الرزق
التفضيل بالرزق

زهير قوطرش في السبت ٢٩ - أغسطس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 
 
 
تفضيل البعض في الرزق.
 
صديقي  الماركسي سألني سؤالاً ,هل من العدل أن يفضل الله بعضنا عن بعض في الرزق,أليس هذا ظلماً ,لماذا هذا فقير و ذاك غني؟ أين العدالة الإلهية في ذلك؟
هذا السؤال ,الذي سأله صديقي ,مصدره الآية الكريمة
"والله فضل بعضكم على بعض في الرزق"
الماركسية ,اعتبرت أن التفاوت في الرزق ,هو نتيجة استغلال الطبقة التي تملك وسائ&aacutig; وسائل الإنتاج ,والتي تستغل العمال والفلاحين ,وفي النهاية باستطاعتها طردهم من العمل ليتحولوا في سوق بيع العمل الى فقراء ومساكين لا حول ولا قوة لهم ,لهذا لابد من إحداث التغير الجذري ,بثورة شعبية تعيد لأصحاب الحق من عمال وفلاحين حقوقهم المشروعة في العيش الكريم . ليتحقق بعد ذلك شعار لكل حسب عمله ,كمرحلة أولى ثم لكل حسب حاجته في المرحلة النهائية أو المرحلة الشيوعية.
سأحول قدر الإمكان الإجابة على هذا التساؤل على قدر معلوماتي المتواضعة مستعيناً بالله .
الرد سيأخذ هذه المحاور.
ما هي فلسفة الدين في موضوع الأرزاق الآيات القرآنية؟.
هل الدين أو القرآن الذي هو كلام الله ,فيه ظلم للناس في موضوع الأرزاق معاذ الله؟.
دعونا نحلل: ما معنى كلمة الرزق أولاً كما جاءت قواميس اللغة
 
 
 
لرِزْقُ: ما يُنْتَفَعُ به والجمع والأرْزاقُ.
 
الرازقُ والرّزَّاقُ: في صفة الله تعالى لأَنه يَرزُق الخلق أَجمعين، وهو الذي خلق الأَرْزاق وأَعطى الخلائق أَرزاقها وأَوصَلها إليهم، وفَعّال من أَبنية المُبالغة.
والرِّزْقُ
معروف.
والأَرزاقُ نوعانِ: ظاهرة للأَبدان كالأَقْوات، وباطنة للقلوب والنُّفوس كالمَعارِف والعلوم؛ قال الله تعالى: وما من دابّة في الأَرض إِلا على الله رزقها.

 
 آيات القرآن الكريم التي تناولت موضوع الرزق متعددة  .كمثال أورد بعضها.
 
 
وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ النحل -71
 
 
اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌا الرعد-26
 
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا الأسراء-30
 
 
 
اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ العنكبوت-62
 
اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ العنكبوت 62
 
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَالروم-37
 
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ سبأ-36
 
وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ الشورى-
 
 
مما تقدم ,نستطيع القول أن موضوع الرزق والأرزاق ,هي حصراً بيد خالق الإنسان.لأن خالق الإنسان هو أعلم به ,وهو الذي بعدله يقدر أرزاق البشر.والدليل على ذلك قوله عز وجل.
 
وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ الشورى –27
 
مما تقدم نستنتج أن التفضيل , لا يعني الظلم ,بل العدل للأسباب التالية
إن سعي الإنسان للرزق متفاوت ,وكسبهم نتيجة ذلك متفاوت.ومن جهة أخرى إن استعداد الإنسان لتحصيل الرزق من علم ومعلومات وخبرات مكتسبة بالجهد محصلة من الأباء متفاوت أيضاً ويترتب عليه تفاوتهم في الرزق.
فلسفة الدين أو القرآن في هذا السياق , تقول أنه لو كان الناس كلهم أغنياء لتوقفت الحياة وتوقف الناس عن العمل وعمارة الأرض التي هي هدف الوجود على الأرض بعد العبادة. لهذا يهب الله عز وجل الرزق بقدر,القصد هو دفع الناس لتحصيله باستمرار فيعمر بذلك الأرض  بسعي من فيها في شتى المجالات.ومن هنا كانت حكمة التفضيل.
لكن الرازق هو الله عز وجل بسط الرزق لبعض من عباده ,وأرفق ذلك با لشرع ,لهذا لا يمكننا أن نجتزأ موضوع التفضيل من سياقات القرآن ومقاصده , دون البحث والتدبر في آيات الشرع التي أعطت للعدل الإلهي على الأرض بعداً يتحقق من خلاله القسط والعدل والمساواة  بين الناس ,ذلك لأن القرآن يعتبر وحدة متكاملة .
 
وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ النحل -71
 
وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ الذاريات-19
 
أعود الى سؤال صديقي .لأقول له أن الواقع والتاريخ هو الحكم دائماً على الأحداث. لنأخذ الآنظمة الاشتراكية التي طرحت موضوع الصراع الطبقي وأقامت دولة العمال والفلاحين .هل استطاعت تحقيق المساواة بين  المواطنين كما يتم تصوره من قبل بعض الماركسين "لكل حسب حاجته"؟
هل استطاعت الأشتراكية أن تقضي على التفاوت في الدخل؟
أبداً ....لقد عاد الرزق والدخل فيها حسب التصور القرآني ,وأرتبط بسعي الإنسان ومقدرته الجسدية أو العلمية ,وهذه المقدرات هي أيضاً هبة من الخالق والذي أراد ب بتقديرها أحداث حالة التوازن ,من أجل عمارة الأرض.
الله عز وجل أعطى لكل إنسان استطاعة تختلف عن استطاعة الأخرين, البعض يستطيع دراسة الطب,البعض لا يستطيع أنهاء الابتدائية مثلاً مهما حاول.البعض قادر على العمل التجاري ,الأخر لا يستطيع أن يعمل إلا موظف في دائرة ....وهكذا تتوزع الأدوار حسب الاستطاعات المختلفة.
 
في الختام.
الله عز وجل هو موزع الأرزاق ,حسب تقديره وعلمه .وإن وجد هذا التفاوت في الرزق ,فهو مع الشرع الذي أمر به رب العالمين  يصبح معادلة متساوية من طرفين . بحيث جعل في هذا الرزق حق للسائل والمحروم.هذا القانون الألهي لو طبق كما أراد الله ,لتحقق مجتمع العدل والمساواة بين البشر.وموارد تضيق الفجوة بين الغنى والفقر في الإسلام متعددة .وها نحن نرى تطبيقات ذلك في المجتمعات الغربية ,التي تطبق مًراد الله عز وجل ,دون أن تعلم أن ما تقوم به هو أصل وفلسفة القرآن.هم أخذوا به ونحن جعلناه كتاب تقيات وأوردة.
 
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ التوبة 33
 
 
 
 
اجمالي القراءات 29384