حنفية المسيحيين

مدحت قلادة في الجمعة ٢٢ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

أواخر شهر أبريل قمت بزيارة لمصر بعد غياب دام خمس سنوات تقريباً للمشاركة في مؤتمر مصريين ضد التمييز الديني بعنوان "التعليم والمواطنة" في الفترة من 24 إلى 25 أبريل " انبهرت من كلمات المشاركين أصحاب الرؤيا الثاقبة الذين أكدت كلماتهم إن فشل التعليم هو السبب الرئيسي لما تعانيه مصر من تطرف وتخلف وانغلاق وتمييز بين المسلم وأخيه المسيحي أو البهائي وقدم المؤتمر صور حية للاضطهاد الديني في فيلمين من إخراج الأستاذة نادية توفيق والأستاذ نادر شكري أدركت أن الصورة ال&EcirEcirc;ي نعرفها عن التمييز الديني في مصر هي صورة مصغرة للحقيقة فالواقع أكثر تطرفاً وتعصباً واضطهادا ضد الآخر المخالف.
وكان اختيار الدكتور منير مجاهد ومرافقيه لموضوع المؤتمر كالعادة يعكس بعد رؤيا وصورة ثاقبة حيث أن علاج مصر من التمييز يبدأ من التعليم طبقاً للمقولة الصادقة "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر" فمن يقضي مراحل تعليمه من المرحلة الابتدائية للجامعة بدون معرفة الآخر فماذا نتوقع منه إلا التمييز والتطرف والتعصب ضد الآخر الذي لم يعرفه.

قصص واقعية من مدارس مصر

"حنفية المسيحيين ما فيهاش ميه"
مينا من طلاب مدرسة فاطمة الزهراء بمحافظة حلوان وادي حوف ذات يوم قالت له أمه: مينا ما تنساش تأخذ الزمزمية معك
فكانت إجابة الطفل البريئة: يا ماما مش ها خذها علشان حنفية المسيحيين ما فيهاش ميه!!
سألت لام ابنها البريء (يعني إيه!!): فإذا مينا الطفل ذات الثمانية أعوام يشرح التفاصيل الحكاية أنه مع بداية العام الدراسي ذهب بزمزمية للحنفية فإذ يقف أمامه بعض التلاميذ الأكبر سناً الذين قسموا حنفيات المياه هذه للمسلمين وهذه للمسيحيين وبالطبع حنفية المسيحيين معطلة وتالفة ولا يصل إليها الماء!! تعجبت من اعتناق أطفال المرحلة الابتدائية الأبرياء هذا الفكر الملوث المتخلف؟! كيف هذا يحدث في مدرسة قومية!
أدركت أن الفكر المتطرف لا يتوقف على المدارس الاخوانية فقط بل ينتشر انتشار كمرض سرطاني في وزارة يطلق علها وزارة "تربية وتعليم"؟! وكان المقصود بها التربية على التطرف والتعليم على الإرهاب ؟!

يا سيد الخلق يا طه
نشأت وترعرعت في حدائق القبة حيث مجمع مدارس يضم مدرسة الشهداء، ومحمد فريد الابتدائية، وإسكان ناصر الإعدادية.. بجوار منزلي في القاهرة تذكرت أيام الطفولة كنا نذهب للفصول على صوت بلادي بلادي بلادي لكي حبي وفؤادي... ولكني استيقظت ذلك الصباح القريب على صوت يا سيد الخلق يا طه راجعت نفسي للتأكد من عدم وجود مناسبة دينية على الإطلاق.
وعندما سألت لماذا هذا النشيد "يا سيد الخلق يا طه"؟
جاءت الإجابة من أحد التلاميذ نرددها أثناء صعودنا للفصول!! نشيد المدرسة الحكومية يا سيد الخلق يا طه!! وليس بلادي بلادي بلادي فتعجبت كيف هذا؟!
في مدرسة حكومية؟!
ليس هناك مناسبة دينية؟! وما شعور الطلاب المخالفين في الديانة؟!
كيف تكون نظرة زملائهم لهم؟!
أين وزير التربية والتعليم؟!
وأسئلة أخرى إن كان المدرسة الحكومية يسيطر عليها هذا الفكر فماذا ننتظر من الأجيال القادمة؟! وماذا يلقب وزير التعليم ملا أم شيخ؟! وماذا عن الدولة.. دولة دينية أم مدنية؟!
أخذت أفكر ماذا يكون شعور الطالب القبطي أو البهائي الذي ليس له الحق في شرب المياه في مدارس الدولة لأن حنفيته ليس بها مياه؟! وممنوع من شرب المياه من حنفية المسلمين ؟!وماذا عن شعوره وهو مهمش داخل مدرسة يساهم أبيه فيها من ضرائبه علاوة على المصاريف السنوية؟!
أليس هذا يحزن القلب؟
أليس هذا يزيد الطائفية؟
أليس هذا مدعاة للسخرية من الدولة المدنية؟!
أليس لنا أن نبحث مناسب لقب لوزير التعليم ورئيس الجمهورية أيضاً؟!
أخيراً لك أن تتخيل إن كان هذا يحدث في مدارس حكومية فكم بالأحرى في مدارس تحتكرها جماعات الظلام المتطرفة؟!
The eye, which doesn’t know the meaning of tears, it doesn’t know any thing of value العين التي لا تبكى لا تبصر من الواقع شيئا

اجمالي القراءات 12055