ليس لله خليفة
ليس لله خليفة

عابد اسير في الجمعة ١٠ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

يقول العلى القدير سبحانه وتعالى فى كتابه الحكيم
( وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم مالا تعلمون ) البقرة 30
صفة [ خليفة الله فى الأرض ] التى يوصف بها الإنسان كما تزعم الكثير من كتابات وتفسيرات و تراث السلف فهل هذا القول يجوز فى حق الله سبحانه وتعالى
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
أليس معنى وجود الخليفة أن يكون هناك مخلوف وأن يكون هذا المخلوف غاب عن مكان وزمان الخلاف&EacuEacute; المقصودة فهل هذا يجوز فى حق الله سبحانه وتعالى الذى قال عن ذاته العلية
( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شىء عليم ) الحديد 3
( الله لا إله إلا هو الحى القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) البقرة 255
( الله لا إله إلا هو الحى القيوم ) آل عمران 2
والذى يذكرنا ويعلمنا فى الذكر الحكيم أنه سبحانه وتعالى أقرب إلينا ن حبل الوريد
( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه ن حبل الوريد ) ق 16 فكيف يكون سبحانه وتعالى أقرب إلينا من حبل الوريد ثم نظن أو نقول أنه سبحانه وتعالى غائب عن ملكه مما إستوجب وجود من يخلفه فى هذا الغياب
[ وأستغفره سبحانه وتعالى عن هذا التشبيه ] الذى لا يليق بقيوميته على كل ذرة ومجرة فى ملكه الذى لا يحيط به أو بعلمه إلا هو سبحانه وتعالى
( وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلى العظيم ) البقرة 255 أى إن عرش الرحمن وملكه يسع ويشمل السماوات والأرض وهو القدير والقادر والقيوم على حفظهما فكيف نصفه سبحانه أنه غاب عن جزء من ملكه وهو الأرض وهذا ما يعنيه مدلول أن هناك [ خليفة لله فى الأرض ] تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
وإذا بحثنا عن دلالة الكلمة [ خليفة ] من القرآن الحكيم نجدها جاءت فى آيتين قوله سبحانه وتعالى :
( وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم مالا تعلمون ) البقرة 30
نجد الآيةالأولى هنا تتكلم عن خلافة آدم وذريته فى الأرض ولم يأتى فى الآية إسم المخلوف ولكن جاءت إشارة ضمنية بأن هذا المخلوف الذى سيخلفه آدم وذريتة فى الأرض كان أو كانوا مفسدين فى الأرض [ سواء كانوا جميعا أو بعضهم ] متصفين بهذا الفساد وسفك الدماء وإهلاك الحرث والنسل
وهذا هو المخلوف الذى أصبح آدم أو الجنس البشرى [ خليفة له ] أى كان هناك مخلوق عاقل من مخلوقات الله أعطاه الله وكلفه امانة الإختيار بين الطاعة والمعصية لخالقه سبحانه وتعالى فأرتكب هذا المخلوق السابق للجنس البشرى على الأرض تلك الجرائم التى ذكرها القرآن على لسان الملائكة عندما قال لهم الله سبحانه وتعالى أنه جاعل فى الأرض خليفة
والثانية فى قوله سبحانه وتعالى :
( يا داوود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فأحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) ص 26 وهنا الخلافة بمعنى [ الحكم أى اللك ] يسلطان من الله أو بما أنزل الله
ففى الأولى أعطى الله آدم وذريته [ ملكا وحكما للأرض وما فيها ] أى سخرها بما فيها من أنعام وزرع وموارد متنوعة يتصرف فيها كيف شاء إن أفسد إستحق عقاب الله وإنتقامه   وإ ن أصلح إستحق الجزاء الحسن والنعيم عند لقاء ربه
وفى الثانية أعطى الله نبيه داوود [ ملكا وحكما بين الناس الذين أعطاهم الله من قبل حكم وملك الأرض وما فيها ] وله كذلك حرية الإختيار بين تنفيذ أوامر الله والحكم بالحق أو إتباع الهوى فيضل عن سبيل الله
وهذا هو ما تعنيه صفة [ خليفة ] التى وصف بها الله الإنسان قبل أن يخلقه عندما أخبر عنه الملائكة وقال لهم
( إنى جاعل فى الأرض خليفة ) البقرة 30 فهذا الإنسان خليفة لمثيل له من مخلوقات الله وهذا هو البديهى أن يكون الخليفة مثيل لمن يخلفه لأن الخلافة تعنى أن يقوم الخليفة ويكلف بما كان يقوم به المخلوف وما كان يكلف به أى تكون إمكانيات وتكليفات كل منهما متشابهه فلا يصح عقلا أن تخلف سيارة صنعها إنسان هذا الإنسان الذى صنعها فتصنع سيارات أخرى وتدير وتطور تلك الصناعة
[ ولله المثل الأعلى ] وعفوا على التشبيه
وفى مواضع أخرى فى آيات الذكر الحكيم جاء معنى الإستخلاف يؤكد ذلك ومنها:
(وربك الغنى ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ) الأنعام 133 فهنا يخلف القوم ذريتهم عندما تأتى مشيئة الله أن يذهبهم
( أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادك فى الخلق بسطة فأذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون ) الأعراف 69 وكذلك الأعراف 74

وهنا يخلف قوم النبى من سبقهم من أقوام الأنبياء
وكذلك يستخلف المؤنون ملك وأرض العصاة والكافرون ( الأعراف 129 ) ( النور 55 ) ( النمل 62 ) ( هود 57 )
وفى وضع آخر يخلف الدعاة والأنبياء من يفرط  بعدهم فيما أؤتمن عليه من كتاب الله ( الأعراف 169 ) ( مريم 59 )
وفى ( الأعراف 142 ، 150 ) عندما خلف هارون أخيه موسى
وفى ( الحديد 7 ) تأتى الخلافة بعنى عطاء الله ورزقه أى إن ما ينعمون به من رزق ورغد عيش ونعيم كان ينعم به من سبقهم وكذلك سيرفل فى نعيمه من سيأتون بعدهم أى سيكونون كذلك خلفاء بعضهم لبعض فيما أفاض الله عليهم من عطاءه ورزقه
نسأل الله الهداية الى حسن الظن بالله وصفاتة العليا وأسماءه الحسنى سبحانه وتعالى

اجمالي القراءات 12922