رد عقلى
رد عقلى

Inactive User في الثلاثاء ٠٩ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

العنوان مستوحى من عنوان الفيلم العربى رد قلبى والذى يحكى عن الفترة الإنتقالية بين النظام الملكى والنظام العسكرى الذى تحكم فى مصر منذ تلك الفترة الزمنية وما حدث فيه من مصائب تشيب من هولها الولدان حيث استبدلت الديكتاتورية الملكية بأخرى عسكرية تتحكم فى انحاء البلاد وفى مصائر العباد فما اكثر الذين حطمت أحلامهم وسفهت آمالهم ودمرت حياتهم وسجنوا ظلما بغير ذنب وعذبوا وشتتت أسرهم بدعوى الحفاظ على سلامة الوطن وأمنه0
لم يتم رد القلب المصرى الذى فطره ظلم الإحتلال على مر مئات السنين واستباحته الملكية المستهترة وحكم الصبيان ولم يتم بل ريق المواطن المصرى الأصيل، الحافر فى الطين، الناحت فى الصخر، الصابر على ظلم السفاحين، الراضى بأقل مما يسد الرمق ويكفى لعيش بئيس ولم يتم سد رمقه ولا كفاية جوعه ولا تحقيق معشار حلمه الدفين فى ثنايا الطين مخلوطأ بعرق ودم وكفاح السنين0
لم يزل المواطن الصابر يتلقى الوعود التى لا تنفذ ويسمع التصريحات الرنانة والقرارات الطنانة بلا جدوى ولا تحقيق ولا حتى أمل صغير فى حياة كريمة لمن يسموا بمحدودى الدخل وهم لمن لا يدرى يمثلون الغالبية العظمى من الشعب فهم ليسوا مجرد شريحة ولكنهم فى الحقيقة هم الشعب المصرى الحقيقى الأصيل حين يعز الأصل، وهم الصابرون حين ينعدم الصبر، وهم المكافحون حين يندر الرجال، وهم العاملون الساهرون حين تقل التضحيات، وهم الباكون على حبات تراب هذا الوطن العظيم، هم من حاربوا الصهاينة الأشرار الملاعين وهزموهم بإذن الله تعالى فى سيناء الحبيبة وهم من رفعوا بسواعدهم السد العالى وهم حفروا بأظافرهم قناة السويس وماتوا ودفنوا فى ترابها من التعذيب والجوع 0
محدودو الدخل لمن لا يدرى هم مصر الحقيقية، وهم المتبرعون بدمائهم لضحايا الحوادث والأمراض عندما يهرب ذوو الملايين من مثل هذه المواقف، وهم من يطفؤون الحرائق العاتية ويواجهون السيول الجامحة والزلازل الفادحة بصدورهم وأجسادهم حيث ينامون فى مبان آيلة للسقوط وفى منازل طينية مهترئة تعيش على اثاث قديم بالى ومع ذلك يخرج منهم الطبيب والمهندس والمدرس والعامل والعالم 0
محدودو الدخل هم مصر يا سادة وليسوا حائط مبكى لكل من يريد ان يضيع وقته هباءأ بغير نتائج فاعلة فهم السواعد القوية، والعضلات الفتية التى تبنى حضارة مصر القديمة والحالية والمستقبلية، وهم قلوب مصر النابضة بحبها، وهم من ذهبوا لدول الخليج وليبيا والعراق وعادوا لمصر بمليارات الدولارات ورفعوا إسمها وشانها وشاركوا فى رفعة قيمتها فى كل أنحاء العالم، هم الموظفون والعاملون والعساكر فى جيش مصر وشرطتها وهم الأطباء والمدرسون والمهندسون والمحاسبون والسائقون والبائعون والصانعون والزارعون والحاصدون.
فمن يرد عقلى الذى قفز خارج جسمى؟ من يهدىء من روعى ومن يهدهد على كتفى حتى يهدأ غضبى وينتهى حزنى وينقشع ألمى على محدودى الدخل فى مصر.
كلهم يعانى الديون الغزيرة، ودخله لا يلبى ربع حاجاته، وراتبه مصدر حسرته وحزنه وألمه وهو الذى جعله يعيش بائسأ مطأطأ الراس فى بيته وبين أبناء قومه فليس هناك فيهم شخص واحد لم يمد له اليد للإقتراض فى وقت الشدة وما أدراك ما وقت الشدة إن كل الوقت تقريبأ تحول إلى وقت شدة فالمرض مهما كان بسيطأ هو شدة، وسداد الجزار والبقال والفكهانى آخر الشهر وقت شدة، وأجر الشقة وقت شدة، والمواصلات المعطوبة الغالية السعر شدة، والملابس التافهة بالمقارنة بملابس أصحاب الفلوس وقت شدة، ويا حسرتاه لو كان لديه عيال ووا حزناه لو كان عددهم أكثر من إثنين فصدقونى يا سادة أن محدود الدخل لو لم يكن لديه حياء لجلس ومد يده امام المساجد وفى مخارج مترو الأنفاق ومداخل الأسواق هذا المصرى الصابر الشريف الذى يسمى محدود الدخل هو فعلأ محدود الدخل ولكنه ليس محدود الصبر ولا محدود الرجولة ولا محدود الفتوة ولا محدود الذكاء، وقد يكون قصير اليد ولكنه ليس قصير النظر ولا قصير الكرم، وقد قليل الحيلة بسبب قلة الفلوس ولكنه كثير الحيل للخروج من مآزقه المتكررة يوميأ ومشاكله المعروفة فهو يعرف كيف يغمز صاحب الفرن حتى يبيع له كمية اكبر من الخبز تكفى عياله وهو حلو اللسان ويستطيع أن يستحلب صبر البقال والجزار فيجعلهم أصدقاءأ له فلا يثقلون عليه فى طلب حقوقهم حتى يفرجها الله من عنده محدود الدخل يا سادة هو شخص عبقرى فى ترميم زمانه وكفكفة حيطانه حتى لا تسقط عليه وهو الذى يداعب الصعاب ويغازل الأهوال حتى يمر يومه خاليأ من مسببات الكآبة ومعطيات المرض النفسى وهو من يتعامل برفق مع موظفى الفواتير فيلاطفهم ويكلمهم بذكاء فقد يأتى الواحد منهم بفاتورة قد لا يكون معه قرش واحد من ثمنها ولكنه بذكائه الحاد يجعل الموظف يتحمله بعض الأيام حتى يوفر ثمن الفواتير وعندما يحتاج للمستشفيات فإنه يخلق صداقة جديدة بذكاء نادر بينه وبين الطبيب والممرض والعامل فيحصل بهدوء على الخدمة دون عناء أو عنت0
محدود الدخل شخص حنكته الظروف وعلمته الأهوال وادبته الحياة فهو الذى يتأثر برفع سعر كيلو السكر وعبوة الشاى ولتر الجاز والبنزين وهو الذى يرتعد من الكلام عن رفع الدعم عن رغيف الخبز والدقيق والزيت ومواد التموين وأنبوبة الغاز وهو من يرتجف لو مرض احد افراد اسرته ويموت فى جلده من ثمن روشتة العلاج وسعر كيلو اللحم وكيلو الدجاج وهو من يتألم وحده ولا يراه غير الله الواحد القهار، وهو من يحمل هموم الوطن فى قلبه وعلى كتفيه بينما يتمتع اصحاب الفلوس بكل شىء وينظرون له نظرة دنيا ولو تعرض لهم بنقد بخلهم وإظهار نرجسيتهم وانا نيتهم اتهموه بالحقد والضغائن وعدم القدرة على الفهم وأن هذه طبيعة الحياة ان يكون هناك غنى وفقير هو لا يعارض فى وجود الأغنياء ولكنه ضد وجود الذين يسرقون عرقه وقوته وجهده ويهزؤن منه بإعطائه راتبأ ضئيلأ يتسبب فى ذله وفقره وحاجته لكل من هب ودب هو لا يعرف الحقد أبدأ ولكنه تعلمه من الأنانيين والنرجسيين والناظرين له من عليين هو يتمنى وجود نظام التكافل الإجتماعى الذى لا يقهر الفقير فيه ولا يطغى الغنى ولا يفترى ويتمنى تأمينأ على صحته وصحة أسرته مقابل نسبة من دخله تتناسب مع نفس النسبة من دخول أصحاب الملايين فتحدث المعجزة ويتم علاج الفقير والغنى فى نفس الجناح وتحت رعاية نفس الأطباء هو –محدود الدخل—يحلم بدولة بنفذ فيها القانون على كل الطبقات دون تفرقة بسبب المال أو الجاه أو المنصب او الدين أو اللون او العرق، ويحلم بقانون لا يقف فيه الفقير مرتجفأ اما م أهل القانون بينما يجلس الغنى أو ذو السلطان واضعأ رجلأ على رجل، ويحلم بدولة تحترم الإنسان لكونه إنسانأ وتحترم المصرى أكثر من إحترامها لكنوز العالم ويحلم بعدالة هى حقه الطبيعى لأنها ستحقق له حلمه القديم فى حياة كريمة ودخل يفى بمتطلباته وكرامة له امام السلطات وأهل السلطان، كرامة بكفالة القانون وليس بموافقة الأشخاص، يحلم بدولة يتساوى فيها البشر ولا تتم المفاضلة بينهم إلا بعظائم الأعمال التى ترفع من شأن الوطن وقيمة المواطن، يحلم بدولة ترد عقله الذى يوشك أن يغيب فى متاهات الظلم والإنتهاك والحرمان يحلم بدولة تكرمه عندما ينجح ويبدع وتعلمه عندما يخطىء كيف يتلاشى الأخطاء وتساوى فى تطبيق القوانين بين كل فئات الوطن إنه محدود الدخل الذى يبنى ويعمر ويعطى بغير حدود ويقبض القليل، إنه أمل مصر وحلمها.

إمضاء
محدود الدخل

اجمالي القراءات 14011