حكاية هجرة

ساجده عبده في الخميس ٢٧ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

  حكايتي تتلخص في اننا في سنة 1991م وفي الضروف المأساوية التي مر بها العراق وخلال هجوم الجيش العراقي على كردستان العراق في سبيل تطهير المنطقة من اهلها

      عندما علم اهالي مدينتي ان الجيش العراقي قادم  وخوفا من ابادتهم

الكل ركض نحو الجبال بما لديهم من مؤنة لاتكاد تسد رمق الفرد فيهم

تركنا بيوتنا واموالنا واتجهنا نحو الحدود الايرانية خوفا من الاسلحة الكيمياوية التي جربها النظام العراقي في حلبجة سنة 1988 واباد فيها بلحظات ما يزيد عن ال5000شخص

 وكنا نحمل في سيارتنا الصغيرة اكثر من 13 شخص

كيف اتسعت لنا ؟؟؟

لاادري

كنت وكأم احمل فتاة خبز كي لايجوع اولادي في الطريق الى ان نصل الحدود

والله اعلم ان كنا سنصل ام لا

 كان يوما يشبه يوم الحشر

الكل يركض

بعظهم يحمل رضيعا وكيس مؤؤنة وبطانيات

والبعض الاخر راجلا هو وعشيرته

في الليل كنا نسمع اصوات استغاثة او نداء

هذه تنادي ابنها التي فقدته وسط الزحام

وهذا ينادي زوجته التي فقدها والامطار الغزيرة السوداء تهطل علينا دون توقف

لماذا سوداء ؟؟

نتيجة احتراق ابار النفط الكويتية

تصوروا

ابار النفط الكويتية تحترق والدخان الاسود يسير 1500 كليومتر لينصب علينا مع الامطار

   في عصر احدى الايام وانا اوزع الخبز على افراد عائلتي

اقتربت مني امرأة وتمسك بيدها طفلة لاتكاد تتجاوز الرابعة من عمرها

تسألني من فتاة الخبز لابنتها الجائعة

كنت في حالة هيستيريا عندما اقتربت المرأة مني

فكرت في انني سأصبح مثل حالها بعد ان ينتهي الخبز الذي احمله

وساضطر للتسول من الاخرين

هذا اذا وجدت اخرين

كنا في كل ساعو نجد عشرات الناس تموت امام اعيننا واهلهم يتركوهم هكذا في العراء

ما كان مني الا ان اجبتها بالرفض

فمشت وهي تنظر الي بقلب كسير

لم يهزني منظرها الا بعد ان عدنا الى مدينتنا بعد ان دخل الجيش وراى مدينة فارغة

كان يحسب انه سيجد مقاومة من اهلها

توقف القصف وطلب الرئيس من الناس في نداء عاجل في الراديو العودة  فانهم في امان

 وبسرعة المتلهف للراحة عدنا

ومعظم الناس لم يثقوا بالوعود واستمروا بمسيرتهم الى الحدود الايرانية ودخلوها ووجدوا ترحيب من اهلها وعاشوا في مخيمات اكثر من شهور في امل ان تحميهم المنظمات الانسانية وتحملهم للهجرة الى اي دولة امنة

 ولكنهم عادوا

وفي البيت بعد ان رميت بقايا الخبز المتعفن نتيجة الامظار التي هطلت عليه

بدأت ابكي واتذكر منظر البائسة التي طلبت مني الخبز ولم اعطها وها انا قد رميته

وبعد مرور اكثر من 15سنة لازلت ابكي

بالرغم من ان زوجي طمأنني بأنه اعطاها كسرة خبز دون علمي

 ذنبي كبير

ذنبي فظيع

كلما اقرأ الاية القرأنية او اطعام في يوم ذا مسغبة

احس بقلبي يعتصر واقول هذه ليست انا

كيف اتخلص من هذا الذنب؟

 من يبحث لي عن هذه المرأة ويعيد الزمان لاعطيها كل الخبز الذي عندي ؟

رحم الله عمر ابن الخطاب

لعله يبكي كلما مرت عليه الاية حول وأد البنات

علمتني هذه التجربة اشياء كثيرة

اردد دوما قول النبي صلى الله عليه وسلم (اصرف يابلال ولاتخف من ذي العرش اقلال )

     

         وتعاونوا على البر والتقوى

اجمالي القراءات 11347