شرق أوسط عاري .. يبكي من لا يستحق البكاء

عمرو اسماعيل في الثلاثاء ٠٢ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

شرق أوسط عاري .. يبكي من لا يستحق البكاء


عاد الي عقلي وأنا أري مأساة أو ملهاة إعدام صدام حسين في فجر يوم عيد الأضحي والتغطية الإعلامية للحدث وردود الفعل عليه علي المستوي الشعبي قبل الرسمي مقالا لتوماس فريدمان عنوانه : سأغضبكم: شرقكم الأوسط عاريا

لقد كان اختيار توقيت إعدام صدام حسين من قبل الحكومة العراقية أو القوات الأمريكية ..اختيارا ينم عن الغباء السياسي .. وقد يكون لنا جميعا ملاحظات كثيرة علي محاكمة صدام .. ولكن أكثر ما كان صادما في رأيي هو رد فعل الشارع العربي .. شارع قادته قنوات إعلامية تدعي الحياد وعلي رأسها قناة التهييج السياسي المسماة الجزيرة و هي في الحقيقة التي تنفخ في الحقيقة نير الفتنة الطائفية ليس في العراق وحده ولكن في كل أرجاء العالم العربي ..
لقد بكي الشارع العربي صدام حسين ونسوا ضحاياه وهم يقدرون بالآلاف واعتبرة الكثيرون شهيدا وأنه كان مثالا للوطنية .. ونسوا جرائمه في حق شعبه بجميع أطيافه وحق كل الدول المحيطة به ... نسوا أنه كان عليه حكم بالإعدام في العراق من أكثر من نصف قرن وأنه كان يجب أن يخضع للحساب في مصر التي هرب اليها بعد هروبه من العراق ولولا إجادته للهروب من جرائمه طوال خمسين عامالكان قد أعدم أكثر من مرة..

لقد بكي الشارع العربي صدام واعتبره الكثيرون فيه شهيدا وبطلا ولم نري لهم دمعة واحدة علي أرواح سبعين بريئا فقدوا حياتهم في يوم إعدام صدام انتقاما له ....أبرياء لم يرتكبوا أي جريمة .. فليسوا من قوات الاحتلال وليسوا من أعضاء الحكومة في العراق وليسوا من الميلشيات المسلحة بل مجرد أبرياء يرتادون سوقا شعبيا .. ولن نري شعوب الشرق الأوسط تهدر أيضا أي دمعة علي الأرواح البريئة التي ستهدر علي يد جماعات العنف في العراق بحجة الانتقام لمقتل هؤلاء السبعين ..

نهدر الدمع غزيرا في شرق أوسطنا العاري علي ديكتاتور .. ضحي بأرواح الآلاف بل الملايين في حروب عبثية مع جيرانه وفي جرائم بحق شعبه .. ولا نهدر دمعة واحدة علي عشرات بل مئات فقدوا حياتهم في أقبية سجونه ... تلك التي نعرفها جميعا ويعتبره بعضنا بطلا لمجرد أنه أرسل عدة صواريخ الي اسرائيل ليس لها أي قيمة ولم يكن لها أي تأثير .. ولم نهدر دموعنا الغالية علي آلاف القتلي علي كل جانب من الأبرياء في العراق بعد غزو العراق وهم من يتحمل صدام مع بوش وإدارته مسئوليتهم ..

عندما كنت أشاهد ردود فعل الشارع علي إعدام صدام تأكدت أن توماس فريدمان فعلا محق في مقاله عن شرق أوسطنا العاري .. مقال أغضب الجزء العاري الشرق أوسطي في عقلي عندما قرأته أول مرة ولكنني لم أستطيع إلا أن أوافقه عندما قال :

"الحرب الأهلية أو حتي المنافسة السياسية السلمية في العالم العربي نادرا ما تكون حول الأفكار ـ مثل الليبرالية في مواجهة الشيوعية. بل هي حول أية قبيلة تتولى الحكم"

"اذا لم تستطع ان توضح شيئا للشرق أوسطيين بنظرية المؤامرة، فلا تحاول توضيحه على الإطلاق، فإنهم لن يصدقوك"

"..بالنسبة لنا (الغرب )الديمقراطية هي حماية حقوق الأقليات. وبالنسبة لهم (شرق أوسطنا) الديمقراطية هي أولا دعم حقوق الأغلبية .. "

إن رد فعل شارعنا العربي وقبله اختيار توقيت إعدام صدام من قبل حكومة العراق ورد فعل إعلامنا وعلي راسه قناة الجزيرة أظهر فعلا عري شرق أوسطنا .. وأظهر كم هي دماء العراقيين بل وكم هي دماء المواطنين الأبرياء رخيصة في عالمنا ..
نبكي صدام ويعتبره البعض شهيدا ويجد مبررا لجرائمه وننسي ضحاياه الأبرياء قبل إعدامه وبعد إعدامه ..
يؤسفني القول أن شرق أوسطنا فعلا عاري ولا أمل فيه وأمامه الطريق طويلا ليعرف المعني الحقيقي للديمقراطية ومعني احترام حقوق الإنسان .. بل ووصلت العدوي الي بوش وقوات الاحتلال في العراق .. وسيحمل التاريخ إدارة بوش الأب والإبن مع صدام دماء الآلاف التي أهدرت في العراق ..
عندما لم يكمل الأب عمله في حرب تحرير الكويت ويسقط صدام ويحمي انتفاضة شعب العراق ضد طغيان صدام ويمدها بالمساعدة لإسقاطه .. فهو يتحمل مسئولية الكثير من الأحداث بعدها وأرواح الآلاف من الأبرياء ... فالأب كان يتحلي عندها بغطاء الشرعية الدولية ومساعدة الحكومات العربية ولكن نتيجة حسابات سياسية انتهازية وخاطئة تسبب وساعد بطريقة غير مباشرة صدام في إهدار دماء الآلاف من الأبرياء في العراق .. فدماء العراقيين يبدو أنها رخيصة ويضحي بها الجميع ..
فلتبكي صدام أيها الشرق الأوسط العاري .. أما دماء الأبرياء من غلابة الشعب العراقي شيعة أو سنة أو كرد فليس لها أي قيمة .. المهم أن يهتف الناس لصدام ومقتدي الصدر وحارث الضاري .. دماء الأبرياء في عالمنا وخاصة في العراق هي رخيصة ..
وهاهنا أنا أهتف حزنا علي دماء الغلابة من العراقيين .. إلي الجحيم .. كل هؤلاء القادة ومعهم الظواهري وتحريضه الجميع علي مزيد من القتل وإهدار الدماء و بوش وغزوه المأساة للعراق بحجة الحرب ضد الإرهاب ونشر الديمقراطية .. الي الجحيم كلكم .. فدماء أي طفل عراقي بريء أهدرت وهو في السوق مع أهله أشرف وأهم من كل هؤلاء وهي التي تستحق أن ينهمر عليها الدمع دما ..


عمرو اسماعيل






اجمالي القراءات 13452