خير الرازقين

محمد فادي الحفار في الثلاثاء ٣١ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طالعني اليوم موضوع عن المجاعات والفقر وكيف يموت بعض الناس جوعا في مجاهل أفريقيا والهند وبعض بقاع الأرض ..
وقد أثار هذا الموضوع سؤال على أحد المواقع عن عدل الله بين خلقه وكيف يكون أحدنا سعيد مترف والأخر فقير مدقعا لدرجة الموت وهل هذا من العدل أم الظلم ..

فجاء ردي عليه على النحو التالي :
إن موضوع الأرزاق هذا سيدي يختلف كثير عما تصفه لنا من أن الله غير عادل رغم أن هذه الصور التي عرضتها علينا تدمي القلوب ..
فالله سبحانه وتعالى قال عe;ن نفسه بأنه خير الرازقين :

(((ام تسالهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ))) المؤمنين 72

أي أنه يوجد رازقين غير الله سبحانه وتعالى ليكون هو خيرهم وأحسنهم ...
وعليه من هم هؤلاء الرازقين وماهو دورهم في ماهو عليه العالم اليوم من بؤس ودمار ؟؟؟
تمتاز خيرة الله سبحانه وتعالى هنا عن باقي الرازقين بالتالي :
كأن تكون أنت قد ذهبت مع زوجتك في رحلة تطول لمدة شهر وكان لك أولاد بالغين بعض الشيئ ....
فتركت لهم مبلغ من المال لقضاء حاجاتهم وتركت لهم كفايتهم من مخزون الطعام ...
ثم قام أكبرهم أو أقواهم أو أكثرهم خبث وحيلة وما إلى ذالك بأكل حقوق إخوته من المال والطعام المخزون إن كان بإخفاءه وتغيره مكانه أو أكله بشراهة من حصصهم ..
وعليه
فهل يكون الأب هنا هو المسؤل عن هذه الحالة إم أن طمع الإخوة بين بعضهم بعض هو السبب ؟؟؟
هكذا هو الحال عزيزي مع الله سبحانه وتعالى والإنسان الذي هو خليفته على الأرض ...
فقد قدر الله سبحانه وتعالى في الأرض أقواتها لقوله :

((( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام سواء للسائلين ))) فصلت 10

وكما ترى فإن الله سبحانه وتعالى قدر في الأرض أقواتها سواء للسائلين ( بمعنى قسمة العدل للجميع ) ....
ثم قال لنا بأن الإنسان هو الخليفة على الأرض ...
أي أن الرازقين هنا هم الإنسان والذي هو خليفة الله المكلف على الأرض والذي من المفروض عليه أن يقسم قسمة العدل في هذه الأقوات ....
كما وأنه نبهنا تبارك وتعالى بأن لايبغي بعضنا على بعض لأننا جميعا في مرتبة واحدة عنده وإن ختلفت عقائدنا لأنه هو مصدرها :

((( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ))) الحجرات 13

فالذي جعلنا شعوب وقبائل مختلفة الأعراف والتقاليد هو الله سبحانه ووتعالى .... ثم قال بأن أكرمنا هو أتقانا ولم يحدد له قومية أوعرف من الأعراف ...
أي أن قسمة العدل في أقوات الأرض حق للجميع أي كانت عقيدته وهي ليست حكرا على أحد بأن نأكل حقه بحجة تكفيره وخروجه عن عقيدتنا كنوع من التحزب المرفوض شكل وموضوع لتعارضه مع العدل والأن المولى تبارك وتعالى كان قد حزرنا منه بقوله :

((( فتقطعوا امرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ))) المؤمنون 53

((( من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ))) الروم 32

((( فاختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ))) مريم 37

فالتحزب مرفوض عند الله سبحانه وتعالى لأنه عادل ولإننا جميعنا صنع يديه الكريمتين ... وأما القول بأن الدين عند الله الإسلام والذي يقوم على موجبه اليوم موضوع التحزب والأحزاب والتعنصر فإن الخطأ فيه عائد علينا لإننا لم نفهم كلام الله سبحانه وتعالى وماهو المقصود به بالإسلام ...
وعليه
ماهو الإسلام الذي يقال فيه (( ومن يتبع غير الاسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو فى الآخره من الخاسرين ))

يعود الخلط هنا لعدم فهمنا لكلمت إسلام وخلطها مع كلمت إيمان
فالإسلام على نوعين :
1- الإسلام الطوعي
2- والإسلام عن كره
أي أنه لايوجد خروج عن الإسلام بأي حال من الأحوال
فهل تستطيع مثلا وحتى وإن كنت ملحد أن تأكد لي أو لنفسك بأنك لن تموت ؟؟؟
إذا فأنت مسلم ومستسلم لقدرك والذي هو الموت .
فالإسلام شيئ والإيمان برسالة رسول من الرسل كمحمد ( ص ) شيئ أخر تمام .
تقول الأية الكريمة التالي :

((( افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون ))) أل عمران 83

وهنا نرى بوضوح كيف أن كل من في السماوات والأرض كانو قد أسلمو في الماضي إن طوع أو كرها وإنتهى الأمر لقوله ( أسلم ) التي تفيد الماضي .
وعليه
فهل جميع من في السماوات ومن في الأرض من الذين أسلموا طوعا أوكرها كانو يصلون صلاة محمد ( ص ) ويتوضؤن وضوءه ؟؟؟
بالطبع لا ....
هل كان المسيح عيس ابن مريم ( ص ) على صلاة المصطفى ؟؟؟
هل كان كليم الله موسى ( ص ) على صلاة المصطفى ؟؟؟
هل كان بوذا وغيره وغيره على صلاة المصطفى ؟؟؟
ومع ذالك فجميعهم من المسلمين إن طوع أو كرها بشهادة الأية الكريمة حيث أنهم من سكان السماوات والأرض الذين أسلمو إن طوعا أو كرها وإنتهى الأمر .

(((بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )))

وبما أننا أصبحنا نعلم الأن بأننا جميعنا مسلون إن طوعا أو كرها فيكون هذا الجزء ( بلى من أسلم ) من الأية الكريمة قد شرح معناه بناء على آية الإسلام الحتمي إن طوعا أو كرها .
ليأتي بعدها قوله تبارك وتعالى ( وهو محسن ) والتي تأكد التخير ...
أي أن الإحسان وحده هو ماتستطيع الخروج عنه بإختيارك , لأنه مسألة تخير بين الخير والشر ... 
بمعنى أنك تستطيع أن تخرج عن الإحسان لإنه إختياري , ولاتستطيع الخروج عن الإسلام لأنه قصري ...
وعليه
فهناك الإسلام المشروط بالإحسان والذي يأتي بمعنى ( الإيمان ) بعقيدة ما لتأمن على نفسك من خلالها من غضب الله وتصبح من السعداء , وهو ماتستطيع الخروج عنه لأنه إختياري .
وهناك الإسلام الشمولي بمعنى ( الإستسلام ) للقضاء والقدر والذي لاخروج عنه بأي حال من الأحوال ...

والأن
كيف نحكم على من يؤمن بعقيدة ما غير عقيدتنا بأنه غير مسلم لنكفره بعدها ونحرمه من حقوقه في قسمة الله سبحانه وتعالى له من مقدرات الأرض ؟؟؟؟؟؟ !!!!!!

((( يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله ان الله تواب رحيم ))) الحجرات 12

لاحظ هنا بأن الله سبحانه وتعالى يخاطب المؤمنون ....
وأما ما كان منا عزيزي فهو أننا أكلنا لحوم إخواننا من بني جنسنا ( الإنسان ) عندما تمتعنا على حسابهم بقسمة ضيزا بسبب تقسيمنا للناس لشيع ودول وعائلات وما إلى هنالك من تقسيمات مرفوضة أنستنا أصلنا الواحد وهو ( الإنسان ) ...
وعليه
فإن الخطأ في توزيع الأرزاق يعود على الرازقين ( الإنسان ) ..
ولا يعود على خير الرازقين ( الرحمان ) والذي قدر في الأرض أرزقها قبل أن يتركها أمانة بين أيدينا ,
فالخطأ يعود على الرازقين من بني الإنسان من الذين طمعو بما لايستطيعون صرفه طيلة حياتهم من أرزاق قرروا أن يكنزوها فقتلو بهذا النفس التي حرم الله قتلها إلآ بالحق بأن أكلو لحوم إخوانهم نيئة عندما حرموهم من أرزاقهم التي قسمها الله سبحانه وتعالى لهم ليشقى بهذا بعضنا وتسوء حالته حتى يصل لدرجة الموت جوعا .....

كل الود والإحترام للجميع

اجمالي القراءات 13281