اتقو الله
قضية رغيف العيش

رضا عبد الرحمن على في الخميس ٢٠ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

قضية رغيف العيش

نظرا لحبنا الشديد وعشقنا الأكيد وارتباطنا الوثيق بوطننا وأمنا الغالية مصر فدائما ما نبحث عن حلول لأي مشكلة تحدث على أرض هذا الوطن الحبيب ، وبهذه الفطرة التي فطرنا الله عليها وهي حب الوطن والخوف عليه والتفكير والانشغال بحاضره ومستقبله ، وجدت من الضروري التذكير بهذا الموضوع الهام ، الذي تناول مشكلة هامة وخطيرة يعيش فيها المجتمع المصري منذ عقود ، ورغم مرور الزمن إلا أن مشكلة الخبز لا تزال تحاصر الشعب المصري بالإضافة لمشكلات أخرى لا تقل تعقيدا وخطورة على حياة المصريين ، وكان هذا بالنسبة  لـ ـ أحمد صبحي منصور شغله الشاغل أثناء إدارته لرواق ابن خلدون::

في إحدى ندوات مركز ابن خلدون في 18/5/1999   كان المتحدث الدكتور / حسن قاسم عاشور

عنوان الندوة (قضية رغيف الخبز)

في البداية حكى مدير الرواق  د/ أحمد صبحي منصور قصة الفقيه التابعي سعيد بن المسيب المعارض للدولة الأموية ، والذي استقل عنها فلم يأخذ معاشه ، وطلّق مبدأ من لا يملك خبزه لا يملك حريته ، ثم دعا المتحدث المتخصص في موضوع رغيف العيش والذي عانى وظيفيا بسبب هذه القضية ، وهو الدكتور / حسن قاسم عاشور ليتحدث في الموضوع:

قال المتحدث: قضية رغيف العيش لها بعد سياسي وبعد اجتماعي وبعد اقتصادي فالعيش معناه الحياة ، والمصريون القدماء هم أول من عرف التخمير ، والخبز الفرعوني لا يزال في المتحف حتى الآن ، وفي الخبز يوجد مصدر الطاقة حيث يحتاج الجسم البشري إلى 2400 سعر حراري في اليوم تزداد مع المجهود العقلي ، ويوجد في القمح قابلية المط مما يعطي فرصة لإنتاج أجود الخبز مما أدهش خبراء العالم ، إلا أن المخابز الآلية افتقدت هذا الفن بسبب تصميمها الغربي ، وقد أصبح استيراد القمح مشكلة أساسية اقتصادية اجتماعية حيث لابد من توفير مخزون استراتيجي يكفي لمدة ثلاثة أشهر على الأقل ، مع الأخذ في الاعتبار أن شحن القمح من أمريكا يحتاج إلى حوالي 18 يوم في السفر والنقل والتخزين والتوزيع.

ويبلغ الإنتاج المصري 60% من حجم الاستهلاك ، ويأتي الإنتاج من 2.4مليون فدان قمح ، مع أننا رابع دولة في العالم في إنتاجية الفدان (15.41أردبا للفدان) .

وقد نجح الخبير المصري د / محمد صالح في إنتاج أصناف عالية الجودة من القمح في السعودية تحتاج لأقل كمية من المياه ، وكان هناك اقتراح بزرع الساحل الشمالي قمحا حيث تتوافر الظروف المناخية والمياه ، ولكن رفض الاقتراح سياسيا وقتها ، وبدأ خلط الذرة بالقمح في الرغيف مما أثر على القيمة الغذائية للرغيف الذي يعتمد عليه الفقراء أساسا ، وحيث يفتقدون للوجبة الغذائية المكتملة من البروتين والفيتامينات ، وهناك مشروع للتكامل الزراعي بين مصر والسودان بأن تزرع مصر منطقة الجزيرة في السودان بالإيجار أو بأي اتفاق فتتحول الجزيرة إلى مشروعات اقتصادية عملاقة يستفيد منها مصر والسودان والعرب ، ولكن لم يتم هذا الحلم.

وهذا يؤكد أن رغيف العيش قضية سياسية في المقام الأول. والمعونة الأمريكية لم تسفر عن شيء يذكر في مجال الرغيف، كما أن زراعة توشكى بالقمح مشكوك فيها لأن طرد السنابل في القمح يحتاج لدرجة حرارة معينة لا تتناسب مع توشكى ، ويضاف إلى مشاكل رغيف العيش مشكلة الفاقد في استهلاك الرغيف قبل الخبز وبعده ، ومشكلة الدعم ، واختلاف سعر الدقيق ، وقال أن من الأفضل رفع الدعم عن الخبز وتركه للسوق وأن يكون مهمة الدولة إشرافية فقط ، وقد تحسن الخبز بعد أن رفعت وزارة التموين كثيرا من تدخلها في شئونه.

وبدأت التعقيبات

يقول د / أحمد صبحي منصور :

إن رغيف الخبز تتركز فيه دائما كل عيوب النظام السياسي من استبداد وفساد ، ويتجلى فيه أيضا كل محاسن النظام ، وحين تنظر إلى الرغيف الشعبي الذي يأكله الفقراء تجد ملامح النظام الفعلية ، وقضية رغيف العيش لا يهتم بها إلا الفقراء الذين لا يستطيعون العيش بدونه ، ومن هنا ترتبط ثورات الفقراء بالخبز ، ليس فقط بالثورة الفرنسية ولكن في مصر وتونس والجزائر ، وأخيرا في الأردن ، ومن هنا فإن حل مشكلة الرغيف تتمثل في الديمقراطية التي تبدأ بحرية الرأي ولا تنتهي بتداول السلطة.

وأفاض الفنان محمد نوح :

 في علاقة الفراعنة بالرغيف والمصطلحات الفرعونية التي لا تزال مستعملة حتى الآن مثل كيك كعك ، خبيز بتاوي بطط وتحدث عن أنواع العيش المصري المعروف حتى الآن ، مثل العيش القابب والبلدي والطباقي والفينو والمرحوح والصب والحلبة والمقدد والرقاق والمفرولة والجراديج والمشلتت ، وقال ان القمح ليس وحده المهدر ، بل يضاف إليه سائر الموارد من الثروة السمكية والقطن وأشار إلى أن الفكر الصحراوي قد قام بتصحير العقول فعجزت عن الحلول الخلاقة واكتفينا بالاستيراد.

وقال : د / محمد أبو الاسعاد :

أن النظام الرأسمالي نفسه يستـثـني السلع الاستراتيجية من تقلبات السوق ويخضعها ليساسة الدولة ، ولكن سياسة الاذعان الكامل لامريكا هي التي وضعتنا في هذا الموقف ، وقال ان دعم الرغيف لابد من الحفاظ عليه حفظا لاستقرار المجتمع.

وقال: أ / عبد الفتاح عساكر:

 لابد أن تكون السياسة في خدمة الاقتصاد ، وهذا ما يفعله الغرب الذي تخضع سياسته لمصلحته الاقتصادية ، أما نحن فالقتصاد عندنا في خدمة السياسة والسياسيين ، لذا نقع في مشاكل الفساد والاستبداد ، واذن فلابد من التغيير ولكن بالسلم وبالوعي ، والاتحاد السوفيتي خير دليل لأنه سقط حين اتبع سياسة ان القتصاد في خدمة السياسة والسياسيين.

وقال : أ / رفعت بيومي :

 بدأت السعودية عن طريق شركة بن لادن بزراعة مائة الف فدان قمح في منطقة الجزيرة في السودان ونقل الانتاج الى المملكة التي تحولت إلى دولة مصدرة ، وعندما ارادت بعض الدول العربية تكرار هذه التجربة رفعت أمريكا لذلك لابد من إيجاد تكامل اقتصادي يبين الدول العربية.

وقال : الأب : إبراهيم عبد السيد :

 إن السبب هو افتقاد الرؤية العامة للسياسات داخل الدولة الواحدة وافتقاد التكامل والتعاون بين الدول العربية ، والارتباط بسياسة النظام العالمي الجديد وما يفرضه من سياسات.

واختتم : أ / طه الشريف :

 أن الثورة المصرية مسئولة عن التدهور الذي لحق بالرغيف بدءا من تحويل الأرض الرزاعية إلى مساكن ومشروعات صناعية وجامعات ، ثم تدخلها في انتاج القمح وتسعيره وتوريده.   

وأخيرا ::

ورغم هذا الجهاد السلمي الذي كان يقوم به أحمد صبحي منصور إلا أنه لم يسلم من علماء الأزهر ، فبينما كان يبحث في كل الدروب عن حلول حقيقية منطقية وواقعية وعلمية لمشاكل الشعب المصري الفقير ، كان علماء الأزهر يجتهدون في تكفيره واتهامه بالعمالة لصالح جهات أجنبية ، وإليكم بعض ما كتبه علماء الأزهر في نفس الفترة تقريبا::

1ـ بقلم الدكتور / عبد الغفار هلال

الأستاذ بجامعةالأزهر

لجريدة عقيدتي في 15/6/1999

المشككون في السنة .. دون علم .. ودون وعى

2ـ فضح مؤامرة مركز ابن خلدون عبر الأقمار الصناعية

صبحى منصور يفترى على الأزهر والغزالى فى انكاره للسنة .. والمطعنى يفند أباطيله .

 كان هذا العنوان ردا على كتاب التربية الدينية والتسامح الذي لو تم في حينها لجنّب المصريين مغبة الطائفية والاحتقان الذي لا زلنا نعاني ونعيش على أطلالها إلى الآن.

3ــ مجموعة من المقالات نشرت فى جريد الاحرار بتاريخ 11/6/1999

أ ــ د / يحيى إسماعيل

  ـ  كلام ساقط مطلوب إحالته الى القضاء

 ان أراء الدكتورـ احمد صبحى منصور ـ فى السنة والشفاعة وعصمة النبى صلى الله عليه وسلم ومطالبته بالغاء حد الردة ونفيه لعذاب القبر تتطلب احالة أوراقه إلى فضيلة مفتى الديار المصرية فورا بعد بيان الرأى الشرعى فيها يتم احالته الى القضاء ومثل هذا الكلام لا يمكن ان يصدر عن شخص له قيمة او اعتبار

ب ـ ـ  د ـ عبد المعطى بيومى

منصور كاذب ولم أقل إن الإسلام لا يبيح قتل المرتد

لم أقل أن الإسلام لا يبيح قتل المرتد كما ذكر الدكتور أحمد صبحى منصور وانما قلت أن الامر فى رأيى يجب أن يترك للسياسة الشرعية لتقدير مدة الاستتابة التى يستتاب فيها المرتد حسب ما يراه ولى الامر .

هذا الدكتور الذي خرج علينا منذ أيام يلبس زى التنوير والمدنية وينفي حد الردة وكأنه قد اكتشف اكتشافا فريد من نوعه.

ج ــ الدكتور محمود أبوليلة ـ

مركز بن خلدون وكر للبهائية فى مصر : ـ

إن أفكار الدكتور احمد صبحى منصور تؤكد علاقته وتأثره برشاد خليفة الذى ادعى النبوة وأعلن خروجه على الاسلام فى أمريكا فنظرا لأن عدد المسلمين يتزايد فى امريكا فقد شعر البهائيون خاصة جناح رشاد خليفة بالخطر خشية انكشاف امرهم فسموا انفسهم بالقرآنيين

دـ الدكتور ـ محمد غانم :

عذاب القبر ثابت بالأحاديث الصحيحة والشعراوى لم ينكره .  

دعاوى أئمة مركز ابن خلدون ليست جديدة على الساحة الإسلامية وإنما هى قديمة لكنها ترتدى ثوب هذا العصر وهم يسعون من خلال اثارة تلك الدعاوى الى إشعال نار الفتنة بين المسلمين ويعملون لصالح الدول الغربية التى اتخذت من الاسلام عدوها الاول بعد انهيار الشيوعية وهذه الدول نجحت فى شراء بعض الضمائر والأنفس الحقيرة التى باعت دينها وشرفها من اجل المال .

هـ ـ الدكتور ـ عبد الحكم الصعيدى

ينكرون السنة وتمولهم جهات معادية

القرآن الكريم والسنة النبوية جناحان لا يغنى احدهما عن الآخر فمن أنكر السنة فليس بمسلم لأنه أنكر  ما هو معلوم من الدين بالضرورة وقد تنبأ رسول الله صلى الله  عليه وسلم ـ بأنه سيظهر فى أمته من ينكر سنته فقال : ( يوشك رجل شبعان متكىء على أريكته يأتيه الأمر من أمرى فيقول : ما نجد هذا فى كتاب الله إلا أنى أوتيت القرآن ومثله معه ) أى السنة هؤلاء لذين ينكرون السنة سواء فى مركز بن خلدون او غيره يمو لون من جهات معادية للإسلام وتحاول هذه الجهات فض الاشتباك بين القرآن والسنة وهذا ما لم نسلم به أبدا

 

و ـ الشيخ منصور الرفاعى عبيد

انكار العصمة تكذيب للقرآن وجهل بالاسلام 

ان عصمة النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ معروفة لكل ذى عقل وفهم ولكل من عنده تقدير وذوق وإحساس فالتأمل فى شخصية اى نبى من انبياء الله يدرك ان الله عصمه من الناس.. )انتهى

وفي النهاية

هذه شهادة للتاريخ ومن واجبي أن أعلنها على الملأ لأنني عشتها لحظة بلحظة

لكي أبين الفارق الكبير والهوة السحيقة بين  عقلية وثقافة وأسلوب ومنهج علماء الأزهر التي لم تتغير ، ذلك ليعلم القارئ من الذي عاش عمره وهو يبحث بإخلاص عن حلول حقيقية واقعية لمشاكل مصر المزمنة ، ومن الذي يعيش لنفسه فقط ، بل ويتطاول على العلماء المخلصين الذين يفكرون في الفقراء والمساكين من أبناء الوطن ، بينما علماء الأزهر يجتهدون في اتهام كل من يلجأ لإشعال النار في نفسه بأنه كافر ، حتى لو كان هذا المحروق مواطن فقير مسكين مظلوم يعيش على هامش الحياة.

اجمالي القراءات 18905