القرآنيون بين الإبتلاء والمناصرة.
القرآنيون بين الإبتلاء والمناصرة.

عثمان محمد علي في الإثنين ٠٣ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

القرآنيون بين الإبتلاء والمناصرة :

بسم الله الرحمن الرحيم .

(الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَ&aaacute;َقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ( (3)- العنكبوت .

تعرض القرآنيون عبر مسيرتهم الفكرية  التى لم  يتجاوز  عمرها الدعوى  الثلاثة عقود منذ أن بدأ ها   الأستاذ الدكتور – أحمد صبحى منصور – فى  آواخر سبعينات القرن الماضى ،والذى لخصها فى  كلمتين هما (القرآن وكفى ) ،ونفيه التراث والإجماع والقياس  كمصادر للتشريع الإسلامى . فالتف حوله (فكرياً) وتبنى رأيه ومنهجه السلمى فى الإصلاح  ،وساعده  فيما  بعد  بالجهر بها مجموعة من زملاءه واصدقاءه وتلامذته .ولكنهم ما لبثوا منذ ان أعلنوا  عنها حتى  تعرضوا إلى إضطهادت وإبتلاءات على أيدى السلطتين السياسية والدينية فى مصر ٌأعتقل على اثرها مجموعة منهم عام 1987 ،وزج بهم فى معتقلات وزنازين السلطة الحاكمة فى مصر ، وحكم بالسجن على مجموعة آخرى عام 2000 بثلاث سنوات ، وأعتقل آخرين عام 2007 .وأعتقلت  مجموعة آخرى (لا زالت قيد الإعتقال ) عام 2008 . وبين الإعتقالات والمحاكمات ،إضطهادات ،ومراقبات، وتهديدات، وترويعات، وحصارات إجتماعية وإقتصادية لهم ولأهلهم وذويهم . وبسبب تلك الإضطهادات والمحاكمات والمعتقلات إضطر ت مجموعة منهم إلى الهجرة إلى أمريكا وكندا واوربا  ومن ثم طلبت  اللجوء السياسى والدينى بها.( وتذكرنا هذه الهجرات بهجرة المسلمين الآوائل إلى الحبشة والمدينة هروباً بدينهم من القرية الظالم أهلها) .

وفى الحقيقة هذه المحن والإبتلاءات والإضطهادات تضعنا نحن القرآنيون أمام أنفسنا لنسأل أنفسنا سؤالاً هاما .وهو.. هلى نحن مؤمنون بقضيتنا حقاً؟؟؟

 وإذا كنا مؤمنين أننا على الحق  فهل نحن على إستعداد لتحمل نتيجة هذا الإيمان ؟؟

 وفى الحقيقة .هذه الإبتلاءات تصنفنا إبتلائياً وجبرياً  إلى صنفين  أو إلى قسمين  .

 الصنف الأول –المبتلون المٌضطهدون المٌعذبون المٌهاجرون (حتى ولو كانت هجرة داخلية فى أوطانهم داخل منازلهم وقراهم ) فراراً  بدينهم .

 والصنف الآخر – الذين يشاطرونهم الرأى والفكر  والمسيرة  والدعوة إلى القرآن وكفى .

 وتضعنا هاتين التقسيمتين أمام مجموعة من حقائق القرآن الكريم ،وكأنها تقول لنا هذا هو الإختبار الحقيقى فهل أنتم أهل للنجاح فيه ؟؟ أم أنكم ممن قال القرآن عنهم (وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيداً (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (73))

ولو عدنا للقسم الأول فسنجده امام إمتحان يقول له هل أنتم من المؤمنين   حق الإيمان بقول الله القائل(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )

وقول الله تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين.    الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)..فهل سيقولون (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا و على الله فليتوكل المؤمنون) أم لا؟؟

وهل هم فعلا ممن قال الله لهم (خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون)..وقال لهم فى أمره لنبيه ومصطفاه يحى (يا يحيى خذ الكتاب بقوة و آتيناه الحكم صبيا)

وهل هم أهل لأن يصنفوا ممن قال لهم (يا أيها الذين آمنوا إستعينوا بالصبر والصلاة  إن الله مع الصابرين )   وأبتلاهم بقوله سبحانه (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ).؟؟

.ليكونوا أهلاص لمن  قال فيهم جل جلاله (إنالننصر رسلنا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ).

 فهم أمام أنفسهم وأمام قول الله وأمام إبتلاءه ويتعاملون فى هذا مباشرة مع من يعلم السر وأخفى .

.ثم نأتى للقسم الآخر الذى يشاطرهم الرأى والفكر ونرى هل لهم إبتلاء بإبتلاء إخوانهم أم لا؟؟

 وما هو موقفهم منه؟ و هل يعونه أم يتصورون أنهم فى منأى من إبتلاء رب العالمين  ؟ وهل سينصرون الحق أم لا؟؟ وهل سيشهدون معه وله ويعزروه وينصروه أم سيكتمونه ويكتفون بالصمت الرهيب امام الجور عليه وعلى من نادى به من إخوانهم ؟؟

وبداية نقول لهم أنهم أمام إختبار حقيقى  تطبيقى يعبر عن إيمانهم بآيات الله القائلة ( ولا تكتموا الشهادة )

 .وقوله تعالى (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون ).

وقوله سبحانه للذين آمنوا ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين)

  وقوله سبحانه لهم مرة آخرى (يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هوأقرب للتقوى وأتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) .. فهل هناك أعظم من أن تكون قواماً لله شاهداً بالقسط على كتابه الحكيم ودعاته المظلومين .؟؟

وقد بين ربهم بعضاً من علاماتهم فى قوله تعالى ( والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً) ...

وقد شبه ربهم إقامتهم للشهادة ومحافظتهم عليها  بإقامتهم للصلاة فى قوله تعالى (والذين هم بشهادتهم قائمون ) .

وقد يعتقد البعض ان الشهادة لا تدخل فى موضوعنا هذا ،ولكن هذا خطا عظيماً .فجل الشهادة أن تشهد بالحق على الباطل ،وأن تعلن تأييدك للحق فى مواجهة الباطل ،وتفصل بشهادتك بين الحق والباطل كما تفصل بشهادتك  بين الجانى والمجنى عليه أو بين صاحب الحق والمد عى زورا وباطلاً به . وفى قول الله تعالى ( والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً )وكأنها تقول للمؤمنين بالحق لا تشهدون الزور أى لا تشاهدوه ولا توافقوا عليه وعليكم أن تمروا على اللغو كراما بإعلانكم عن رفضكم له وفضحه فى كل زمان ومكان ،لكى يتحقق جزء من قول الله تعالى ووعدة للناس (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ).

وليعلموا أنهم بذلك فى جهاد سلمى عظيم تصديقاً لقول الله تعالى ( وجاهدوا فى الله حق جهاده هو إجتباكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفى هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ) ... وليكن الجهاد السلمى بالقرآن كما أخبرنا ربنا سبحانه فى قوله تعالى (فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيرا)وفى هذا ...( وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين ) .

إذن  نحن فى هذه المحن أمام إختبارين . النجاح فى كليهما نتيجتة عظيمة .محنة الإضطهاد والصبر عليها ،ومحنة الوقوف معها ومناصرة اهلها أم التخلى عنها والبعد عنها وعنهم لنهرب بأنفسنا هروباً مخزياً  زائفاً يكون حسرات علينا يوم القيامة ؟؟ويحق علينا قول الله تعالى( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعدما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) أو ممن قال الله فيهم (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا  فأنسلخ  منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين).....وأعتقد أن لمناصرة الحق فى محنتنا الراهنة ( وإعتقال  أخانا الأستاذ – رضا عبدالرحمن على ---على يد جحافل قوات أمن الدولة المصرية الظالمة ورئيسها الطاغية المستبد  ) سبلاً كثيرة أقلها إعلان التضامن مع المضطهدين المعتقلين ولو تحت اسماء مستعارة لنشعر المستبد والرأى العام اننا أقوياء بالحق ولسنا من الذين قالوا ( إن بيوتنا عورة وما هى بعورة إن يريدون إلا فرارا)

..وفى النهاية فليختر كل منا صنفه الذى يبغى أن يموت عليه ،أيكون من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ؟؟، أم من الأخسرين أعمالا الذين يحسبون انهم يحسنون صنعاًً ؟؟

.ثم نقول للجميع ما قاله رب العالمين ( قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فىما كانوا فيه يختلفون ) .

...(.فستذكرون ما أقول لكم وأفوض امرى إلى الله إن الله بصير بالعباد ) .

 

اجمالي القراءات 15462