برجاء مناقشته
رأى مخالف فى زواج المتعة ل.د. عز الدين نجيب

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٧ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

الرد على فتوى زواج المتعة
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزى دكتور أحمد
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعدنى ترحيبك بنقدى لكتاب "القرآن وكفى" بالرغم من ترددك فى قبول رأيى، مما يثبت أنك رجل صدق تبحث عن الحق وتعود إليه عندما يتبين لك. جعلنا الله وإياكم ممن يتبعون الله الحق كما بينه فى كتابه الحق.
ولذلك إعيد إرسال ردى معى بعض التعديلات التى عنَّت لى بعد إرساله. برجاء أن تتجاوز عن بعض الحدة فيه بما تبينته فيك من حلم وسعة صدر، وهى من صفات المؤمنين.
فيما يلى ردى واعتراضى على فتواكم بخصوص زواج المتعة. جعلنا الله وإياكم من (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الألْبَابِ) (الزمر 18)، ولا تجعلنا من الذين قال الله فيهم (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) (البقرة 85)
(ماتحته خط مقتطفات من فتواكم فى زواج المتعة)
س) هل يصح ان يتزوج المسلم لأجل المتعة فقط ؟
جـ ) نعم ؛ فالحيوان يمارس الجنس لأجل التكاثر وبقاء النوع فقط ، أما الإنسان المكلف بالشرائع فهو يمارس الجنس للمتعة وطلب الذرية .

ركزت سيادتكم على الحاجات الحيوانية التى تدفع الإنسان إلى الزواج، ولكن هناك حاجات نفسية إنسانية هى أن يجد الإنسان زوجة يسكن إليها وتنشأ بينهما مودة ورحمة. ولا يُمكن أن يتم هذا إلا لو كانت النية فى الزواج هى الاستمرارية. ثم أن الله عبر عن عقد الزواج بالميثاق الغليظ، وأوصانا بمعاشرة الزوجة بالمعروف لأنه قد يكون هناك خير كثير فى الزوجة التى يكرهها زوجها لأى سبب ما حتى نفكر ألف مرة قبل أن نفصم عُرى هذا الميثاق، فهل نفصم هذا الميثاق الغليظ بشرط يتعارض مع ما أوصى به الله من وصل الأرحام، ونُحلل الزنا بغطاء شرعى فطير؟
يقول تعالى:
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم 21)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا. وَإِنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا. وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (النساء 19-21)
وقد فطن إلى هذا القارئ "الهاوى الهاوى" فى تعليقة على الفتوى، وأتفق معه فيما قاله.
واللبنة الأولى فى المجتمع الإسلامى هى الأسرة وليس الفرد، ولذلك شدد الله جل وعلا على المحافظة على علاقات الزواج والرحم والقرابة، ووصى الإنسان بوالديه، لكى ينشأ الإنسان المسلم فى أسرة مترابطة فى عائلة تربطها أواصر الحب والتراحم. أما فى المجتمعات الأمريكية التى تؤكد على الفردية، وتعبد الحرية المطلقة، فقد انهارت العلاقات الأسرية، وقد فطن إلى هذا الكثيرون، وهم يُطالبون الآن بالاهتمام بقيمة الأسرة والترابط الأسرى.
وبذلك يُمكننا أن نُعدل الإجابة لتكون:
ج) لا؛ فالحيوان يمارس الجنس بالغريزة أو الفطرة التى أودعها الله فيه للحفاظ على النوع، أما الإنسان فيتزوج لحاجاته الحيوانية من متعة وطلب للذرية، ولحاجاته الإنسانية النفسية من طلب السكن والمودة والرحمة، فكم من زوجين شاخا معا ويزيد حبهما أحدهما للآخر بسبب المودة والرحمة التى نمت بينهما بسبب العشرة بالرغم من توقف حياتهما الجنسية. وحتى لو كره الزوج زوجته لطبع فيها، فما دامت مؤمنة فعلى الزوج أن يبذل أقصى جهده فى استبقائها لأن الله قد يجعل فيها خيرا كثيرا، ولأن فى هذا فصم للميثاق الذى غلظه الله بينهما.

ســ ) إذن ما هو الفرق بين الزواج المتعارف عليه وزواج المتعة ؟
جــ ) إن الزواج المتعارف عليه يكون مطلقا بدون تحديد مدة للزواج ؛ أما زواج المتعة فهو محدد بمدة يتفق عليها الطرفان.
س: وهل يجوز فى الزواج الشرعى أن يتفق الطرفان على تحديد مدة للزواج ؟
ج ) نعم ، لأن الأصل فى الزواج التراضى والاتفاق :

فالمتعارف عليه بأنه خير هو المعروف، وقد أقره الله فلم يمنعه أو يُعدل فيه كما فعل فى بعض الممارسات التى كانت معروفة عند العرب وتتنافى مع شريعة الله كنكاح زوجة الأب، أو الجمع بين الأختين، وخلافه.
وكان يجب أن تكون الإجابة الثانية:
ج) لا؛ لأن الأصل فى الزواج هو الاستمرارية التى تؤدى إلى السكن والمودة والرحمة، ولا يُعتد بشرط يُخالف شرع الله. فالشرط الشرعى لا يُحل حراما أو يُحرم حلالا أو يُخالف أى من آيات الله الكريم. ويقول المنطق إن ما لا يتم الشرط إلا به فهو شرط. فالسكن إلى الزوجة ونمو المودة والرحمة بينهما لا تتم إلا فى إطار الاستمرارية، فمن تزوج واشترط مدة للعقد فهذا الشرط باطل، ومن تزوج وفى نيته الطلاق بعد مدة معينة فقد حاول خداع الله، وجزاؤه عند ربه. يقول تعالى: (يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (البقرة 9)
وكذلك فقد حرم الله زواج المؤمنين بالزوانى. قال تعالى: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)النور3
فمن فى رأيك تقبل زواج المتعة إلا زانية؟ ومن يرضى أن يتزوج مثل تلك المرأة إلا زان؟
وقد ذكرتنى فتواكم بفضيحة الشيخين "سيف" و "الفيل" وقد كانا قاضيين شرعيين بالمحاكم الشرعية فى حوالى عام 1954 على قدر ما تُسعفنى الذاكرة، فقد كانا يتجهان إلى دور الدعارة بشارع كلوت بك، ويُزوج كل منهما الآخر مومسا لمدة الليلة بشهادة الآخر وقوادها، ويطلقها فى الصباح. قد استغل عبد الناصر هذه الفضيحة فى إلغاء المحاكم الشرعية فى مصر، وربما كان هذا خيرا!

ولذلك فيجب تعديل الفقرة التالية بما يُوضح أن الزواج يجب أن تكون فيه نية الاستمرارية.

6_ والقاعدة القرآنية الشرعية تجعل العقد شريعة المتعاقدين ؛ والله تعالى يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود ) المائدة1"
وعليه فإنه يمكن القياس هنا ؛ مع الأخذ فى الإعتبار أن عقد الزواج من أهم العقود التى يعقدها الانسان ؛ والله تعالى وصف عقد الزواج بأنه "ميثاق غليظ" النساء21" . فإذا تراضى الطرفان على شرط فى عقد الزواج اصبح ملزما للطرفين ؛ لأن ذلك فى إطار الزواج الشرعى وليس فيه تلك التجاوزات التى نهى عنها القرآن وليس فيه ايضا ذلك " السفاح" او" اتخاذ الأخدان " اى الزنا واتحاذ العشيقة .......
وعليه فإن اتفاق الزوجين على تحديد مدة للزواج لا يقدح فى صحة الزواج خصوصا وأن قوله تعالى " ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة" جاء عاما فيما يقع عليه التراضى ، سواء كان التراضى على جزء زائد على المهر او المؤخر او كان على تحديد مدة للزواج او على شىء اخر فى إطار الزواج الشرعى .

يشترط فى الشرط الشرعى ألا يُحل حراما أو يُحرم حلالا أو يتعارض مع توجيهات القرآن الأخرى. يقول تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (التحريم 1)
(قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآَخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة 29)
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (التوبة 37)
(وَلاَ تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة 224)
وبالتالى فلا تشترطوا شروطا تمنعكم من البر والتقوى والإصلاح بين الناس، ولا تشترطوا شروطا تُشيع الفساد والفاحشة بغطاء شرعى زائف.

وعليه أرى أن زواج المتعة حرام حرام حرام!
ولكم منا جزيل الشكر على سعة صدركم، ونشركم للآراء المخالفة لرأيكم للوصول إلى الحق إن شاء الله.
د. عزالدين محمد نجيب
13/6/2009

اجمالي القراءات 18716