خطاب مبارك في مجلس الشعب

محمد عبد المجيد في الثلاثاء ٣٠ - نوفمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

لـَمْ أتَمَكَن مِنْ الحُصولِ عَلىَ نَصِّ الخِطابِ الرئاسيِّ تحت قُبَّةِ البرلمانِ بمناسبة الدور التشريعي الجديدِ، فَتَخَيَّلْتُ الخِطابَ التالي، ولعلـَّهُ سيكون قريبًا جِدّاً مِنْ النَصِّ الأصلي!

 

أيها الاخوة والأخوات أعضاء مجلس الشعب الموقر،
أخيراً اِنـْتَهَتّْ المـَسْرَحيّةُ، ولَمْ تَكونوا أكثرَ مِنْ أَحْجَارٍ عَلىَ رُقْعَةِ الشَطَرَنـْج، حَتَّىَ لَوّْ ظـَنَّ كُلٌّ مِنْكُم أَنَّ عَدَدَ الأَصواتِ التي تَفَضَلَ بها أبناءُ دائرتِه ومَنَحوه إياها هي التي ألَْصَقَتْ مُؤَخرتَه بمِقْعَدٍ مُحَصَّنٍ طالما لَمْ أغْضب عَليّكم، وأقوم بِحَلِّ البرلمان!
يُسْعِدُني أنْ أوَجِّه إلـَيّكم الشـُكْرَ الجَزيلَ عَلىَ إِجادَتِكُم اللُعْبَة حَتَّىَ ظَنَّ ملايين من المصريين أنَّ صُنْدُوَق الاقْتِراعِ هو الذي يُحَدد نسبةَ النجاحِ ولو تخللتها بعضُ التزويرات والتزييفات، لكنَّ الحقيقةَ التي تعرفونها جيّداً أنني أنا الذي أُحَدد عددَ المقاعدِ، وأسماء الأعضاء، والنسبة المئوية للمعارضين والأقباط والمرأة.
هل تتذكرون الانتخاباتِ الرئاسيةَ عام 2005 عندما رفض المسؤولُ عن النتيجةِ إعلانـَها قبل أنْ يستأذن القصرَ رغم تصريحه للكتور أيمن نور بأنه وَصِيْفُ الرئيسِ بنسبة 24%، وفشل رئيسُ حزبِ الغَد في اقناعِه باعلان النتيجة، خاصة أنها جاءت لصالحي بالتزوير المـُجَسَّمِ.
وفي اليوم التالي أعطيتُ توجيهاتي بتخفيضِها إلى 9% لأيمن نور تفَضُّلا مِني، والباقي لي .. صاحب الأمر والنهي في هذا البلد.
أعترف لكم أنني لَمْ أحتقر وأزدري مثلـَكم، فأنتم أكثر عَدَاوة لشعبِكم مِني، وأنتم متواطئون في المشهدِ النهائي للفَصْل الأخير لبلدِكم قبل أنْ تَنـْهار وتصبح نسيّاً مَنْسِيّاً!
كلٌّ منكم يعرف أنه تحتَ قُبةِ الحَرَمِ الديمقراطي لا يمثل غيرَ نَفْسِه، وصياحه، واحتجاجاته، وجعجعته ليتم وضع لافتة ( حلال ) عَلَىَ مقعدٍ حرام، فأنتم منحتموني الشرعيةَ لتدْمير ما بقي من بلدِكم الذي تَسَلمْتُه منذ ثلاثةِ عقود، فكدت أجعله قاعاً صفصفاً تذروه الرياح.
هل منكم من لم يُفكر بتعويض النفقات التي نثرَها لمنتخبيه؟
من أين أتىَ بعضُكم بعشرةِ ملايين من الجنيهات أو أقل أو أكثر في حملةٍ اِنتخابيةٍ تعلمون مُسبَقاً أنَّ المُعارِضَ فيها وغيرَ المُعارِضِ سينتهي كل مِنهما إلىَ لَعْقِ حِذائي حتىَ لو أقسم بأغلظ الإيمانات أنه جاءَ لخدمة الشعبِ والوطن و .. الدين؟
الفارق بيني وبينكم ليس كبيراً، فأنا عدوٌّ ظاهرٌ للمصريين، وأنتم أعداءٌ مستترون لشعبِكم!
تقولون بأنَّ المعارضةَ في مجلس الشعْبِ تَمَكَنَتْ من اِحْباط عشراتِ الآلاف مِن قضايا الفَسَادِ في الدورةِ السابقةِ، وتلك عَبَاطـَةُ لا يُصَدّقها نِصْفُ عاقلٍ، فكلُّ القوانين الجائرة، والظالمة، والحَجَرية، والمُتخلفة مَرًّتْ من بين أيديكم، وأمام أسماعِكم وأبصارِكم.
لو كان كلُّ عُضوٍ من الثمانية والثمانين من جماعة الإخوان المسلمين في الدورة السابقة لصَقَ ظـَهْرَهُ في ظـَهْرِ أخيه لما تمكنتم من زحزحة مجدي أحمد حسين من زنزانة صغيرة إلىَ أُخرىَ أكبر قليلا، ومع ذلك فقد ترَشَّحوا لهذه الدورة، وبَلـَعوا كرامَتَهم فيما أطلقوا عليه (مشاركة لا مُغالبة) التي فرَضتُها أنا عليهم!
الاخوة والأخوات أعضاء مجلس الشعب الموقر،
لو صرختم في كل جلسات مجلس الشعب منذ عام 2005 وحتى تجديد العضوية لأكثرِكم لما تراجع قانونُ الطواريءِ بَنْدَاً واحِداً!
اللعبةُ مُرْبِحة مادياً، والحـَصَانَةُ ليست قوةَ الوَسَاطـَةِ فقط، لكنها حسابٌ في البنك يزداد صِفْراً إلىَ اليمين في كل فترة، تـَطُول أو تـَقْصُر، وِفْقَاً لفهلوة العُضو، لكن مطرقةَ رئيس المجلس التي تسقط علىَ مكتبه، تصيب أيضا رؤوسَكم بالدوار، فهي تعني: اخرسوا فالكلمة الأخيرة للرئيس مبارك.
ثم إنكم تعلمون كما أعلم أنَّ نظامَ الدوائر عقيمٌ، وفاشلٌ، وسقيم، وأن من يُمَثِّل دائرةً صغيرةً لا يُمَثِّل وطناً كبيراً، وأنَّ انتخابات الدوائر تستقطب أصحاب السطوة والمال والقبيلة لتدفع لمجلس الشعب بأرباع أميين لايقرأ أكثرهم صفحة كاملة إلا بشق الأنفس.
أنتم تخالفون الضميرَ الاجتماعي والوطني والديني باشتراكِكم في تلك المسرحية المقززة التي تصيب النفس العفيفة بالغثيان، وكل القرائن تشير إلىَ أنني أحتاج فقط شرعية دستوريةً من تحت قـُبة البرلمان لأُكْمِل ما بقي من تدمير وطنِكم.
لو قامت ثورةٌ تطيح بي وبعائلتي فإنني لن أتردد في فَضْحِ مشاركتِكم لي، وبأنكم علىَ اختلاف طوائفكم، ودوائركم، وأحزابكم أكثر مني خيانة لهذا الشعب الذي، يا لسذاجته، ظن أنكم ستخشون الله، فإذا بكم تتحولون إلى مِدادِ قلمٍ أوَقِّع به علىَ إعدامِ أُمَّةٍ من أعرق أمم الأرض.
أحتقركم بكل ما في نفسي من قرف للنفاق، فأنتم هنا لتجديد ولايتي السادسة أو لرفع ابني فوق رؤوس المصريين في ولايته الأولى!
الذين ترشَّحوا، والذين رفضوا الترَشُّحَ سواءٌ لديَّ، فأنتم متواطئون بالمشاركة، أمَّا هُم فتواطؤهم صَمْتُ الْصَمْتِ.
لو أنَّ امتحانَ الثالثة الابتدائية تم تعميمُه عليكم فلن ينجح مِنكم أكثر من ثلث الأعضاء بسبب نظام الدوائر الهزيل، أما الباقون فلو كانوا من صفوة عُلماء الوطن فإنَّ دورَهم أيضا سيظل التصفيقَ الحادَ أو .. الغيابَ المتعمدَ لتمرير صفقاتِ بيع مصر التي بدأتها عام 1981 ولم أنته بعد.
ألا تخجلون من أولادِكم، وأزواجِكم، وأحبابِكم؟
إنها صفقة شيطانية بيني وبينكم، أغضّ البصرَ عن الكيف، والقروض، والتهريب، والأراضي، وأنتم تـَصُكـُّون وجوهَكم خَرْسًا حتى نمرر قوانين التكميم، والطواريء، وتبرئة أباطرة التعذيب، ومطاردة الشرفاء من المعارضين.
إنها صفقةٌ إبليسيةٌ بيني وبينكم لو رفعتم شعاراتِ وطنيةً ومعارِضة ودينية وأخلاقية، فكل جرائمي قام مجلسُكم بتقنينِها، ودَسْتيرِها، وتشريعِها.
اللعبُ مع الكبار لا يجيده إلا الثوّار، الأطهار، الشجعان، والمخلصون، فهُم الأقدَرّ على الاطاحة بأيِّ طاغية. إنهم في ثكنات الجيش الذي أراقب كل أفراده أكثر مما يفعل المَلَكان عن اليمين وعن الشمال قَعيد، وهم في أجهزة المخابرات وينبغي إبعادُ روحِ رأفت الهجان عنهم، وهم خلايا نائمة تقترب مني بطيئا أو حثيثاً كلما أتيحت لها الفرصةُ إلىَ أنْ يأتي يومُ البيان الأول، وهذا قد يطول حتى يبلغ حفيدي ربيعَه الأربعين!
المقاطعة لا تقل تثبيتاً لشرعيةِ حُكْمي عن الاشتراك، والدكتور البرادعي يطالب المصريين بالمقاطعة، فإذا جاء يومُ الانتخابات فهو فصّ ملح و .. ذاب!
ألف باء السياسة في مصر تعني أنه لو قاطع الانتخاباتِ ثلاثون مليوناً من الأربعين مليوناً فإنَّ النتيجةَ تظل كما أَمَرتُّ أنا بها، لكن التخفيفَ عن رجال الأمن من أهم المكتسبات للمقاطعة الغبية والساذجة.
الآن يمكنكم أنْ تُعِدِّوا أنفسَكم لخمس سنوات أشدّ سواداً من ظلمات قاع المحيط، ففيها قوانين تسهيل الفساد، والعبودية، والاذلال، ومَدّ قوانين الطواريء، وضمان أمن إسرائيل نفطيّاً، وغازيّاً، وجِدَارِيّاً، وحُدوديّاً، ولا تصدقوا من يضحك عليكم ويقول بأن مهمتَكم مناقشة بيان رئيس الدولة، أو التشريع والتقنين، فأنتم أذلاءُ نِعمتي، وعبيدُ كلاب قصري، والمجلس هذه المرة سيكون صُوريّـًا وسوريّـًا!
أما الأولى فتعني أنكم دُمَىَ تتحرك علىَ مسرح العرائس، والثانية أنكم ستنسخون الجلسةَ التاريخية لمجلس الشعب السوري الذي اختار بَشّاراً ليرث حافِظاً!
اللعبُ معي لا يُحقق لخصمي غيرَ الخسارة، وقد استوعب الدكتور البرادعي الدورَ جيداً، وضاعت بسببه أصواتُ ملايين الشباب التي لو سقطت بين يدي مناضل ثائر يشتعل جهازُه العصبي غضباً علىَ نظام حُكمي لكان الأمر ُقد اِنتهى بي، وبعائلتي، وبلصوص عهدي إلى السَحْلِ في شوارع القاهرة.
تـَفـَرَّقَتْ المُعارضةُ الحمقاء، وطلب رئيسُ أحدِ أحزابِها من الأمن اعتقالَ رئيسِ حزبٍ آخر، وافتتحنا خطوطاً ساخنةً بين المعارضين وأجهزة الأمن لتِلَقّي تقارير كوهينية تضمن لصاحبها حَظوةً غيرَ مرئيةٍ لدىَ السلطة في مقابل تسليم يهوذا رقبة سيِّدِه أو زميله أو .. شقيقه!
إنَّ من تظنون أنهم خطوطٌ حمراء في الشرف والنزاهة والكرامة والوطنية، لا يزال أكثرهم يرتجفون خوفا، وفزعا، ورعباً: أعني قوات الجيش والمخابرات والمحامين والقضاة والمثقفين والإعلاميين والمفكرين والطلاب وأساتذة الجامعات ورجال الدين الإسلامي والمسيحي.
بطلُ المصرييين لم يظهر علىَ الساحةِ بَعْدُ، والدكتور البرادعي ليس أكثر من عَدّادٍ للتوقيعات، وهو يطلب ثلاثةَ ملايين توقيع للتغيير، ثم يرسلها إلى سيدِّكم، فأطلب أنا أن يستخدمها المعارضون كورق محارم.
الاخوة والأخوات أعضاء مجلس الشعب الموقر،
لا تتأخروا في تعويض نفقات الحملة الانتخابية فمضاعفةُ حساباتكم في البنوك مكافأة مِنّي علىَ قَبُولِكم لَعِب دور المـُحَلّل في زواجٍ مُحَرَّمٍ بَعْدَ طـَلاقٍ بائنٍ وغيرِ شريف.
المرحلة القادمة ستجعل شعوبَ الأرض تـُشفق على المصريين، وهي لن تكون فقط تفريطا في استقلال مصر، وبيعاً لخيراتـِها، ونهباً لثرواتها، ومرورَ كلِّ ظـَهْرٍ تحت كـُرباج رجل أمن، لكنني أفكر جديّاً في تقزيم المؤسسة العسكرية لئلا تـُهدد في المستقبل جيرانـَنا، وتحجيم المؤسسة الأمنية والمخابرات حتى لا يظن الشرفاءُ فيها أنَّ حماية الشعب واجبهم، وسيكون للبلطجية وللمسجلين خطرين الدور الأكبر في جعل المصري يخشى الخروجَ من بيتِه أو عبور الشارع إلى الناحية الأخرى.
عندما علمتُ بأن مُستخدمي الإنترنيت في مصر ناهز عددُهم الخمسةَ عشر مليونا انتفضتُ فـَزَعاً لبعض الوقت، ثم راجعتُ نفسي واكتشفت أنَّ نصف مليون شاب فيسبوكي غاضب إنْ دعاهم ثائرٌ علىَ حُكمي فلن يصل منهم إلىَ ميدان التحرير أكثر من أربعين شابا أو أقل!
كلٌ منكم أخذ أجرَه علىَ دورِه في مسرحية الانتخابات، فالترشُّحُ في حد ذاته كان أُمَّ الجرائم في حق بلدِكم، وكان الأجرُ يُماثل تأجيرَ قـَتَلَةٍ أو مُرتزقة لاغتيال شخصٍ أو جماعة أو أمة، فحصل حزبٌ علىَ مقاعد بعدما أطاح بصحيفة( الدستور)، وحصل آخر على أقل منها بعدما أصبح أليفا ووديعا وأُنثويًا وصورةً يساريةً تحت حذاءٍ يميني، ولعب مُخَدِّرو ملايين الشباب بشعارِهم الديني لُعْبَةً عَفِنَةً من أجل مصالح آنية،فسقطوا، وسقط معهم تاريخٌ طويل لم يتعلموا منه مقاومةَ الاستبداد، أو حتى الخروج بصدورهم لحماية اِخوانهم المعَذَّبين في أقبيةِ معتقلاتي الأكثر عَدَدَاً من معاهد البحث العلمي.
لا فائدة في الكتابة، والتحاليل، والتقارير، والمقالات، والاتهامات، واِدِّعاءِ الشرف المعارِض، وزعْمِ التـَدَيُّن، وحُب الوطن..
لا فائدة في توجيه الاتهامات للوزراء والمحافظين والكبار وأصدقاء ابني وحيتان عهدي، فكلهم يأتمرون بأوامري، وكل مصري يستغْبِي، ويستعبِط، ويدَّعيّ البلاهةَ فينظر في أي مكان غير الذي أقف أنا فيه، هو متواطيء معي، ومشارِكٌ في اغتيال مصر، ومُجرم بالصمت أو الجـُبْن أو توجيه الأنظار بعيداً عن القاتل الحقيقي.
أيها الاخوة والأخوات أعضاء مجلس الشعب الموقر،
هنيئا للمعارضة الشكلية الضئيلة بينكم، فكل قرشٍ يدخل جيبَها ينحشر طعاما حراماً في أفواه أولادِها، أما خَدَمي الأوفياء من أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي فأدعوهم لتمرير أكبر عدد من القوانين التي ستـُنهي العصرَ المصريَّ إلىَ الأبد.
بحثتُ كثيرا عن زعيمِكم، وثائرِكم، وبطلِكم، فلم أعثر عليه، ولعله وَهْمٌ في خيال الحالمين بسقوطي.
ألـْتـَفِتُ حولي في كل مكان فلا أجد غير أقفية تستجدي كَفّي أنْ يصفعها، ووجوه ترجوني أنْ ألطمها، وكبار يتقزمون أمامي، وجنرالات يُخفضون رؤوسَهم في حضرتي، ورجال دين يدعون اللهَ من فوق منابر المساجد والكنائس أنْ يطيل في عمري.
أبحثُ عن مقاومةٍ ولو كانت فِئرانية أو أرنبية تجعلني أشعر أنني أحْكـُم بَشـَرَاً، يغضبون، ويهربون، ويفرّون، ويعودون مرة أخرى، لكن ثلاثةَ عُقود من القهر، والقمع، والظلم اِنْتَهَت إلىَ شيئين يقاوم بهما المصريُّ نِظامَ حُكْمي: الطلب من الله أنْ يقاتلني وَحْدَهُ، وكذلك السُخرية في النكتة والمقال واليوتيوب والقصيدة.
كل المصريين مُشتركون في حفر مقبرةٍ جماعية قد تتسع في عهد ابني لدفن الشعب المصري بِرُمَتِّهِ.
لَمْ أشعر طوال ثلاثة عقود بهذا القرف من المعارضة كما أشعر به اليوم، وأكاد أجزم بأن المعارضة المصرية تتمسك بي أكثر من تَمَسُّكِ المنافقين واللصوص والأفّاقين والمهربين وأباطرة التعذيب!
لو اِتـَحَدَ الوفدُ مع الإخوان المسلمين والأقباط وأتباع الدكتور أيمن نور ومريديي الدكتور البرادعي والأحرار المستقلين والناصريين وشباب 6 ابريل ليوم واحد فقط في انتفاضة أو عصيان مدني أو تمرد أو ثورة شعبية أو اِضراب عن الطعام في شوارع وأزقة وميادين مصر لما بقيتُ في قصري يوماً واحدا، وربما كان الجيشُ سيخرج لحماية شعبِه وأهلِه مني، وستضطر قوىَ الأمنِ المركزي لطاعة أوامر الشرفاء من كبار الضباط الذين كانوا يُخفون كراهيتهم لي!
الآن أنا في انتظار رجل واحد يخرج من بين الثمانين مليونا، ويثبت لي بأن هناك فارسا نبيلا، وشجاعا، وعاشقا لوطنه، ولكن حتى لو ظهر مُنْقِذُ المصريين، ومُخـَلـِّصُ أهلِ البلد من جَبَروتي، فإنَّ المعارضة المصرية ستتسابق لتسليمي رأسه قبل أنْ يقوم رجالي بمقاومته.
وأخيرا أوَجِّه حديثي إلىَ كل قائد عسكري مصري فيه نفخة من روح الله، وثانية من روح الوطن، وثالثة من الشجاعة والنـُبل والفروسية والعبور بعدما استمع لخطابي هذا: هل تستطيع أنْ تنظر في عيون أولادِك، وتحتضنهم، وتُقْسِم لهم أنهم في حمايتك، ثم تذهب إلى فراشِك، وتنام قرير العين؟
من لا يبكي على كرامتِه بعد خطابي هذا فلا حاجة لله في دعائِه، ولا حاجة لأهلِه في صِلة الرَحِم التي تربطه بهم، ولا حاجة لشَرَفِ تُراب أرض مصر أن يمشي عليه!
أيها الاخوة والأخوات أعضاء مجلس الشعب الموقر،
أقترح أن يكون أول قانون تمررونه إلى رئيس مجلس الشعب هو معاقبة كل مصري يزعم أنه رجل في ولايتي السادسة!
الآن دعوني أبصق في وجوهكم مرة أخرى، لكنها هذه المرة نيابة عن الشعب المصري!

 

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو في 30 نوفمبر 2010

Taeralshmal@gmail.com

اجمالي القراءات 14062