التوحيد
البعد الاجتماعي للتوحيد

زهير قوطرش في الأربعاء ١٢ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

البعد الاجتماعي للتوحيد

 

للتوحيد ,بعدين ...بعد إيماني وهذا البعد مذكور في القرآن الكريم في الكثير من الآيات الكريمة المكية خاصة ,والتي تتناول فكرة التوحيد الإيماني والذي محورها الأساسي شهادة "لا إله إلا الله"...وما يتبع هذا البعد الإيماني من مقولات تتناول مواضيع الخلق ,والكون والإنسان في علاقتهم بالخالق. وهذا البعد الإيماني يشترك فيه كل أفراد الديانات السماوية والأرضية الذين يشهدون أن لا إله إلا الله لا شريك له ,لم يلد ولمtilde; يولد ولم يكن له كفؤ أحد ...له ملك السموات والأرض ,كل شيء ما عداه مخلوق من العدم ,ومصيره إلى الفناء.والخلود في الدار الآخرة ,لهذا كان التوحيد هو المحور الأساسي للإيمان ,بعد ذلك يختلف الناس في تطبيق الشرع الذي هو في كتبهم.

 

أما البعد الاجتماعي للتوحيد وهو محور هذه المقالة ,هو ما أشارت له الآيات الكريمة

 

"  شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا أليك ,وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين,ولا تفرقوا فيه      " الشورى-14

 

"وأطيعوا الله ورسوله,ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم,واصبروا أن الله مع الصابرين  " سورة الأنفال -46

 

" ولا تكونوا كالذين فرقوا دينهم واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات " سورة آل عمران

 

" واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا,واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً " سورة آل عمران -103

 

هذا البعد الاجتماعي لمعنى التوحيد .كان تطبيقه العملي والفعلي في أول وثيقة سياسية وضعها الرسول(ص) بعد الهجرة ,معلناً المبادئ الأولى لخطة العمل التحالفي بين الفرقاء الذين صار المسلمون فريقاً منهم.

حيث كتب محمد  بين المهاجرين والأنصار كتاباً واعد فيه اليهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم ,واشترط عليهم واشترط لهم..."

وصيغة الكتاب كانت بهذا المحتوى.

"هذا كتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم وجاهد معهم .أنهم امة واحدة دون الناس ..." هذه هي بداية الوثيقة .وهي التي أعطت التوحيد مسيرة العبور من القبلية ومساوئها إلى علاقات جديدة حضرية كيفية علمانية في أسلوبها للتعايش.

 

دعونا ننظر اليوم إلى حال التوحيد عند المسلمين وغير المسلمين ,مع الأسف  صار التوحيد جملة تردد باستمرار باللسان فقط.

 ,دون أن يكون لها مضموناً واقعياً وبعداً اجتماعياً .هذا البعد الاجتماعي ,يهدف إلى وحدة المؤمنين الموحدين , فهل يُقبل منا التوحيد لفظاً دون ترجمته على أرض الواقع كما أشارت الآيات الكريمة التي تدعوا إلى الوحدة وعدم تفريق الدين.

وهل المسلمون على تفرقهم اليوم هم أهل التوحيد ,وهل المسيحيون اليوم من أهل التوحيد ,وهل اليهود اليوم من أهل التوحيد ....لا أعتقد ذلك ,لأن التوحيد الإيماني ,يجب  وبالضرورة أن يتبعه التوحيد في بعده الاجتماعي ,بين أفراد كل ديانة على حدة ,ومن ثم التعايش والاتحاد بين الديانات ,ولا أقول الوحدة ,لأن إرادة الخالق  في أنه جعلنا ديانات مختلفة الشرعة والمنهاج ,  ,هذا التنوع ,يجب أن يدفعنا إلى التسابق في فعل الخيرات لا في التكفير والقتل.

اجمالي القراءات 30157