العلاج البديل لاستخدام العنف في التربية والتعليم ..

رضا عبد الرحمن على في الجمعة ١٤ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

العلاج البديل لاستخدام العنف في التربية والتعليم ..

 

في المقال السابق قلنا أن استخدام العنف والقوة في التربية والتعليم يؤدي لظهور التطرف والعنف كسلوك أساسي وطبيعي للشباب الذين شربوا وتربوا على ثقافة أن القوة هي السبيل الوحيد لحل الخلافات و تسوية المنازعات ، وأن القوة هي السبيل للتغيير السياسي والاجتماعي وأن هذا الأسلوب يقتل الإبداع ويميت الخيال وأن القوة هي سبيل للإرهاب.

 

وكان لابد من عرض العلاج البديل والأفضل في تربية النشأ في مؤسسات التربية والتعليم ، وكذلك في حل المنازعات والخلافات الاجتماعية ، ولكي نتعلم من الدول التي نجحت في تربية وتعليم أجيال وأجيال بطرق علمية حديثة بعيدة كل البعد عن العقاب البدني والعنف ، وكانت النتائج عظيمة في هذه الدول بحيث أصبحت من دول العالم الأول في كل شيء.

 

وانطلاقا من الآثار المدمرة نفسيا ووجدانيا واجتماعيا لممارسات العقاب البدني مثل الضرب في المدارس ، فيجب أن نضع البديل الذي يضمن الحد الأدنى المطلوب من الانضباط وحفظ هيبة المعلم في هذه المدارس من ناحية ، ولنضمن حماية الأجيال القادمة من الوقوع في براثن التطرف والفشل في شتى مناحي الحياة ، ولذلك يجب أن ننشر الوعي بين الآباء والقراء في أنحاء المجتمع لكي تنتشر ثقافة نبذ العنف في جميع أرجاء البلاد لتحل محلها ثقافة العقل والأسلوب التربوي السليم.

في البلاد المتقدمة والمتحضرة من العالم لا تتوقف هيبة المعلم على الضرب ، ولا يعتمد احترام مدير المدرسة على الإيذاء والعقاب البدني للتلاميذ ، بل يعتبر استخدام هذه الطريقة لفرض الهيبة هو دليل على الإفلاس التربوي للمدرس والمدير على السواء.

وعلى النقيض لا يزال يـُقاس نجاح المعلم في بلادنا بمدى قدرته على إدراة الفصل أو بمدى سيطرته على التلاميذ ، وبمدى الهدوء السائد داخل فصله أثناء الدرس وبمدى انتباه التلاميذ إلى شرح معلمهم ، واستنادا لهذا المقياس اندفع معظم المدرسين غير التربويين إلى اللجوء إلى وسائل غير مقبولة تربويا ومنافية للقانون كاللجوء إلى العقاب البدني والنفسي والتطرف فيه ، حتى أصبحت المدرسة مكانا كريها وغير مرغوب فيه لمعظم التلاميذ ، وأصبح أولياء الأمور يسوقون أطفالهم للمدارس بصعوبة شديدة في حالة مصحوبة بالبكاء والعويل كل صباح على أبواب المدارس ، وأصبحت المدرسة مثل السجن الذي يُـخفي أنواع العذاب لمن يدخله ، وخير دليل على هذا صيحات الفرح والسرور والاحتفال عند سماع جرس نهاية اليوم الدراسي.

 

ولقد ثبت بالتجربة أن العقاب المعنوي أكثر تأثيرا وأطول مفعولا من الإيذاء البدني .

وكذلك فإن الحرمان من المزايا هو أسلوب أخر للعقاب المعنوي ، ولقد ثبت أنه أكثر فعالية من العقاب البدني ، وذلك مثل حرمان التلميذ مما يهواه ويحبه مثل الألعاب والرحلات والهوايات ، وهذه الطريقة أرقى في التعامل مع التلاميذ ، كما أنها أفضل وأكثر تأثيرا في تقويم سلوكيات التلاميذ ، وليس لها أي أضرار مستقبلية على نفسية التلاميذ.

وإذا لم تنجح هذه الطريقة (طريقة الحرمان من المزايا) وتطبيقا لنظرية الفروق الفردية بين التلاميذ واعترافا بالاختلافات السلوكية والنفسية بينهم فهناك تصعيد للعقاب المعنوي بالحرمان من الحقوق (وذلك بالحرمان الدراسي لمدة قصيرة ) ، فإذا لم يجدي الحرمان من المزايا والحرمان من الحقوق فيكون العقاب بالفصل من الدراسة النظامية لعام أو أكثر ، أو الفصل النهائي من جميع المدارس ، وهذه الطريقة وإن كانت شديدة الحزم لكنها ستكون أفضل وأكثر سيطرة وحزما على التلاميذ دون المساس بمكوناتهم النفسية ، ودون الهبوط لأسلوب العقاب البدني ، الذي نعلم أضراره جميعا ، وبهذه الطريقة سينتشر في المجتمع المدرسي والمجتمع ككل ما هي عقوبة الطالب الذي يقوم بسلوكيات غير سوية داخل الفصل أو المدرسة ، وسيخشى الجميع الحرمان من حقوقهم ومن ممارسة هواياتهم المحببة لقلوبهم ، كما أنهم سيخافون أيضا من الفصل النهائي من الدراسة و من جميع المدارس ، مما سينمى داخلهم ثقافة الالتزام والانضباط حرصا على حقوقهم وحفاظا على ممارسة هواياتهم المفضلة ومنعا لحرمانهم من الدراسة.

اجمالي القراءات 13169