أَلَمْ يَانِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الل
آيات لقوم يتفكرون 8

محمد صادق في الإثنين ٢٢ - مارس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

آيات لقوم يتفكرون 8

أَلَمْ يَانِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقّ....

يا بــنى آدم...يا أمــة الإســلام...يا أمــة القــرءآن...

 (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)  المائدة:15-16

ذلك هو النور.. الكتاب المبين... القرءآن الكريم

أليس هذا القرءآن هو الذي صنع الحضارة للمسلمين؛ وما كانت الأمة الإسلامية قبل نزول الآيات الأولى من سورة العلق شيئا مذكورا وإنما كان هذا القرءآن فكانت هذه الأمة. أليس القرءآن الذي نتلوه اليوم هو عينه القرءآن الذي تلاه أولئك من قبل فما الذي حدث لنا نحن أهلَ هذا الزمان ؟

لا شك أن السر كامِنٌ في منهج التعامل مع القرءآن

وإنما هو تَلَقٍّ للقرءآن آيةً آيةً، وتَلَقٍّ عن القرءآن حِكْمَةً حِكْمَةً على سبيل التخلق الوجداني، والتَّمَثُّلِ التربوي لحقائقه الإيمانية العُمُرَ كلَّه حتى يصير القرءآن في قلب المؤمن لا يتصرف إلا من خلاله، ولا ينطق إلا بحكمته فإذا بتلاوته على نفسه وعلى من حوله.

اقرأ وتَدَبَّرْ تَدَبَّرْهَا طويلا و أبْصِرْ بقلبك - عساك تكون من المبصرين - قولَه تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمُ ءايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)  3:164

ولك أن تشاهد هذه الْمِنَّةَ العظمى من خلال قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمُ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) 62:2

  ألم يئن الأوان بعد لتجديد رسالة القرءآن؟ ألم يئن الأوان بعد لتجديد عهد القرءآن؟ فيا أتباع محمد، تجديد رسالة القرءآن (أَلَمْ يَانِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ  وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الاَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) 57:16  تلك هى القضية...

فيا أيها الأخوة والأخوات، لنعد إلى مدرسة القرءآن ومجالس القرءآن على منهج القرءآن صافية نقية لا كما تلقيناها مشوهة من عصور أكل الدهر عليها

المقال... هو عبارة عن نموذج تطبيقي لدراسة القرءآن الكريم، من خلال بعض سوره، ومحاولة لتقديم صورة عملية لكيفية تَلَقِّي "الْهُدَى الربانى"، الذي تتضمنه السور المختارة من خلال آياتها وكلماتها فالتدارس هو سبيل الربانية، كما في قوله تعالى: (وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تَعْلَمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) 3:79. والربانية عندما تصبح سِمَةً غالبة في المجتمع فتلك هي العلامة الكبرى على تحوله الجذري، وارتقائه من جديد (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ)3: 110

ولا يكون ذلك كله إلا بتداول القرءآن العظيم في المجتمع بما تتضمنه من خطوات منهجية؛ تلاوةً وتزكيةً وتعليماً، ثم قياماً بوظيفة البلاغ والدعوة إلى الله، أمانةً على عاتق كل من تَلَقَّى عن الله هُدَاهُ،  فالأمة اليوم إنما هي في حاجة إلى من يحسن التلقي عن الله ورسوله، ويَبْلُغُ في ذلك أعلى منازل الاستجابة لنداء الهدى، ألاَ وهي منـزلة التعلُّمِ والتعليم؛ فيكون منتفعا ونافعا(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) 17:9

من أنت؟

ذلك هو السؤال الذي قلما ننتبه إليه والعادة أن الإنسان يحب أن يعرف كل شيء مما يدور حوله في هذه الحياة، فيسأل عن هذه وتلك، إلا سؤالا واحدا لا يخطر بباله إلا نادرا هو: من أنا ؟ نعم، فهل سألت يوما نفسك عن نفسك: من أنت ؟

ولعل أهم الأسباب في إبعاد ذلك وإهماله إذ نظن أننا نعرف أنفسنا فلا حاجة إلى السؤال  تغرنا إجابات الانتماء إلى الأنساب والألقاب، وتنحرف بنا عن طلب معرفة النفس الكامنة بين أضلعنا، التي هي حقيقة (من أنت ؟) ويتم إجهاض السؤال في عالم الخواطر؛ وبذلك يبقى الإنسان أجهل الخلق بنفسه

ولو أنك سألت نفسك بعقلك المجرد: من أنتِ ؟ سؤالا عن حقيقتها الوجودية الكاملة؛ لما ظفرت بجواب يشفي الغليل. وإذن تدخل في بحر من الحيرة الوجودية تلك قصة الإنسان منذ بدء الخلق. ولذلك أساسا كانت رسالةُ القرءآن هي رسالة الله إلى الإنسان؛ لتعريفه بنفسه عسى أن يبدأ السير في طريق المعرفة بالله؛ إذْ معرفة النفس هي أول مدارج التعرف إلى الله. وليس صدفة أن يكون أول ما نزل من القرآن: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ) العلق:1-2.  ثم تواتر التعريف بالإنسان – بَعْدُ - في القرءآن، في غير آية وسورة، من مثل قوله سبحانه: (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا. إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا. إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) الإنسان:1-3.  وكذلك الآيات الضاربة في عمق الغيب، من قوله تعالى: (ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ) (السجدة:6-9

ومن هنا أساسا كانت قضية الشيطان - بما هو عدو للإنسان ولم يزل الإنسان في قصة الحياة يضطرب بين تمرد وخضوع، في صراع أبدي بين الحق والباطل إلى الآن.  فكانت لقصته تلك عبر التاريخ مشاهدُ وفصول وكانت له مع الشيطان ومعسكره معاركُ ضارية.

قال عز وجل عن إبليس: (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلاً. قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا. وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) الإسراء:62-65

من أجل ذلك كان للإنسان في كل زمان قصةٌ مع القرءآن، وقصةٌ مع الشيطان.

فيا حسرة عليك أيها الإنسان، هذا عمرك الفاني يتناثر كل يوم، لحظةً فلحظة، كيف أن الأرض تجري بك بسرعة هائلة كما أُمِرَتْ ، إلى موعدها الأخير  ؛ لتلقيك عن كاهلها بقوة عند محطتك الأخيرة.

فأين تجد الهداية إذن؟ وأنى تجدها إن لم تجدها في القرءآن؟ ماذا حدث لهؤلاء المسلمين، أين عقولهم، أين قلوبهم؟ أليس ذلك هو القرءآن؟ أليس ذلك هو كلام الله؟ أليس الله رب العالمين؟ أليس الخلق - كل الخلق - عبيده طوعا أو كرها؟ ففيم التردد والاضطراب إذن؟ لماذا لا ينطلق المسلم المعاصر يشق الظلمات بنور الوحي الساطع، الخارق للأنفس والآفاق؟

ألم يقل الله في القرءآن عن القرءآن، بالنص القاطع: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ! وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) 59:21. فهل هذه خاصية ماتت بموت محمد رسول الله؟ أم أن معجزة القرءآن باقية بكل خصائصها إلى يوم القيامة.

ألم يأن للمسلمين أن يلتفتوا إلى هذا القرءآن؟ عجبا ما الذي أصم هذا الإنسان عن سماع كلمات الرحمن؟ وما الذي أعماه عن مشاهدة جماله المتجلي عبر هذه الآيات ؟ أليس الله – جل ثناؤه – هو خالق هذا الكون الممتد من عالم الغيب إلى عالم الشهادة؟ أليس هو – جل وعلا – رب كل شيء ومليكه؟ الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى؟ أوَليس الله هو مالك الملك والملكوت؟ لا شيء يكون إلا بأمره ولا شيء يكون إلا بعلمه وإذنه أوَليس الخلق كلهم أجمعون مقهورين تحت إرادته وسلطانه، فمن ذا قدير على إيقاف دوران الأرض، ومن ذا قدير على تغيير نُظُم الأفلاك في السماء من بعد ما سوَّاها الله على قدر موزون، (فَقَالَ لَهَا وَلِلاَرْضِ إيتِيَا طَوْعاً أوْ كَرْهاً قَالَتَا أتَيْنَا طَائِعِينَ)  41:10،  ومن ذا مِنَ الشيوخ المعمَّرين قديرٌ على دفع الهرم إذا دب إلى جسده أو منع الوَهَنِ أن ينخر عظمه، ويجعد جلده، ويحاول الإنسان أن يصارع الهرم والموت ولكن هيهات! هيهات...

يولد الإنسان يوما ما.. وبمجرد التقاط نفسُـه الأول من هواء الدنيا يبدأ عمره في عَدٍّ تنازلى نحو موعد الرحيل.. فكان البدءُ هو آية الختام هكذا يولد الإنسان وبعد ومضة من زمن الأرض تكون وفاته (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالاِكْرَامِ) الرحمن:24-25

ذلك هو الله رب العالمين، يرسل رسالته إلى هذا الإنسان العبد، فيكلمه وحيا بهذا القرءآن! ويأبى أكثرُ الناس إلا تمردا وكفورا  فواأسفاه على هذا الإنسان ويا عجبا من أمر هؤلاء المسلمين كأن الكتاب لا يعنيهم، وكأن الرسول لم يكن فيهم (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزءُون) 36:30

إن هذا القرءآن هو الروح الذي نفخه الله في عرب الجاهلية ، خرجوا من ظلمات الجهل ومتاهات العمى يُبْصِرون بنور الله ذلك هو سر القرءآن، الروح الرباني العظيم، لا يزال هو هو.. قال جل ثناؤه: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ. وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا. وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ. أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ)  الشورى:52-53

يقول اللــه سبحانه: (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا: يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) 21:97. وقريبا جدا – واحسرتاه – تنفجر به الأرض والسماوات (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ! كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) 21:104

فعلى كل مسلم أن يتحمل مسؤوليته الوجودية، ويتخذ القرار، قراراً واحدا من بين احتمالين اثنين، لا ثالث لهما: النور أو العَمَى! وما أنزل الله القرءآن إذْ أنزله إلا لهذا، ولقد صَرَّفَه على مدى ثلاث وعشرين سنة؛ آيةً آيةً، كل آية في ذاتها هي بصيرة للمستبصرين، الذين شَاقَهُم نورُ الحق فبحثوا عنه رَغَباً ورَهَباً؛ عسى أن يكونوا من المهتدين. وبقي القرءآن بهذا التحدي يخاطب العُمْيَ من كل جيل بشري قال الحقُّ جل وعلا: (قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) 6:104.   لا إصلاح إلا بالصلاح وأن لا ربانية إلا بالجمع بينهما وأن لا إمكان لكل ذلك – صلاحاً وإصلاحاً وربانيةً - إلا بالقرءآن المجيد وهو قول الحق في آية ذات دلالات قال تعالى ذِكْرُه: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) 7:170، التَّمْسِيكُ بالكتاب، وإقامُ الصلاة: أمران كفيلان برفع المسلم إلى منـزلة المصلحين هكذا: (إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ). وإن تلك لآية ومثلها قوله تعالى:  (وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تَعْلَمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) وتلك هي السبيل الأساس للربانية، كما هو واضح من دلالة الحصر المستفادة من الاستدراك في الآية: (ولكن كونوا ربانيين )3:79 

 ما هو القرءآن؟

القرءآن كلام الله، ولكن لو تدبرت قليلا، الله جل جلاله خالق الكون كله.. هل تستطيع أن تستوعب بخيالك امتداد هذا الكون في الآفاق؟ إنه لضرب في غيب رهيب لا تحصره ولا ملايين السنوات الضوئية. أين أنت الآن؟ اسأل نفسك.. أنت هنا في ذرة صغيرة جدا، وربك الذي خلقك، وخلق كل شيء، هو محيط بكل شيء قدرةً وعلما.. هذا الرب الجليل العظيم، قدَّر برحمته أن يكلمك أنت، أيها الإنسان؛ فكلمك بالقرءآن.. كلام الله رب العالمين. أوَ تدري ما تسمع،  الله ذو الجلال رب الكون يكلمك (فاستَمِعْ لِمَا يُوحَى). وأي  يتدبر هذه الحقيقة العظمى فلا يخر ساجدا لله الواحد القهار رغبا ورهبا،  اللهم إلا إذا كان صخرا أو حجرا. كيف وأن الصخر والحجر من أخشع الخلق لله؟ (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) 59:21. وهي أمثال حقيقة لا مجاز، ألم تقرأ قول الله تعالى في حق داود عليه السلام: (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ) ص:18-19، وقوله تعالى: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) 7:143

كلام الله هو كلام رب الكون، وإذا تكلم سبحانه تكلم من عَلُ: أي من فوق؛ لأنه العلي العظيم سبحانه وتعالى، فوق كل شيء، محيط بكل شيء علما وقدرة. إنه رب الكون.. فتدبر: (أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ)41:54). ومن هنا جاء القرءآن محيطا بالكون كله، متحدثا عن كثير من عجائبه. قال تعالى في سياق الكلام عن عظمة القرءآن: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ. لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. تَنْـزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ. أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) الواقعة:75-82

ذلك هو القرءآن.. كلام من أحاط بمواقع النجوم خَلْقاً، وأمراً، وعلماً، وقدرةً.  فجاء كتابه بثقل ذلك كله، أنزله على محمد عليه السلام ، من بعد ما هيأه لذلك سبحانه جل وعلا، فقال له: (إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) 73:5. ومن هنا لما كذب الكفار بالقرءآن، نعى الله عليهم ضآلة تفكيرهم، وقصور إدراكهم، وضعف بصرهم، فقال تعالى: (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) الفرقان:5-6. ومن هنا جاء متحدثا عن كثير من السر في السماوات والأرض. قال عز وجل: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ. وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) 18:54. وقال: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ. أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ) فصلت:53-54

قال جل جلاله: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) 47:24، (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) 4:82).. فتدبر...

ذلك هو القرءآن: الكتاب الكوني العظيم، اقرأه وتدبر، فوراء كل كلمة منه حكمة بالغة، وسر من أسرار السماوات والأرض، وحقيقة من حقائق الحياة والمصير. فتدبر.. إن فيه كل ما تريد. ألست تريد أن تكون من أهل الله؟ إذن عليك بالقرءآن إجعله صاحبك ورفيقك طول حياتك؛ تكن من (أهل الله..أهل القرءآن).

القرءآن العظيم وقضيةُ الأُمَّة المعاصرة

لا تحرير للأمة اليوم في معركة هذا العصر إلا بالقرءآن لأن طبيعة المعركة الجديدة قائمة على "الكلمة " والقرآن العظيم هو الكلام القاهر فوق كل كلام. ما حقيقةُ "الكلمة"؟ وما دورها في المعركة، إن "الكلام" ليس "قولا" وحسب، إذ "القول" دال على كل ملفوظ، سواء أفاد معنى أم لم يفده، بينما "الكلام" لا يكون إلا لفظا مفيدا لمقصودٍ مُرَادٍ للمتكلم، سواء أفاد خيرا أم أفاد شرا.  

إن الكلمة – أي كلمة – إنما هي فعل من الأفعال، هذا على المستوى الوجودي. وتأمل كيف أن الخطاب مهما يصدر من منتجه فإنه لا بد يؤثر في الواقع ولو على المستوى النفسي ابتداء، ثم يكون له بعد ذلك أثر فعلي. وأقل الأثر أن يعود على صاحبه بالخير أو بالشر. ولا يتصور في الواقع والعادة الجارية في الخلق كلامٌ بلا أثر مطلقا . وهذا يبدأ من مستوى الخلق والإنشاء والتكوين، مما ينسب إلى الله جل جلاله من الأفعال والأقدار، إلى مستوى الفعل الإنساني والإنجاز البشري في الواقع والتاريخ.

قول الله تعالى فيما عَرَّفَ به حقيقةَ نبيه عيسى عليه السلام، واصفا إياه بأنه (كَلِمَتُهُ!) قال جل ثناؤه: (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) 4:171. فكان عيسى ههنا هو (كلمة الله) جل علاه، أي أنه راجع إلى أمره القدري التكويني. إنه إذن خَلْقُ الله؛ لأن "الكلمة" راجعة إلى فعله تعالى المتعلق بتدبير شؤون الربوبية؛ خلقا وتقديرا وقَـيُّومِيَّةً. وهذا المعنى شامل في كل خلق أو تصرف إلهي، وفي كل قضاء وقدر. لا شيء من ذلك كله يخرج عن (كلمة الله). ومما يدل عليه أيضا أن "الكلمة" في القرءآن أمرٌ واقعٌ حتما قولُه تعالى: (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) 11:110، وقوله سبحانه: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) 11: 119، وكذلك قوله جل ثناؤه: (وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ) 40:6. ومِثْلُ هذا في القرءآن كثير لمن شاء أن يتتبعه. فكل ذلك ونحوه مما تضمن (كلمة ربك) دال على معاني الخلق والإنشاء والتكوين والتصيير، وسائر أفعال القضاء والقدر الإلهيين. وليست "الكلمة" قولاً يقال لمجرد القول وكفى بل هي إنجاز حتمي لا يتخلف توقيعه أبدا فمتى قيلت "الكلمة" - بهذا السياق – كان معناه أنها فُعِلَتْ ومن هنا لم تخرج "كلمة الله" عموما عن معنى فعل الله جل وعلا، وهو سبحانه وتعالى لا يخلف القول ولا الميعاد.

قوله تعالى: (خَلَقَ الإِنسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) الرحمن:3-4. ومن هنا كانت مسؤوليته عما يتكلم به كبيرة جدا وهي مسؤولية لا تخرج عن عموم الأمانة التي أنيطت بالإنسان في قول الله جل وعلا: (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) 33:72. فالكلام البشري كله محصي عليه كَلِمَةً كَلِمَةً يستوي في ذلك إنشاؤه وخبره؛ لأنه كله يوزن بميزان التحقيق بين الصدق والكذب..

ولذلك فقد نال اللسان الحظ الأوفر في الاعتبار في أحكام الشريعة؛ فكانت العقود كلها - سواء كانت عقود الإيمان والإسلام، من بيعة شرعية، أو تعهد ومعاهدة، أو نكاح أو طلاق، أو كانت من النواحى المالية من بيوع، وإجارات، وغير ذلك مما يمكن أن يتصوره الذهن - كلها إنما هي عند التحقيق "كلام" وليست مجرد لعب أو لهو من الأقوال لأنها قائمة على معنى "مفيد"، أي مقصود مراد للمتخاطبين؛ بما فيها من إيجاب وقبول، وما جرى مجراهما من معاني التراضي والإقرار. ومن هنا قول الله تعالى في محكم كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامنوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) 5:1). وقوله سبحانه في سياق بيان أن الإنسان محاسب على كل ما يصدر منه من الأقوال، مما أوردناه قبل قليل: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) 50:17

كما أن بدء الخير كله "كلمة". انطلاقا من كلمة الإخلاص: (لا إله إلا الله) إلى أبسط كلمات الإيمان والإحسان، كإفشاء السلام، وإرشاد السائل، ومن هنا كانت أول نعمة امتن الله بها على الإنسان بعد نعمة الخلق أنه علمه البيان. ولذلك كان القرءآن بين يديه - وهو كلام الله – الأداة الكلامية الفاعلة لإقامة الحياة في الأرض بالقسط والميزان فتَدبَّرْ قولَه تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْانَ. خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ. الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ. وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ. وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ. أَلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ. وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ) 55: 1

إن اللغة تصنع الحياة أو تدمرها ومن هنا كانت مسؤولية الكلمة في الإسلام جسيمة

والإعلام اليوم هذا الطاغية الذي يسمونه (السلطة الرابعة) ليس في واقع الأمر إلا السلطة الأولى لأن المتسلط على الخلق، الحاكم أمرهم بالحق أو بالباطل؛ إنما وصل إلى مبتغاه من التسلط والتحكم بالكلمة.  فحتى عندما يكون الأسلوب المتبع في التسلط قهريا؛ فإنما صنع الطاغية أدوات قهره وتجبره في البداية بالكلمة ولا شيء يبدأ قبل الكلمة،  فَبَدْءُ الوجود والخَلْقِ والتكوين في القرءآن الكريم إنما هو كلمة. إنها كلمتُهُ جلَّ جلالُه: (كن فيكون ) قال جل شأنه: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.)(يس:81 -83

إن الإعلام اليوم كما كان من قبل في التاريخ – رغم اختلاف الأشكال والتجليات – ليعتبر أخطر وسائل التحكم، وأرهب أدوات الصراع الحضاري، وأقوى آليات التدافع العمراني في الأرض.

إن الطواغيت الذين قهروا الناس في الأرض عبر التاريخ لم يكونوا بشرا فوق البشر في أبدانهم ولا في عقولهم ولا كانوا "آلهة" في واقع الأمر، وإنما هم "متكلمون" فقط،  أسسوا أسطورة من الكلام في أذهان الناس وسحروهم بها، أو ورثوا رصيدا كلاميا عن آبائهم وأجدادهم واستمروا في إنتاجه وتجديده؛ حتى تعيش الأسطورة في شعوبهم إلى الأبد فكان منهم (ابن الشمس) و(حفيد الرب)، و(وكيل الآلهة)، وغير ذلك من سائر أنواع الكلام مما يدخل في قوله تعالى: (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) 7:116

وما كان طغيان فرعون في الأرض واستذلال أهلها؛ إلا من بعد أن أوهمهم بأنه هو ربهم الأعلى فلم يكن يريهم إلا ما يرى (فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) النازعات: 23-24 ومن هنا لما خالفه قائل الحق من رجاله نطق بقوة فقال، كما حكى الله تعالى عنه: (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَاد) 40:29. فكان بذلك مثالا لكل طغيان وتأله وتجبر (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْييِ نِسَاءَهمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) .28:4

إنه قهر القوة والسلطان الباطل، الذي يصنعه - فقط - سحر الكلام وانظر إن شئت إلى هذا البيان السحري الرهيب الذي ألقاه فرعون على قومه من بعد ما زلزلت عرشَه آياتُ موسى عليه السلام؛ قال تعالى: (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي؟ أَفَلا تُبْصِرُونَ؟ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ، فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ؟ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) الزخرف:51-54. وتأمل جدا ما أعقب الله به خطاب فرعون: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) فهو إنما استخف في الواقع عقولهم.

إن الرصيد الأسطوري الذي كان لدى فرعون مما تركه سدنة الفراعنة هو الذي به حكم كل فرعون في التاريخ مملكته. إنه سحر الكلام، أو قل إنها سلطة الإعلام وليست مفاهيم "الحداثة"، و"حرية المرأة"، و"الديموقراطية الليبيرالية" اليوم، أو "العدالة المطلقة"، و"الشرعية الدولية"، وما شابهها من مقولات ساحرة؛ إلا وسائط إعلامية أنتجها كهنة العصر الكبار؛ للتمكين للمستكبرين وتحقيق غطرسة المتغطرسين وتمديد ظلمهم العتيد. إن الإنسان لما يتوهم أنه مغلوب على أمره، أو أنه لا يستحق أن يكون حرا؛ يخضع بصورة تلقائية لمن غلبه بهذه الأكذوبة.

إن الأسلحة الفتاكة الرهيبة اليوم، مما اسْتُعْمِلَ ويُسْتَعْمَلُ في الحروب المعاصرة؛ ما كان لها أن تفعل في الإنسان فعلها؛ لولا أن الفراعنة الجدد سحروا أعين الناس واسترهبوهم سواء في ذلك جنودهم وضحاياهم جميعا فقد سحروا أولئك بما أوهموهم من أنه (عمل صالح) فنفذوه، وسحروا هؤلاء بما أوهموهم من أنه لا طاقة لهم بها فكان لها ما كان من تأثير وتخدير، ثم تدمير إنها قوة الكلمة وإنه سِحْرُ الكلام.

من هنا كانت معجزة هذا العصر هي القرءآن، القرءآن بما يملكه من قوة خارقة في تحرير الإنسان من عبودية الشهوات التي تـثقله إلى التراب وعبودية العباد، وتملي عليه تقديس الحياة الفانية، وتخضعه لمن يهدده بالقتل والتشريد فيها. القرءآن بما يملكه من سلطان رباني على النفوس يجعلها تبصر حقيقة أنه: لا إله إلا الله الواحد القهار. حركةً حيةً أبديةً في الكون وفي التاريخ وأن كل استكبار من دونها هو محض افتراء وهراء. القرءآن بما له من خاصية التحويل الوجداني العميق لمسار الإنسان؛ من جِرْمٍ جزئي ضئيل يدور في فَلَكٍ قصير من متاع الدنيا الشهواني؛ إلى كائن كوني كبير يدور في فَلَكِ الملكوت الرباني الفسيح، في سيره العظيم إلى الله.. حيث يرى - بعين القرءآن واستعلاء الإيمان - كيف أن كيد الشيطان كان ضعيفا وكيف أن المعركةَ كونيةٌ، يقودها الله رب العالمين ويدرك أن سباع العولمة الطاغية، التي أرهبت العالم بجيشها وسلاحها؛ مجرد نمور من ورق.

لا هروب من أكاذيب الكلام وسحره إلا بجهاد ونضال مستميتين؛ولكن؛ لا وسيلة لذلك كله إلا بإنتاج كلام مضاد لذلك السحر ومغالب له، كلام يصنع رجالَ القرءآن ويُعِدُّهُمْ إعدادا.  الرجال الذين يرون الحقائق كما هي في الطبيعة، معركة رفع فيها النظام العالمي الجديد راية كلمة الدجل المضللة، ورفع القرءآن فيها راية (كلمة الله). ومن هنا قول الله تعالى في بصيرة عظمى من بصائر الآيات، في سياق الحديث عن حجية القرآن العظيم: (فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) 25:52. وبهذا المنطق الصادق الصريح كان القرءآن هو الذي يصنع السلام العالمي بحق، إن السلام لن تصنعه غطرسة أمريكا وأحلافها؛ ولا جبروت الكيان الصهيوني، وما ينتجه في العالم كله من خراب ودمار. ما كان للظالم - أبَداً - أن يصنع المحبة والسلام فالنار لا تنتج إلا اللهيب والدخان وأدرى الناس بهذه الحقائق هو الظالم نفسه ولكنه سحر الكلام، ودجل الإعلام، يجعل السم القاتل عسلا شافيا؛ فيأكله الضحية بيده مختارا.ً

إن هذا القرءآن كلام غير عاد تماما، إنه كلام خارق قطعا، ليس من إنتاج هذه الأرض ولا من إنتاج أهلها، وإن كان عليهم تنـزل ومن أجلهم تلي في الأرض. إنه كلام الله رب العالمين الذي قال: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) 39:67). إنه الكلام الذي لم يملك قَبِيلُ الجن إذ سمعوه إلا أن: (قالوا أَنْصِتوا! فلمَّا قُضيَ ولَّوا إِلى قومهم مُنْذرين. قالُوا يا قومنا إِنا سمعنا كتاباً أُنزل من بعد موسى مصدِّقاً لما بين يديه يهدي إلى الحقِّ وإلى طريقٍ مستقيم) الأحقاف:29-30. وقالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا! يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً) الجن:1-2

إن كلمات هذا القرءآن قد تَنَـزَّلَتْ من السماء بقوة غيبية أقوى مما يتصوره أي إنسان؛ لأنها جاءت من عند رب الكون، تحمل الكثير من أسرار الملك والملكوت، وتدبر قول الله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤوا ظُلْمًا وَزُورًا. وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا)(الفرقان:4-6). إن الذي يظن أنه عندما يقرأ القرءآن يقرأ كلاما وكفى، تمضي كلماته مع الهواء كما تمضي الأصوات مع الريح؛ فإنه لا يقرأ القرءآن حقا ولا هو يعرفه بتاتا وإنما الذي يقرءه ويتلوه حق تلاوته إنما هو الذي يرتفع به، ويعرج عبر معارجه العليا إلى آفاق الكون فيشاهد من جلال الملكوت ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وهنالك يتكون ومن هنالك يتزود، فآهٍ ثم آهٍ لو كان هؤلاء المسلمون يعلمون، وصدق الله جل وعلا إذ قال: (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزءُون) 36:30) نعم؛ وألف نعم.. يا حسرة على العباد.

أوَلَيْسَتْ كلمات الله هي التي امتدت من هذه العبارات التي نتلوها إلى أعمق مما يمكن أن يتصوره الخيال، وأبعد من أن يحيط به تصور بشري من مجاهيل الوجود، ألا تقرأ في كتاب الله ذلك صريحا رهيبا، فاقرأ إذن: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)31:27). (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) 18:109

وتأمل قوله تعلى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ! فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(يس:81 -83). إنه - جَلَّ وعلا - يأمر العدم فيكون وجودا فيكفي أن تتعلق إرادته بوجود الشيء ليوجد بالفعل وإنما كل فعله تعالى في الخلق والصنع والتكوين مجرد (كلمة) إنها فعل الأمر: (كُنْ) الآمر بالتَّكَوُّن والتكوين، وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)  الصافات: 171-173

وتَدَبَّرْ كيف أن (كلمته) تعالى هي فعله القَدَرِيُّ النافذ حتما، ذلك أن كلام الله فوق كل كلام، إن كلماته تعالى لا تذهب سدى في الكون، إنها بمجرد ما تصدر عنه - جلَّ شأنُه – تنشأ عنها ذواتٌ وحركاتٌ في تدبير شؤون الْمُلْكِ والْمَلَكُوت، إن كلامه تعالى خَلْقٌ وتقدير، وأَمْرٌ وتدبير. ومن هنا كان وصف الله لعيسى عليه السلام بأنه (كلمة الله): (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) 4:171). وإنما جاء ذلك في سياق الرد على الذين زعموا أنه عليه السلام ابن الله - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا – فقوله (كَلِمَتُهُ) دال على أنه تجلي إرادة الله من الخلق والتكوين وهو ما بينه تعالى في الآية الأخرى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) 3:59). ومن هنا كانت البشرى لمريم (كلمةً)،  كلمة غيرت مجرى التاريخ، وبَنَتْ صرحا شامخا في تاريخ النبوة قال تعالى: (إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالأخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ)3:45. فكان المسيح عليه السلام هو الكلمة، القضية إذن هي في: (كُنْ فَيَكُونُ) إنها (كلمة الله) فكلام الله تعالى هو التعبير عن إرادة الخلق والتكوين، والتعبير عن قضائه الرباني وقَدَرِه الوجودي وإن هذا القرءآن العظيم لهو دستوره الأبدي.

وعليه؛ فإنك إذ تتخلق بالقرءآن وتتحقق بمعانيه؛ تنبعث أنت نفسك جنديا من جند الله؛ وتدبر كيف جعل الله من أتباع موسى عليه السلام أداة قدرية شق بها البحر تأمل هذا جيدا: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ) 2:50  فالله جل جلاله فرق البحر ببني إسرائيل لما كانوا مؤمنين، ولم تكن عصا موسى إلا أداة للفرق، أما العامل الفاعل - بإذن الله - فإنما هو عزائم الإيمان التي استبطنها كثير من أتباع موسى فكانوا جزءاً من الخارقة نفسها ولم يكونوا غيرها فتأمل: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ) هكذا: (بِكُمْ) وليس (لَكُمْ)، وإن كان معنى هذه مُتَضَمَّناً في الأولى، ولكنَّ القصدَ بيانُ أن العبد إذا صار وليا لله كان أداةً بين يدي الله - سبحانه - في تنفيذ قدَره في التاريخ. ألا يا حسرة على العباد وعلى هؤلاء المسلمين بشكل خاص.

فإن هذا القرءآن لو صرَّفه أهلُه حركةً في الأرض لكان أقوى من أن تـثبت أمامه كلمات الشيطان وسحر الإعلام، بل هو الحق الذي قال فيه الحقُّ جلَّ جلالُه: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ! وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) 21:18

إن القرءآن عندما يأخذه الذين (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ)2:121،  يكون بين أيديهم نورا يبدد ظلمات الضلال، وزلزالا يخسف بحصون الإفك والدجل أنى كانت، ومهما كانت. واقرأ قصة موسى مع سحرة فرعون فإن فيها دلالة رمزية عظيمة على ما نحن فيه، في خصوص زماننا هذا.  ذلك أن "كلمة الباطل" كانت تمثلها آنئذ زمزمات السحرة، فتجردوا لحرب كلمة الحق التي جاء بها موسى، وخاضوا المعركة على المنهج نفسه الذي يستعمله الباطل اليوم، إنه منهج التكتلات والأحلاف تماما كما تراه اليوم في التكتلات الدولية التي تقودها دول الاستكبار العالمي ضد المسلمين في كل مكان اقرأ هذه الكلمات مما حكاه الله عن سحرة فرعون لما قالوا: (فَأَجْمِعُوا كيدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنْ اسْتَعْلَى) 20:64.. إنه إجماع على الكيد، كهذا المسمى في السِّحر الإعلامي المعاصر: بالإجماع الدولي والشرعية الدولية والمواجهة لا تكون إلا بعد جمع كلمة الأحلاف وصنع الائتلاف؛ لمحاصرة الحق من كل الجوانب الإعلامية والاقتصادية والعسكرية (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) ثم يكون توريط المشاركين وتورطهم في الغزو بصورة جماعية، ولو بصورة رمزية وذلك للتعبير عن "الصف" في اقتراف الجريمة، فيتفرق دم المسلمين ، قالوا: (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنْ اسْتَعْلَى) وتلك والله غاية دول الاستكبار العولمي الجديد، التي يصرح بها تصريحا: السيطرة على العالم بالقوة والتحكم في مصادر الخيرات والثروات.

نعم.. إن كلمات القرءآن – عندما تؤخذ بحقها- تصنع رجالا لا كأي رجال، إنها تصنع رجالا ليسوا من طينة الأرض. ذلك أنها تصنع الوجدان الفردي والجماعي للإنسان، على عين الله ووحيه؛ فيتخرج من ذلك كله قوم جديرون بأن يسموا بـ(أهل الله). وبهذا يتحولون إلى قَدَرِ الله الذي لا يرده شيء في السماء ولا في الأرض فَيُجْرِي الله - جلَّ جلالُه - بهم أمره الكوني. أولئك الذين تحققوا بمعية رسول اللهe تَعَلُّماً وتزكيةً: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطئَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الفتح: 29  إن كلمات القرءآن هي السلاح الأوحد لمواجهة تحديات هذا العصر، فهل من مدكر...

إنه القرءآن سر الكون ومعجزة القضاء والقدر (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)39:67). هذا الرب العظيم – لو أنت تعرفه – إنه يتكلم الآن ويقول لك أنت، نعم أنت بالذات؛ لو أنت تستقبل خطابه: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً)39:5،  فَافْتَحْ قلبك للبلاغ القرآني وكن منهم: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا)33:39. إذن تتحول أنت بنفسك إلى خَلْقٍ آخر تماماً وتكون من (أهل القرآن).

وليس من مصدر لهم إلا كلمات الله هي المعمل، وهي الزاد، وهي قوت الحياة وهي المنهاج، وهي البرنامج، وهي الخطة، وهي وما نستهلك دونها من الكلام إلا (زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا)6 : 112) وليس عبثا أن العرب لما سمعتها تُتْلَى فزعت فصاحت: (وَقَالَ الَّذينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)41:25). إنه المنهج نفسه الذي يتعامل به العدو اليوم مع القرءآن وهو الأسلوب المخادع عينه الذي تستعمله كل وسائله الإعلامية، بما فيها تلك الأشد فتكا وضَراوةً: الفضائيات المباشرة الكبرى وإنه لخطأ كبير ذلك الذي يمارسه بعض المخلصين للإسلام، من بعض دعاته؛ عندما يفتون بتحريم الفضائيات، أو بطرد جهاز التلفزيون من البيت أو تكسيره وما كانت محاربة الوسائل حلا ناجحا لدفع البلايا قط في التاريخ وإنما كان أولى بأولئك أن يدعوا إلى إدخال القرءآن إلى البيت وأن يجاهدوا لجعل تلك الفضائيات مجالس قرآنية مفتوحة في كل بيت.

فلا غَلَبَةَ إذن لمن واجهه القرءآنُ المبين، لا غلبةَ له البتة، وإنما هو من المهزومين بكلمة الحق القاضية عليه بالخسران إلى يوم القيامة (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)3:12). وقُلْ لحَامِلِ رايةِ القرءآن: (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ. مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) آل عمران: 196-197.  فكل أساطيل الظلمة، وما يمارسونه من غطرسة وتقلب في البلاد من أرض إلى أرض تشريدا وتقتيلا.. كله، كله يرتد مذموما مخذولا؛ لو – ويا حسرةً على "لو" هذه - لو يرفع المسلمون راية القرءآن، فيكون مصير النفقات والإعدادات الاقتصادية الضخمة التي يحشدونها؛ لإبادة الشعوب المسلمة المستضعفة، والتي تعد بملايين المليارات؛ إلى خسران  محتوم واقرأ هذه الآية الصريحة القاطعة: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ)6:36  

لكن الأمر، هل أخذنا الكتاب بقوة ؟ تحرير ذواتنا نحن المسلمين من هذه الوثنية الجديدة، أو هذا الدِّين الوضعي، هل أخذنا العهد معاً من القرءآن على العمل بمفاهيم  القرءآن، ومقولات القرءآن؟ أم أننا  لا نزال مترددين نرزح تحت تأثير السِّحْرِ الإعلامي والدَّجَلِ السياسي، نؤله الأصنام الوهمية التي صنعتها لنا ثقافة الآخر وبرامجه التعليمية وننبطح متذللين تحت أقدام إغراءات ثقافة الاستهلاك نلتهم كل ما يطعموننا من أكاذيب وخرافات.

 فهذا القرءآن يفتح أبواب مجالسه للمؤمنين، الذاكرين، المطمئنين، الرُّكَّعِ السُّجَّدِ، السالكين إلى الله عَبْرَ مسالك اليقين، مُرَتِّلِينَ للآيات، متدارسين ومتعلمين؛ حتى يأتيهم اليقين. تلك مدرسة القرآن.

مدرسة القرءآن – مشروع المستقبل...الذى أتمناه....

القرءآن منهج دائم متجدد وهو كلام الحق جل علاه، وكفى بالقرءآن منهجاً لمن كان على نور من ربه

(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ. تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ. وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) 39:23

مدرسةالقرءآن، لنشر ثقافة القرءآن، وبناء أخلاق القرءآن، ودعوةٌ لتداول القرءآن في السلوك الفردي والاجتماعي مدرسة القرءآن ... مشروع لا مِنَّةَ فيه لأحد، إلا لله ولا فضل فيه لمبدع أو مخترع، وإنما هو كلام الله ولا انتماء فيه لقائد أو رائد، ولا لتنظيم أو جماعة أو حزب، بل هو انتساب تعبدي لله غايته أن نسعى جميعا.  هذا القرءآن المجيد أمامك الآن فابحث فيه عن نفسك تجدها مشاركة في بناء " مدرسة القرآن ". إنه إذن مشروعٌ لا مِلْكِيَّةَ فيه لأحد، ولا يخضع لأي (مَارْكَة مسجَّلَة)؛ وإنما هو يتوسم (صِبْغَةَ اللَّهِ. وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ)2:138)

دع عنك الأشكال والألقاب جانبا ولنطرق باب الله متذللين متواضعين. فهذا القرءآن العظيم أمامك الآن، هذا كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هذا نور الوحي، وطريق الهدى، فاقرأ وتدبر عن الله فهذه السور والآيات تخاطبك أنت بالذات. أنت، نَعَم أنت إنها – إن أنْصَتَّ بصدق -  تخاطبك الآن في زمانك هذا، وفي ظروفك هذه (فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى)(طه:13)! استمع إن كنت من المؤمنين بالله حقا، الراغبين في التلقي عنه تعالى صِدْقاًإن التربية القائمة على منهج القرءآن لهي أيسر الوسائل التربوية، وأضمنها للوصول بالأبوين أنفسهما والأبناء معهما - داخل الأسرة الواحدة - إلى الاستفادة الفعلية من مقاصد القرءآن العالية، والتخلق بأخلاقه الراقية، ذلك أن القرءآن يربي النفس بصورة تلقائية، لا كلفة فيها ولا تعقيد

ومعلوم أن الإسلام هو دين الفطرة، وأن القرءآن هو دستور الفطرة ومن هنا فليس أقدر من كتاب الله تعالى على بناء الأنفس والمجتمعات على الفطرة، أو إعادة بنائها على موازينها، أو ترميمها؛ إذا كان قد حصل فيها انحراف أو ضلال

عجبا لمن يطلب العلاج النفسي، والحل الاجتماعي، في أقصى الدنيا وأبعد الحدود؛ وهذا الشفاء الرباني أقرب إليه من حبل الوريد. القرءآن، فهل عرفت – حقيقة - ما معنى القرءآن ؟ هل حاولت اكتشاف عالم القرءآن ؟ ذلك هو السؤال الْمُرُّ الذي يظن أغلب الناس أنهم على قدرة للإجابة عنه بالإيجاب، ولكن أكثرهم - مع الأسف - أبعد ما يكونون عن الصواب.

لكن لابد من بيان أن القرءآن لا يشتغل حقيقةً؛ إلا إذا تحرك به قلب العبد المؤمن.. واشتعل له وجدانُه وتهيأ كيانُه كلُّه للاشتعال. فالمعاناة الإيمانية النابعة من صدق الإقبال على الله، وشدة الافتقار إليه تعالى؛ هي وحدها الكفيلة بتهيئة النفس وتصفيتها؛ حتى تصلح مرآتها لتعكس أنوار حقائق الإيمان، الكامنة في القرءآن، وتستدر أسرار العرفان المكتنـزة فيه، إنها هي وحدها تتيح للعبد الصادق تفجير زناد القرءآن، وإشعال زيته الوقاد.  ذلك أن الله جعل قلب العبد المؤمن هو المحرِّك الذي يُشَغِّلُ قاطرة الإيمان، ولا حركة إلا بِمُحَرِّك فكيف ينطلق النور؟ وكيف يتوهج القرءآن؟ وهذا القلب جامد هامد، لا تهب به رياح الأشواق.

إن دراسة القرءآن العظيم بما هي تعبد محض، وسير قلبي إلى الله؛ إذا أقبل عليها العبد بإخلاص حقيقي فاضت عليه أنوار القرءآن وحِكْمَتُه وكان من شأنه ما كان، من تجليات الروح، وتحصيل التزكية والحِكْمَةِ الربانية، بصورة تلقائية ذاتية.

والله جَلَّ وعَلاَ بين لنا كيف يبعث روح التجديد في النفوس، ببيانات واضحة من كتاب الله وإنما ذلك الروح هو: القرءآن، فمن أقبل عليه بصدق كان من أهل القرءآن (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا! وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)  2:269

منهج القرآن كما عرضه القرءآن، وهو التلاوة بمنهج التلقي، والتعلم والتعليم بمنهج التدارس، ثم التزكية بمنهج التَّدَبُّر. فذلك ما ذكره الله - سبحانه وتعالى – بإجمال، عند تحديد وظائف النبوة الثلاث. وهي المذكورة في قوله جل ثناؤه: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) 3:164  وقوله سبحانه وتعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) 62:2. وتلك هي استجابة دعوة إبراهيم عليه السلام لهذه الأمة، بما ورد في قوله تعالى: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ)  2:129

التلاوة، والتعليم، والتزكية هي الأصول الكلية لمهمة الرسالة، وهي المراحل الأساسية لبناء النفس المؤمنة

تلاوة القرءآن

والله عز وجل أمر بالتلاوة للقرءآن قال سبحانه: (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) 18:27). وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) 35:29). وقال: (لَيْسُواْ سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) 3:113. وقال تعالى: (وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً) 73:4، ثم قال: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنَ) 73:20

إلا أن التلاوة إنما تكون حين يؤخذ القرءآن بحضور قلبي، وتُتْلَى آياتُه على أنها ذِكْرٌ لله جل جلاله. لا شك أن القرءآن العظيم هو الذكر قال سبحانه: (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ. وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ) القلم:51-52

. والقرءآن أيضا به يكون الذكر قال سبحانه: (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)38:1). والفتنة حينما يطوف بها الشيطان في كل مكان؛ يعمي بها البصائر، فيحفظ الله الذاكرين قال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)7:201

ألم يأن لنا أن نخشع لربنا ؟

إن اللـــه سبحانه وتعالى يناديك بهذِا القرءآن...يقول

( أَلَمْ يَانِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ؟ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الاَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) 57:16

إستمعوا وأنصتوا

وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) 5:83

ألم يحن الوقت بعد للوقوف بين يديه ندعوه ونرجوه ، ونستعينه ونستهديه ، ونستغفره....

لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) 2:286

يا أمة محمد...ويا قوم محمد... يا أمة القرءآن... تدبروا  شهادة الرسول يوم التغابن...

وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِيَ اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) 25:30

 إنتهى الجزء الأول ولنا لقاء إن شــاء اللـــه مع الجزء الثانى إن كان فى العمر بقية.

 

اجمالي القراءات 16392