من تراث مركز ابن خلدون
البحث العلمي في مصر وتخطى الفجوة التكنولوجية الجزء الثانى والأخير

رضا عبد الرحمن على في الإثنين ٢٦ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

البحث العلمي في مصر وتخطى الفجوة التكنولوجية الجزء الثانى والأخير

عثرت على هذا التقرير منشورا فى إحدى نشرات مركز ابن خلدون فأحببت أن أنشره ليستفيد به من يهمه الأمر    

وتأكيدا على أن هناك شخصيات تهتم بمصر الوطن مصر الأم وتعيش وتعانى  دوما حالة من الانشغال التام بهموم الوطن وقضاياه الملحة قديما وحديثا ، سواء كانوا داخل مصر أو خارجها  فكل ما يشغل بالهم ويقض مضاجعهم هو التفكير فى مصر و في مستقبلها  ومستقبل شعبها ، ومن خلال هذا النضال الفكرى السلمى الذي يصب فى مصلحة مصر دولة وشعبا كان يدور هذا الحوار بين عدد من المهمومين بمشاكل مصر تحت رعاية الدكتور (أحمد صبحي منصور) فى إحدى ندوات رواق مركز ابن خلدون يوم 13/ 10/ 1998  مع ضيف عزيز هو ــ   د / حسين  قاسم عاشور ــ ضمن أعمال رواق ابن خلدون فى سلسلة لقاءات بعنوان (ندوات المشروع الحضاري لمصر) ، وكتب الدكتور أحمد صبحى منصور هذا المقال تعقيبا على إحدى هذه الندوات .

البحث العلمي في مصر وتخطى الفجوة التكنولوجية  ــ  الجزءالثاني

 أبدأ هذا الجزء: بكلمة وزير البحث العلمى والتكنولوجيا البرازيلى أمام اللجنة الاستشارية للأمم المتحدة للعلم والتكنولوجيا . قال ان الدول النامية التى ستفشل فى الاستقرار والالتزام بإستراتيجية وطنية للتنمية العلمية والتكنولوجية قبل نهاية هذا القرن عليها أن تسلم بأنها خرجت من السياق على مدى المستقبل وقبل أن نبدأ فى تحديد الهدف وإيجاد الحلول لتخطى الفجوة العلمية والتكنولوجية هناك نقطة جوهرية يجب بحثها قبل أى نقاش.

وهى الرؤية السياسية لصانعى القرار فى مصر ، وكيف نقرب الفجوة بين رؤية المجتمع المدنى ورؤية المؤسسات السياسية والتنفيذية ـ ومن وجهة نظرى أرى أن على المجتمع المدنى أن يوجد الآلية المناسبة ليكون له فاعلية فى القضايا القومية والمصيرية للبلاد ، وأعتقد أنها تحتاج إلى جهد كبير ودبلوماسية عالية فى لغة الخطاب الموجه للقيادة السياسية حتى نوجد الحوار المفقود بين الطرفين.

 

أمّا عن الإستراتيجية التى يجب أن ترسم بعناية وجداول زمنية محددة ولتكن على عدة مراحل ـ ويشترك في وضعها النخبة من علماء الاقتصاد والسياسة وعلم الاجتماع ورجال التشريع وأهل الفكر ــ وأطرح لحضراتكم ملخص للدراسات فى هذا المجال لكى نسترشد بها فى مناقشاتنا الأولى للدكتور/ عصام الدين جلال ــ بعنوان تخطى الفجوة العلمية والتكنولوجية رؤية مصرية حيث تعرضت الدراسة إلى عدة محاور رئيسية يبنى عليها النقاش

 1ـ المحول الأول :علاقة التعليم بقضية البحث العلمى والتكنولوجي والخلط الشائع بينهما حيث يتم التعامل فى مصر على أن البحث العلمي إحدى آليات التعليم مما أدى إلى تخلف البحث العلمى عن القيام بمهمته.

 

2ـ المحور الثانى :هو كيفية تحويل التعليم إلى آلية من آليات البحث العلمي

 

3ـ المحور الثالث :هو مناقشة الآليات الأخرى ـ مثل التنظيمية الاقتصادية للتنمية التكنولوجية وهو محور خاص عن السياسة القومية والمعروض من التكنولوجيا المتطورة ـ التمويل ـ وحماية التكنولوجيا ـ ونقل التكنولوجيا.

4ـ المحور الرابع :محور خاص لمناقشة إعادة هيكلة المؤسسات التعليمية ومؤسسات البحث العلمى والجامعات ومراكز البحث العلمى والأكاديمي

أما الدراسة الثانية وهى إطار السياسة العلمية والتكنولوجية وهى دراسة مقدمة إلى الندوة السياسية العلمية والتكنولوجية عن مجموعة أراء ومساهمات فى الحماية لفريق المستشارين المصريين والدوليين فى مشروع البنك الدولى ، يمكن تلخيصها فيما يلى:

التكامل بين السياسة العلمية والتكنولوجية وسياسات التنمية الاقتصادية.

تقوية القرارات العلمية والتكنولوجية وحشدها لدعم التنمية الاقتصادية .

الاصلاح المؤسسي لبنية العلم والتكنولوجيا

فى مجال نقل التكنولجيا.

اختيار أحدث عمليات التصنيع والآلات والإدارة الصناعية وأساليب التسويق فى جميع عمليات نقل التكنولوجيا إلى مصر

ـ توجيه المستثمرين إلى كيفية نقل التكنولوجيا أثناء عملية التفاوض وإبرام الصفقات التكنولوجية ، ومتابعة الرقابة عليها أثناء التشغيل.

فى مجال العمل الاستراتيجي للتكنولوجيا العالية...High Tecــ العمل على إدخال مجموعة المعرفة الخاصة لخدمة  High Tec...  ـ مثل المركبات التى تسير بالأيدروجين ، إعداد ذات التوصيل الفائق فى درجات حرارة عالية ـ الهندسة الوراثية ـ البيوتكنولوجي ـ الحاسبات التى تعمل بالصوت ـ الالكترونيات الصوتية.

هذه الدراسات التى ذكرتها لفتح باب للإسهامات والأداء والأفكار التى تحتاجها لرسم إستراتيجية واضحة ـ تحتاج أيضا إلى معلومات معرفية أكبر لدعم اتخاذ القرار.

وفى رأى الشخصي لابد من حسم قضية معينة ان تخطى الفجوة التكنولوجية ليست ترفا إنما هو ضرورة إستراتيجية لتحقيق الأمن القومي للبلاد وحماية كل الجهود التى بذلت (لتصحيح المسار الاقتصادي ومما حققناه فى الآونة الأخيرة من تنمية فى البنية الأساسية) ، وهذا أيضا ليس بسيط أن عنصر التكنولوجيا والمعرفة هو العنصر الحاكم فى الإنتاج بنفس ما كان عليه فى العصور السابقة حيث كانت العمالة ورأس المال والمواد الخام هى العناصر الحاكمة فى الإنتاج.

ويبقى سؤال هل يمكن بعد ما تبين من هذه الدراسة أن البحث العلمى ليس له جدوى ومتدنى ـ فهل يمكن تطويره فى المرحلة الحالية للحاق بالنمط الغربي الكلاسيكي ـ مع الأخذ فى الاعتبار أن عامل الزمن ليس فى صالحنا ـ أم نحدد للبحث العلمي وظيفة إيجابية لإحداث فاعلية فى ظروفنا الحالية ـ فى رأى ممكن توظيف الكوادر العلمية فى إدارة وتوجيه نقل التكنولوجيا ـ ويسير موازيا مع ذلك تطوير البحث العلمى ليكون على مستوى الأداء العالمي ـ أى تكون القاعدة العامة والعريضة للمؤسسة البحثية العلمية فى خدمة نقل التكنولوجيا المتطورة لها ـ مع الإبقاء على النموذج الأكاديمي مصغر نختار كوادره بعناية ووفقا لمعايير دولية ، وتوفر له كافة الإمكانيات ويمكن الاستعانة بعلمائنا فى الخارج ونستفيد بالخبراء من علماء العالم ـ نحن نستفيد بخبراء كرة القدم وندفع لهم الكثير ـ أليس أجدى لمصرنا الحبيبة أن تستفيد بعلماء العالم لإحداث تنمية علمية فى مصر.

 

تجارب الدول الأخرى في القرن العشرين:

 

أهم ميزة تميزت بها دول الموجه الثانية التى تمثلها اليابان فى مطلع القرن العشرين وكوريا في منتصف هذا القرن هي أن كان لها أيديولوجية واضحة مبتعدة عن النمط الذي صارت عليه دول الموجه الأولى وخالفت هذا النمط إذ أوجدت لنفسها طريق يعوضها عن الفارق الزمني الذي مرت به تجربة الدول المتقدمة ، فاعتمدت على ثورة تعليمية تمكنها من استيعاب التكنولوجيا الغربية المتقدمة ، وبدأت بنقل التكنولوجيا سواء بالشراء أو بطرق أخرى ثم أوجدت الآلية المتطورة فى تقييم التكنولوجيا وإدارة نقل التكنولوجيا من حيث الأولويات وكانت البداية بالممكن المتاح حتى انتهوا إلى ما كان يتصور أنه مستحيل وغير متاح .

وهذه الدول لم تعتمد فى بداية عملية التحول على كفاءة استخدام الموارد أو تفوق فى وزن القيمة المضافة أو أسبقية فى اكتشافات أو ابتكارات ولكنها اعتمدت على تكثيف استغلال العمالة إلى الحد الأقصى ـ وضعف الأجور والالتزام بالادخار والحد من الاستهلاك سعيا لتكوين تراكمات اقتصادية لتغطية احتياجات القدرة العلمية ، واكتسبوا مهارات كثيرة ملائمة لظروفهم ، وكان دور الدولة الرئيسي والمركزي كان واضحا فى عملية التأقلم وتهيئة المناخ ـ وتميزت عملية النقل بجهود مكثفة لتقييم واختيار انسب التكنولوجيات بواسطة فرق مختارة من الخبراء من المعاهد والمراكز المتخصصة تحت إشراف وزراء التجارة الدولية والصناعة اليابانية ومن ثم كانت المهمة الأساسية للمؤسسة البحثية والعلمية هى خدمة نقل التكنولوجيا وإدارتها ـ وبلغت كفاءة عملية نقل التكنولوجيا على مدى عشرين عاما ما لم تزد على 17 بليون دولار و مع ذلك مثلت القاعدة التكنولوجية للمعجزة اليابانية التى حققت لها السبق فى الثمانينات ، ومكنت الصناعة اليابانية من موقف تنافس الذي سمح بتحقيق الدعم و الشرف به  ، للحكومة ، وأعلنت الدولة اليابانية أنها حققت الاستقلال التكنولوجي عام 1980 ــ

فهل لنا أن نتعظ .؟

اجمالي القراءات 15531