البحث عن هوية

محمد دندن في السبت ٢١ - نوفمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

                                               البحث عن هوية

بمناسبة السخف الذي حصل بعد(و قبل)المباراةالمشؤومة، والتي إن شاء الله تكون، رب ضارة نافعة،هذه مجرد خواطر نسأل الله تعالى أن يفيد و نستفيد منها و بها.

 

 عندما يسألك شخص.....ما أنت ...من أين أنت؟ بمعنى ما أصلك؟ ما خلفيّتك؟ماذا سيكون جوابك؟

إذا ولدت و نشأت و ترعرعت في مصر ولم تخرج من مصر مدى حياتك و كنت سائراً في أحد شوارع القاهرة و استوقفك شرطي و سألك من أين أنت؟ هل ستقول له أنك من مصر؟أم ستتجنب الفذلكة و تقول له أنا من دمياط أو الدقهلية أو حلايب؟

و إذا كنت تتسكع في شوارع لندن و سئلت نفس السؤال؟ هل ستقول له من منقباد تبع أسيوط...أم ستقول له من مصر؟

 

لنأخذ مثلاً آخر: أبوك المصري تزوج بأمك الفرنسية و انتقلا للعيش في أميركا و بعد فترة شرفت حضرة جنابك لتملأ عليهما دنياهما بما تبقى لهما من السعادة،ماذا تعتبر نفسك ؟ هل أنت مصري؟هل أنت فرنسي؟هل أنت أميركي؟

 

لنُصَغّر الدائرة قليلاً:أبوك العراقي تزوج من أمك المغربية و عاشا في السودان وولدْتَ و نشَأتَ في السودان....هل أنت عراقي؟ مغربي؟سوداني؟

طبعاً الإجابات تتنوع بتنوع الموروث الثقافي و الإجتماعي والتعليمي وحتى مدى التأثير الديني و المذهبي و ما هب و دب من مؤثرات و تأثيرات.

مرت على شعوب منطقة جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط حضارات و ثقافات بعضها أُرّخ له و بعضها اندثر و لم يبقَ له أثر.من هذه الحضارات التي تركت طابعها و لم تزل، الحضارة العربية، أو الإسلامية المكتوبة بأحرف عربية.و من ثَمّ و مع مرور الزمن،التصقت تسمية سكان هذه المنطقة،حقاً أو باطلاً، بالعرب. أنا أعلم و أدري أن هناك نزعات و ميول كردية و فينيقية و نوبية و فرعونية و أمازيغية , ولكن سبحان الله ،لم أسمع بنزعات سومرية أو حِتِيّة أوحتى (عصرحجرية) أو (عصر طينية)، بمعنى إذا كانت الحمية ستأخذ بعضنا لينسب أو ينتسب لفترة معينة من التاريخ، لنجعلها الفترة الطينية و في ذلك نتساوى في الأصل و لا داعي للتفاخر، لأنه كله طين في طين

هل تعلم يا قارئي العزيز أن كل هذه الكيانات السياسية التي تنتمي لها لم تكن موجودة قبل أقل من مائة عام؟لم يكن هناك لا جواز سفر و لا نشيد وطني و لا عَلمْ ؟، يعلم الله كم لون فيه وكم خط طول و كم خط عرض؟أليس من السخف أن تقول أنا سعودي نسبة إلى شخص؟ و جائز في المستقبل أن تقول أنا مباركي أوأنا المقذوف على أمره؟

إن الذي حصل بالأمس القريب لهو أكبر دليل على قوله تعالى (نسوا الله فأنساهم أنفسهم).هل لو كانت المباراة بين الأهلي و الزمالك سيصل الأمر إلى ما وصلت إليه من التأزم؟أو بين الترّجي الرياضي و النادي الإفريقي؟ أليس بينكم رجل رشيد؟واللا ّ كلهم بالحبس؟

من عادتي عندما أُسأل من أين الأخ؟ أن أقول من بيروت....فيرد علي السائل مصححاً..قصدك من لبنان؟طبعاً بعد أن أشكره على تصحيح معلوماتي،أنتهز الفرصة لتوضيح وجهة نظري في الموضوع وأن الفضل في ذلك يرجع للسيدين سايكس و بيكو،رضي الله عنهما و أرضاهما، و أنهما نصبا الطُعْم َلنا جميعاً، ونحن أكلناه هنيئاً مريئاً.

 

كنت أتحدث مع مدير مؤسسة أعمل بها، و في معرض الحديث قال لي ما معناه، أنت لا بد أنك تفتخر كونك عربي،قلت له الحقيقة لا،تعجب من ردي و قال لي هل معنى ذلك أنك تخجل من كونك عربي؟قلت له مرة أخرى، الحقيقة لا، كوني عربي ليس مدعاة للفخر أو الخجل، إنها حقيقة. لو ولدت و نشأت في الصين لقلت عن نفسي أني صيني.و لو ولدت و ترعرعت في القطب الشمالي لقلت عن نفسي قطب شمالي.

 

خلاصة الحديث....مبروك عليك إذا كنت تظن نفسك من داحس... و مبروكين عليك إذا كنت تظن نفسك من الغبراء

  

 

 

 

 

             

 

اجمالي القراءات 15059