مختارات من كتاباتى لدعم التسامح وتجديد الخطاب الدينى

Inactive User في الأحد ٠٩ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

مختارات من كتاباتى لدعم التسامح وتجديد الخطاب  الدينى




كفى صراخاً فى وجوه الناس أيها الوعاظ ( إستنساخ الأشياخ) :

كفى كلامأ عن الوعد والوعيد وناكر ونكير وعذاب القبر والثعبان الأقرع، كفى تقديمأ لآيات العذاب على آيات الرحمة، كفى تقديمأ لآيات القتال على آيات المحبة والسلام والتعايش مع الآخرين كفاكم تهديدا ووعيدا كلما صعدتم المنابر أو وعظتم بين المقابر كفاكم فقد مل الناس من أسلوبكم المكرر الذى يفتقر للإبتكار والتجديد، لقد سئم الناس كلا&atilatilde;كم عن النار والجحيم والعذاب وشوى الأجساد فى جهنم، لقد رسختم فى عقولهم أن الله تعالى يعذب فقط ويحرق فقط ويدمر فقط ويخلد المذنبين فى جهنم فقط ونسيتم أو أنساكم الشيطان الرجيم أن تذكروا لهم أن رحمة الله العظيم قد وسعت كل شىء وأن الله الرحيم يدعو إلى دار السلام والمغفرة ويدعو إلى سبل السلام وعوامل المحبة الصادقة بين الأفراد والشعوب ويدعو الناس للأمن والطمأنينة ويدعوهم لتكريم الإنسان لأنه سبحانه كرم بنى آدم وحملهم فى البر والبحر وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا0

لماذا لا نغيرأسلوب الخطابة من النهج التقليدى الذى بعتمد على تلقين المستمع لتعاليم الدين دون إشراكه فى قضايا الدين المختلفة والوقوف على أبعاده الفكرية، لو تحول الخطاب الدينى إلى خطاب تحاورى لكان من السهولة واليسر تخريج أجيال من الناس يفهمون الدين ومبادئه عن قناعة دون إرغام وعن حب دون قهر وعن إقبال دون إدبار سوف يفهم الناس مبادىء دينهم بشكل صحيح إذا تعلموا إعمال عقولهم وفهموا أسلوبأ يسيرا للتفكر والتدبر فى كل أمر يهمهم من أمور الدين والحياة فى كل شأن من شئون حياتهم اليومية0


ما هذا الكم الهائل من النسخ المكررة من الأشياخ المستنسخين؟

إن كلامهم واحد وأسلوبهم لا يتغير ومواضيعهم مكررة ويرددونها كل جمعة وكل خطبة سواء على المنابر أو وسط المقابر بعد دفن أحد الأموات، كلامهم يتركز على التخويف المزعج من عذاب الآخرة ويتحدث بإسهاب شديد عن عذاب القبر وضمة القبر والثعبان الأقرع وناكر ونكير ولا يمكن للإنسان أن يتخيل كيف سيعيش فى القبر ويستيقظ من الموت لكى يجيب على أسئلة الملكين ناكر ونكير وكيف سيكون موقفه من ذلك الثعبان الأقرع الذى سيمزقه إربأ إربا ناهيك عما ينتظره يوم القيامة من جحيم جهنم وعذاب يخلد فيه أبد ألآبدين وإذا قرأت معى كتاب إبن عباس الذى يحكى عن رحلة النبى محمد (ص) ليلة المعراج وأنواع العذاب الرهيب الذى رآه فى جهنم وألوان التعذيب الذى يشيب لهوله الولدان والمخصص معظمه للنساء لا يمكن أن تتذوق طعم الحياة ولا سعادة العيش ولا يمكن أن تكون لديك لحظة من الطمأنينة والأمن وأى أمن وأنت كمسلم تصلى الفروض وتصوم رمضان وتزكى وتسمع هذا الكلام فى كل خطبة دينية وفى كل محفل دينى، إذا كان المسلم الذى يعرف الله ويؤمن به وباليوم الآخر يقال له هذا الكلام صباحأ ومساءأ فما بالك بمن هم ليسوا بمسلمين وأين يذهبون وما هو موقفهم وما هو مصيرهم؟


لماذا لا يتحدثون عن رحمة الله العظيم الذى خلق الإنسان فى أحسن تقويم وفضله وكرمه؟


لماذا لا يتحدثون عن مغفرته التى شملت جميع العصاة التائبين عن ذنوبهم والتى وصلت لدرجة غفرانه سبحانه وتعالى للمفسدين فى الأرض ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم) ( فل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعأ إنه هو الغفور الرحيم) (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ( ورحمتى وسعت كل شىء)

أنا واحد من الناس الذين ملوا من الخطاب الدينى التقليدى المكرر وافضل عدم الحضور وعدم الإستماع إليه حتى ينضج وينمو ويتعاظم شأنه ويحترم عقول البشر ولايفرض عليهم ان يسمعوا بالقوة لصراخ الجهلة وعنف الأغبياء وضجيج المفرغة عقولهم إلا من كل غث لا يسمن ولا يغنى من جوع أين دعوة المحبة والتصالح والتسامح بين الناس جميعأ حتى لو أختلفت الأديان والملل والنحل والأفكار والتوجهات؟ أين دعوات السلام وإحترام حقوق الإنسان تلك الحقوق التى لو نجحنا فى توفيرها للإنسان العربى فقد نجحنا فى كل شىء وصرنا فى أعلى عليين بدلأ من القهر والقتل والإذلال تحت عباءة الدين رغم براءة أى دين سماوى من القهر والإرغام والقتل والعنف لأن الله رب العالمين يدعو للمحبة والمغفرة ويدعو إلى دار السلام وإلى سبل السلام ( لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى)
( إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء)
ألا من مجيب لهذا النداء؟
نريد خطابأ دينيأ جديدأ يركز على رحمة الله لعباده وعلى حقوق الإنسان ويجعل الوصول للعدل والسلام الإجتماعى من أهم غاياته ويركز على دعوات الرحمة بين الأفراد والشعوب والتسامح وإحترام الآخر وعدم تنصيب الإنسان من نفسه قاضيأ وجلادأ لكل من خالفه الرأى والفكر والدين وعدم إصدار الفتاوى والأحكام العشوائية بتكفير الناس ثم إهدار دمائهم تحت مسميات غريبة ما أنزل الله بها من سلطان نريد خطابأ دينيأ يحترم عقل الإنسان وآدميته وكرامته ولا يصبحه ويمسيه بالعذاب والجحيم كلما غدا أو جاء ليس فى حياته سوى الرعب من النار وجهنم وعذاب القبر حتى مل ولم يعد يتأثر بالوعظ المكرر والكلمات التقليدية الباهتة البائتة التى لم يعد لها فى نفسه أى صدى أو أثر يذكر نريد خطابأ دينيأ يكون فيه المستمع مشاركأ برأيه وإجتهاده وأن يحترم هذا الرأى وذاك الإجتهاد ولا يحتقر ولا يلقى به فى سلة المهملات ولا يتهم صاحبه بالكفر والضلال والخروج من الملة مهما كان هذا الإجتهاد وحتى لو كان مختلفا مع بعض ثوابت الدين فعلى المثقفين والواعين والمستنبطين لحقائق الدين التعامل برفق مع الإجتهاد دون زجر أو قدح أو شتم أو توبيخ أو تكفير لصاحبه ولكن إيضاح للحقائق مع حوار هادف بناء وليس حوارأ للهدم والسيطرة وتدمير الأفكار وتسفيه العقول لا تشترطوا على الناس أن يكونوا من خريجى أى مؤسسة دينية لأن المؤسسة االدينية المعترف بها من قبل الله تعالى هى المؤسسة التى تعلم فيها جميع الأنبياء والمرسلين وآخرهم محمد وهى مؤسسة الكتاب السماوى وآخرها القرآن الكريم تلك المؤسسة التى لا يأتيها الباطل من يديها ولا من خلفها وليس لها رجال مخصصون ومعينون من قبل الدولة ولكنها تفتح أبوابها على مصاريعها لكل مجتهد ولكل صالح يبحث عن سبل التقوى فى آيات مولاه العظيم لا تردوا المجتهدين بحجة أنهم ليسوا رجال دين فكل الرجال وكل النساء مؤهلون لأن يكونوا أحباب الله والدين كل بقدر علمه وجهده وإجتهاده فلا تمنعوا المفكرين من طرح أقكارهم حتى لو بدت غريبة ومناقضة لكم فليس هذا هو المهم لأن المهم ألا تتناقض مع نور الرحمن وليس مع آرائكم وأفكاركم أخرجوا من القالب التقليدى الممل والمكرر وأدخلوا الناس فى عصر الفكر والإجتهاد الحقيقى فى كتاب الله تعالى وكفى جمودأ وكفى مللا وكفى تكرارأ 0




لكل زمان علماؤه ومفكروه :


الدين السماوى --- عموماً --- هو مجموعة من المبادىء والقيم النبيلة والمثل العليا ألمكتوبة فى كتاب سماوى أنزله الله تعالى على أحد أنبيائه بالوحى وأمره بإبلاغ رسالته للناس بأسلوب حضارى يتميز بالمحبة والسماحة والأدب الرفيع .... فإذا استوعب الأشخاص مفردات الدين وتعاليمه وشرائعه وشعائره وفهموها وآمنوا بها واستقرت فى عقولهم وهيمنت على أفئدتهم وتحولت إلى سلوكيات واضحة جلية برشدها ورقيها وسموها على شكل أفعال حميدة وتصرفات مسئولة ومعاملات إنسانية فى جميع المناحى الحياتية اليومية .... كان ذلك دليلأ على إنتماء هؤلاء الأشخاص لذلك الدين وعندئذ يمكن تعريف هؤلاء الأشخاص بأنهم (( متدينون ))

ولكنهم –المتمسكون بدينهم--- لا يمثلون هذا الدين بحال من الأحوال ولكن يمثلون أنفسهم لأن الدين مبادىء وقيم ومثل وخلق ينفذها اشخاص على الطبيعة

إذأ ليس الدين ( أى دين ) هو هؤلاء الأشخاص لأنهم لو كفروا به وتنكروا لمبادئه فلن ينقص ذلك من الدين شيئأ وسيظل الدين هو الدين ومن هنا نأتى إلى نقطة فى غاية الأهمية وهى أن الدين—أى دين ---بنصوصه وقيمه وشعائره وشرائعه ومبادئه يصبح حجة على أى إنسان تابع له وليس العكس إطلاقأ فلا يوجد إنسان حجة على دينه بحيث يستطيع التحكم فى أيديولوجياته من حيث التبديل والتغيير والإضافة والحذف لأن الدين السماوى ملك لله وحده وهو المتصرف فيه كيفما يشاء , ولكن من حق هذا الإنسان أن يرفض تفسيراً معيناً أو شرحاً لمفردة من مفرداته إذا رأى تعارضاً بين هذا التفسير أو الشرح وبين الحقيقة .

إذأ هؤلاء الذين اجتهدوا وتفكروا فى الدين لا يمكن بحال أن يكونوا سندأ أبديأ للفكر الدينى على مر التاريخ وإلى يوم القيامة ذلك لأنهم عاشوا عصورأ تختلف عن عصرنا وظروفا تغاير ظروفنا وأفكارا وطموحات لا تمت لعصرنا بصلة ..

هم قد اجتهدوا لأنفسهم وليس لنا ولزمنهم ولظروف حياتهم بما يتفق معها ويليق بها ونحن نحترم إجتهاداتهم لزمانهم وحسابهم عند الله تعالى فلكل مجتهد نصيب ..

عندما تدبروا وفكروا واجتهدوا كانوا يعلمون تمام العلم أن ذلك كله إجتهادات وليست مقدسات لأن من يجتهد ليصبح إجتهاده مقدسأ أو دستوراً عاماً لكل الأماكن وكل العصور لا يصح أن يحسب من العلماء او المجتهدين أو المفكرين فالمفكر الحق هو الذى يعلم أن إجتهاده إجتهاد بشرى قابل للأخذ او الرد والخطأ والنسيان ولن تتعطل العقول الأخرى لأنه فكر وتدبر--- إذ أن لكل عقل نفس الحقوق التى له غير منقوصة --- كما حدث فيما بعد حيث ركن اللاحقون على فكر السابقين وأهملوا عقولهم التى ميزهم بها خالقهم عن سائر الكائنات الأخرى00

ليس لأحد إذاً ان يجتهد لنا أوأن يقنن تشريعات لعصرنا أو يضع لنا دستوراً يحكمنا حتى لو كان إمام زمانه وعلامة مكانه .. أو أن يورثنا فكره مجبرين وهو الذى عاش فى عصور مضت واختفت وزالت من الوجود بكل ما فيها من عادات وتقاليد ونظم حكم ووسائل معيشية وأساليب حياتية قد اختلفت كلية شكلاً ورسماً وموضوعاً عن زماننا وعصرنا ومكاننا بما فيه من سرعة وتقنيات وأدوات ووسائل ومليارات البشر وعلم حديث وعلماء ونظريات ومدارس وجامعات وتكنولوجيا جعلت العالم يمضى سريعاً متقارباً كالقرية الواحدة .

فالواجب على كل ذى دين أن يجتهد لعصره الراهن بما يتلاءم معه ومع مستحدثات المشاكل والقضايا فى عالم يغص بكل هذه التكنولوجيا والعلوم الحديثة الشائكة الشائقة ..

إن زماننا يحتاج فقهأ وعقلأ جديدا وفكرأ جديدأ يلائم و يساير روح العصرمع المحافظة على الأسس والقيم التى تقوم عليها الأديان وترتفع بها الأمم والأوطان

إن الذين يفرضون علينا تراث السابقين- أى فكرهم وفقههم- هم مجموعة من القابضين على التراث ( كالغريق المتعلق بقشة ) الجامدين فى أماكنهم الغير راغبين فى التجديد والإبداع رغم أن دين الله تعالى صالح لكل زمان ومكان ولم يقف عند زمان أو مكان بعينه .

إن الكتب السماوية مفتوحة على مصراعيها أمام الجميع لكى يقرؤها ويتدبروها ويفقهوها ويجتهدوا فيها فهذه الكتب الشامخة . . ألتوراة والإنجيل والقرآن---هى كتب الله تعالى وحكمه وليست حكرأ لأحد 00من حق المسيحى واليهودى قراءة القرآن وتدبره وفهمه ومن حق المسلم قراءة الإنجيل والتوراة وتدبرهما وفهمهما ..

كفى عراكا وقتالأ ايها المحاربون النشطاء لأن المستفيد الوحيد من تقاتلكم وتناحركم هو عدوكم القديم الشيطان الرجيم كفى تزكية لأنفسكم فليس فيكم من هم أبناء الله وأحباؤه وكيف تكونون أحباءه وأكثركم لا يعبده إلا وهو مشرك به وفضلتم الدنيا على الآخرة وغرتكم الأمانى وظننتم ظن السوء وكنتم قومأ بورا.

لن يغيركم الله ولن يغير ما فيكم من أخطاء وشرور وضلالات حتى تغيروا ما بأنفسكم

إن المفكرين المجتهدين للوصول بالبشرية إلى بر الامان متهمون بالكفر والضلالة لأنهم أعملوا عقولهم فكرأ وتدبرا وكفاحأ فى النصوص الدينية لكى يستخلصوا منها فقهأ جديدأ يساير العصر ويحافظ على قيم الدين النبيلة وأسسه الكريمة وفضائله

إن الباحثين من العلماء والمفكرين على اختلاف مشاربهم ومناهجهم وأديانهم يطاردهم القابضون على التراث بتهم التكفير الجاهزة والتفصيل لكل واحد منهم ما يناسبه من تهم وكل ذلك بغرض تسفيه أى فكرة جديدة وتحقيرها والحط من شأنها ليظل الناس تحت عباءة التراث وفقه الماضى لا يتزحزحون عنه قيد أنملة رغم الإختلاف الرهيب بين الزمان والمكان وكل ما فيهما .

ألم يئن للذين يكفرون المفكرين أن يحركوا عقولهم إجتهادأ فى الحياة والدين وإبتغاءأ لفقه جديد يلائم روح العصر الذى نعيشه ويحافظ –فى ذات الوقت—على ثوابت الدين والعقيدة والمثل العليا والقيم النبيلة الراقية ؟؟

ألم يئن لهم تحريك عقولهم الساكنة الجامدة التى أسلموها للتراث يحركها كيفما يشاء ؟؟ ألم يئن لهم أن يفيقوا ويغيروا ما بأنفسهم لأن الله لن يغيرهم حتى يغيروا ما بأنفسهم , فاليعبد كل إنسان ربه على دينه وبالطريقة التى يفهمها وله أن يعيش آمناً مطمئناً على نفسه وأهله وماله وبيته .

إنها دعوة كبرى لسلام الأديان سلام المحبة بين كل الشعوب ,
سلام ينبذ الإرهاب والعنف والقتل العشوائى وإغتصاب بلاد الغير وهتك أعراضهم وهضم حقوقهم , سلام يجعل الإنسان لا يشعر بالغربة فى غير وطنه الأصلى ,
سلام يضمن لكل صاحب عقيدة مختلفة أن يأمن على نفسه وسربه وماله ,
سلام يضمن كرامة الإنسان وحقوقه على كل ربوع الأرض ,
سلام يحارب الفقر والجهل والمرض وينشر الحرية والسعادة والكرامة الإنسانية ,
سلام يوحد قوى الخير والمحبة ضد المجرمين والديكتاتوريين والظلمة ومتهكى حقوق الإنسان , سلام يعيد للمرأة ثقلها وما سلب من حقوقها ويضمن لها العدل والطمأنينة ,
سلام يحرر الطفولة من ذل الإستعباد والتشرد والإهمال ,
سلام دعا إليه الله تعالى فالله يدعو إلى دار السلام ,
فمالهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً .




وعلى الإنترنت السلام :

منذ سنين وأنا أقرأ كثيرأ على النت وأكتب قليلاً , قرأت حقائق ومعجزات وفهمت قصصاً وروايات , وكررت قراءة بحوث وكتب ودراسات , تجولت فى الكثير من الصفحات , سمعت أفلاماً وأغنيات , واستمتعت بفنون وموسيقى ورسومات , ودخلت مواقع ومنتديات , وقرأت مقالات وتعليقات , وحضرت مناقشات وحوارات ومناوشات , وصلت لحد الشتائم والبذاءات , .
فهذا موقع يؤكد كتابه أن الشمس تشرق من الغرب ويقسمون على ذلك ويأتون بالأدلة والمستندات والبراهين والتأكيدات , وينتفض آخرون رافضين لما يقولون , حرام عليكم يا عالم الشمس تشرق من الشرق وتغرب فى الغرب منذ خلق الله الدنيا , فينظر أصحاب الرأى الأول لهم ساخرين ولرأيهم محتقرين قائلين اسكتوا يا جهلة فأنتم لم ولن تتوصلوا لما عرفناه من حقائق وما وصلنا إليه من علم صادق , ويقف كل من الفريقين كالديك يدافع عن رأيه , أهل الحق أفلسوا من كثرة أهل الباطل ووضعوا اصابعهم العشرة فى الشق , وسكتوا عن الكلام المباح , وذهب كل منهم لداره كى يرتاح .

مواقع أخرى لأقوام يسمون ( اللادينيين ) يعلنون فيه فكرهم ويؤكدون أن الدين خرافة ولعبة كبيرة لإلهاء الناس عن الحياة ولذاتها وطموحاتها , وفكرة وجود الله باطلة وهى أكذوبة كبيرة , وقد سخروا لهذا الباطل مواقع كثيرة وصفحات وفيرة , ولديهم فلافسفة أفذاذ يتكلمون كثيرأ ويتبجحون أكثر , ويريدون تجنيد الكثيرين ليؤمنوا بما آمنوا به , ويسعون جاهدين لنشر دعوتهم , وأمنية حياتهم أن يتحول كل الناس إليهم وينحوا نحوهم ويسلكوا مسلكهم , وينامون يحلمون باليوم الذى يكفر فيه العالم كله بالله ( تعالى علوأ كبيرأ ) , والغريب أن لهم زبائن ولمواقعهم أحباب ورواد ومناضلون يذودون عنهم ويكافحون من أجل إعلاء كلمتهم , ولما لا .. أليس للشيطان جنود من الإنس والجن ؟؟ بلى ..

مواقع ومنتديات ليس لهم هم سوى القدح فى معتقدات الآخرين , فهؤلاء مسيحيون ليس لهم هم سوى التهجم على الإسلام ورسوله وكتابه , ويقرؤن القرآن والأحاديث ليس رغبة فى الفهم أو التعلم أو سعيأ وراء الإيمان به , ولكن لغرض واحد فقط وهو الخروج بآيات من سياقها لكى يثبتوا لأنفسهم أن الإسلام دين سىء ولا يمت لله بصلة وأن رسوله هو من ألف القرآن وأن الإسلام دين قتل ودم وسيف , ويسوقون لذلك الأدلة والبراهين ليؤكدوا حجتهم ويثبتوا وجهة نظرهم , وعلى الجانب الآخر فقد تم تخصيص مواقع أخرى لمهاجمة الدين المسيحى وعقائده وشرائعه وأتباعه وتجد أهل هذه المواقع فقهاء فى العهدين القديم والجديد ليس لأى هدف أو غرض سوى أن يثبتوا لأهل هذا الدين أنهم على الباطل وأن مصيرهم جهنم وبئس المصير .

الأعجب هو التمذهب فأصحاب الدين الواحد ( أى دين ) قد تفرقوا شيعأ وأحزاباً كل حزب بما لديهم فرحون , وكل فريق ينشىء لنفسه المواقع على النت والمنتديات ويجيش الجيوش من الكتاب والنقاد والمعلقين والباحثين , ويحاول أهل كل فرقة أن يثبتوا للآخرين أنهم هم الناجون من النار وسواهم هم أصحاب الجحيم , وأنهم الوحيدون الفاهمون لدينهم وطقوسه وتفاسيره وشروحه , وغيرهم جاهل وواهم وتافه وسطحى وليس هناك عقل مثلهم يفهم أو قلب مثل قلبهم يعقل , وقد وضعوا أيديهم على الحقيقة وغيرهم يعج فى ظلمات الباطل والجهل والضلال , ولا يمكن لفريق منهم أن يستمع للآخر بإخلاص وأن يستوعب فكرته ويستقرأها بعقله وقلبه معأ , ولكن التكفير والتحقير على طرف لسانه يسبق كلامه ويقفز من فمه على وجه من يجادله ولا يسمح له بقول رأيه أو توصيل حجته .

والأعجب من كل ذلك هم فتوات التعليقات , فقد كانت الفتونة زمان بالنبوت ( عصا غليظة مشهورة فى مصر القديمة) وكان يتم أختيار فتوة لكل حارة يؤدب أى واحد بيستهبل أو عاوز يعمل جدع , فى المواقع والمنتديات هناك فتوات أيضأ من ذوى الأساليب اللاذعة والشتائم الرادعة والتهديدات الموجعة , وتجد خلفه فئة كبيرة من المعلقين الصغار ( الصعاليك ) يؤيدونه فيما يقول ويرفعوا نبوتهم أقصد تعليقهم فى وجه كل من تسول له نفسه الرد على الفتوة ( فتوة الموقع ) والغريب أن فتوة الحارة كان له إسماء مزعجة مثل أبو شفتورة وحنكورة وسلومة وأبو رجل مسلوخة , فتجد أيضأ ان فتوة الموقع أو المنتدى قد اختار لنفسه إسمأ جديدأ ليخيف به الآخرين ويرعبهم ويرهبهم مثل أبو زلومة أو أبو مخالب أو الجن أو العفريت أو ابو جلمبو وهكذا ..

وكل موقع أو منتدى يسيطر على تعليقاته فتوة خاص به ومعه مجموع صعاليك أو هتيفة أو مهلالتية يصفقون له كلما قال أى شىء حتى لو قال ريان يا فجل أو لوبيا فجل لوبيا أو طرى يا خيار اخضر ... فقد أغلقوا عقولهم واسندوا للفتوة مهمة الفهم والتفكير والتدبير لأنه هنا هو المخ وهم العضلات , وعندما لا يعجبهم مقال فما على الفتوة غير أن يكتب إشارة بسيطة بإصبع رجله أن هذا المقال مش ماشى على هواه فترى الباقين نزلوا بما لديهم من نبابيت أقصد تعليقات وكلام فارغ وقلة أدب وسفالة من أقذع الأنواع ضد المسكين المخالف لهم فى الفكر أو الرآى أو الدين , فماذا يفعل غير أن يضع يديه على راسه ويهرب من تكاثر النباييت اللافكرية على رأسه فجأة وبدون توجيه سابق إنذار .

يبدو أن قلة الأدب فى المقالات أو الشتائم والسفالة فى التعليقات هى أيدولوجيات شعوب كاملة وأساليب تربية لا أخلاقية لأقوام كاملة برمتهم , فيعتقدون أن الرد على مقال ببضع شتائم قبيحة هى حق مباح وشىء طبيعى من حقهم بل لا أحد يستطيع أن يحرمهم من هذا الحق , ولقد نسوا أن العالم كله يقرأ لهم وهناك مواقع تترجم للغات أخرى .
فعندما يقرأ الآخرون لهم هذه الشتائم واللعنات والبذاءات سيعرفون لأى ثقافة ينتمون ومن أى بئر يشربون , وسيكونون دليل إدانة ضد أقوامهم وجنسياتهم وأوطانهم فى نظر العالم أجمع .
ومع ذلك فلا يخلو الإنترنت من المعتدلين والمصلحين والناشرين العلم والبحث والدراسة من أجل تقدم البشرية وحضارتها ورفاهيتها , والمشكلة أننى أصبحت مدمنأ للإنترنت فلا أستطيع الإستغناء عنه رغم ما يصيبنى من غثيان من تلك المواقع والمنتديات التى تنحط بقيمة الإنسان إلى أسفل سافلين , وعزاؤنا فى ذلك أن الخير موجود فى هذه الدنيا جنبأ إلى جنب مع الشر , ورغم أن الشر كثير جدأ إلا أنه يحترق بسرعة ويختفى من أى خير جواره , وسوف يحق الله الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين .



حلم قديم وواقع أليم :


أثناء عمرى السابق وفى مرحلتى الطفولة المتأخرة وبداية الشباب كنت أستمع لقراءة القرآن الكريم فى الراديو أو العزاء او فى المنزل من أحد شيوخ القرية الذين يقرؤن فى البيوت بقصد إحلال البركة فى المكان وكنت أحب القرآن جدا وكنت أطرب لسماعه بل كنت ابكى أحيانأ من جمال صوت المقرىء الملىء بالخشوع
الغريب اننى كنت فى طفولتى متأكدا ان هذا الكتاب العظيم ( القرآن ) لابد وانه يحمل كل معانى الخير والحب والسعادة للبشرية جميعأ حيث ينظم حياتهم بشكل جميل وينصحهم بأسلوب ربانى معجز وينير لهم ظلمات حياتهم , وتأكد داخل قلبى ان هذا القرآن لا بد ان يسير فى إتجاه واحد لا غير وهو إتجاه النور ولا يمكن ان يسير فى طريق الظلام تعالى الله علوا كبيرا
اى ان القرآن يدعو فقط للحب فلا يمكن أن تجد فيه آية تدعو للبغض والكراهية والحقد , ويدعو للسلام فلا يمكن ان تجد فيه آية واحدة تأمر ببدأ الحرب والإعتداء على أحد ولكن توجد آيات تأمر بصد الإعتداء والإنتصار لحرية الإنسان حتى لا يصير الدين الربانى ملكأ لأحد من العباد بل يصير الدين كله لله
بمعنى أن يترك امر الدين والتدين أو عدم التدين للواحد الديان هو وحده عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا وهو وحده القادر على محاسبة عبيده على ما قدموا وأخروا , فأنا كإنسان استطيع أن أراقبك من الخارج فاراك تصلى فاظنك تقيأ وانت قد تكون عكس ذلك , وقد أراك حول الكعبة الشريفة تؤدى مناسك العمرة أو الحج فاعتقد انك صالح وقد تكون أنت غير ذلك وقد ألتقى بك فى رمضان صائمأ او هكذا تبدو لى ولكنك قد تكون غير ذلك , وقد نتصادف وأنت توزع اموالأ على الفقراء فاظنك من عباد الله المخلصين وانت من ألدّ اعداء الله تعالى ..
كيف ذلك ؟؟
أما عن الصلاة فقد تؤدى رياءأ ( الذين هم يراءون ويمنعمون الماعون ) , واما عن حجك فقد تكون ذاهبأ لشراء إسم الحاج , وأما عن الزكاة فقد تكون رءاء الناس (كالذى ينفق ماله رءاء الناس) وأما عن الصيام فقد تكون مفطرأ ونحن لا نعلم , إذأ كيف يفصل فى ذلك ؟
لان المسألة ... مسألة العبادة والتقوى والخشوع للواحد الأحد.... مسألة غيبية من الأساس فلا يتأتى لمخلوق ان يفهمها أو يزنها او يتنبه لحقيقتها فتلك مسألة عظيمة لا يمكن أن يعلمها غير الله تعالى فيحاسب عليها برحمته وقدرته وعلمه
ولست أدرى لماذا عندما كبرت رأيت بعض الاشياخ والمجتهدين والمفسرين يحاولون إدخال أشياء فى عقلى تتناقض مع ما كبرت عليه من معتقدات فى الدين والقرآن العظيم فبدلا من السماحة التى كبرت على أنها من أهم أخلاق القرأن وجدت القسوة والقهر والدعوة لمقت الآخرين أصحاب الديانات الأخرى وتكفيرهم ودحض معتقداتهم ووجدت الدعوة لقتل المخالف فى الرأى بعد إقامة حجج الإرتداد عليه ورأيت بحورأ من الدماء تسيل تحت إسم الدين والتدين وأبرياء يقتلون وأطفال يغتالون وشيوخ يقهرون ومفكرين يكفرون ويطردون او يهربون وكل ذلك تحت غطاء وستار الدين والتدين
رايت الخوف يحل محل الامن ورأيت النفاق يحل محل الفكر الحر والرأى الجرىء الغير خائف , ورايت المداهنة تحل محل الرجولة والثقة بالنفس والكرامة الإنسانية , فلو حاولت التفكير ولو قليلأ فيما حولك من افكار ومعتقدات وآراء وأعملت عقلك قليلأ ثم صرحت بذلك لكان السيف – سيف الإرهاب—مسلطأ عليك متهمأ إياك بمحاولة النيل من الدين وهدمه رغم علمى الأكيد أن الدين الذى هو من عند الله ومن لدنه ومن وحيه لا يمكن للبشرية كلها هدمه حتى لو صممت على ذلك وجيشت الجيوش , إذ كيف للمبادىء الراسخة أن تهدم ؟ إنها تهدم وتعدم فعلأ— وفقط -- من الخوف والقهر والإرهاب والإرغام والإجبار وقتل الحريات الشخصية وسفك دماء الفكر المستنير
كانت الدنيا فى صغرى كأنها جنة وكان القرآن ينيرها ويمحو ظلامها ويملؤ القلوب ببهجة التقوى والقرب من الله تعالى , ولكن الدنيا صارت جحيمأ من المدافع والقنابل والقتل والتفجير والإختطاف وتقطيع الأوصال بحجة نصرة دين الله , فهل دين الله فعلأ يحتاج لكل تلك الدماء حتى ينتشر ؟ ولو إنتشر فهل يثبت فى القلوب ؟ أى هل الخوف من السيف والقنبلة والقتل وحد الردة يمكن أن ينتج لنا قومأ يعبدون الله حقأ ويتقونه ويخافون عقابه هو ؟ أم يخرج لنا قومأ يخافون التعذيب والتنكيل والقتل وتنفيذ حد الإرتداد عن الدين أى قومأ من المرائين والمنافقين والخاشعين للمخلوق والخائفين فقط من المخلوق وليس من الخالق , وبذلك , وبكل هذا الكم الهائل من التخويف وحرق الامن ينشأ شعب جاهل يكره الدين من داخله وينفذ مناسكه من خارجه خوفأ من العقاب والعذاب على يد المخلوق وليس على يد الخالق سبحانه
مع كل التناقض الرهيب المفزع بين ما نشأت عليه من رأى حول الدين والقرآن وبين ما رأيته وعاصرته بعد دخولى فى عمر الفهم والإدراك الكاملين قررت مراجعة القرآن وقراءته على مهل فى عشرين عامأ مضت فلم أجد فيه غير الدعوة للحب والسلام والعدل والكرامة الإنسانية وحرية الدين والرأى والمعتقد والفكر واحترام عقائد الآخرين فلهم دينهم ولى دين
فمن اين جاءت تلك العصبية وكيف نشأت وكيف انتشرت وكلنا يعلم مدى سماحة الرسول الخاتم مع اهل الديانات الأخرى وحتى مع الكفار الذين لم يعتدوا على المؤمنين ولم يظاهروا عليهم احدا وكلنا يعلم انه عليه السلام لم يمس كفار مكة بسوء بعد الفتح المبين لمكة المكرمة ولكنه عليه السلام قال لهم إذهبوا فأنتم الطلقاء ولم يفرض عليهم دين الإسلام بل تركهم يختارون ما يشاؤن من عقائد طالما عاشوا فى حالهم ولم تمتد ايديهم بسوء لأحد , ولقد كرم رسول الله فى هذا الموقف العظيم حرية العقيدة والفكر والمنهج طالما عاش الآخرون آمنين لا يضرون أحدا ولا يدبرون المكائد ضد احد
هكذا كبرت وتعلمت وهذا ما فقهته عن خاتم الرسل والأنبياء عليهم السلام الذى كان خلقه القرآن وكان قرآنأ يمشى على الارض وكان يرفض إيذاء اى كائن حى فما بالك بالإنسان المكرم ؟
وهكذا عرفت وايقنت وتأكد لى أن كل الافعال التى يقوم بها المتشددون والمتزمتون هى أفعال من وحى خيالهم ومن واقع فكرهم وثقافتهم التى استقوها من تراث قديم عبثت به كل الأيادى الحاقدة على الإسلام وكتابه النير ورسوله الكريم , كما تأكد لى براءة القرآن العظيم من كل دعوة قتل بلا مبرر او تدمير او تفجير او إغتيال أو حرق الأمن او التنغيص على الناس او فرض الرأى بالقوة , كل ذلك برىء منه الله تعالى وكتابه الكريم ورسوله الحكيم
لن أقتنع ان دين الله العظيم يمكن ان يدعو للحرب او القتل او سفك الدماء ولكن أقتنع انه يدعو للحب والتآخى بين الشعوب والتسامح بين البشر ولا يمكن لدين الله العظيم ان يكون فيه توكيل لبعض البشر بمحاسبة البعض الآخر قبل الموت اى فى حياتهم الدنيا ولكنى اقتنع أن الأمر كله لله والحكم كله لله فهو سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور وغيره لا يعلم وغيره لا يحيط بالكون علمأ وغيره ضعيف وغيره فان وغيره ميت وغيره يمرض وغيره لا يستطيع ان يمنع نفسه من الشهوات والذنوب , فيا ايها المتألهون على العباد رويدا رويدا , واتقوا يومأ ترجعون فيه إلى الله واتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة وعليكم الدعوة لدين الله بالتى هى أحسن وما الله بغافل عما تعملون.




الحقيقة ليست حكراً لإنسان :

مسكين جدأ ذلك الإنسان الذى يظن أنه يملك الحقيقة فى يديه , واستحوذ عليها , وصارت تحت إمرته , يتصرف فيها , ويحركها ويثبتها , ويظهرها ويخفيها , عندما يريد وحيثما تسمح نفسه بذلك , وبعد ان يتشاور مع عقله الأوحد , وفكره الأعظم , الذى لا يدانيه فكر , ولا يصل إلى مكانته عقل إنسان مهما كان 00فقد صارت الحقيقة جزءأ من ممتلكاته , ولا يحق لمخلوق أن ينافسه فى ملكيتها , وإلا كان النقد القاتل , والترويع والتخويف , والوعد بالويل والثبور وعظائم الأمور نصيب ذلك المتهور الذى يريد ان يتنافس معه فى معرفة الحقيقة وأقول هنا معرفة وليست ملكية لأن السيد الفاضل مالك الحقيقة هو وحده مالكها 0
ولست أعرف ولست أدرى ولست افهم لأى سبب ولأى هدف يعيش هذا الإنسان المسكين – مالك الحقيقة — فى هذا الوهم القاتل والكابوس المفزع الذى لن يستيقظ منه إلا فى قبره مضيعأ بذلك حصاد وشقاء عمره فى الإختباء وراء وهم مزعج إسمه ( ملكية الحقيقة ) ويعلم الله تعالى أن الحق والحقيقة ملك لقيوم السماوات والأرض وحده بلا شريك , فأى بئر سحيقة سقط فيها هذا الجانى على نفسه , المناقض لكل كتاب سماوى , المحارب للعقل والفكر والكرامة الإنسانية , الداعى لعبادته بدلأ من عبادة الحى القيوم , والذائد عن نفسه لدرجة التورم العقلى , والحارق لغيره بأبشع انواع التهميش والتصغير والتحقير فكأنه وحده الذى يعرف وغيره يجهل , وهو وحده الذى يفكر وغيره يتخبط , وهو وحده الذى يتدبر وغيره يتعثر , وهو وحده الذى يرى وسواه اعمى , وهو وحده الذى يسمع وسواه أكمه , وهو وحده الذى يفقه وغيره أبله , وهو وحده القوى وغيره ضعيف , وهو وحده الثقيل وغيره خفيف , وهو وحده الفاهم وغيره ناقم , وهو وحده الذكى وغيره غبى , وهو وحده الجدع وغيره يضرب الودع , وهو وحده الوسيم وغيره دميم 00
إنه شخص متفرد بذاته , يعيش فى ملكوت ملذاته , وجبروت شهواته هذا الذى ينفى كل النعم الربانية عن بقية العباد , ويثبتها فقط لذاته ويسخرها لمتعه ولذاته , ويجود ببعضها على أقاربه وذواته ومجامع أشتاته , فهو شقى بكبره , ميت كأنه بقبره , سخيف يخيلائه , وضيع حتى فى أبهى ردائه , هذا الذى يريد سرقة الحقيقة وجعلها حكرأ له من دون العباد , وكأن الناس خلقوا لكى يلتفوا حوله ويستجدوا عطفه فيتنازل من علياء سمائه , وينسى جزءأ يسيرأ من حقده وكبريائه فينظر إليهم ويتكلم معهم وكأنه واحد منهم والحق أنه كذاب أشر , وأشر نفر والبعد عنه غنيمة , والقرب منه جريمة0
طبعأ لا يوجد شخص بعينه أقصده بمقالى , ولكن توجد صفات ممقوتة فى بعض المسوخ البشرية التى غواها الشيطان الرجيم , وطغى عليها الحقد ولفها الكبر على العباد , فظنوا كما ظن إبليس من ذى قبل أنهم خلقوا من طينة أغلى وقماشة أعلى وصنعة خصوصية خصصها رب الكون لخلقهم فتعالوا على الناس , والناس عند الله أعظم منهم , وإليه اقرب والله أعلم وأعظم
لو أردت نقاشه فى مسألة , تحول الموقف إلى مهزلة , فهو لا يطيق الحوار , ولكنه يقدس الموافقة على ما يقول وكأنه يتكلم مع عجول , ولا يطيق رفض وجهة نظره فهو فوق وغيره تحت فكيف يتطاول التحتيون على الفوقيين , وكيف يتجرأ الاراذل على ألأكابر , وكيف تناقشه وهو أصلأ لا يراك , فقد عميت عيناه ليس من مرض ولكن من حقد , وقد صمت أذناه ليس من صمم ولكن عن عمد , وقد تدرب لسانه على القذف والسب والشتم لكل من خالفه , والمدح والتبجيل لكل من وافقه فهى صفات عربيد عتيد , وعتل زنيم , لا يرقى للفكر الإنسانى المستنير ولا يتأتى له أن يحسب بشرأ , بل هو ذئب يفترس حق الناس فى الكلام والفهم والرفض والثورة على الباطل , ويفترس حقهم فى الحرية بكل ما تحمل كلمة حرية من معان , ويفترس حقهم فى أن يكونوا رأيأ ما فى مسألة ما وأن يكون لهم فكرهم الخاص ووجهة نظرهم التى يجب أن تحترم مهما كانت مخالفة لمعتقداته وافكاره وآرائه0
الإنسان مخلوق مميز بالعقل والفكر والإدراك والفهم وتكوين وجهات نظر فى كل منحى من مناحى الحياة , بل لقد كرم الله الإنسان لدرجة أنه حر طليق يفعل ما يشاء – دون إضرار الآخر طبعأ – لدرجة إطلاق الحرية الدينية لمن شاء أن يؤمن بالله الذى خلقه أو يكفر به والعياذ بالله تعالى فقد حكى القرآن الكريم عن نبى الله إبراهيم الخليل عندما دعا ربه ان يرزق أهل مكة ( بلد الكعبة الشريفة) من آمن منهم بالله واليوم الآخر وخصص الدعاء للمؤمن فقط ولكن الله الغنى القوى العزيز الكريم قال ومن كفر فأمتعه قليلأ – أى فترة حياته الدنيا—ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير وقرر المولى سبحانه أن يرزق الكفرة كما يرزق المؤمنين فى الدنيا ولكن فى الآخرة شأن آخر فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثأ
فيا ايها الواهم ظلمأ انك تملك الحقيقة0000 رويدك
ويا ايها الناظر للناس من فوق وهم – فى رأيك – تحت
ويا ايها المعتقد زورأ وجورأ أنك على الحق وغيرك باطل
ويا كل إنسان متكبر على خلق الله لأى سبب من الأسباب
أفيقوا قبل فوات الأوان وقبل ان يأتى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم 0




الإرهاب والكُتّاب :

يعيش أى كاتب عربى حر فى عزلة تامة فى موطنه أو يفكر بصدق فى الرحيل عنه بسبب الخوف الشديد من الإتهامات المكررة بالكفر والضلال والعمالة للامريكان والتجسس لصالح الصهاينة والعمل من أجل تفكيك القوى الإسلامية وتفتيت الكيان الدينى لها ومد يد العون للظلمة من أعداء الدين للقضاء عليه وتحطيم الأعمدة التى بنى عليها 0
ولقد نسى هؤلاء ان دين الله الإسلام قوى بكتابه الذى لا يضعف , متين ببنائه الذى لا يهتز مهما قويت الزلازل وحمي وطيس البراكين, ثابت بحفظ رب العزة له , مسيطر على قلوب وعقول المؤمنين , مهيمن على فكرهم , ساطع فى قلوبهم ومشرق فى نفوسهم0
هؤلاء الذين يصورونه دينأ هشا تهزه الرياح وبناءا متأرجحأ تكاد تقتلعه أقل العواصف وكيانأ ضعيفأ يميل يسرة ويمنة مع كل من راح أو غدا , هؤلاء لم يفهموا عظمة الخالق عندما أبدع الخلائق وقدرته الفذة اللانهائية حين اتخذ قرار الكينونة للبشرية وقرار الهداية بإصطفاء المرسلين من بنى آدم وبإرسال الكتب السماوية لتكون نبراسأ على طريق البشرية فى عمرها المديد0
ألدين قوى بمولاه , متين بمحتواه , صادق فى فحواه , فهو شفاء لما فى الصدور, وإكمال لنواقص محتويات القلوب من دعائم الإيمان التى توزن عند رب العزة بميزان , لا يدرك دقته ملاك ولا إنس ولا جان , فهو ميزان التقوى التى اختص الله تعالى بها نفسه فلا يعلم مقدارها سواه ولا يقف عند حدودها إلاه0
إننى أكتب مقالى هذا وأنا متأكد من إرهابهم فسوف تنبرى أقلامهم بوصفى بأوصاف لا يعلم مداها إلا الله ونعتى بألقاب لا تمت لى بصلة وقد يتم ربط إسمى بأسماء بعض الصهاينة او الأمريكان بحجة العمالة وقد يتم وصفى بالمتآمر على الإسلام وقد يكون لى رصيد ضخم فى البنوك كأجر لعمالتى وثمن لضلالتى ومقابل لوضع يدى فى يد اعداء الدين 00نعم هكذا سيكون كلامهم ووصفهم وتعليقهم0
لقد كتبت مئات المقالات وسأكتب ما دمت حيأ ولن يثنينى أحد عن عزمى طالما عشت مؤمنأ بحقى فى الكتابة والتفكير والإجتهاد فنفسى التى بين جنبى هى ملك لله وحده ولن ينتزعها سواه وقلبى ينبض بحب الله تعالى وكتبه السماوية وملائكته ورسله الكرام فلماذا يريد بعضهم منعى وإيقافى عن الكتابة ونشر افكارى ؟
إننى مصاب فعلأ بذهول شديد من التهم التى لفقت للكثيرين من الكتاب الشرفاء على صفحات هذه الجرائد الإلكترونية والمطبوعة على حد سواء لمجرد أنهم أعملوا عقولهم وحركوا أفكارهم ولست ادرى بأى حق يطلق الإنسان لنفسه العنان للشتائم والسباب وتوزيع التهم دون دليل حقيقى أو سند مؤكد أو إثبات يقف أمامه ذوو العقول مشدوهين0
فليكتب كل واحد ما يشاء وليفكر كما يحلو له وليغوص فى ملكوت الله تعالى ويسرح ويبدع أو حتى يخرف فهل ينقص ذلك من ملك الله شىء؟ هل يتأثر قرآن الله العظيم بفكر المفكرين وجهد المجتهدين؟ حاشا لله تعالى فهو سبحانه الإله العظيم القوى السرمدى الذى لا تأخذه سنة ولا نوم ولا يشرك فى حكمه أحدا ولا يهتز دينه العظيم بفكرة مفكر او حلم حالم أو هلوسة مخرف فما الذى يجعلنا نكمم الأفواه إذأ عن التفكير ونحبس الألسنة فى أماكنها فلا تتكلم إلا بسلطان ولا تعبر إلا بإذن فهل هذا هو الصواب ؟0
إن الحرية فى أوسع معانيها علمها لنا القرآن والحب فى أعظم صوره تعلمناه من القرآن والسلام والوئام والعدل والصدق والمساواة وكرامة الإنسان تعلمناهم من القرآن وإحترام معتقدات الآخرين وعدم سب آلهتهم تعلمناها من القرآن وعدم الإكراه فى الدين تعلمناه من القرآن وحب الصديق والجار والغريب تعلمناه من القرآن وحب الله ورسله وعدم التفريق بينهم فى أى شىء تعلمناه من القرآن وتقديس الآباء والأمهات تعلمناه من القرآن والوزن بالقسط وعدم الغش أو السرقة أو الإعتداء على حرمات الآخرين تعلمناه من القرآن 0
فأى نور عظيم ساطع هذا الذى جاء به محمد(ص) من عند مولاه سبحانه وأى شفاء للقلوب وعلاج لحقد النفوس هذا الذى جاء به محمد (ص) من عند مولاه سبحانه ومع ذلك فقد جعل الله قضية الإيمان إختيارية بحتة ولم يجعلها قهرية أو قسرية بل فتح باب الإختيار لمن اراد أن يؤمن ولمن اراد ان يكفر ولكل منهم مقام عند ربه يوم يقوم الأشهاد0
فإلى متى يتهم أحدنا الأخر فى دينه وإلى متى تستمر محاكم التفتيش؟ وإلى متى نصور دين الله ضعيفأ هشأ يمكن لأى حاقد هدمه ولأى عدو قطعه من جذوره فأى ظلم هذا الذى ترتكبون بحق الله ودينه القويم ورسوله الكريم ؟
هؤلاء الذين نسوا انفسهم ونصبوامن أنفسهم حماة للدين هم واهمون ويكذب كل منهم على نفسه فالله وحده يدافع عن دينه والدين الإسلامى عالمى لكل الدنيا من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ومن اعلى الشمال إلى أدنى الجنوب وهو لكل البشر ابيضهم وأسودهم وأحمرهم وأصفرهم بل وللجن أيضا فمن الذى يحمى دين الله ويدافع عنه؟
إنك –يا مفكر—مهما كتبت فأنت تعبر عن رأيك الذى قد يكون خطأ فى رأى الكثيرين وإن ما تعتقد انك تدافع به عن دين الله قد يكون فى رأييى ضد الدين وحربأ عليه فى نفس اللحظة التى تقسم أنت فى داخلك انك المدافع الأوحد عن دين الله فمتى نصحو من سباتنا العميق ونتذكر أن الله يدافع عن دينه وأن النصر من عند الله وحده وليس لبشر فضل فيه وأن الهدى من عند الله وحده وليس لبشر فضل فيه وأن تأليف القلوب المؤمنة يتم بقدرة الله وحده وليس لبشر فضل فيه فلا يوهمن الواحد منكم نفسه بأن رأيه هو نهاية المطاف وان كلامه لا يرد ولا يعلق عليه ولايوهمن أى كاتب أو مفكر نفسه بأن إجتهاده حق مطلق وأن من خالفه الراى قد ضل عن سواء الصراط فذلك منزلق خطير كالذى خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح فى مكان سحيق والعياذ بالله تعالى0
عن هؤلاء الذين يزكون انفسهم ويتعالون على البشر ويعتقدون أن فكرهم قرآنا يتلى ورأيهم قانون ربانى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه 00هؤلاء قد ضاعوا ضياع إبليس فلا مكان لهم ولا لأحقادهم ولا لكبرهم فى عهد الله وذمته0
أيها المفكر الذى يؤمن بفكره لدرجة العبادة
عد فانت فى خطر واعلم أنك لا تزيد عن كونك بشرا ضعيفأ مسكينأ لك الحق فى الإجتهاد نعم لكنه إجتهاد ليس إلا وهو قابل للرفض أو القبول حسب عقلية كل قارىء فلا تفرض فكرأ مهترئأ أو رايأ مسروقأ أو عبقرية مزيفة على الآخرين فلكل منهم عقل وفكر ورأى ولن يقبلوك وسطهم إلا إذا كنت متواضعأ شاعرأ بضعفك الإنسانى طارحأ فكرك بقلب مرتعش كتلميذ فى لجنة الإمتحان وليس كإله متحكم ومهيمن فمن قبل فكرك فهو المؤمن التقى ومن رفضه فهو الكافر المارق والعميل السارق والصهيونى الآبق !!!
فليعرف كل منا حجم نفسه وليتذكر انه قريبأ جدأ يحتويه قبر ضيق وتأكله بكتريا التعفن فلا ينسى أصله الطينى :
نسى الطين ساعة انه طين حقير فصال تيهأ وعربد
وكسى الخز جسمه فتباهى وحوى المال كيسه فتمرد
يا اخى لا تمل بوجهك عنى أنا لست فحمة ولات أنت فرقد
قمر واحد يطل علينا وعلى الكوخ والبناء الموطد
فانتبه أيها الغافل يا من جعلت من نفسك حكمأ على اعمال العباد وأفكارهم ونسيت نفسك وجلست تزن اعمالهم وأفكارهم وتوزع عليهم التهم فهذا كافر وذاك عميل وهذا عظيم وذاك حقير وتقمصت دور الرب تعالى يا أيها الطين الحقير أفق فأنت ميت والموت يجرى فى عروقك والله حى لا يموت 00لا يموت0




مدرس الفصل يضطهد إبنتى :


كانت إبنتى تجلس فى الفصل تستمع لحصة اللغة العربية عندما طلب منها مدرس الفصل أن تقرأ الدرس وكان فى الدرس كلام عن عدد من الأنبياء والمرسلين منهم رسول الله محمد ورسول الله إبراهيم ورسول الله نوح ورسول الله يحى ورسول الله عيسى ورسول الله موسى وغيرهم عليهم جميعأ الصلاةو السلام ولقد اوقفها المدرس عن القراءة لبرهة ليسألها سؤالأ معينأ عن هؤلاء الرسل المكرمين فكانت اثناء الإجابة تقول عبارة ( صلى الله عليه وسلم) خلف إسم كل نبى من الأنبياء المذكورين فتعصب منها المدرس لذلك السبب وقال لها الصلاة والسلام على رسول الإسلام أما اى رسول آخر فقولى عليه السلام فقط !!!
فقالت كيف ذلك يا استاذى وقد تعلمت من القرآن ألكريم ألا أفرق بين أحد من رسل الله تعالى ؟ فى قول الله عز وجل
( لا نفرق بين أحد من رسله)
فقال المدرس ولكن الله قال
( إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمأ)
والمقصود بالنبى هنا هو سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
قالت وما المانع فى تعميم الصلاة والسلام عليهم جميعأ خصوصأ وأن الله تعالى لم يحدد إسم النبى المطلوب الصلاة عليه فى الآية؟
قال لها : الأمر فى الآية مفهوم يا فيلسوفة العصر والأوان من سياق الآية الكريمة
قالت هل يمكن ان تشرح لى يا أستاذ معنى ( صلوا عليه وسلموا تسليمأ)
قال: نقول ( صلى الله عليه وسلم)
قالت : فهل عندما يصلى الله على النبى يقول ( صلى الله عليه وسلم) علمأ بأن الآية ذكرت أن الله وملائكته يصلون على النبى وماذا يقول الملائكة أيضأ ؟ هل هم يقولون (صلى الله عليه وسلم)؟؟
عنئذ طردها من الفصل وصمم على إستدعاء ولى الأمر الذى هو العبد لله كاتب هذا المقال وقال لها ممنوع تحضرى حصتى إلابعد حضور ولى أمرك
جاءتنى إبنتى باكية شاكية وأنا أعرف أنها تحب الإستفسار عن كل شىء ولا تدع الأمور تمضى دون أن تفهم وتتأكد ولا تسلم للأمر الواقع حتى لو فصلوها من المدرسة –سألتها ما الخطب يا شقية ؟ قالت كذا وكذا وكذا وقصت القصة من طقطق لسلامه عليكم
ذهبت فى اليوم التالى للقاء المدرس الذى قابلنى غاضبأ وكأن إبنتى إرتكبت جرمأ لا يغتفر وراح يقص الحكاية التى سمعتها من ذى قبل
قلت لسيادته وما المشكلة فى ذلك؟ هل تريدها صماء لا تسمع خرساء لا تتكلم بلهاء لا تفكر ولا تتدبر ؟ لقد تعلمت منى محاولة فهم الآيات القرآنية بعمق شديد وتدبر لفهم معانيها العظيمة والوقوف على ما بها من إعجاز فما ذا فى هذا؟
فقال ولكنك طبيب والقرآن له رجاله المتخصصون والدين له علماؤه
قلت هذا الكلام قد انتهى مفعوله وصار عملة قديمة فنحن فى عصر ثورة المعلومات وموضوع الكهانة الدينية وفرض أشخاص بعينهم على الناس وفرض آراء معينة وإجتهادات خاصة على الناس كل ذلك قد بطل مفعوله expired
فجن جنونه وقال معنى ذلك أنك تحرضها على العلماء والأئمة والمذاهب وأهل الرأى ؟
قلت له لا طبعأ فأنا أحترم كل المجتهدين ولكننى لا أنسى أن كل واحد منهم قد إجتهد لعصره وزمانه وقد تعب وسهر من أجل إجلاء الحقائق وتفهيم الناس أصول دينهم ولكن هؤلاء المجتهدون لم يعد لهم صلاحيات هذا الزمان فقد ماتوا من مئات السنين ولا يعلمون عنا شيئأ الآن ولو بعث أحدهم ورأى الحضارة والطائرة والصاروخ والكمبيوتر والفضائيات والتليفون المحمول لمات من فوره لأنه معذور فقد عاش فى زمن كان الحصان والحمار والناقة هى وسيلة المواصلات وكان الخطاب يصل لصاحبه بعد ستة أشهر فى حالة السرعة وكانت الثقافة سمعية لأن الطباعة لم تكن موجودة وكان كل شىء بدائيأ فكيف لهم ان يجتهدوا لزماننا ويضعوا لنا الأطر واللوائح ويسنوا لنا القوانين وهم لا يدرون شيئأ عن حضارتنا ومتطلباتها
فقال ما هو جواب السؤال الذى وجهته لى نجلتكم بخصوص الصلاة على النبى؟
قلت أولأ لا يجب أن نفرق بين نبى وآخر وعلينا أن نؤمن بهم كرسل إصطفاهم الله لتبليغ رسالته إلى بقية عباده وقد علمنا ربنا فى كتابه العزيز الا نفرق بين أحد من رسله
فقال متسرعأ ولكن الله قال
( ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض)
ونظر لى نظرة المنتصر قائلأ فما رأيك ؟؟؟
قلت لو قرأت الآية الكريمة فى هدوء ستجد الرد على نفسك لأن الذى يفاضل بين نبى ونبى هو الله تعالى وحده وليس أنت أو أنا واقرأ قوله تعالى فى الآية التى تكرمت أنت بذكرها فهى تقول ( فضلنا) والنون ألف تعود على الله تعالى ولا تعود على عبد من عباده وبذلك يتضح أن مسألة التفضيل بين نبى وآخر هى حقيقة قرآنية ولكنها حق من حقوق الله تعالى وحده
قال فما معنى الصلاة على النبى إذأ؟؟
قلت إن الله عندما يصلى على النبى أى يتولاه بحفظه فى الدنيا وبرحمته فى الآخرة
والملائكة عندما يصلون على النبى أى يدعون له بالرحمة والدرجات العلى والمقام المحمود عند خالقه سبحانه وتعالى
اما المؤمن عندما يصلى على النبى فإن الموضوع هنا ينقسم قسمين
أولأ صلاة المعاصرين للنبى عليه معناها دوام التواصل مع ما جاء به من حق مبين فى القرآن العظيم مع دوام السؤال عن النبى والوقوف الدائم على أخباره والمشاركة معه فى الصلوات والإجتماعات والجهاد ضد المعتدين على الوطن والدين وجميع المواقف ما استطاع المسلم إلى ذلك سبيلأ
ومحاولة تطبيق مبادىء الخير والعدل والمساواة والحب والإصلاح بين الناس كما هو مذكور فى كتاب الله تعالى
ثانيأ صلاة من لم يعاصروا النبى فى حياته هى تواصل العمل بما جاء به من قرآن وتطبيق مبادىء الحب والعدل والمساواة والسلام الموجودة به ما استطاع المؤمن لذلك سبيلأ
وقلت له كذلك لا تنسى ان الله تعالى فى المقابل أوصى نبيه محمد (ص) بالصلاة على المسلمين فى قوله تعالى
(وصلى عليهم إن صلاتك سكن لهم)
فهل عندما يصلى الرسول على المسلمين يقول صلى الله عليهم وسلم ؟ ام يدعو لهم بالخير والمغفرة ثم يزورهم ويسأل عليهم إذا غابوا ويزورهم إذا مرضوا ويمشى فى جنازتهم إذا ماتوا ويقوم بالصلاة على موتاهم والدعاء لهم وهذا هو الأقرب لمنطق القرآن العظيم , كما لاتنسى ان الله تعالى قد قال قى المقابل أيضأ عن المسلمين
(هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور)
أى أن الله يصلى على النبى أى يرحمه ويصلى على المؤمنين فيرحمهم وملائكة الله يصلون على النبى بالدعاء له ويصلون على المؤمنين بالدعاء لهم كما ان الله تعالى طلب من المسلمين الصلاة على النبى اى التواصل بما جاء به ومشاركته فى الصلاة والإجتماعات وصد الإعتداءات والجهاد ضد المتربصين بهم كما أمر الله رسوله بالصلاة على المؤمنين اى الدعاء لهم والإستغفار لهم عما اقترفوه من ذنوب
( ولو أنهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله غفورأ رحيمأ)
وبذلك نعلم ان الله يصلى على الرسول وعلى جميع المؤمنين والملائكة يصلون على الرسول ويصلون على المؤمنين والرسول يصلى على المؤمنين والمؤمنون يصلون عليه
قال وكلمة صلى الله عليه وسلم ألا نقولها؟
قلت كيف ذلك قلها كيفما شئت ولكن لا تجعلها تنسيك ذكر الله وتسبيحه وتكبيره والإستغفار فلا يصح أن نستبدل ذكر الله بذكر عبد من عباده لأن كل نبى ورسول كانت مهمته الأولى أن يعبد الله فى الأرض بلا شريك
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ الأنبياء{25}
فعلى كل مؤمن تقى صالح أن يملأ جل وقته بذكر الله وحده والتبتل إليه بالتقرب والإستغفار بحيث يكون ذلك الذكر سرأ لا يعلمه ولا يسمعه غير الله السميع العليم
قال : وانا عندما أقول صلى الله عليه وسلم اليس ذلك ذكرأ لله تعالى؟
قلت : لقد علمنا ربنا عز وجل كيف نذكره كما يلى
أولأ مادة الذكر اللفظية
( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد فى السماوات والأرض وعشيأ وحين تظهرون)
( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)
( فسبح باسم ربك العظيم) ( سبح اسم ربك الأعلى)
( الذين يذكرون الله قيامأ وقعودأ وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السماوات والأرض )
ومئات الآيات الأخرى التى تعلمنا الألفاظ التى نسبح ونذكر بها ربنا عز وجل
ثانيأ طريقة الذكر
( واذكر ربك فى نفسك تضرعأ وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين)
قال : لم تجب على سؤالى حتى الآن
قلت : يكفيك أن تنطق لفظة صلى الله عليه وسلم مرة واحدة فى حياتك ولكنك مطلوب منك –كمؤمن صالح—ألا تكف عن ذكر الله وتسبيحه وإستغفاره والتقرب إليه بالصالحات ولعلمك فإن الصالحات ليست صلوات وصيام وصدقات فقط بل إن إخلاصك فى تأدية عملك الخاص أو الحكومى على أكمل وجه هو تقرب لله بالصالحات وعندما تربى الأجيال على إحترام حقوق الآخرين فى معتقداتهم وفى قول رأيهم والإستماع لهم حتى لو كانوا مختلفين معنا فى كل شىء فهذا تقرب إلى الله بالصالحات وهكذا
قال أصارحك القول فأنا غير متعمق فى مثل هذه الأمور وأنت تحتاج لعالم أزهرى فهو يستطيع الرد عليك وتفنيد ما تقول
قلت شكرأ هل يمكن أن تسمح للبنت بحضور الحصص؟
قال على ألا تجادلنى فى شىء فليس عندى وقت لها والحصة مدتها نصف ساعة أو أكثر قليلأ ولو سمعت لكل تلميذ فلن أشرح شيئأ
قلت : فكيف سنربى الأجيال التى عليها حمل المسئولية بعدنا ؟ اليس هناك أمل فى فتح حوارات مع الطلبة حتى يتعلموا أدب وفن النقاش الحر المستنير؟
قال: هذا الأمر ليس فى يدى والبركة فى أولياء الأمور مثل حضرتك
ودخلت البنت فصلها وودعت المدرس وكان غير مستريح لى ولكننى أحببته لطول باله وهدوئه وأدب حواره رغم قلة معلوماته



1. 2. 3. 4. 5. 6. 7. 8. عين الحسود فيها عود :


عنوان المقال هو أحد الأمثال العربية الشهيرة التى تعكس ثقافة الخوف من الحسد وهى ثقافة منتشرة إنتشارأ واسعأ فى العالم العربى عامة وفى مصر خاصة حيث تسمع قصصأ وأساطير يرويها العامة والخاصة عن امور ومواضيع لها صلة مباشرة وغير مباشرة بموضوع الحسد وكأنه حقيقة واقعة ونظرية ثابتة يجب ان نحتاط لها ونوسع مداركنا تجاهها حتى لا يجرفنا طوفانها ولا نسقط صرعى فى بئرها
ولم يقف الحد فى الخوف من الحسد عند الأمثال الشعبية والروايات التراثية التى منها ما يؤكد أن عين الحاسد خرقت الحجر ولست أدرى هل كانت تلك العين الحاسدة تتمتع بأقوى أنواع أشعة الليزر أم ماذا ؟؟ ..بل ذهب شعراء الاغانى العامية للإهتمام بأمر الحسد فجعلوه موضوعأ هامأ فى كتاباتهم التى غناها اشهر المطربين ورددها الناس من بعدهم بأصواتهم مثل ذلك القائل
يا حاسدين الناس مالكم ومال الناس
أو تلك التى غنت قائلة
لما رمتنا العين
شوف انت فين وأنا فين
واللى شافونا ليه يحسدونا
ويفرقوا القلبين
لما رمتنا العين
وهذه مغنية شعبية تغنى لبنتها ليلة الزفاف فتقول
يا صغيرة يا أحلى بنات الحارة
خوفى عليكى م الحسد والجارة
ومما لا شك فيه هو وجود ملايين من البشر يؤمنون بالحسد ويعملون له ألف مليون حساب بل ويفسرون ما يلحق بهم من خسائر ومصائب وأمراض طبقأ لهذا الحسد ولتلك العين الحسودة , والأعجب هو إعتقاد الناس وخصوصأ العامة منهم فى كل حى وحارة فى أى مدينة وفى كل زقاق وفى كل قرية وعزبة ونجع ---يعتقدون فى وجود شخص معين أو عدة أشخاص متهمين دائمأ بالحسد ويقع على كاهلهم عبأ الأمراض والأوبئة والخسائر التى تصيب المنطقة أو أحد أفرادها ويسمونه بالحسود أو الحساد أو أبو عين صفراء علمأ بأن عيناه قد تكون سوداء أو زرقاء أو خضراء أو حتى بنية ولكننى لست أفهم سبب إتهام المجتمع لبعض افراده من الفقراء والمساكين وخصوصأ من ذوى العاهات كالعرج والعور والبرص وغيرهم بالحسد ؟
والغريب أنهم يؤمنون من عميق قلوبهم بمقدرة هؤلاء الأشخاص على إصابة الهدف بما يريد الحاسد من مرض أو وباء أو خسارة مادية أو تلف فى ممتلكات الضحية فتسمع التاجر الذى خسر فى السوق يقول ( ياترى أنا تصبحت بوجه مين النهاردة؟) وهو يسأل السؤال بصدق ويبحث عن إجابة ويريد أن يتذكر صاحب الوجه العتم الأسود الذى قابله فى الطريق اثناء ذهابه للسوق فتسبب له فى تلك الخسارة
وأتعجب كثيرا من بعض الحاصلين على درجات علمية ولا أسميهم مثقفين فالفرق شاسع –أتعجب من قناعتهم التامة بمفهوم العامة للحسد ومشاركتهم لهم فيه بل وارى الكثير من الفنانين يتحدثون بجدية مبالغ فيها عن تعرضهم لذلك الحسد وكيف أنهم تأثروا به وكاد يعرقل نجاحهم لولا قوة إيمانهم التى أنقذتهم من غول العين الحاسدة وأرثى لحالهم ولجهلهم وفراغ عقولهم من أى فكر أو ثقافة تمكنهم من فهم حقيقة الأشياء ومعانيها ولكن لا ضير فالمال والشهرة أهم من الكتب والثقافة والعلم وهم رغم أنف الدنيا أهل علم وثقافة مهما بلغت درجات جهلهم
كانت أمى –رحمها الله--- تحذرنى بشدة من فلان وفلانة لكى لا أمر أمامهم وعندما أسألها عن السبب –وقد كنت طفلأ صغيرأ – تقول إنه حساد وأن العين قد خرقت الحجر عندما أراد رجل كافر أن يحسد الرسول (ص) ولكن العين لم تصب الهدف فخرقت الحجر وكنت أعجب من هذا الكلام حتى سمعته من بعض المشايخ بعد أن كبرت وأكد لى أنها حقيقة
وأثناء تعليمى الجامعى وكنت أعيش فى قرية ريفية نائية – وطبعأ المدينة لا تختلف عن القرية فى هذه المعتقدات--- كنت أسمع أن بقرة جارنا ماتت فى الحقل وأن السبب هو أن فلان الحساد قد نظر إليها بعينيه فحسدها فماتت وكذلك الزرع لو خاب الزرع ولم يحصد الفلاح ما كان يطمح له من محصول ألقى بالعبأ كله على فلانة الحسادة التى كانت طوال الموسم تمر على الحقل وتنظر بعينيها للزرع فتحسده
لم يعلق صاحب الزرعة الخائبة فشل زراعته على إهماله فى القيام بواجباته تجاه أرضه وإنما وجد شماعة الحسد والعين الصفراء حتى يلقى عليها همومه ويعتبر ذلك الحساد هو السبب ثم ينام قرير العين مقتنعأ تمامأ بما فعل ويما حصد وبما اعتقد
وكذلك صاحب البقرة الميتة لم يسأل نفسه هل كانت مريضة ؟ ولماذا لم يعالجها ؟ وهل تتبعها بالرعاية البدنية والطبية؟ ولكنه رمى بهمومه وحموله على الحسد والحسادين والعين الصفراء ونام قرير العين راضيأ عن نفسه وسلوكه ومعتقده
وكنت فى طفولتى كلما مرضت بإلتهاب فى اللوز أو نزلة شعبية سمعت النساء حول أمى يقلن لها أنه محسود وأكيد فلانة الفلانية طسته عين جابته الأرض
أى خرافات وخزعبلات عشنا فيها ونشأنا فى أحضانها ؟ ومن الذى أرضعنا هذا التخلف فى عقولنا ؟
لو كان هناك حسد بالمعنى العامى الدارج والذى يؤمن به الغالبية العظمى من الناس بكل أطيافهم وأديانهم ومعتقداتهم لو كان صحيحأ ألم يكن الأجدر أن نجمع هؤلاء الحسادين من ذوى العيون الصفراء ونأمرهم بأن يوجهوا عيونهم ناحية الأعداء فيقتلوا جيوشهم ورؤسائهم الذين دوخونا السبع دوخات وأكلوا حقوقنا ونهبوا أرضنا؟؟؟
وكان الأولى توجيه أحد الحاسدين نحو شارون وكأنه صاروخ عابر للقارات فيطسه عينأ يجيبه الأرض ويبدو أن هناك من قام بذلك فقد سقط شارون صريع الجلطة الدماغية فيجب أن يتقدم ذلك الحساد للحصول على جائزة نوبل فى الحسد!!!
الشيخ الذى سمعته يتحدث عن العين التى خرقت الحجر قلت له ما هذا الهراء الذى تنشرونه بين الناس ؟
قال الحسد مذكور فى القرآن وتلا قول الله تعالى :
( قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق 000000ومن شر حاسد إذا حسد)
قلت له وهل ترى بفكرك أن المقصود هنا هو قدرة عين الحاسد على القتل وإصابة الهدف فى مقتل بأمراض أو خسائر مادية أو تلف فى ممتلكاته ؟
أم أن المقصود هنا هو الحقد والضغينة الذى يصيب القلوب والنفوس تجاه إنسان معين بسبب نجاحه وتفوقه وذكائه أو غناه ثم ما يلبث هذا الحقد أن يتحول إلى فعل مؤثر عن طريق التأليب عليه وشحن القلوب ضده وإفساد الناس من حوله ونشر الإشاعات الباطلة عنه وتشويه سمعته وقتله معنويأ أو حتى جسديأ؟
أليس هذا هو المفهوم الحقيقى للحسد والأقرب للمنطق والعقل السليمين والتفكر العلمى
قال صاحبى لم أسمع ذلك الرأى من قبل والحسد هو ما شرحت ولا أستطيع تغيير مفهومى عنه لمجرد أن سمعت رأيك
قلت له تعالى نبحث فى كتاب الله تعالى عن الحسد سوف أذكر لك كل الآيات التى بها كلمة حسد ومشتقاتها :--

(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة{109}
(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً ) النساء{54}
(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) الفتح {15}
ثم نذكر قول الله تعالى فى سورة القلم عن حقد الكافرين على رسول الله من شدة ما شعروا به من روعة القرآن العظيم وإعجازه وعجزهم أمام آياته الكريمات
(وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) القلم {51}
فالآية الأولى (البقرة 109 ) تتحدث عن رغبة الكثيرين --وليس الكل-- من أهل الكتاب فى رد المسلمين عن دينهم حسدأ منهم بسبب تأكدهم الشديد من صدق هذا الدين وقوته وكماله
كما تتحدث الآية الثانية (النساء54 )عن الحقد الذى أصاب الكفار والمنافقين عندما اختار الله تعالى رسوله الكريم نبيأ ورسولأ للعالمين فحقدوا عليه وقالوا:--
لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم؟؟
فرد عليهم ملك الملك:--
اهم يقسمون رحمة ربك ؟ نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا
أما الآية الثالثة (الفتح15 ) فيتهم المنافقون المؤمنين بحسدهم لكثرة مالهم حيث أنهم تراخوا عن الجهاد فى سبيل الله مع الرسول والمؤمنين ضد المعتدين الذين يتربصون بهم الدوائر ويؤلبون عليهم القبائل ويريدون إستئصالهم من الوجود ومن المؤكد طبعأ فساد رأى المنافقين وعطب معتقدهم بسبب كفرهم وفسوقهم عن أمر الله تعالى ورسوله
أما الآية الرابعة القلم 51 فتتحدث عن بلوغ حقد الكافرين على الرسول الكريم ذروته لدرجة أنهم يريدون إسقاطه أرضأ بنظرة حقد من عيونهم ولكن هيهات
أرجو أن يكون تغيير فكرة الحسد المنتشرة بقوة بين مئات الملايين من المواطنين فى العالم العربى مما يصيبهم بمزيد من التخلف والجهل وفساد العقيدة لأن الوحيد الذى يصيب ويمرض ويشفى ويميت ويحيى هوالله وحده مالك الملك فكيف يعتقد هؤلاء أن شخصأ معينأ يستطيع أن يصيب الآخرين بالمرض والداء والوباء والتلف والخسارة وهو مسكين ضعيف لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرأ ولا نفعأ ولا موتأ ولا حياة ولا نشورأ
لمجرد انه فقير معدم أو ذو عاهة مخيفة أو شكله مختلف بسبب مرض معين يتهمه الجهلاء بأنه حاسد وتلاحقه هذه اللعنة فى حياته وبعد موته ويرث أبناؤه وذووه تلك اللعنة وقد يهرب الواحد منهم من بلده حتى لا تلاحقه تلك اللعنة القبيحة التى لفقها له مجموعة من الجهلة المتخلفين من ذوى الفكر الضحل , المحدود المعلومات, المتطفل على النقل والتقليد بكل بلاهة وبلادة , الكاره لكل جديد كما يكره الخفاش النور0




حرية التفكير بين التسيير والتخيير
:


ن ما يثير عجبى هو أن يعتقد البعض أن بإمكانهم فرض فكر أو رأى أو دين أو عقيدة وهى كلها معنويات بإستخدام ماديات كالقوة والتخويف والتهديد والإرهاب
فلا استطيع أن أستوعب بعقلى البشرى القاصر كيف أجعل شخصأ يؤمن بما أؤمن به ثم يعتنق أفكارى ويؤيدها بل ويدعو لنشرها وكل ذلك دون أى قناعة منه أو رضا سوى خوفه من سطوتى وقوتى وقدرتى على سحقه وتعذيبه وإذلاله.
أعرف انه يمكن لى بسبب قوتى أو سلطانى أو جبروتى أن أعذب شخصأ ما وأجبره على الأكل او الشرب او اللبس بطريقة معينة أو النوم بشكل ما ولكن المستحيل الحقيقى هو قدرتى على أن أجعله يؤمن ---حقيقة---بفكرة ما أو رأى ما أو عقيدة ما
إذ أن هذه المعنويات تكمن فى القلوب والعقول والضمائر ولا يراها ولا يعلمها سوى الله تعالى المهيمن على كل مثقال حبة من خردل فى ملكوته العظيم.
أستطيع وأنا أقف بين يدى ضابط الأمن أو رئيس المباحث أو المحافظ او أكبر رأس فى البلد أن اشتمه وأن العنه وأن أدعو الله ربى ان يحرقه طبعأ سرا وداخل قلبى ودون أن يسمعنى هذا المخلوق المحدود المؤقت الميت , واستطيع ان اسرح بخيالى فأشاهد هذا الطاغى ذليلا فى خيالى يركله المظلومون باقدامهم جراء ما اذاقهم من عذاب وما فعل بهم من أفاعيل يأبى الشيطان الرجيم -- بكل قبحه-- أن يفعل مثلها.
أستطيع أن أخدع كل من حولى واتظاهر بأننى مؤمن وصالح وتقى حتى لو كلفنى ذلك ان أخسر جزءأ من أموالى رياءأ حتى احقق أغراضى واصل إلى مآربى لأن كل الذين حولى لا يطلعون على محتويات قلبى ولا يصلون لخبايا عقلى ولا يعلمون مخططاتى ومن السهل ان أواظب على الصلوات وأتظاهر بالصيام إرضاءأ لغرور أشخاص يجبروننى على ذلك وأنا أضمر فى نفسى كل حقد وكراهية وضغينة لهذا الدين -- أى دين سماوى-- ولكل من يعتنقه طالما أنه يقوم على الضغط والقهر والإكراه كما يحاول الغلاة تصويره وهو بالطبع—الدين—برىء من ذلك فلا إكراه فيه ولا إجبار على إعتناقه ولا قهر لمخلوق لكى يؤدى مناسكه وإلا تحول من دين سماوى سمح إلى أحكام فاشية شمولية قهرية تنتهك حرمات العقل وتحرق مكنونات الفكر وتكمم الأفواه وتحجر على الألباب وما الله يريد ذلك أبدا لأن ذلك ظلم بين وإفتراء واضح على الله الرحيم ورسله الكرام ودينه القويم وصراطه المستقيم.
لقد خلق الله الإنسان من العدم بقدرته وفرض عليه تعاليم سمائية راقية تبدأ بإعتراف الإنسان بالله الأحد ربأ والقيام ببعض العبادات التى تؤكد تواصل المخلوق مع الخالق وتملأ حياة المخلوق بهجة وسعادة وأمنأ وطمأنينة وتجعله يخرج من مسجده او معبده او كنيسته خاشعأ لله يعامل خلق الله بالحسنى ويتأدب معهم فى الحوار ويحافظ على أموالهم واملاكهم واعراضهم وأحلامهم وحريتهم وسلامتهم وأمنهم وسعادتهم واستقرارهم ووحدتهم وتقدمهم ورقيهم وعلو شأنهم.
أما إذا خرج من مكان عبادته --أيا كان-- لكى يجرح مشاعرهم أو يسرق أموالهم أو يعتدى على حرماتهم وأعراضهم أو يهدد امنهم او يكدر سعادتهم او يحرق فرحتهم أو يبدد أحلامهم أو يفزع قلوبهم أو ينشر بينهم الرعب والخوف والإرهاب أو يعيق تقدمهم أو يفرق شملهم أو يشتت وطنهم فوالله الذى لا إله غيره ما هذا بمتدين ولا هو بصالح ولا هو بتقى ولن يكون كذلك حتى يثوب إلى رشده ويعود إلى كنف مولاه تائبأ عن خطاياه طالبأ غفرانه ورضاه .
لم يخلق الله الناس عبثأ حاشاه سبحانه بل لحكمة لا يبلغ الإنسان منتهاها مهما بلغ فكره ووثق فى قوة عقله ولذلك جعل الله للدين يومأ لا ريب فيه وحصنه بالتوثيق وعدم الريب لأنه آت رغم أنف الناكرين ينصر الله فيه الدين السمائى وينصر الصالحين ويقتص للمظلوم من الظالم ويحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين
ولأن الدين ملك لله وحده لأنه تعالى المفتش فى محتويات القلوب والذى يعلم ما تخفيه ويعلم خائنة الأعين ويعلم ما توسوس به نفس الإنسان من خير أو شر فإن الله لم يخلق وكلاء أو أوصياء على عبيده ولم يعطهم إذنأ بالبحث فى قلوب الخلائق ولم ينزل لهم ترمومترأ سماويأ لقياس شدة الإيمان والتقوى أو ضعفهما وإنما أرجأ المولى ذلك كله له وحده فى يوم مهيب تشيب من هوله الولدان ويفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لأن كل واحد منهم له شأن يغنيه عن التفكير لحظة واحدة فى غيره حتى فى هؤلاء الذين لا يفارقونه فى الدنيا ساعة واحدة وكانوا يحزنون لحزنه ويفرحون لفرحه ويتألمون لألمه ويرقصون لنجاحه هاهم فى يوم الدين عنه ذاهلون ولا ينظرون له وليس معه سوى عمله يحمله على ظهره إن خيرأ فخير وإن شرأ فشر.
ما أعظم قانون الله لا إكراه فى الدين فهو الأب ,والمصدر والمنبع لكل قوانين حقوق الإنسان وهو الراعى الحقيقى لحقوق البشر فى كل مكان سواء رجال او أطفال أو نساء أو شيوخ أو اقليات فى كل أنحاء العالم فإذا كان الله حرم الإكراه فى الدين فهل يكون هناك إكراه فى السياسة أو الإقتصاد أو العادات الإجتماعية أو السلوكيات القومية والتصرفات القبلية ؟؟
إذا كان الدين الذى هو نور الله فى الأرض وحبله المتين وصراطه المستقيم لا إكراه فيه فهل يتأتى لبشر ان يكره أخاه الإنسان على رأى أو فكر أو اتجاه أو عقيدة أو سياسة معينة لأى سبب وبأى حجة ؟؟
فليرفع الذين يفرضون أنفسهم على الناس-- بالقوة والتخويف-- أيديهم عن الخلائق وليتركوا عباد الله لربهم يفعلون ما يشاءون وإنهم فى يوم ما محاسبون لا شك ولكن من ربهم وليس من خلق مثلهم فالله القدير هو مالك الملك وسواه لا يعدو كونه جزءأ يسيرأ من ملك الله إن شاء الله أماته وإن شاء أحياه
فلنترك ابوب الحريات مفتوحة على مصاريعها لأن الحرية هى مصدر الفكر والإبداع والفن والإبتكار والشعر والتعبير والتأليف والإختراع والتجديد والتحديث وبدون كل ذلك تظل الحياة راكدة بلا حراك وتفقد قيمتها ومصداقيتها ووقعها الساحر الأخاذ كما تظل الأمم ترزح تحت نير الإستبداد والظلم والجهل والتخلف والمرض.
ألحرية هدية الله لخلقه فليكف أعداؤها عن قتلها وليكفوا عن حرمان الناس من نعمة الله الكبرى وهى الحرية فى كل شىء بدأ من حرية الدين والمعتقد والرأى والفكر وإنتهاءا بأقل الأشياء شأنأ فى الوجود

(10) تفتيش القلوب والبحث عن ذنوب :


فى جميع دول العالم المؤمنة بحقوق الإنسان فى العدل والمساواة والحرية بكافة مشتقاتها ينظر المجتمع للإنسان نظرة حب وتكريم مفادها أنه شريف وكريم وحر ومحترم طالما لم يأت بفعل يخرق به القانون المطبق والمعروف فى تلك الدول التى تؤمن بأحقية الإنسان فى حياة كريمة تتميز بالحرية فى كل صورها شاملة حرية الدين والمعتقد والفكر والرأى والتوجه والجنسية والحركة والتعبير والتمثيل السياسى والعمل الشريف وإصدار الصحف وتأليف الكتب وإقامة المنشآت الإعلامية التثقيفية منها والإخبارية وحرية التنقل والتجارة من تصدير إلى توريد وحرية التعامل مع باقى أفراد المجتمع المحيط به والمجتمع الدولى عمومأ كما تسخر هذه الدول كل قواها الشرعية لحماية هذه الحريات وتأمين المواطن ضد اخطار الإرهاب والسرقات والأمراض وأخطار التجهيل والتغييب بما تنشره من عوامل توعية بين مواطنيها لأن هذه الدول آمنت أن المواطن الحر الكريم الآمن القوى الصحيح البدن والعقل والمتعلم والباحث والمثقف هو عماد البلد وهو كيانها الذى تقوم عليه وبغير هذا المواطن يفقد الوطن معناه ولا تصبح للحياة قيمة تذكر0
على النقيض تمامأ فى عالمنا العربى الميمون والذى من المفترض أصلأ انه مهد الرسالات السماوية ومنبع الخير والحب والسلام لكل الإنسانية على ربوع أرض الله وتحت سمائه ولكن –للأسف--- فإن المواطن فى بلادنا العربية متهم دائمأ حتى لو لم يفعل ما يخالف به القوانين والأعراف وذلك بسبب الأنظمة الإستبدادية التى تنمو وتترعرع وتتغذى على مقدرات هذا المواطن الذى يعانى الأمرين فى كل مؤسساتها من مؤسسات التعليم إلى مؤسسات الصحة إلى مؤسسات الشرطة والأمن وغيرهم يعامل المواطن كمتهم وينتظر منه أن يثبت لمن حوله أنه طيب ومسالم وشريف ويحب الناس ولا ينوى الإضرار بالآخرين وأن قصده شريف وأنه يسعى فقط للحصول على لقمة العيش المرة ولا يطمع فى أكثر منها وليس من مخططاته أن يطمح لمنصب معين أو يضع عينه على شىء معين ويسعى للحصول عليه فكل هذه محظورات يقف الإستبداد وأعوانه حاجزأ بين أى مواطن وبين تحقيقها بما شرعوه من قوانبن تعجيزية وبما وضعوه من نصوص وبنود تجعل المشروعات ضربأ من ضروب الخيال والأحلام فى مستقبل أفضل شكلأ من اشكال الأساطير والخرافات
لماذا يتعمد الإنسان العربى التفتيش الدائم والمستمر فى قلوب من حوله والمحاولة المستميتة للوقوف على ما يفكر فيه الآخر وما ينوى عليه ؟ بل لماذا يتهم كل منا الآخر فى دينه وعقيدته وفكره ورأيه بمجرد الشعور أنه يخالفنا وأن له إتجاهأ مغايرأ وأنه يستعمل عقله ولا يرضى أن تملى عليه الأفكار لكى يبتلعها إبتلاعأ كما يبتلع السمك طعم الصياد فيصطاده ويأكله ؟ لماذا نعادى كل صاحب فكر متحرر عن طبيعة تفكيرنا التى ورثناها ونكيل له التهم ونصفه بأقذع الصفات وأبشع الألفاظ ؟
ما السر فى أن معظم العرب قد ألهوا أنفسهم وجعل كل منهم من نفسه قيمأ على غيره يحاسبه ويؤدبه فى أى وقت ويتهمه ويطلب منه الدفاع عن نفسه وتبرير موقفه وتقديم الأدلة التى تثبت براءته –لماذا ومن أنت ؟ ومن كلفك بذلك ؟ وما هذا التفكير العجيب الجاسم على العقول والقلوب؟ ألم يحن الوقت بعد فى القرن الواحد والعشرين أن نتحرر ويعيش كل منا فى حاله يبحث عن رزقه وأعماله تاركأ شأن القلوب وما بها والعقول وتفكيرها لله خالق القلوب والعقول والمطلع على كل ما فيها من أسرار ؟
كل إنسان فى عالمنا العربى تحديدأ يريد من أخيه الإنسان أن يقدم له كشف حساب بأعماله وأفكاره وآرائه يومأ بيوم أو حتى ساعة بساعة والعجيب أنه ينسى أنه هو أيضأ مطلوب منه تقديم نفس هذا الكشف لآخرين ينتظرونه هو أيضأ لتفتيش قلبه والوقوف على أعماله وأفكاره وماذا قال وماذا فعل وما هو معتقده فى كذا ولماذا فعل ذلك ولم يفعل ذلك ؟
محمكة تفتيش منصوبة داخل قلب كل منا ويا للعجب تفرغ كل منا لرصد أعمال الآخرين ونسى هو ما قدمت يداه وما ارتكبت من معاصى وآثام وتفرغ لمحاسبة أخيه الإنسان بأسلوب مقزز يجعل الحياة تمر صعبة ركيكة وخالية من الحكمة والإبداع لما أصاب العقل من قيود وراثية ونظرات شخصية وسلوكيات طائفية تجعلنا نتأخر عن ركب الحضارة ولا نجارى أقل الأمم شأنأ فيما وصلوا إليه من علم وتكنولوجيا وفكر وفلسفة وثقافة0
إن الله تعالى قد خلق العقل لكى يفكر ويبدع ويخترع وينعم بلذة الحياة التى حباها الله له وخلق القلب لكى يحب ويجيش بالعواطف ويحس ويبكى عند اللزوم وخلق العينين لكى ترى إبداع الله فى كونه وعظمة الله فى خلقه وخلق اللسان لكى يعبر وينطق ويتكلم ويوضح ويظهر ما خفى عن الآخرين ويتفلسف ويقول ويبدع القول , وخلق اليدين للعمل والعلم والكتابة والتأليف والتعبير وتوصيل الحقائق للناس بغير بخل أو حقد وخلق القدمين للسعى على الأرزاق والحركة من أجل صالح الإنسان وصالح البشرىة كلها .
لم يخلق الله تعالى هذا الملكوت العظيم فى كل جسد بشرى لكى يقهر ويذل ويمنع من التفكير والتعبير والقول والرأى والحركة لا فما قيمة الحياة إذا حرم الإنسان من حريته بمختلف أنواعها وإذا حرم من كرامته وإحساسه بكينونته التى منحها له علام الغيوب سبحانه0
إننى أنادى من هذا المنبر برفع الإيدى والرعب والإرهاب عن الناس حتى يستطيع كل منهم التعبير عن نفسه وفكره ورأيه ومعتقده غير مكره على شىء ولا خائف من أحد ولا عامل أى حساب لشخص سيسجنه أو يقهره أو يذله لمجرد أنه يعبر عن رأيه وفكره ومعتقده فى كل مكان وعلى كل الصفحات وهو حق طبيعى كفله الله للإنسان الذى جعله الله خليفة فى الأارض فكيف يكون خليفة وهو مقهور أو مسجون ظلمأ او مجبور على شكل معين من الرأى والفكر والأإتجاه أو حتى الدين0
فليرفع كل منا يده عن أخيه ولنترك الحساب لرب السماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى فليس من حق المخلوق محاسبة أخيه المخلوق ولا التفتيش عن محتويات قلبه ومكنونات عقله وطبيعة فكره , ولن ننهض ولن نرتقى إلا إذا حذونا هذا الحذو
فليخرج كل منا أنفه من قلب وعقل وعمل أخيه الإنسان0



9. 10. يا أعداء الحب والسلام .. زولوا :


نعم 00لن أكره من يخالفنى الدين ولن أعاديه ولن أتربص به الدوائر ولن أنتظر شرا يحيق به او مرضا يودى بحياته أو كارثة تقوض أحلامه أو مصيبة تسود ايامه , لأننى لو كنت كذلك فلا يحق لى ان أكون إنسانأ من بنى آدم ولا يحق لى ان اتمتع بنعم الله فى كونه ولا يحق لى أن ابقى تحت سماوات الله تعالى لأننى فى هذه الحالة سأكون—لا قدر الله --- حقدأ يمشى فوق الأرض وفسادا يعيث فى ملكوت الله0
من أنا حتى أعادى من يخالفنى الدين أو اكرهه أو أحيك ضده المؤامرات لإفساد حياته وملئها بالمنغصات؟ من أنا ؟ ومن أوصانى بذلك ؟ ومن علمنى أن أكون هكذا؟ ومن سمح لى بالتدخل فى دينه ومعتقداته وآرائه وأفكاره وتوجهاته؟ من أذن لى بأن أنصب من نفسى قاضيأ وجلادا عليه؟ من أذن لى أن افتش فى قلبه وعقله عن حقيقة معتقده وطبيعة علاقته مع خالقه ؟
إننى كإنسان محدود القدرات ومحدود العمر ومحدود القوة ومحدود العقل لا أملك لنفسى ولا لغيرى ضرأ ولا نفعأ ولا موتأ ولا حياة ولا نشورا ولم يجعل الله للواحد منا غير قلب واحد فى جوفه وعلى كل منا أن يملأ قلبه بواحد من نقيضين فإما أن يملأه حبأ يفيض على نفسه وأهله وعياله وكل من حوله وإما أن يملأه حقدأ يدمره ويدمر كل من وما حوله لأن الحب من الله تعالى والحقد من الشيطان الرجيم0
وإما أن يملأ قلبه إيمانأ بالله وكتبه المقدسة ورسله المكرمين وملائكته الأبرار واليوم الآخر بكل ما فيه وإما أن يملأ قلبه كفرأ وضلالأ وهروبأ من الحقيقة الكبرى الأبدية وهى حقيقة الله تعالى خالق الأكوان ومبدع كل شىء بقدرته من العدم والمهيمن على أسرار الذرات ومكنون المجرات سبحانه وتعالى علوا كبيرأ عما يصفون0
إن الله قد علمنا الحب فى كتبه السماوية بل وفرض المحبة والسلام بين العباد ولم تكن المحبة والسلام نافلة من النوافل بل فرض على كل إنسان يعمر الكون أن يسالم أخاه وألا يمسه بأذى وألا يحيك ضده المؤامرات وأن يخاف على أمنه وسلامته وكرامته كما يخاف على نفسه إذ أن الحياة لن تمر ولن تمضى هادئة سالمة إلا إذا عم الحب وانتشر, ومات الحقد واندثر, وملأت القلوب بهجة الصفاء لله ولخلقه تاركين دين كل الناس لرب الناس غير حاشرين أنوفنا فيما لا يعنينا ولا يخصنا من اعمال الله وإختصاصاته حيث هو الذى خلق وأبدع وأوجد , وهو الذى رزق وقدر وهدى, وهو الذى منح وأعطى ووهب وأكرم , وهو الذى منع وحرم وأخذ واذل وأفنى وهو الذى يتحكم فى غيره وغيره لا يملك التحكم حتى فى جناح بعوضة فلماذا ننسى أنفسنا وننصب منها إلهأ يحاسب ويعذب ويعاقب , ألا تعلمون أن من يحشر نفسه بين الله والناس يكون كافرأ بوحدانية الله وقدرته وجبروته؟ الا تعلمون أن من ينسى نفسه ويجعل منها قيمأ على خلق الله ومحاسبأ لهم وفارضأ وصايته عليهم وقاهرأ لهم فى إعتناق دين ما أو فكر ما أو رأى ما أو توجه ما 00من يفعل ذلك فليس من الله فى شىء , فلم يعينه الله قيمأ على عباده وليس معه توكيل سماوى مختوم بأنه مسؤل عن أعمال الناس وعباداتهم وفقههم وزهدهم وورعهم , ولو رأى الله أن الناس يحتاجون لغير عقولهم وكتبه المقدسة ورسله الأخيار لأرسل فى الأرض حفظة يقفون فى وجه كل عاص ويمنعون كل كافر من كفره وكل ظالم عن ظلمه , ولكن الله لم يشا ذلك بل كان وسيظل قانونه الأبدى ( لا إكراه فى الدين)0
لقد كان خاتم الرسل (ص) يحب أن يؤمن كل أهل الأرض بالله تعالى وقرآنه وكان يبذل قصارى جهده لهذا الغرض وكان يحزن حزنأ شديدا عندما يرفض الكثيرون دخول دين الله فكان الله يقول له:
( لعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفأ)
ثم يقول له:
(إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء)
ثم يقول سبحانه لنبيه ورسوله:
( وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغى نفقأ فى الأرض أو سلمأ فى السماء فتأتيهم بآيه)
ثم يحسم الله مسألة هداية الناس له هو وحده سبحانه:
(ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء)
إن حتى هؤلاء الذين آمنوا بالله وكتابه ورسوله وتجمعوا مع النبى لم يكن محمد هو من ألف بين قلوبهم ولكن الله فعل ذلك:
( لو أنفقت ما فى الأرض جميعأ ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم)
أيها الناس:
إن تجميع قلوب العالم على طريق واحد ودين واحد وهدف واحد وراى واحد كما سبق ليس إختصاصأ بشريأ على الإطلاق ولا حتى من إختصاص الأنبياء والمرسلين لانه من خصوصيات الله رب العالمين ولذلك فقد حسم الله النزاع فى ذلك حين قال:
( ولوشاء ربك لآمن فى الأرض كلهم جميعأ افأنت تكره الناس حتى يونوا مؤمنين)؟؟
ولذلك فلن اكره من يخالفنى فى الدين بل سأحبه وسأحترمه لأنه إنسان وحسابه على خالقه وليس على مخلوقاته ونهايته فى يد مولاه وليس فى يد عبد منا ميت آجلأ أو عاجلأ ينتظره الدود ليتغذى على جسده الفانى فاتركوا العظائم لخالق الكون فمن أنتم حتى تحاسبوا العباد ؟ وأين انتم من عدالة رب العباد فالعودة العودة يا من نصبتم من نفوسكم إلهأ يحاسب ويعذب ويقتل ويحرق ويفجر ويدمر وما الله بفاعل ذلك فهو أرحم على الإنسان من أمه التى ولدته ولا يرضى لعباده الكفر وقد قال:
( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم)
إن دعوة الحب والسلام بين كل الأمم على ربوع الأرض يجب أن تكبر وتنتشر وتعم لأنها دعوة الخير التى نادى بها كل نبى ورسول ومصلح ومفكر وصالح وتقى وبر ورحيم فما اقبح الحروب وما ألعن القتل والدمار فى أى مكان فلا مبرر له ولاداعى لحدوثه ولو كانت هناك أمة شريرة تنشر الفساد فى الأرض فليقف العالم أجمع فى وجهها حتى تعود إلى رشدها وتعلو راية الحب والسلام , اللهم لا تجعل كلامنا شعارات نرددها وأهازيج نغنيها رياءأ ولكن اجعلها حقائق باهرة وشمسأ ساطعة يعيشها الناس فى كل بقاع الكون 0
دعوة السلام هبطت من السماء إلى الأرض لأنها حق لكل مخلوق ونعمة من الله على عباده فمن يحرم عباد الله من نعمة الحب والسلام فاللهم احرقه بنارك ومن ساهم فى نشر دعوة الحب والسلام فاللهم ادخله فسيح جناتك وأكرمه فى ملكوتك
(( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم )
((أحبوا أعداءكم باركوا لا عنيكم أحسنوا إلى منغصيكم وصلوا لأجل الذين يسيؤن إليكم ويطردوكم))




ألأسد يعظ على المنابر :


أثناء كونى فى نهاية المرحلة الثانوية كنا ندرس مادة البلاغة وكان مدرس اللغة العربية هو نفسه مدرس التربية الدينية وكلما جاء ليدرس لنا البلاغة يصر ان يدخل الدين ومبادىء الدين فى البلاغة وكنا نسمع جميعأ صامتين لا ينبس أحدنا بحرف حتى جاء اليوم الذى يشرح فيه الصور البيانية والمحسنات البديعية والألوان البلاغية ومن ضمنها الإستعارة المكنية وكما تعلمون تأتى الإستعارة المكنية لتجسيم المعنى فى صورة حسية واقعية ملموسة –فقال المدرس مثالأ لا زلت أذكره بكل اسى وأسف شديدين وهو ( رأيت أسدا يقف على المنبر) وقال ان هذه أالإستعارة مكنية فقد تم تشبيه الواعظ بالأسد وتم حذف المشبه وجاء بالمشبه به لتوضيح المعنى فى شكل حسى واضح وملموس 0
توقفت هنا ورفعت يدى طالبأ الكلمة ولقد كنت أكتب الشعر أثناءها فقال الأستاذ ماذا تريد فقلت يا سيدى كيف يقف الأسد لكى يعظ الناس على المنبر ؟
قال : نعم إذا كان الواعظ شجاعأ جهورى الصوت قوى الشخصية متمكنأ من معلوماته ولغته واقفأ على المنبر نافخأ صدره فإنه يجذب المتلقى ويشد إنتباهه ويجعله يفهم
قلت معذرة يا سيدى انا لا أرى ذلك وأظن أن ذلك يخالف قول الله تعالى
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)
وقوله تعالى ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)
حتى ربنا عندما أمر نبيه موسى أن يذهب للفرعون مع أخيه هارون قال لهما
( فقولا له قولأ لينأ لعله يتذكر أو يخشى)
فقال المدرس : هؤلاء أنبياء ورسل يوحى إليهم من السماء فهل يوحى إلى كل واعظ من السماء؟
فقلت له يا سيدى ولكن الوحى السماوى موجود بيننا بكل ما فيه من أنوار وتعاليم
ولا يجب للواعظ ولا يحق له أن يخيف الناس وإلا فهو القهر والضغط وهذا ليس دينأ
فقال تعالى هنا لكى تشرح الدرس لزملائك واذهب أنا اقعد على القهوة وطالما كلامى لا يعجبك فلا تحضر حصتى بعد الآن يا حضرة الفيلسوف
فقلت معذرة لا أقصد ذلك أبدا يا سيدى ولكننى اردت الإعتراض فقط على المثال لأنه يسىء لطريقة الوعظ ويوحى أن الدين يفرض قهرأ على الناس وتخويفأ ولا يترك لهم الفرصة للتفكير والتدبر وإعمال العقل وإننى أعتقد أن الدين ليس كذلك فكيف يقف الواعظ على المنبر ويكون مطلوبأ منه تخويف الناس وإرهابهم ؟
اليس من أهم واجباته تحبيب الناس فى الدين وترغيبهم فيه؟
قال : نعم
قلت : وهذا لا يستقيم مع منطق الخوف الذى سيسببه لو كان شبيهأ بالإسد
قال ولكننى مصر ومصمم على مثالى ولن أغيره وأنت لا تفقه شيئأ فى الدين فلا تجعلنى أطردك من دروسى
وهكذا يا سادة يا كرام أضطررت للصمت كباقى زملائى وانتصر المدرس لأنه يملك السلطة والقوة والصوت الأعلى وله حق طردى من الفصل بحجة أننى طالب مشاغب وعدت إلى منزلنا وانا أردد فى نفسى
(الأسد يعظ على المنابر)
أعتقد أنها إستعارة تخويفيه إرهابية وليست إستعارة مكنية

11.

اجمالي القراءات 15185