هل مات أحمد زكى شهيدا ؟

حمدى البصير في السبت ١٦ - أكتوبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

هل مات " أحمد زكى " .. شهيدا ؟

 

 

بقلم حمدى البصير

 

من المعتاد والمنطقى أن يطلق لقب شهيد ، على  كل من قتل فى الحرب ، وفى أرض المعركة ، وعلى أيدى الأعداء.

وقد تكررت هذه الكلمة كثيرا خلال شهر أكتوبر الحالى بمناسبة الإحتفال بالذكرى السابعة والثلاثين  لحرب أكتوبر المجيدة والتى سقط فيها شهداء مصريون كثر ، وهم أبطال فاضت روحهم الغالية على أرض سيناء الحبيبة ، دفاعا عن الأرض والعرض ، وهؤلاء تنطبق عليهم الأية ا´ الكريمة فى قوله تعالى فى القران العظيم:

 ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون )

وأيضا قول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : "من مات دون أرضه فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد، ومن مات دون ماله فهو شهيد".

وتداولت كلمة شهيد كثيرا فى الوقت الحالى ، وأصبحت تطلق منذ التسعينيات ، على قتلى الشرطة ، خاصة الذين سقطوا قتلى بأيدى المتطرفين وقت أن كان الإرهاب يضرب معظم ربوع مصر، وطال كبار المسؤلين ومنهم رئيس مجلس الشعب السابق الدكتور رفعت المحجوب ووزراء سابقون وحاليين منهم وزير الداخلية والذى كان مازال فى الخدمة اللواء حسن الألفى ،وحاليا وبعد زوال الإرهاب ألصق لقب شهيد   أيضا ، وفقا للبيانات الرسمية وماتنشره الصحف القومية على كل فرد شرطة لقى مصرعه لا على أيدى إرهابى ،ولكن على أيدى لص يحمل مطواة ، أو تاجر مخدرات يحمل رشاشا ، ولكن إذا قتل فرد من الشعب بأيدى الشرطة فقد يكون إرهابيا أو مجرما عتيدا ، وقد يمنح قاتله " الشرطى " مكافأة  ، وقد يقتل أيضا شخصا عاديا وتقيد ضد مجهول ، وهذا لا يقلل من الجهود والتضحيات الكبيرة الذى يبذلها معظم رجال الشرطة من اجل تحقيق الأمن والأمان للمواطنين .

والسؤال الأن ماذا لو قتل مواطن مصرى يدافع عن شرفه أو عرضه أو ماله ،أو هب لنصرة سيدة عجوز وقام قتله محترفون بقتله على قارعة الطريق ، فهل يستحق هذا المواطن لقب شهيدا ، قياسا على شهداء الشرطة ،ووفقا للتفسير الرسمى وليس الشرعى فى منح صفة الشهيد ؟ .

أقول ذلك تعليقا على حادثة وقعت فى الأسبوع الثاتى من شهر اكتوبر الحالى فى حى الوايلى بالقاهرة ،وفى وضح النهار وأمام المارة ، الذين تأصلت فيهم السلبية والجبن ، وهم يتفرجون

على طالب ثانوى يلقى مصرعه على يد ٣ مسجلين خطرين ويذبح من رقبته برقبة زجاجة .

 فقد  كان المجنى عليه أحمد زكى -19 سنة - يستقل أتوبيس هيئة نقل عام - كما جاء فى تحقيقات النيابة - و شاهد ٣ أشخاص يحاولون سرقة سيدة تقف فى الطرقة وعندما قام بتحذيرها،ونهر السارقين ، أنزلوه من السيارة بالقوة، فحاول الاحتماء ببائع فول، إلا أنهم أجهزوا عليه، بعد أن قام أحدهم بشل حركته وذبحه الآخر برقبة زجاجة وفروا هاربين. وتم نقل المجنى عليه للمستشفى وفارق الحياة قبل إسعافه.

وللأسف هذا الشاب الشهم كان وحيد والديه ،وكان ذاهبإ لى مصنعه بعد أنهى دراسته فى إحدى المدارس الصناعية ، ولم يقتله فقط البلطجية ، بل سلبية المصريين الذين كانوا يتفرجون عليه وهو يذبح بالزجاج ، و أيضاغياب الأمن من الشوارع ، بل ساهم فى قتله أيضا الأهمال الطبى فى المستشفيات .

 فوفقا لرواية والده ‘ فإن أحمد زكى مات بعد أن نزف كمية كبيرة من الدم ولم تسعفه المستشفى التى نقل إليها والقريبة من موقع الحادث .

يقول الأب تلقيت اتصالا هاتفيا من أحد الأشخاص يخبرنى بأن ابنى أحمد فى المستشفى ويحتاج لنقل دم وعندما وصلت كان قد فارق الحياة، وأخبرنى بعض الأهالى بما حدث وأنهم نقلوه وهو على قيد الحياة إلى المستشفى الإيطالى ثم المستشفى اليونانى فى العباسية لكنهما رفضا استقباله مما تسبب فى تدهور حالته ثم وفاته متأثراً بالنزيف الحاد الذى تعرض له بعد ذبحه برقبة زجاجة.

وأكد أن ابنه توفى لأنه تأخر عن تلقى الإسعافات وأنه كان سيعطيه دمه كله كى يظل على قيد الحياة، وقال: الحياة توقفت بعد وفاته ولا أجد سببا لوجودى فهو امتدادى وكنت أحيا من أجله لكن القدر اختاره وحرمنى منه للأبد.

 

وأنهى الأب كلامه قائلا: عاوز حق ابنى من المستشفيين الإيطالى واليونانى ومن ركاب الأتوبيس الذين تركوه فريسة للمتهمين ومن الجناة الذين حرمونى منه دون أن يقترف ذنبا ـ

 

والشاب الذى لقى مصرعه ، أحمد زكى ( وهو يتشابه فى الإسم فقط مع الفنان الراحل احمد زكى ) مات فى صمت لأنه إبن ناس غلابة ، ولم تجد أسرته كتيبة إعلامية تستنكر موته غدرا، وقتله مرتين مرة على أيدى البلطجية ،وأخرى فى المستشفى عندما ترك ينزف حتى الموت ، حتى ولو كان ذلك بدون قصد ونتيجة للإهمال الطبى فقط .

لقد صرخ والد الطفل فى إحدى الفضائيات قائلا " مين يجيب لى حق إبنى ؟ ومن يحاسب الإهمال فى المستشفيات ؟ ولم يرد على تساؤلات الاب المجروح أى مسؤل حتى الأن .

والحقيقة إن عائلة أحمد زكى رحمه الله تستحق تعويضا مباشرا من الحكومة ،وإحالة بعض المسؤلين للمحاكمة ، لأن جهات عديدة ساهمت فى قتله  ،وليس فقط  إنه مات على أيدى بلطجية ولصوص .

فقد كان من المفترض أن يكون هناك تواجد أمنى فى الشوارع بل فى وسائل النقل العامة ولاسيما  من شرطة النقل والمواصلات . كما أن وزارة الداخلية مسؤلة عن مراقبة البلطجية والمسجلين خطر ،  بل وتطبيق قانون الطوارىء عليهم بدلا من تطبيقه فقط على بعض السياسين .

كما أن وزارة الصحة مقصرة فى عدم مراقبة المستشفيات المجانية ومن حقها محاسبة ، القائمين عليها بتهمة الإهمال الطبى ، حتى ولو كانت هذه المستشفيات تابعة لجمعيات خيرية أو لجاليات أجنبية .

لقد مات أحمد زكى وهو يدافع عن سيدة عجوز هاجمها 3 لصوص ودفع حياته ثمنا لشهامته ورجولته ،ومازلت قضيته قيد التحقيق وربما تتكشف لى حقائق لم اكن أعلمها لأننى لست شاهدا على تلك المجزرة ، ولكنى فقط أطالب ولو مؤقتا بأن يحصل هذا الشاب على لقب شهيد ، قياسا على شهداء الشرطة ووفقا للــتفسيرالرسمى وليس الفقهى ،لمن ينطبق عليه صفة الشهيد  ، فهل يسمح العلماء بذلك ، حتى نعيد الإعتبار لهذا الفقيد ومكافأة له ، لأنه لم يكن سلبيا على الأقل ، بل مات شجاعا على أيدى جبناء .

حمدى البصير

Elbasser2@yahoo.com

اجمالي القراءات 14852