بنو اسرائيل والمعارضة المصرية

أيمن عباس في الإثنين ٢٠ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

تعرض بنو إسرائيل من قبل موسى وبعد موسى لألوان كثيرة من البطش والقتل والتنكيل ،  وتحدث عنها القرآن بالتفصيل .

بسبب طول امد الأضطهاد والبطش تحول بنو إسرائيل لمجتمع خانع  راضي بالظلم والهوان ،حيث أصبحوا احرص الناس على حياة أي حياة ..حتى لو كانت مملوءة بالإذلال ..

ويتضح هذا الخنوع والهوان من كون القادرين ماديا ( الراسمالية الوطنية ) تحالفت مع الفرعون وتركت بيئتها وقضايا أهلها وحقوقهم ..والقرآن الكريم أعطى مثلاً عن هذا بقارون الذ&icute;ذي كان من قوم موسى والذي أصبح قوة مضادة ضد قومه المظلمومين وانضم لفرعون وملئه..

بعث الله سبحانه وتعالى موسى برسالة محددة وهي الخروج بهؤلاء المظلومين إلى الأرض المقدسة .. دخل موسى في مواجهة مع فرعون انتهت بإنتهاء فرعون وحقبته ..وتخلص موسى من فرعون ممثل الأستبداد  وهامان ممثل السلطة الدينية .. وقارون ممثل الرأسمالية المبتزلة ،هذا كله كان بفضل الله ومنته ..

تخيل موسى ان كل مشاكله قد انتهت بنهاية فرعون ، وأن قومه الذين هو منهم وهم منه لن يخلفو الله وعده ..

اتضح لموسى انه كان حالماً ،وانا ما هو قادم هو أصعب بمراحل مما مضى ،وذلك كون مرحلة فرعون وهامان وقارون  العدو فيها واضحاً وصريحاً وكانت معركة احادية الوجهه ، حيث أن فرعون دخل معركة وجود مع موسى    ..

دخل موسى مع قومه في معركة الرواسب .. وهي أخراج ما بداخلهم من رواسب الماضي .

هذه الرواسب كانت عبارة عن دونية وضعفاً نفسياً ورضا بالمهانة والذل .. بل أكثر من ذلك وصل بهم الحد إلى الشوق إلى ذل الماضي والتطلع لعودته والحنين إلى العبودية حين كان يستعبدهم فرعون  ..

بإختصار فإن بني إسرائيل في عصر موسى انفجر ما بداخلهم من أحاسيس ومشاعر فضحت ما بداخلهم ، وأوضحت أن العيب لم يكن في فرعون ونظامه فقط بل انهم يتحملون الكثير من المسئولية .. هذا مع كونهم مظلومين والقرآن شاهد على ظلمهم .

التدخل الألهي بجانبهم في القضاء على الفرعون ـ بدون أي مجهود منهم ـ جعلهم لا يريدون فعل شيئ ،وكثيري الطلب والالحاح  .. وأصبح موسى عندهم هو ممثل السماء وعصا موسى فيها حل لكل شيئ وأي شيئ ..

إلا ان جاء الموقف الفاصل .. حيث أصبحوا على ابواب الأرض المقدسة ( حيث الحلم ) الذي ينتظرونه طيلة عمرهم فماذ حدث ؟؟

يحكي القرآن تفاصيل ما حدث في سورة المائدة :

(.. يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُلَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)المائدة

.

أي أنهم في النهاية رفضوا أن ياخذوا الخطوة الأخيرة التي تلزم لتنفيذ  وعد الله ويدخلوا الأرض المقدسة .. وطلبوا من موسى أن يخرج القوم الجبارين من الأرض المقدسة قبل دخولهم فيها ، او يذهب موسى وربه فيقاتلا معا .. وكأن رب موسى هو ليس ربهم ..

لذلك فإن الله سبحانه وتعالى قال لموسى (فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) ..

هذا ما يخص بني إسرائيل في عصرموسى ..

 وندخل من هذه النقطة على المعارضة المصرية التي تحملت الكثير من البطش والتنكيل والذل والمهانة منذ قيام الثورة .وهناك فصائل من هذه المعارضة استحبت هذا وتتغزل فيمن أذاقها الوان العذاب ..

وهم يريدون من البرادعي ان يكون موسى ، او يكون معه عصا موسى ..

والبرادعي ليس موسى وليس معه عصا موسى  ،وإن كان مثل موسى في كونه يضيق صدره ولا ينطلق لسانه ..

والبرادعي أيضا ليس المهدي المنتظر ولا حتى المهدي المفتخر ، بل هو يقول عن نفسه أنه فرد من مجموع وانه يريد التحرك مع الجميع .. وأنه يقبل قيادة السفية التي ستدخل الأرض المقدسة ( القصر الجمهور ) ولكن أين الركاب ؟؟

المعارضة المصرية التي تربت في احضان بطش عبدالناصر و(إيمان ) انور السادات وفساد مبارك .. تريد ان تجلس مكانها وتريد من البرادعي أن يذهب هو وربه فيقاتلا ..

الفرصة الأخيرة ..

عندما رفض بنو إسرائيل في عصرموسى دخول الأرض المقدسة كانت النتيجة أن حكم الله عليهم بالتيه لمدة اربعين عاما ..

بالنسبة للمصريين الآن فإنهم في نهاية فترة التيه التي بدأت من عام 1971 وتنتهي في 2011 ..

فهل سيدخل المصريين في فترة تيه أخرى ـ 40 عاماً ــ  أم سيدخلون إلى عالم الديمقراطية وحقوق الإنسان ؟؟؟

الفرصة سانحة أن يتحد الجميع لأن فترة التيه القادمة لن تبقي ولن تذر،  ستكون مليئة بالحروب والنزاعات الأهلية والدينية ..ستتحول مصر بها إلى نموذج أفغانستان والصومال والعراق والسودان ..

سيكون القتلى بالملايين .. سوف يقضى فيها على الجميع ..

أفيقوا قبل الدخول في التيه القادم ..

اجمالي القراءات 13258