معركة الشيطان مع أبناء آدم

أحمد دهمش في الخميس ٢٣ - نوفمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً


معركة الشيطان مع الإنسان هي معركة أزلية يحاول فيها الشيطان إدخاله في معصية ربه حتى يكون معه في سواء الجحيم . ومع أنه هو الذي كرمه الله سبحانه وتعالى وجعله خليفة فى الأرض ..
ولقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من الشيطان وقال " إن الشيطان لكم عدوا ً فاتخذوه عدوا "
ومن رحمة الله بنا أن جعل لنا كتابا وهو القرآن الكريم الذي أنزله على رسوله محمد ( ص ) كي نتدارسه ونتدبر آياته الكريمة كي يخرجنا من الظلمات إلى النور ، وقد انزل الله تعالى إلى كل امة بكتاب واحد . وانزل لنا القرآن الذي هو كلام الله ولأن كلام الله واحد ولم يتغير في كل كتبه فقد جعل لنا كتابا واحدا مفصلا مبينا وميسرا يهدي إلى الحق .

ومن آخر المعارك التى يخوضها الشيطان هى معركته مع الرسالة الخاتمة ، وقد استعد لها جيدا
و زود نفسه بأسلحة كثيرة لهذه المعركة التي هي آخر المعارك التي سوف يدخلها وبعدها سيكون في مثواه الأخير لأنه يعرف النتيجة مسبقا وهو النار، وهو يدرك ذلك تماما وأن كلام الله جل وعلا لا رجعة فيه ولذلك قرر أن يكسب هذه المعركة الأخيرة بدخول اكبر عدد ممكن من البشر فى معصية الله والبعد عن كتابه .
ومن هذه الأسلحة الخطيرة هو تعجيز كلام الله واللغو فيه وأن القرآن يحتاج إلى تكمله وهذه التكملة هي ما يعرف بالأحاديث والسنة .
وفي هذا يقول تعالى " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) الأنعام
وكما وصف الله سبحانه وتعالي هذا الوحي الذي أوحى به الشيطان للإنسان بأنه زخرف القول غرورا أى أنه كلام مزخرف يأخذ بالعقول ويحمل الكثير من الوعود الباطلة للبشر بأنهم سيدخلون الجنة مهما فعلوا من معاصى رغم أنف الجميع وخاصة( أبوذر) وأن هذا القول يصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وأنهم ارتضوا به وجعلوه دينا لهم مع أن هذا الوحى الشيطانى يخالف كلام الله المنزل على رسوله في القرآن ، ويجعل الله سبحانه وتعالى هذا الوحي الشيطاني فتنة لنا ، يقول تعالى " الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ " العنكبوت
لقد أراد الله بنا هذه الفتنة لآن هذا ما حدث لمن قبلنا أيضا حتى يكون إيماننا صادق منا ويكون عن حق وليس بكلمة الإيمان فقط فلابد أن تصاحبها عمل صادق صالح نستحق أن ندخل به الجنة لأنها ليست سهلة المنال .
ويؤكد الله هذه الفتنة ( التي هي وحي الشيطان للإنسان ) بتعجيز كلام الله والذي استعان الشيطان فيها بقرينه من الأنس والذي استعان الإنسان بالشيطان فيها وأشركه معه فيها لكي تتم فتنة البشر الذين سيرتضون هذا الوحى الشيطانى المخالف لكتاب الله .
" وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فأخلفتكم وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) ." إبراهيم
وهذه الآيات تحمل المفاجأة من الشيطان لشركائه من الأنس في آخر الأمر بأن وعوده لهم كانت باطلة و بأن وعد الله هو الحق وأنه لم يكن له عليهم من سلطان ... إلا انه دعاهم فاستجابوا له فلا تلوموا إلا أنفسكم وأعلن الشيطان في نهاية الاية باقي المفاجأة وهو كفره بما أشركوه من وحي يخالف القرآن الكريم .
ويقول تعالى " وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) الحج

والذين سعوا في آياتنا معاجزين – هؤلاء الذين يتهمون القرآن بالنقصان وأنه غير مبين وأنه غير واضح ويحتاج إلى مصدر ثاني كي يوضحه ويبينه ويفسره ( السنة والأحاديث ) ، فهل يحتاج كلام الله الواضح المبين إلى كلام بشري لكي يكمله ويفسره تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا " إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون " ، " قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون "
وهل كل ما نراه أمام أعيننا من آياته وفي السماوات والأرض وفي الكون وفي أنفسنا من آيات بينات نحتاج إلى من يوضح لنا كلام الله وأن نجد من يتهمون القرآن بأنهم لا يفهمونه وأنه ناقص والأحاديث تكمله هل هذا يعقل فكل ما حولنا من نعم حبانا الله بها وآيات في الكون عرفنها ومنها لا نعرفه وأحداث علمنا بها ومنها لم نعلمه فهل يحتاج كلامه إلى مكمل أو مفسر أو مبين تعالى الله عن ذلك كله . " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق "

" وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم "
فمن الواضح أن كل رسول أو نبي ما يريد لقومه إلا الخير وما يتمنى لهم غير أن يكونوا صالحين عابدين شاكرين لأنعم الله فيدخلوا الجنة وهذا ما يتمناه أي رسول قد بعثه الله إلى الناس ، ولكن الشيطان ما يلبث إلا أن يلقي في هذه الأمنية .
والله تعالى ينسخ ما يلقاه الشيطان من قول قد ألقاه والنسخ هنا لا يعني الحذف ولكن يعني التأكيد بهذا القول وإثباته ، ثم يحكم الله آياته في قرأنه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والحمد لله رب العالمين فهو آيات بينات " كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون "
ولكن جعل الله ما ألقاه الشيطان فتنة : ومن يتبع هذه الفتنة هم الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وضرب الله لهم أمثالا كثيرة في القرآن الكريم .

وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم .
فالذين أوتوا العلم بالمفهوم القرآنى هم من يعلمون أن القرآن فقط هو الحق المنزل من الله وأن ما عداه هو الباطل ( الوحى الشيطانى ) الذى هو فتنة للذين فى قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم ..
فهذا ما أراده الله فمع أي فريق تريدون أن تكونوا مع الذين أوتوا العلم أم مع الذين في قلوبهم مرض .
" إنما يخش الله من عباده العلماء " لماذا العلماء هم من يخشون الله والإجابة هي لأنهم علموا أنه الحق من ربهم فأمنوا به فخبتت له قلوبهم لأن من كل عباد الله الذين خلقهم على الأرض لن يخشوه ويعبدوه إلا الذين علموا أنه الحق والعلماء هنا ليسوا بعلماء الفزياء أو الجيلوجيا أو الأزهر ... الخ وإنما هم من عرفوا أن الله وكتبه ورسله حق ولذلك فهم يخشوه .
ولنعلم أن هذه الأقاويل التي ينسبونها إلى رسولنا الكريم والتي يسمونها بالأحاديث هو منها بريء ولم يقل أي منها وأنها وحي شيطاني من عمل الشيطان إلى الإنسان الضال وقد ظلت إلى وقتنا هذا لأن الله تعالى جعل في وجودها فتنة نفتتن بها وأن من يتبعها هو في الآخرة في النار وأن من يعرض عنها ويتبع الحق فهو في الآخرة في الجنة .

وأخيرا أتذكر قول الله " وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)ْ سبأ " فانصروا كتاب الله لأنه هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد وما دونه الباطل ويهدي إلي النار ولا تقولوا أن كتاب الله غير مبين وغير ميسر " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " .
وأرجو من الله أن يهديني إلى أقرب من هذا رشدا
اجمالي القراءات 22450