القيمه الفعليه لصوت الناخب -2

فوزى فراج في الثلاثاء ٢١ - نوفمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

القيمه الفعليه لصوت الناخب -2

لن يختلف اثنان فى مصر على الإجابة اذا كان السؤال هو , من يمتلك زمام الأمور فى مصر, ومن له السلطة المطلقه بلا اى حدود كانت , ومن هو الذى يسأل ولا يُسأل عما يفعل وينفق من اموال الدولة ماعنى له دون حساب او سؤال, فالإجابه ستكون واحدة دون اختلاف, رئيس الجمهوريه. لم نسمع طوال ربع قرن مضى منذ توليه الحكم انه اخطأ مرة واحده, لم يقل شيئا ولم يفعل شيئا ولم يصدر قرارا واحدا يمكن ان يشار اليه انه قرار خاطئ , او حتى قرار غير حكيم, او حتى ان كان من الممكن ان يحل محله قرار اخر خيرا منه. لم نسمع من ابواق الدعايه الحكوميه ذلك, ولم نسمع منه شخصيا اعترافا او شبه اعتراف مباشر او غير مباشر, بأنه جانبه الصواب فى هذا او ذاك او كان من الممكن ان يفعل ذلك بدلا من ذلك, وحتى غير ذات بعيد, كان اى نقد لفخامته يخالف القانون ويعاقب بالسجن من يجرؤ على التفوه به. بإختصار, رئيس الجمهوريه, سوبرمان , ولا ينتمى الى عالم البشر بشيئ. وهكذا يعيش السواد الأعظم من الشعب المصرى بين مصدق لذلك , وبين من تشغله مطالب الحياه القاسية عن التفكير فى مثل تلك الأمور, بينما يعيش البعض القليل الآخر ممن لاتشغله الحياه الابالتأكد من استمرار الحال على ماهو عليه.

هناك مثل امريكى يقول ان السلطه تفسد , والسلطه المطلقه تفسد فسادا مطلقا
Power corrupts, and absolute power absolutely corrupts
ولذلك فإن الدستور الأمريكى لايعطى السلطه المطلقه لأحد على الإطلاق خاصة رئيس الجمهوريه, فكما يعطى بعض السلطه لبعض المناصب, فهناك من المناصب الأخرى ما يعطى لها من السلطه مايكفى لمراقبه تلك المناصب. وسأحاول بإختصار ان اوضح كيف تعمل الحكومه الأمريكيه ومن يمتلك السلطه وكم يمتلك منها, ولربما يتضح لمن لايعرف جيدا كبف تعمل الديموقراطيه الامريكيه , والتى قد تختلف عن بعض الديموقراطيات الأخرى, ولكن على الاقل يمكن المقارنه بما تدعيه بعض العناصر المصريه من ان هناك ديموقراطيه فى مصر يخشى عليها.

هناك ثلاثه فروع للحكومه الأمريكيه,
الفرع الأول هو الفرع التنفيذى او الرئاسى, ويسمى Executive branch , وهو رئيس الجمهوريه واعضاء حكومته, ويتم انتخاب الرئيس مرة كل اربع سنوات بحد اقصى مدتين, اى ان الناخب هو الذى ينتخب رئيس الدوله, والانتخابات مفتوحه امام الجميع بشرط ان تتوافر بعض الشروط للمرشح كأن يكون مولودا فى الولايات المتحده وان لايكون قد خالف القانون او سجن....الخ, ولذا فإن موسم الانتخابات الرئاسيه يمتد قرابة عامين او اكثر, ومن خلالهما يعرض المرشح افكاره ورؤيته وكيفيه تعامله مع مشاكل الشعب واقتراحاته وما الى ذلك فى محاوله كسب اصوات الناخبين. والسواد الاعظم من الأمريكيين يأخذ تلك الانتخابات مأخذ الجد, ويتناقش بعضه البعض طوال مايقرب من عامين عن ميزة ذلك المرشح عن الاخر, وتأخذ المناقشات ذروتها فى الشهور السته الأخيره عندما تنتهى انتخابات الاحزاب ليعلن كل حزب من هو مرشحه للرئاسه.

بعد ان يتم انتخاب الرئيس والذى يتم انتخابه مع نائبه فى تذكره واحده , يختار وزراءه, واهمهم وزير الخارجيه والدفاع والنائب العام وخلافه, غير ان اختياره لهم لايعنى انهم قد تم تعيينهم فى تلك المراكز بصفة تلقائيه دون نقاش, ولكن يواجه كل منهم امتحانا او لقاء مع لجنه من مجلس الشيوخ او مايسمى السيناتورز, وخلال ذلك اللقاء يتم ((مساءلتهم)) لساعات طويله واحيانا اياما ان كان هناك بعض الاعتراض على المرشح, ثم يتم التصويت فى تلك اللجنه, فإذا وافقت اللجنه بالأغلبيه يتم عرض المرشح على مجلس الشيوخ بأكمله للتصويب , ولايتم تعيين المرشح الا بعد موافقه الأغلبيه فى المجلس. قارن هذا بمايحدث فى ديموقراطية مصر فقط من باب المقارنه!!!!!

رئيس الجمهوريه لايستطيع ان ينفق دولارا واحدا يتيما على اى شيئ سواء محليا او عالميا كما فى المساعدات الخارجيه الا بعد ان يصوت عليه ويوافق عليه كلا من مجلس الشيوخ ومجلس النواب. الميزانيه الأمريكيه بأكملها ليست من اختصاص الرئيس, لكنه قد يقترحها ويرسلها الى الكونجرس للموافقه, ولاتفعل الا بعد موافقته, قارن هذا بمصر, وبالرئيس الذى يعطى علاوات لمن يشاء ويعطى مساعدات خارجيه لمن يشاء وفى اى وقت يشاء!!!!!

رئيس الجمهوريه اذا خالف القانون, فيمكن ادانته فى كلا المجلسين, يحاكم ويعزل اذا كانت الجريمه من وجهة نظر الكونجرس تستدعى ذلك, ونيكسون ليس ببعيد عن الذكر, حتى كلينتون تمت محاكمته امام المجلس ولم يجد المجلس التهمه الموجهه اليه كافيه لإبعاده.

الفرع الثانى للحكومه هو الفرع التشريعى, ويسمى Legislative Branch , وهو اعضاء الكونجرس, وهما مجلس الشيوخ ومجلس النواب, اما مجلس الشيوخ فعدده 100 عضو يتم انتخاب اثنان عن كل ولايه, ويرأسه نائب رئيس الجمهوريه, الذى يمكن له التصويت فيه , غير انه نادرا ما يفعل ذلك الا اذا كان هناك انقسام فى التصويت على قانون فيصوت فيه لفك الأنقسام وعادة ما يصوت الى جانت ما يراه الرئيس. مجلس الشيوخ يتم انتخابه من قبل الناخب الامريكى كل ست سنوات, ولذلك فهناك ثلث العدد , اى 33 منه يدخلون الانتخابات كل سنتين, وليس هناك حد اقصى او ادنى به, وقد كانت هناك موجه من السخط على عدم تحديد المده, وحاول بعض المرشحين تغيير ذلك , لكن لم تنجح المحاوله لأسباب قانونبه وسياسيه.

اما المجلس الاخر وهو مجلس النواب , ويسمى House of Representatives فإن عدد اعضائه 435 ويتم انتخابهم مره كل سنتين, اى انهم دائما فى معرض الترشيح امام ناخبيهم كل سنتين, والناخب الامريكى لاينسى ماوعد به, وحتى لو نسى , فإن المرشح المضاد سوف يذكرهم فى الانتخابات التاليه.

اعضاء الكونجرس رغم سلطاتهم الواسعه ليسوا فوق القانون, ولاتمر دوره انتخابيه حتى يتعرض البعض منهم الى محاسبه القانون على تصرفاتهم كمواطنين , حتى وان كانت مخالفة لسرعه السياره, بل على العكس, ان فرصتى كمواطن عادى ان اخالف قواعد المرور ولايحدث لى شيئا اكبر بكثير من فرصه اى منهم , فإن الاضواء مسلطه عليهم ولايرغب احدهم ان يكون اسمه او صورته على صفحات الجرائد مرتبطا بأى شيئ سلبى من هذا القبيل, قارن ذلك بما يحدث فى مصر, فى المطارات او فى الطرق او حتى عندما يتحرك احدهم فى الشوارع من اغلاق الشوارع وتعطيل المرور !!!!

الفرع الثالث هو الفرع القانونى, ويسمى Judiciary Branch وهو فرع المحكمه العليا فى الولايات المتحده الامريكيه, ويتم تعيين القضاه بها بترشيح من رئيس الجمهوريه, ويعرض اسم المرشح على لجنه من مجلس الشيوخ, ثم يستدعى المرشح لمواجهه المجلس والاجابه على اسئلته, مثله فى ذلك مثل الوزراء , وفى حاله التصويت بالأغلبيه, يتم عرضه على مجلس الشيوخ بأكمله للتصويت, وفى حاله الموافقه بأغلبيه المجلس, يتم تعيين القاضى عضوا بالمحكمه العليا, ومن ذلك الوقت, فالمحكمه لها صفتها الخاصه المستقلة تماما ولا تتبع لا الفرع الرئاسى او الفرع التشريعى بأى شكل , والقضاه هناك معينون مدى الحياه, ويخدم كل منهم فى وظيفته حتى يستقيل او يخرج الى المعاش او يتوفاه الله. ومهمة المحكمه العليا ليست اصدار اى قوانين جديده, ولكن تحليل وتفسير القوانين الحاليه الموضوعه عندما يجد ما يحتاج ان يتم تفسيره. ولهم سلطاتهم التى تسمح لهم بمناقشه اى قانون فى ضوء الدستور الامريكى, فلو اصدر الكونجرس قانونا جديدا وتحداه اى مواطن, فإن ذلك التحدى قد يتحرك فى المحاكم حتى يصل الى المحكمه العليا وقد تتفق مع ذلك المواطن فيسقط العمل بهذا القانون ويلغى تماما. قارن ذلك بما يحدث للقضاه فى مصر!!!!

كما نرى اعلاه, فإن صوت الناخب الامريكى له وزنه السياسى والاجتماعى والناخب يدرك تماما قوته, فليس هناك احدا فى الحكومه لايمر بطريقه او اخرى على ذلك الناخب, ويدرك جيدا انه اى الناخب هو صاحب الفضل على تلك الحكومه, وانه اى الناخب هو الذى يمنحهم وظائفهم سواء رئيس الدوله او اى عضو بالكونجرس, ولما كان الناخب هو الذى يعطيهم الوظيفه فهو وحده الذى يمكن ان يخرجهم منها ويرسلهم الى بيوتهم وينزع عنهم سلطاتهم , دون عنف او مظاهرات او قتل او تدمير او فعل يخالف القانون, انما المسأله مسألة وقت, فهناك انتخابات كل عامين.

كان هذا بإختصار شدبد تفسيرا للديموقراطيه الامريكيه وطريقه الحكم.

هناك ايضا مايسمى بالسلطه الرابعه او القوه الرابعه والتى هى لاتقل كثيرا عن السلطات السابقه بل ربما تتفوق عليهم جميعا.

وللحديث بقيه.

اجمالي القراءات 11454