وحضارته .

أما إذا كان هؤلاء البلطجية أغبياء ويرتكبون اعمالهم الإجرامية بدون وعى وفى مقابل المال فقط ، فعلينا توعيتهم ، وإعادة تأهيلهم ، لإن هؤلاء ضحايا ظروف مجتمعية سيئة وظروف إقتصادية أسوأ جعلت منهم بلطجية بالأجر ، ونحن شاركنا فى أن يتخذوا البلطجة كمهنة واكل عيش .

وللحديث بقية

حمدى البصير

elbasser2@yahoo .com

اجمالي القراءات 10318