نساء مصريات في التاريخ القديم
حتشبسوت من أشهر الملكات المصريات

نجلاء محمد في الأحد ٠٨ - مايو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

لقد أثبتت بعض النساء بأن المرأة لاتقل بأي حال من الأحوال عن الرجال حكمة ودهاءاً ورباطة الجأش ودبلوماسية حبتها بها طبيعة الخالق الإلهية في تكوينها

وهذه صفات دائما نجدها في جميع النساء الشهيرات في جميع عصور التاريخ الإنساني من أقدم الحضارات نشوءاً مثل الحضارة المصرية القديمة والحضارة البابلية والآشورية وحضارة مملكة سبأ القديمة .

سوف نسافر فيNtilde; في هذا المقال عبر التاريخ ونعيش دقائق مع  ملكة من أهم الملوك التي اعتلت عرش مصر قديما بعد أن تغلبت على  صعاب كثيرة  وسنجدا كثير من الأحداث والألغاز التي مازالت محل اهتمام كثير من المؤرخين .

 هذه الملكة التي واجهت  مشاكل عديدة في بداية حكمها بسبب حكمها من وراء الستار بدون شكل رسمى ،

وعلى الجانب الاخر واجهت مشاكل مع الشعب حيث كان يرى اغلب الناس انها امراة ولا تستطيع حكم البلاد ولذلك كانت تحاول دائما ان تلبس وتتزين بملابس الرجال لأقناع الشعب بأنها تستطيع الحكم وايضا نشطت حركة التجارة التى كانت في حالة سيئة خصوصا في عصر الملك تحوتمس الثانى .

الاسم الأصلى لحتشبسوت هو : غنمت آمون حتشيبسوت ويعنى : خليلة آمون المفضلة على الأميرات أو خليلة آمون درةالأميرات

  وكانت تسمى أيضاالملكة ماعت كارع حتشپسوت ( - 1482 ق.م.)وهى أحد أشهر الملكات في التاريخ، وخامس فراعنة الأسرة الثامنة عشر، وحكمت من 1503 ق.م. حتى 1482 ق.م. وتميزفي عهدها قوة الجيش و البناء والرحلات التي قامت بها. وهى الابنة الكبرى لفرعون مصرالملك تحوتمس الأول وأمها الملكة
أحمس وكان أبوها الملك قد أنجب ابنا غير شرعى هو تحتمس الثانى وقد قبلت الزواج منه على عادة الأسر الملكية ليشاركا معا في الحكم بعد موته، وذلك حلا لمشكلة وجود وريث شرعى له

وتعتبر الملكة حتشبسوت من أشهر الملكات اللواتي تولينَّ حكم مصر وتعد من الجميلات، وحتشبسوت هي أول من ارتدت القفازات وذلك لوجود عيب خلقي بأصابعها(6 أصابع أو أكثر في اليد الواحدة) لم يعرف الناس ذلك إلا بعد رؤية موميائها ففي أغلب التماثيل التي صنعت لها كانت يداها تبدوان طبيعيتين لأنها كانت تأمر النحاتون بذلك، أيضا هي أول من طرزت القفازات بالأحجار الكريمة.

.معبد الدير البحري لحتشبسوت .

من خلال هذا المعبد سوف نتعرف على جوانب كثيرة من حياة هذه الملكة المصرية

أما معبد ومقبرة الملكة حتشبسوت في الدير البحري غربي طيبة فقد خرج مهندسه المدعو سنموت عن القاعدة المتبعة في بناء المعابد الجنائزية ، فالمعبد بني على مدرجات على غرار معبد ومقبرة الملك منتوحتب الثاني اشهر ملوك الأسرة الحادية عشرة من الدولة الوسطى والذي يقع على نفس المنطقة .

والملكة حتشبسوت لها في تاريخ مصر وضع خاص ذلك أن أباها الملك تحتمس الأول لم ينجب من زوجته الشرعية إلا حتشبسوت ولم ينجب ولداً يورثه العرش من بعده ،إلا تحتمس الثاني ولكن من زوجة غير شرعية كانت إحدى جواريه فسعى أولو العلم والدراية من كهنة آل فرعون إلى المناداة بتحتمس الثالث هذا ملكا بعد أن زوجوه من أخته لأبيه حتشبسوت ،عندما مات أبوهما الملك تحتمس الأول .

والواقع أن الملكة حتشبسوت كانت هى صاحبة الحق في العرش ومن أجل ذلك عاش زوجها تحتمس الثاني في ظلها وكانت هى صاحبة النفوذ والسلطان وغني عن البيان أن الملكة واجهت معارضة شديدة من أفراد الأسرة المالكة ومن الكهنة ومن كبار القوم لكي تحكم البلاد بمفردها ، فالمعروف أن دنيا المصريين لم تتعود أن ترى على العرش امرأة ، ولذلك وافقت على الحل الذي ارتضوه لها وتكررت المشكلة مرة أخرى عندما لم ينجب الملك تحتمس الثاني ولداً إلا من جارية فبعد وفاة الملك تحتمس الثاني  استغلت الملكة حتشبسوت الفرصة وأعلنت وصايتها على الصبي الملك تحتمس الثالث فيما بعد ، ووقف إلى جانبها حزب قوي يتزعمه سنموت المشرف على القصر الملكي وعلى أملاكه بل وعلى إبنة الملكة المسماة نفرورع ، وقام سنموت هذا بدور كبير في زمن الملكة حتشبسوت  وعلى الأخص خلال فترة اغتصابها للعرش وإبعادها للملك تحتمس الثالث عن حياة الحكم والسياسة  طوال الثلاثة عشر عاما .

وقد أمر سنموت هذا بحفر مقبرته في صخور منطقة الدير البحري غير بعيد عن قبر الملكة ومعبدها ، وكشف الباحثون عن وجود ممر على هيئة نفق طويل في الصخر يربط بين مقبرة مهندس الملكة وبين قبرها ،

 ويمتاز قبر سنموت بوجود رسوم نادرة على الثقف الحجري يمثل الأبراج السماوية ، وكانت الملكة خلال تلك الفترة تظهر على الملأ وتصور على المعابد بوصفها ملكة . بل إنها أسمت نفسها ( ملك الجنوب والشمال ) وكانت ترتدي زي الملوك وذلك حتى تتجنب البدعة في أعين الناس عندما ينظرون فيجدون على عرشهم امرأة .

واتهم المؤرخون الملكة وأثاروا حول علاقاتها بسنموت كثير من الظنون ولا نملك دليل على صحة أو كذب هذا الادعاء .

والواقع أن أهم عمل قام به سنموت هذا من وجهة نظرنا هو إشرافه على بناء معبد الملكة حتشبسوت في الدير البحري .

فالمعبد يبدأ بطريق أحيط من الجانبين بتماثيل الملكة في هيئة أبي الهول كما غرست أشجار النخيل وأحواض البردي على الجانبين وتحول الجبل إلى واحة خضراء رغم بعده وارتفاعه عن الوادي ، وبعد تخطي الفناء السفلي والشرفة الأولى ذات البوائك يصعد المرء غلى الفناء العلوي المكشوف أيضاً ثم إلى طريق صاعد يقع في نهايته بوائك على اليمين أو ما يعرف ببهو الميلاد ،وعلى اليسار صورت رحلة بحرية إلى بلاد بونط ، وإلى يسار بهو الميلاد بنيت على مقصورة للآلهة حتحور معبودة الجبل وإلى يمين بهو بونط بنيت مقصورة لأنوبيس إله الجبانة ، أما بهو الميلاد فصورت على جدرانه قصة نسب الملكة حتشبسوت إلى الاله أمون مباشرةرغبة منها في تأكيد حقها في العرش، فنرى من الكتابات والصور كيف أقبل الإله آمون إلى الإله توت( إله الحكمة والمعرفة )يسأله عن الملكة أحموسي التي ستصبح فيما بعد أماً لحتشبسوت فيمتدحها الإله توت أمام الإله الأكبر، ويصطحب الإله إليها، بعد أن تزيا آمون بزى الملك ، ويدخل آمون على الملكة في صورة الملك فيجدها نائمة ولكن في عطر الإله يوقظها وتسعى إلى الإله مسرورة فيهبها الإله قلبه ، وبعد أن يقضيا الليلة معا ينبؤها الإله بأنه وهبها إبنة ستصبح ملكة الدار ، لأنها من صلب الإله آمون ، وعندما تولد حتشبسوت تباركها الآلهة وتبالغ النصوص في وصفها وتأكيد حقها الملكي .

وبهو بونط صورة على جدرانه مناظر البعثة التجارية التي أرسلتها الملكة إلى بلاد بونط ( حول باب المندب عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر) .

بتكليف إلهى كما تقول النصوص المصاحبة للرسوم وعندما شكا الإله آمون للملكة من نقص البخور الجيد وطلب إليها أن توفد من يحضره من بلاده الأصلية أرسلت الملكة بعثتها البحرية إلى بلاد بونط حيث استغرقت زمناً ليس بالقصير وعادت السفن محملة بمحاصيل تلك البلاد ، ولا جدال في أن بعض الرسامين والكتاب رافقوا تلك الرحلة البحرية الطويلة وأنهم أجروا رسوما تجريبيى لأهم الأشخاص والمناظر التي شاهدوها في تلك البلاد لتساعدهم بعد ذلك في رسم المناظر على جدران المعبد ، وعندما وصل الأسطول التجاري المصري إلى شواطئ تلك البلاد مكملاً بمحاصيل مصر قابله أهل بونط بالترحاب ومعهم حاصلاتهم ليتم التبادل تعقد الصفقات ويحصل المصريون على ما كانوا يبغون .

ويقبل أمير بونط وزوجته البدينة جدا ومن خلفها حاملي الهدايا من خلفها لرسول ملكة مصر ، كما صور الرسام بصدق قرية بأكواخها المخروطية الشكل وبلغ دقة النقل أن الفنان صور أنواعاً من الحيوانات والأسماك الغريبة على الطبيعة المصرية في الماء الذي صوره جاريا على مقربة من الأكواخ مما مكن العلماء والمتخصصين من التعرف من بينهاعلى أنواع خاصة بالبحر الأحمر وصور الفنان الأسطول بعد أن عاد إلى طيبة .

ولابد من أنه كانت هناك طريقة ما من الانتقال بين النيل والبحر الأحمر ولعل أحد أفرع النيل القديمة والذي تقوم مقامه حاليا ترعة الاسماعيلية وكان يعرف قديما بوادى طميلات كان يصل إلى قمة خليج السويس ، تلك القناة التى تردد في الأخبار القديمة أن أول من أقامها هو الملك سيزوستريس  من الدولة الوسطى وعند رسو السفن في طيبة تحمل البضائع وأهمها البخور حيث يكال الذهب الذي يوزن لتحدد مقادره وغيره من المعادن الثمينة وأشجار البخور مزروعة في أوعية كبيرة ليعاد زراعتها في حديقة معبد الملكة بجبل طيبة .

كل ذلك يعد حصيلة لا تنفذ لتاريخ الحضارة المصرية ، وسجلاً مصورا لمدى اتصال الحضارة المصرية بغيرها من الحضارات الإفريقية في شرق القارة . ومما تجدر الإشارة إليه إن الملك تحتمس الثالث عندما انفرد بالعرش بعد وفاة الملكة حتشبسوت بادر بمحو إسمها من على عمارة المعبد الجنائزي وأضاف مكانه إسمه . إلا أن رجال الملك في عجالتهم لم يراعوا أن النصوص كانت تتحدث عن ملكة بصيغة المؤنث وتركوها كما هى شاهدا على عدوانهم . ,

والذ ي لا يختلف عليه المؤرخون اشتهار  حكمها بالسلام والازدهار حيث كانت تحاول اقصى وسعها تنمية العلاقات وخاصة التجارية مع دول الشرق القديم لمنع اى حروب معهم

هذه الملكة تركت ألغازا كثيرة وأسرارا وربما يكون أكثر تلك الألغاز إثارة شخصية " سنموت "

وفاة الملكة حتشبسوت

توفت حتشبسوت في 10 من الشهر الثاني لفصل الخريف (يوافق 14 يناير 1457 قبل الميلاد) خلال العام 22 من فترة حكمها. جاء ذلك في كتابة على لوحة وجدت بأرمنت. وقدر المؤرخ المصري القديم  مانيتوا Manethoفترة حكمها ب 21 سنة وتسعة أشهر. وقد اعتـُقد في الماضي انها قتلت بسبب التنازع على الحكم، ولكن تم التحقق الآن من مومياء حتشبسوت وهي تبدي بوضوح علامات موت طبيعي، وأن سبب موتها يرجع إلى اصابتها بالسرطان أو السكري. وقبرها موجود في وادي الملوك ويرمز له بالرقم KV20. وربما قامت حتشبسوت توسيع مقبرة أبيها لكي تستعملها، ووجد تابوتها موجود بحانب تابوت أبيها.

هذه كانت نبذه قصيرة عن حياة الملكة حتشبسوت التي كان لها دور عظيم ومن خلالها تعرفنا على جوانب أخرى كثيرة من رحلات تجارية وعلاقات دولية كان لها الأث الواضح في التبادل الحضاري بين مصر ودول الجوار.

والسؤال الذي يطرح نفسه من خلال ما نعايشه من أحداث فتن طائفية مبعثها الفكر المتشدد من سلفي ووهابي .

هل مصر بهذا الماضي العريق الذي يظهر من خلال أسطر التاريخ سوف تتأثر وتنحدر ويٌمحى هذا التاريخ العريق في القدم والتقدم الحضارى والمعماري .الذي ندر أن نجد ما ينافسه ويضاهيه في عراقته ؟؟؟ !!!

وفي المقال القدم بعون الله سبحانه وتعالي سوف نكون مع ملكة أخرى كان لها دور في تاريخ مصر القديم والمعاصر .  

المراجع.

صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديم 

للدكتور محمد ابراهيم بكر أستاذ التاريخ القديم وعميد كلية الآداب جامعة الزقازيق .

اجمالي القراءات 39716