مَنْ يزور الانتخابات يا سيادة الرئيس ؟

ابراهيم عيسى في الأربعاء ٢٦ - أغسطس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

علامة واحدة فقط قد تشي بأننا أمام حالة تغيير قد تسفر عن تطور في شكل الحكم وتفكيره وأدائه وسياسته في مصر !
علامة واحدة مفيش غيرها وهي أن يقول الرئيس مبارك إنه يعرف أن الانتخابات التي جرت في عهده قد شابها التزوير، تزوير إرادة المواطنين وتزييف بطاقات التصويت، هذه هي البداية الحقيقية لنهضة ديمقراطية حقيقية في بلدنا، طبعا لا أتصور أن يعترف الرئيس علناً، فهذا يستوجب بعد الاعتراف الاعتذار قطعا، وربما أبعد وأوسع من الاعتذار، وقد يفتح باب حق الناس في المÍcute;اسبة، ولأنني مازالت أعيش في مصر وأعرف حدود طموحنا من ولاة الأمر في البلد ومن عتاة الحكم في النظام الفرعوني فإنني أتمني (قل إنني أحلم ) أن يعترف الرئيس بينه وبين نفسه ومع رجاله بارتكاب التزوير، وأن يكون الاعتذار العملي والواقعي هو القطع بوعد (أو الوعد القاطع) بعدم تزوير الانتخابات التالية !
لكن المشكلة الحقيقية أن النظام يعيش علي إنكار حقيقة التزوير للانتخابات التي يرتكبها رموز الحكم من فوق لتحت ومن أكبر مسئولين إلي صغار الضباط والموظفين الإداريين مع كذب وتضليل من أجهزة الإعلام الحكومية وبعض تواطؤ الإعلام الخاص والحزبي ويعيش الكل في هذه الكذبة المفضوحة «أن الانتخابات غير مزورة» التي لا يصدقها أهبل بريالة في أي حارة بقرية في مصر فما بالك بالعاديين العاقلين.
من هنا فإن تصريح الرئيس مبارك للإعلام الأمريكي بأنه لا مشكلة في الرئيس القادم لمصر، لأن الشعب هو الذي يختار الرئيس يبدو تصريحا موغلا في البعد عن الواقع بل في مخالفة الحقيقة علي أرض مصر التي يدركها الجميع وهي أن النظام يزوِّر الانتخابات عيانا بيانا بلا خجل ولا مداراة ولا أسف ولا تأسف، وأن أي حديث عن حق الشعب في اختيار رئيسه محض وهم لا صلة ولا نسب له بالحقيقة علي الإطلاق، ويطلق هذا التصريح قنبلة من اليأس المعجون بالخبرة المصرية في تسلط الحكم وفرعنة الحكام، فها هو الرئيس يقول إن الاختيار للشعب وهو يعرف (لا أقول يأمر) بأن الانتخابات غير نزيهة ولا حرة ويتدخل فيها البوليس والقضاة والحزب والمال كما أن الصناديق تمتلئ بأصوات مزورة ويتم جمع أرقام مزورة وعمليات حسابية مزيفة وإعلان نتائج مخالفة وإللي عايزاه السلطة هو إللي ينجح وللي السلطة مش عايزاه ينجح ياكش يكون حاصل علي مائة في المائة من الأصوات فهو ساقط ساقط، ولا تكاد تجد مواطنا واحدا في مصر مقتنعاً بأن الانتخابات حرة فكيف يؤكد الرئيس أن الشعب الذي يختار، إذن مَنْ الذي يزوِّر الانتخابات يا سيادة الرئيس، أليس وزراءك ورجالك ومأموريك وبوليسك وقضاءك وموظفيك !
التزوير ليس حالة ولا سلوكا ولا خطة لدي النظام بل عقيدة، عقيدة التزوير تلبست هذا النظام منذ 1952حتي الآن والذي يقول غير كده للأسف إما منافق أو غافل أو بيهرج أو واحد من أطراف الحكم وأصحاب مصلحة فيه، وهذه الحقيقة - أن الانتخابات في بلدنا الرئاسية والبرلمانية مزورة - هي الحد الفاصل بين الفصام والعقل، بين الحق والباطل، بين الذي يريد أن يبني مصر ومَنْ يريد أن يهدمها، بين الواضحين المؤتمنين علي الوطن والكذبة المتآمرين علي المستقبل، الذي يدافع عن تزوير الانتخابات وينكر تزييفها إنما يؤكد أنه لا أمل فيه ولا منه حاكما أو محكوما، سائسا أو مسوسا، الذي يعترف بأن الانتخابات مزورة هو من يقدم الحد الأدني من التعقل والرغبة في تقدم البلد وتطوره وتغييره إلي الأفضل والأحسن !
للتغيير مدخلان إذن:
الأول: الكشف والفضح للتزوير ووسائله وأساليبه والضغط من أجل انتخابات حرة نزيهة خصوصا ونحن علي مشارف عامين انتخابيين لا نقول تجاوزا إنهما سيحددان مصير ومسير مصر في السنوات المقبلة إلي النهضة والديمقراطية الحقة أم إلي الغرق في الفساد والعنف !
الثاني: تقديم حلول ومطالب واضحة وكاملة التفاصيل لإنهاء واقع تزوير الانتخابات في مصر.
عند المدخل الثاني تعال نتوقف باهتمام منتبه وشغوف بالعطاء البحثي الرائع الذي قدمه لنا الزميل الكاتب الصحفي الهمام جمال محمد غيطاس في كتابه المدهش والمؤسس واللازم والواجب قراءته ودراسته من جميع العاملين بالحقل السياسي والقانوني في البلد والمشغولين بمستقبل مصر، وهو كتاب قد يستفيد منه وطن بأن يغير شكل مستقبله وشاكلة مشاكله، كتاب جمال غيطاس الذي يحمل عنوان «الديمقراطية الرقمية» يقدم لنا الطرح الذي نحلم به لانتخابات غير مزورة، يقدمه بتفاصيل دقيقة وعملية وممتازة وبعرض كاشف وأمين وبتحقيق دءوب ومنظم، يبدأ أولا بالقول عن مادة الإشراف القضائي التي تم إلغاؤها في تعديلات الدستور المشئومة.
دعونا نسأل في البداية: أليس ضمان نزاهة الانتخابات والعمل علي أن تأتي نتائجها مجسدة للإرادة الحرة للأمة بعيدا عن التلاعب والتزوير هو الهدف النهائي المعلن - علي الأقل - من قبل الساعين لتغيير المادة والمصرين علي إبقائها علي حالها؟ وأليس مبدأ الإشراف القضائي علي الانتخابات وضع أصلا لغاية واحدة هي ضمان نزاهة وحيدة الانتخابات؟
من المؤكد بالطبع أن الإجابة بنعم كما يقول غيطاس وسأضيف:( والمؤكد كذلك أن القضية تحديدا هي ضمان نزاهة الانتخابات وليس ضمان استمرار إشراف القضاة علي الانتخابات، ولذلك فإن أبسط قواعد التفكير المنطقي السليم تفترض أن أي وسيلة أو أداة تضمن مستوي يرتضيه الجميع من نزاهة وسلامة الانتخابات يتعين أن تكون محل نظر وتؤخذ في الاعتبار سواء تم ذلك في وجود القضاة أم لا.والثابت الآن أن الانتخابات قد أمكن إجراؤها وقبول والاطمئنان لنتائجها في عشرات البلدان حول العالم بوسائل لا تقوم بشكل أساسي علي فكرة الإشراف البشري - سواء قضائياً أو غيره - في التحقق من سلامة ونزاهة الانتخابات، بل اعتمادا علي أدوات ونظم تتيحها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وعلي رأسها نظم إدارة الجداول الانتخابية إلكترونيا ونظم التصويت الإلكتروني ونظم الرقابة الإلكترونية علي عملية القيد والتصويت والفرز وإعلان النتائج، وهو اتجاه يتعاظم بسرعة تنبئ بأنه سيسود العالم خلال سنوات قليلة وذلك ضمن ظاهرة أعمق وأشمل تعرف «بالديمقراطية الرقمية).
الله هنا نصحو بقي شوية ونتأمل جهود باحث مصري متخصص وعليم بموضوعه فهو يأخذنا إلي كلام عملي علمي واقعي ويخرج بنا من الثرثرة التقليدية الغثة التي يغرق فيها المصريون أنفسهم فيقول: (وتقليديا كانت الانتخابات تجري بمفهوم يدوي محض، السيادة فيه للورقة والقلم والقدرات الذهنية لموظفي الانتخابات والقائمين علي التخطيط لها وإدارة مراقبتها ولا مجال فيه لتدخل الآلة، أما في عصر الديمقراطية الرقمية فقد تخلت العملية الانتخابية عن بيئة العمل اليدوي وانتقلت إلي بيئة عمل تسودها الحاسبات الإلكترونية وشبكات الاتصالات وشبكات المعلومات والبرمجيات المتقدمة والنظم العملاقة المتخصصة في معالجة أحجام ضخمة من البيانات في كسور من الثانية. وتتضمن الانتخابات - كعملية متكاملة - أنشطة شتي كالحملات الانتخابية وأعمال الدعاية والتواصل مع الناخبين ونظم التصويت وتجميع وفرز وعد الأصوات وإعلان النتائج، لكن أكثر المظاهر الرقمية التصاقا وانطباقا علي الانتخابات هو التغيير الذي حدث ويحدث في العملية الانتخابية برمتها، بدءا بنظم إعداد كشوف وجداول الناخبين ونظم التصويت وتجميع وفرز الأصوات وإعلان النتائج).
لغاية هنا كلام عظيم ورؤية جديدة وتأخذنا إلي الحضارة الحديثة وليس لما ننعك فيه من يدوية التزوير وعشوائية الانتخابات وتؤمر يا بيه وتحت أمرك يا باشا، لكن كيف سننتقل من هذا الكابوس التزويري التزييفي إلي عالم الديمقراطية الرقمية وهو إحنا كنا نعرف الديمقراطية أصلا من أساسها كي نعرف الديمقراطية الرقمية كمان.
يرد علي هذه الهواجس جمال غيطاس في كتابه المدهش الصادر عن دار نهضة مصر قائلا: ( إن انتقال الأمور من منهج التنفيذ اليدوي الورقي والإشراف والرقابة البشرية للانتخابات إلي منهج «التصويت والإشراف والتنفيذ الإلكتروني» ليس سهلا، بل عملية شاقة تتطلب جهودا مخلصة من مختلف الأطراف ذات العلاقة بالعملية الانتخابية والديمقراطية ككل في مصر، وذلك نظرا للتحديات والمتطلبات العديدة التي تعترض سبيل الانتقال لهذا المنهج بمصر، وإذا ما تصورنا ـ مجازا العملية الديمقراطية كخط إنتاج به مرحلة المدخلات ثم مرحلة التصنيع ومعالجة المدخلات ثم مرحلة المخرجات والحصول علي المنتج النهائي فيمكننا القول إن المظاهر الديمقراطية المختلفة كحرية تعبير وتفكير وحق في التغيير والمحاسبة وتقييم الأداء وغيرها تقع في مرحلة المدخلات بالنسبة للعملية الديمقراطية،بينما تمثل الانتخابات مرحلة التصنيع والمعالجة وتجسد نتائج التصويت مرحلة المخرجات والمنتج النهائي).
ما يقصده جمال غيطاس أن الديمقراطية الرقمية وسيلة للتعبير عن إرادة الشعب بلا تدخل يدوي حكومي بالتزوير والتزييف، التكنولوجيا صارمة وآلية وتضيق مجال التدخل البشري ولا تنحاز للحكومة ولا تنافق الحزب الحاكم بل هي آلية محددة ومحايدة، طبعا سيكون السؤال في ذهنك حاضرا ووجيها: وإيه يضمن لنا أن الدولة لن تتدخل بطرقها وألاعيبها وتجعل من الكمبيوتر والأجهزة الآلية فشر عساكر الأمن المركزي من حيث غشامة خدمة الحكومة وسماع الأوامر وطاعة التعليمات والبطش بالمعارضين وتزوير أجدع انتخابات فيكي يا بلد وساعتها يقولك أهوه يا عم ديمقراطية رقمية ومع ذلك إحنا قلة أغلبية وفوز كاسح وثلثي أعضاء مجلس الشعب والرئيس رئيسنا بأكثر من تسعين في المائة كمان وكله يا خويا بالديمقراطية الرقمية، فما الذي يجعلنا نتجنب فعلا أن نظامنا العبقري في التزوير والرائد والمقدم والعميد في تزييف الأصوات والانتخابات لن يحول الديمقراطية الرقمية إلي أتاري وجيمز يلعب عليها لعبته في التزوير، آه تعرف الضمان إيه وجاي منين ؟
الضمان من الهند وجاي من نيودلهي !
آه والله
إزاي؟ أقولك، لكن نتأمل هنا ما كتبه لنا جمال غيطاس قائلا: (حينما نتحدث عن الديمقراطية الرقمية ونقترب من الانتخابات كآلية من آليات التجسيد العملي للديمقراطية نجد أن الوجه الرقمي للانتخابات ينصب بالأساس علي تغيير طبيعة هذه الماكينة للتخلي عن بيئة العمل اليدوي القائم علي الورقة والقلم وذهن موظفي ومديري الانتخابات وتنتقل إلي بيئة العمل الرقمية التي يتنازل فيها الورق والقلم عن عرشيهما وينزويان بعيدًا مفسحين المجال للحاسبات الإلكترونية وشبكات الاتصالات وشبكات المعلومات والبرمجيات المتقدمة والنظم العملاقة المتخصصة في معالجة أحجام ضخمة من البيانات في كسور من الثانية ونظم تشغيل وإدارة شبكات وبرمجيات لإدارة العملية الانتخابية وتحت كل ذلك تيار من البيانات والمعلومات يتدفق في اتجاهات شتي طوال الوقت حاملاً معه جديدًا لا ينقطع).
جميل جدا، ندخل بقي علي الهند ورغم أن جمال غيطاس في كتابه قدم تجارب الديمقراطية الرقمية في أمريكا وإسكتلندا وبريطانيا فإنني توقفت مع هذا العرض الدقيق لتجربة الهند بالذات أولا لأنها دولة قريبة لعالمنا الثالث، ثم هي كذلك غير أوروبية ولا غربية حتي لا نتحجج بأنهم ناس من طينة تانية ومالنا أصلا بيهم، كما أنها دولة ليست غنية ولا تتمتع برفاهية، ثم إنها دولة ضخمة وتعداد سكانها هائل ومن ثم لا يمكن أن نجد من السادة الأفاضل بتوعنا حججا من نوع أن مصر دولة ذات كثافة سكانية عالية لا يمكن أن نستطيع معها التحول للانتخابات الآلية والتصويت الرقمي فإذا قالوا هذه الحجة خزقنا عينهم بتجربة الهند !
وتشير الخريطة السياسية للهند بأن هناك 670 مليون ناخب يصوت منهم حوالي 388 مليوناً، وهم موزعون علي 700 ألف لجنة انتخابية منتشرة عبر مناطق جغرافية مناخية واسعة ومختلفة الظروف والقيمة الحقيقية في تجربة الديمقراطية الرقمية بالهند لا تتركز فقط في شكل النظام الديمقراطي الهندي، لكن أيضا في الاهتمام بالتوظيف العملي الفعلي والجوهري للأدوات الرقمية وفقاً لما تسمح به الإمكانات وما يحتاجه الشعب الهندي.
ثم إن أهم خصوصية في التجربة الهندية مع الديمقراطية الرقمية هو ماكينة التصويت الإلكترونية، وهي اختراع هندي مائة في المائة، آه والله العظيم الهند اخترعت ماكينة مخصوصة للتصويت الإلكتروني، وذلك لتسهيل عملية التصويت والإسراع بها والحصول علي أصوات الناخبين في صورة رقمية تسهل من عمليات الفرز والعد وإظهار النتائج.
واستخدمت ماكينات التصويت الإلكتروني للمرة الأولي فعلا في الانتخابات العامة في عام 2004 في 543 دائرة انتخابية ووصل عددها إلي أكثر من مليون ماكينة تصويت.
وتتكون ماكينة التصويت الإلكتروني - كما يحكي محمد جمال غيطاس في عرضه الشيق - من وحدتين أساسيتين تتصلان ببعضهما عن طريق كابل طوله خمسة أمتار، وهما وحدة التحكم التي تكون مسئولية الشخص المسئول عن لجنة التصويت ووحدة التصويت، ويتعامل معها الناخب مباشرة وتكون في مكان التصويت المحمي بساتر، وعند التصويت يقوم مسئول وحدة التحكم بالضغط علي زر التصويت فتتنبه وحدة التصويت وتصبح جاهزة لاستقبال صوت الناخب الذي ما عليه سوي اختيار أحد الأزرار الزرقاء بوحدة التصويت، والتي يكون أمام كل منها اسم ورمز أحد المرشحين للانتخابات فيضغط الناخب علي الزر المقابل لاسم ورمز المرشح الذي يريد انتخابه.
وهناك وسيلة تجعل الناخب يتأكد من أن ماكينة التصويت الإلكتروني قيد التشغيل، وأن صوته قد تم تسجيله، وهذه الوسيلة هي أنه بمجرد أن يضغط الناخب علي الزر الأزرق أمام المرشح ورمزه الذي يختاره تضيء لمبة صغيرة في الجانب الأيسر باللون الأحمر ويسمع الناخب صوت «بيب» طويلاً: أي أن هناك إشارة مرئية وإشارة صوتية لكي يتأكد الناخب من أن صوته قد تم تسجيله ولا تحتاج الماكينة لوجود تيار كهربائي عمومي، فهي تعمل ببطارية قلوية بفرق جهد 6 فولتات، ولذلك فهي قابلة للعمل في المناطق التي لا توجد فيها كهرباء، وكذلك لا تحتاج لهواء مكيف في مكان تخزين ماكينات التصويت الإلكتروني، فما هو مطلوب فقط أن يكون مكان التخزين خالياً من الغبار والأتربة والقوارض، كما هو الحال في تخزين صناديق الاقتراع وتتكلف ماكينة التصويت الإلكتروني الواحدة «المكونة من وحدة تحكم ووحدة تصويت ووحدة بطارية» خمسة آلاف روبية (الدولار يساوي خمسين روبية يعني الماكينة يقف سعرها بمائة دولار فقط !!)، وإذا ما حدث وتعطلت الماكينة يقوم المشرف علي العملية الانتخابية باستبدالها بأخري احتياطية، ولن يؤثر ذلك في الأصوات التي تم تجميعها في الماكينة المعطلة لأن الأصوات تكون مؤمنة ومحفوظة في ذاكرة وحدة التحكم، ولذلك ليس من الضروري بدء عملية التصويت من البداية.
ولا يمكن أن يتم التصويت أكثر من مرة من خلال الضغط علي الزر أكثر من مرة، لأنه بمجرد الضغط علي الزر في وحدة التصويت يتم تسجيل الصوت لمرشح معين وتغلق الماكينة حتي لو تم الضغط علي الزر أكثر من مرة أو تم الضغط علي أي زر آخر، فلا يتم تسجيل أي صوت آخر، إلا بعد أن يعيد مسئول وحدة التحكم الضغط علي زر لديه ليعيد وحدة التصويت إلي وضعية استقبال الأصوات من جديد.
وعند تصميم وتشغيل الماكينة لأول مرة ادعي البعض أنه سيكون من الصعب نقل ماكينات التصويت إلي لجان الانتخاب، لكن في التجربة العملية ثبت العكس واتضح أنه من الأسهل نقل ماكينات التصويت الإلكتروني إلي لجان الانتخاب بالمقارنة بصناديق الاقتراع لأنها أخف وزناً وسهلة النقل ومحمية بصندوق مصنوع من مادة البولي بروبيلين.
ومن المميزات الإيجابية في هذه الماكينة أنها لا تسبب أي مشكلات أثناء التصويت بالنسبة للناخبين الأميين، لأن التصويت من خلالها يعتبر عملياً أبسط من النظام التقليدي الذي يقوم فيه الناخب بوضع علامة التصويت علي أو بالقرب من رمز المرشح الذي يختاره، ثم يقوم بطيها ووضعها في صندوق الاقتراع، أما في ماكينات التصويت الإلكتروني، فما علي الناخب إلا أن يضغط ببساطة علي زر أزرق أمام المرشح ورمزه الذي يختاره ويتم تسجيل الصوت، وبالنسبة للأميين والريفيين فليس لديهم أي مشكلة في تسجيل أصواتهم، وقد أثبت الواقع العملي أنهم يرحبون باستخدام ماكينات التصويت الإلكتروني.
وأهم ميزات استخدام ماكينات التصويت الإلكتروني هو عدم الحاجة إلي طباعة ملايين من بطاقات الانتخاب، لأنه سوف يتم استخدام ورقة انتخابية واحدة في وحدة التصويت في كل لجنة انتخابية بدلاً من وجود بطاقة انتخابية لكل ناخب علي حدة، وهذا يؤدي إلي توفير كبير في الأموال بسبب تكلفة البطاقات الانتخابية والطباعة والنقل والتخزين والتوزيع، والأمر الثاني أن عملية حساب الأصوات وفرزها ستكون سريعة جداً ويمكن إعلان نتيجة الانتخابات في خلال ساعتين عكس النظام التقليدي في الانتخابات، والميزة الثالثة هي عدم وجود أصوات باطلة باستخدام ماكينات التصويت الإلكتروني، وهذا الأمر بالغ الأهمية إذا تذكرنا أنه في كل انتخابات عامة فإن عدد الأصوات الباطلة أكبر من عدد الأصوات التي يفوز بها مرشح عن آخر، ويكون ذلك في أكثر من دائرة انتخابية، وتكفي هذه الميزات لكي تكون العملية الانتخابية باستخدام ماكينات التصويت الإلكتروني أفضل وأصح بشكل كبير.
يواصل جمال غيطاس عرض التجربة الهندية المذهلة في اختراع ماكينات تصويت ضد التزوير ويلفت انتباهنا إلي أنه عند تصميم وتجربة الماكينة تحوطت اللجنة القومية للانتخابات والجهات الهندية المسئولة لقضية التلاعب في الأصوات ومحاولة التأثير في النتيجة بألاعيب التزييف والتزوير المعتادة في بلدان العالم الثالث، ولذلك حاول الهنود تصميم وتشغيل ماكينة التصويت بطريقة تسد الطريق علي الكثير من الألاعيب الانتخابية المعتادة في حالة الصناديق وبطاقات الاقتراع الورقية.
هذه تجربة الهند فماذا سنفعل نحن في مصر ؟
هل سنسكت ونضع يدنا علي خدنا وننتظر قدوم انتخابات 2010 بمزيد من التزوير الفاجر والإنكار الفاسق لحدوثه أم أن القوي الوطنية وتيارات المعارضة وجموع الشعب الناصح سوف تتمكن من رفع صوته للمطالبة بالتصويت بالرقم القومي وفي ماكينة التصويت الإلكتروني الهندية ؟
هل يمكن أن يفعلها المصريون أم أننا لن نأخذ من الهند سوي فيلها في جنينة الحيوانات يلعب لنا بزلومته ومين عارف بيقول لنا إيه وإحنا مش فاهمين !!

اجمالي القراءات 10313